رائحة الشخص تقدم معلومات عن صحته ويمكن أن تسهم في تشخيص الأمراض
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
من عبير الزهور وروائح النباتات النضرة في الصباح إلى عبق العطور التي يستخدمها الأشخاص المحببون إلى القلب، يستنشق كل شخص الروائح من حوله في كل خطوة من حياته اليومية، بل وتنبعث منه أيضا رائحة مميزة تتيح إمكانية التعرف عليه وتمييزه بين سائر المحيطين به.
وتتأثر الرائحة الشخصية لكل فرد بعوامل عدة من بينها الصفات الوراثية، حيث يعتقد العلماء أن مجموعة معينة من الجينات هي المسؤولة عن إفراز الرائحة، وتتعلق هذه الجينات بالاستجابة المناعية للجسم، ويعتقد أنها تؤثر على الرائحة من خلال إنتاج بروتينات ومركبات كيميائية معينة، وعند خروج هذه الإفرازات من مسام الجلد، فإنها تتكسر وتختلط بالبيئة المحيطة، وينتج عنها الرائحة المميزة لكل إنسان.
ويؤكد فريق بحثي متخصص في "علم الروائح البشرية" أن هذه المركبات الغازية التي تنبعث من الإنسان، ويطلق عليها إسم "المركبات العضوية المتطايرة" هي في حقيقة الأمر غنية بالمعلومات التي تهم الباحثين في مجال الطب الشرعي والصحة العامة.
مجال حراريفي تقرير نشره الموقع الإلكتروني الأسترالي The Conversation المتخصص في الدراسات الأكاديمية، يقول الفريق البحثي المتخصص في الكيمياء الحيوية -ويضم كينيث فورتون من جامعة فلوريدا الأميركية، وفيديا جوكول من مختبر لورانس ليفمور الوطني في الولايات المتحدة، وشانترايل فريزر من جامعة فرامينغهام بولاية ماساشوسيتس- إنه عندما تقترب من شخص ما، فإنك تستشعر حرارة جسده دون الحاجة لملامسته، بل وتستطيع استنشاق رائحته دون حتى الاقتراب منه عن كثب، فحرارة الجسم الطبيعية تخلق مجالا حراريا مختلفا حول الشخص، بمعنى أنك تقوم بتسخين الهواء المحيط بك فيما يظل الهواء البعيد باردا، مما يخلق تيارا من السخونة حول الجسم.
ويعتقد العلماء أن هذا المجال الحراري يساعد في توزيع رائحة الشخص عن طريق دفع الملايين من خلايا الجلد بعيدا عن الجسم على مدار اليوم، وهذه الخلايا تقوم بدور العبوات التي تنقل الإفرازات الغددية والمكونات المجهرية من داخل الجسم إلى البيئة المحيطة.
ويرى الباحثون أن المكونات الرئيسية المسببة للرائحة تتعلق بعوامل داخلية ثابتة مثل العرق والنوع وصفات وراثية مختلفة، بالإضافة إلى أسباب أخرى متغيرة مثل التوتر والغذاء والمرض، ثم تمتزج هذه الإفرازات بمؤثرات أخرى خارجية مثل العطور أو صابون الاستحمام وغيرها لتخلق في النهاية رائحة مميزة لكل إنسان.
ويعكف العلماء على دراسة الروائح البشرية منذ عقود، فقد أثبتت تجربة أجريت عام 1988 أن بعض أنواع الكلاب يمكنها تمييز الرائحة المختلفة لتوأمين يعيشان في ظروف بيئية مختلفة عن طريق الرائحة وحدها.
جدير بالذكر أن التمييز بين التوائم المتطابقة لا يمكن تحقيقه باختبارات الحمض النووي، نظرا لأنهم يشتركون في نفس الشفرات الجينية.
واتسع مجال دراسة الروائح البشرية في السنوات التالية، بحيث أصبحت من الأدلة التي يتم الرجوع إليها في مجال الطب الشرعي.
المركبات العضوية المتطايرةأثبتت دراسة أجراها الفريق البحثي الأميركي عام 2017 بمشاركة 105 متطوعين أن العينات التي تم سحبها من باطن كف اليدين للمشاركين كانت تحتوي على 15 من المركبات العضوية المتطايرة، واستطاع الباحثون من خلال هذه المسحات التمييز بين الجنس والعرق، بدرجة من الدقة تبلغ نسبتها 72% للبيض، و82% للآسيويين، 67% لمن ينتمون إلى أصول لاتينية.
كما أمكن للباحثين التمييز بين الذكور والإثاث اعتمادا على 13 مركبا عضويا بدرجة من الدقة تبلغ نسبتها 80%.
واستطاع باحثون تدريب بعض الكلاب على شم رائحة الإصابة بفيروس كوفيد 19، وأمكن لباحثين آخرين ابتكار منظومات حوسبية يمكنها تمييز جنس الشخص اعتمادا على رائحة اليدين بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي وبدرجة من الدقة بلغت 96%، وشارك في هذه التجربة مجموعة من المتطوعين تضم 30 رجلا و30 امرأة.
تشخيص بعض الأمراضيؤكد الفريق البحثي أن علم الرائحة البشرية يمكنه أن يسهم في تشخيص بعض الأمراض، ومن الأمثلة على ذلك الاعتماد على الرائحة في التنبؤ بحالات مرضية مثل السكتات الدماغية ونوبات السكري بواسطة كلاب مدربة، والتي تستطيع تحذير المريض عن طريق النباح باحتمال إصابته بوعكة صحية قبل حدوثها بفترة كافية حتى يتسنى له اتخاذ الإجراء الطبي المناسب مثل تصحيح مستوى الغلوكوز في الدم قبل الإصابة بنوبة السكري على سبيل المثال.
وأثبتت بعض الاختبارات العلمية أيضا أن الكلاب يمكنها اكتشاف إصابة بعض المرضى بالسرطان من خلال رائحتهم. كما استطاع الفريق البحثي من خلال اختبارات معملية لعينات من روائح اليدين التمييز بين الأشخاص المصابين بفيروس كورونا بدرجة من الدقة تبلغ نسبتها 75%.
ويرى الباحثون أن الروائح الشخصية تمثل وسيلة لجمع العينات، وفي حين أن الاتصال المباشر بسطح ما مثل الإمساك بمقبض باب أو ارتداء سترة معينة يمثل مسلكا واضحا للحصول على عينة من رائحة شخص ما، فإن مجرد تواجده في مكان معين هو كفيل بانتشار رائحته في البيئة المحيطة به.
ورغم أن الروائح الشخصية قد تصبح فرعا مهما من فروع الطب الشرعي في المستقبل، فهي ما زالت في مرحلة التطوير، وقد نصل يوما ما إلى جمع عينات من الروائح في مسرح الجريمة لتحديد هوية المشتبه بهم.
ولاشك أن إجراء مزيد من الدراسات بشأن تحليل الروائح البشرية سوف يتيح سد الثغرات في فهم تفرد الرائحة البشرية، والاستفادة من هذا العلم في تطبيقات عديدة في مجالات الطب الشرعي ومختبرات الطب الحيوي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطب الشرعی التمییز بین من الدقة من خلال
إقرأ أيضاً:
12 الف مقاتل اجنبي في سوريا.. تشخيص ثلاث نقاط سوداء في مجزرة العلويين
بغداد اليوم - بغداد
كشف الخبير في الشؤون الأمنية، اللواء أحمد بريسم، اليوم الأحد (9 اذار 2025)، عن وجود 12 ألف مقاتل أجنبي في سوريا، فيما أكد أن مجزرة العلويين كشفت عن ثلاث نقاط سوداء.
وقال بريسم في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "أحداث الثامن من كانون الأول الماضي شاركت بها عواصم دولية وإقليمية، وكان الهدف منها محاولة تغيير النظام السوري بما يقلل من الخسائر البشرية ويمنع حدوث توتر إقليمي، وبالتالي، كانت عملية استلام أحمد شرع وقياداته لمقاليد الأمور في دمشق ميسرة، ويبدو أن هناك ضوءًا دوليًا بهذا الاتجاه".
وأضاف أن "أحداث مدن الساحل السوري مؤخرًا، وسقوط المئات من العلويين في مجازر بشعة، رغم محاولات تحجيمها، كانت صادمة للرأي العام الدولي"، مؤكدا ان "هذه المجازر كشفت عن ثلاث نقاط سوداء، هي: تغلغل المقاتلين الأجانب في أجهزة الأمن والجيش السوري الجديد، واستقلاليتهم في اتخاذ القرارات، إضافة إلى حالة الانتقام التي سادت وساهمت في عمليات إعدام جماعي بشعة، وكذلك التجييش الطائفي الذي سمحت به حكومة شرع دون تردد".
ورأى بريسم أنه "لا يمكن أن تستقر سوريا وفيها 12 ألف مقاتل أجنبي من عدة جنسيات، أغلبهم مدرجون على قوائم الإرهاب في بلدانهم"، معتبرا ان "ظهور عناصر من أجهزة الأمن السوري الجديد وهم يحملون شعارات تنظيمات متطرفة يثير العديد من علامات الاستفهام".
وأوضح أن "أغلب الدول الغربية تراقب ما يحدث في سوريا، وأحداث مجزرة العلويين ستشكل نقطة استفهام كبيرة تجعل العديد من الدول تعيد حساباتها بشأن الوضع السوري".
هذا وأعلنت وزارة الدفاع السورية، امس السبت عن إحالة كل من يتجاوز تعليمات القيادة إلى المحكمة العسكرية، فيما بينت انها ستعمل على ضبط المخالفات ومنع التجاوزات في منطقة الساحل.
وذكرت وسائل إعلام دولية نقلا عن الوزارة انه "تم إغلاق الطرق المؤدية إلى الساحل حتى عودة الاستقرار للمنطقة"، مبينة، انه "سنعمل على ضبط المخالفات ومنع التجاوزات في منطقة الساحل".
وأضافت الوزارة، بانه "شكلنا لجنة لرصد المخالفات وإحالة المتجاوزين لتعليمات القيادة للمحكمة".
وأكدت: "إحالة كل من يتجاوز تعليمات القيادة إلى المحكمة العسكرية".