تهدد الضائقة الاقتصادية المتزايدة في سوريا، وتجميد جهود إعادة الإعمار، شرعية الجهات الفاعلة الراسخة، مما يوفر بدوره مساحة للمتطرفين لاستغلالها.

وعلى الرغم من تراجع القتال في سوريا بشكل كبير، حيث تم تجميد الخطوط الأمامية للحرب الأهلية إلى حد كبير منذ عام 2020، لكن شروخًا جديدة بدأت تظهر مؤخرًا خلف تلك الخطوط الأمامية القائمة، وفق ما يذكر تحليل معهد "ستراتفور"، وترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ أغسطس/آب، اندلعت سلسلة من الاحتجاجات والمناوشات في مدينة السويداء الجنوبية، التي تسيطر عليها الحكومة اسميا، حيث خرج المتظاهرون الدروز إلى الشوارع للاحتجاج على السياسات الاقتصادية لرئيس النظام بشار الأسد، مما أدى إلى أعمال عنف بين المتظاهرين والقوات الحكومية.

أما في الشمال الغربي، فأثار النزاع حول تقاسم عائدات النفط، اشتباكات دامية الشهر الماضي، بين القبائل العربية المتحالفة ظاهرياً مع "قوات سوريا الديموقراطية"، المتحالفة مع الولايات المتحدة، مما أدى إلى مقتل العشرات من المقاتلين.

ووقعت الاضطرابات على خلفية أول زيارة دولة للأسد إلى الصين منذ عام 2004، حيث حاول الحصول على مساعدات صينية للمساعدة في دفع فاتورة إعادة الإعمار في بلاده التي مزقتها الحرب، والتي تقدر الأمم المتحدة بنحو 500 مليار دولار.

اقرأ أيضاً

الاحتجاجات المناهضة للأسد في سوريا تكتسب زخماً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية

لكنه الأسد غادر بكين دون أي تعهدات تمويلية ملموسة، حيث وعدت الصين فقط بمواصلة دعم سوريا، وهي عضو في مبادرة الحزام والطريق في بكين.

ووفق التحليل، وصلت الأزمة الاقتصادية في سوريا إلى مستوى منخفض جديد في أعقاب الزلازل التي ضربت شمال البلاد في فبراير/شباط 2023، مما فتح الباب أمام صراعات جديدة.

ويتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد السوري بنسبة 5.5% في عام 2023، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تأثير الزلازل الهائلة التي دمرت شمال سوريا، في وقت سابق من هذا العام.

كما فقدت الليرة السورية أكثر من 50% من قيمتها هذا العام، متأثرة بارتفاع تكاليف الواردات (خاصة واردات المواد الغذائية والوقود) الناجمة عن تداعيات الحرب في أوكرانيا والأزمة الاقتصادية في لبنان، الشريك التجاري الرئيسي، إلى جانب مع عدم قدرة الحكومة السورية التي تعاني من ضائقة مالية على إعادة بناء البنية التحتية الرئيسية بشكل فعال.

ولتخفيف الضغط على الموارد المالية للبلاد، قام نظام الأسد بإلغاء دعم الوقود الشعبي، مما تسبب في غضب وتراجع في شعبية النظام في أماكن مثل السويداء ودمشق.

اقرأ أيضاً

رغم التطبيع العربي مع الأسد.. لماذا يستمر تدهور الاقتصاد السوري؟

ويؤثر هذا القرار على البلاد على الصعيد الوطني، على الرغم من أن أراضي قوات سوريا الديموقراطية تعتمد أيضًا على مبيعات النفط والغاز والتجارة مع العراق، بما في ذلك مع دمشق، لدعم اقتصادها المحلي.

وهذه الأنماط الجديدة من العنف وعدم الاستقرار ستزيد من إعاقة قدرة سوريا على تأمين مساعدات إعادة الإعمار الحيوية، وفق التحليل، الذي يقول إنه "رغم أن الإنجازات الدبلوماسية الأخيرة التي حققتها سوريا كبيرة، إلا أنها لم تسفر عن وعود جديدة بالدعم المالي".

ويضيف: "على الرغم من إعادة فتح دمشق علاقاتها مع منافسيها السابقين مصر والسعودية والإمارات، لم تتعهد أي من هذه الدول بتقديم مساعدات كبيرة لإعادة الإعمار، حيث لا تزال تشعر بالقلق من العقوبات الأمريكية التي لا تزال سارية على سوريا".

في الوقت نفسه، حتى مع أن للصين تاريخاً في الالتفاف على العقوبات الأمريكية على بعض البلدان أو تجاهلها، فإن سوريا لا تستوفي مؤهلات بكين للاستثمارات الكبيرة لأن الدولة الشرق أوسطية ليست سوقاً مقصداً كبيراً للصادرات الصينية، ولا مصدراً رئيسياً لموارد الطاقة، كما أن جغرافية سوريا ليست ضرورية لنجاح طموحات الصين في مبادرة الحزام والطريق، وفق التحليل.

علاوة على ذلك، فإن الحرب الأهلية المستمرة، والشقوق التي تظهر الآن خلف الخطوط الأمامية، تعني أن الاستثمارات الصينية في سوريا قد تتعرض لحوادث أمنية، ولم تبد الصين اهتماما كبيرا بتقديم المساعدة الأمنية للبلاد، ناهيك عن نشر قوات في الخارج هناك.

اقرأ أيضاً

الاقتصاد.. المحور الأهم لزيارة أول رئيس إيراني إلى سوريا منذ 13 عاما

ويلفت تحليل "ستراتفور"، إلى أن الضائقة الاقتصادية المستمرة في سوريا "ستضر بشرعية كل من حكومة الأسد وقوات سوريا الديموقراطية، مما قد يخلق فرصاً للمتطرفين مثل تنظيم الدولة الإسلامية للتوسع".

ويتابع: "ولا يزال من غير المرجح حدوث تمرد واسع النطاق مماثل لما حدث في عام 2011، حيث أعادت دمشق فرض سلطتها إلى حد كبير على المناطق الخاضعة لسيطرتها".

ويزيد: "لكن المشاكل الاقتصادية المتصاعدة ستستمر في تأجيج العنف الذي من شأنه أن يضعف الشرعية السياسية لحكومة الأسد وقوات سوريا الديموقراطية، حيث تعتمد شرعيتهما في كثير من الأحيان على ادعاءاتهما بتوفير الأمن الاقتصادي والمادي في أعقاب الحرب الأهلية".

ومع ظهور هذا الاتجاه، وفي التحليل، ستتمكن الجماعات السرية مثل تنظيم الدولة الإسلامية من الاستفادة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن قوات الأمن المنقسمة لن تكون قادرة على التركيز على احتواء أنشطتها، وجزئيًا لأن المواطنين العاديين سيبحثون عن بدائل للسلطات القائمة لتزويدهم بالمساعدة، والعمل ومعالجة شكاواهم.

وفي حين أنه من المرجح أن تحتفظ دمشق وقوات سوريا الديموقراطية بالأراضي الخاضعة لسيطرتهما حالياً، فإن تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المتطرفة الأخرى يمكن أن توسع قدراتها السرية.

اقرأ أيضاً

"كل سوريا لأسماء".. فايننشال تايمز تكشف كيف تدير زوجة الأسد مجلس الاقتصاد السري

وقد يؤدي ذلك كذلك إلى قيام المسلحين بشن المزيد من الهجمات في المدن الكبرى مثل دمشق، مما سيظهر قدرتهم على العمل في مناطق تتمتع بدفاع أفضل وبعيدة عن ملاذاتهم الآمنة في الصحراء.

واعتماداً على مدى قدرتها على الاستفادة من الإحباطات الاقتصادية وجيوب انعدام الأمن لتحسين قدراتها، قد تحاول الجماعات المتطرفة حتى تنفيذ هجمات عبر الحدود في تركيا والعراق والأردن ولبنان ودول الخليج العربي.

كما يشير التحليل إلى أن عدم الاستقرار المستمر، يعني أن العديد من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الخارج لن يتمكنوا أيضًا من العودة إلى ديارهم في أي وقت قريب، مما يزيد من الضغط على اقتصادات البلدان المضيفة لهم.

ويضيف: "عدم الاستقرار خلف الخطوط الأمامية سيجعل من الصعب إعادة ملايين اللاجئين السوريين الذين يعيشون حاليا في تركيا ولبنان والأردن المجاورة إلى وطنهم".

ويتابع: "وفي المستقبل المنظور، سيتعين على هذه البلدان المضيفة الاستمرار في دفع تكاليف دعم أعدادها الكبيرة من النازحين السوريين واحتواء المخاطر المتزايدة المتمثلة في الاضطرابات من جانب اللاجئين، فضلاً عن السكان المحليين المستائين من وجودهم".

اقرأ أيضاً

رئيس النظام السوري يسن قانونا لسجن منتقدي الانهيار الاقتصادي

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأسد بشار الأسد أزمة اقتصادية قوات سوريا الديموقراطية قوات سوریا الدیموقراطیة الخطوط الأمامیة إعادة الإعمار اقرأ أیضا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا والأخبار سابقة التجهيز.. هنا هُزم الشرع!

لن أبيع آخرتي بدنيا غيري، لا سيما وأن ما حدث في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، في جانب منه هو قتل تم على الهوية، وفتنة لا تصيبن الذين ظلموا خاصة. ولا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، تحرم المشاركة في إهداره ولو بشطر كلمة، ولدي حساسية شديدة مع الدماء إذا استبيحت، وإذا كانت الأنظمة لا تجد حرجا في إهدارها لضمان استمرارها، فماذا أكلنا نحن لنشرب ماء عليه؟!

بيد أن اللافت هنا، أن ما حدث في بلاد الشام، ذكرني بليلة محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا، فقد كنا أمام مخطط محكم، فمع بداية التمرد على الأرض، كانت قنوات بعينها تبث أخبار الانقلاب سابقة التجهيز، عن التحركات والسيطرة التي لم تتم، بجانب أخبار أخرى عن أردوغان الذي هرب إلى ألمانيا ونحو ذلك، وبدا لي واضحا أن مراسل الجزيرة نفسه ينقل عن هذه القنوات، وأنه لم يغادر منزله أو مكتبه، حتى أن مذيع الأستوديو تأثر بما يقول وسلم بنجاح الانقلاب!

وكنت أتابع الموقف من بُعد، ومن خلال أصدقاء على الأرض، وأكتب أن القصة لم تتم فصولا، وأن الجمع سيهزم ويولون الدبر، حتى استنكر علي معلقون ذلك بحجة أنني أضلل الناس، وكنت أدرك أن المشاعر المصرية صارت مثقلة بالهزيمة، ولا تتصور أي انتصار، فمن لسعته الشوربة ينفخ في الزبادي، لكن رسالة أردوغان في تلك الليلة غيرت التغطية، وخرج المراسلون من أسر قنوات "العربية" و"الحدث"، و"سكاي نيوز عربية"، ونزلوا للشوارع، ليروا الحقيقة وملخصها؛ أن الجماهير التي خرجت وتصدت للانقلاب وآلياته، لن تُهزم!

هزيمة السلطة الجديدة:

وما شهدته سوريا هو محاولة انقلاب فاشلة، وظهر مع ذلك الاستعداد الإعلامي له، لكن عبر السوشيال ميديا هذه المرة، فلم تشارك فيه القنوات الثلاث السابقة، ولهذا كان يدهشني المعلقون المصريون الذين يتهمون قناة الجزيرة بنقل صورة مغايرة، أو عدم التركيز على جرائم القتل التي تقوم بها قوات الشرع، في الشوارع وبمداهمة البيوت، فمن أين وقفوا على ما يروجون له؟! وهو سؤال طُرح نفسه أمامي فبحثت عن إجابته لأجد أن الطرف الانقلابي كان مستعدا بالصورة والتعليقات عبر منصات التواصل، ومن هناك اعتبرها فريق من المصريين قضيتهم الأساسية، فاندفعوا يهاجمون السلطة الجديدة، ويتهمونها بإراقة الدماء!

وإذا كانت السلطة بادرت بالحضور لأرض المعركة وردع العدوان، فإنها هُزمت في مجال الإعلام، فغابت حتى أحرج غيابها أنصارها في الخارج، أمام استئثار الخصم بالصورة والتمدد في الفضاء، ولم تبدأ ردة فعل أنصار النظام إلا في صباح اليوم (الإثنين 10 آذار/ مارس)، فلماذا لم يهتم القوم ببناء مؤسساتهم الإعلامية، وقد طرح طارحون الاستعانة بالإمكانيات البشرية لقناة "أورينت" وبخبرة طاقمها في المجال، وهي التي كانت تبث من الخارج السوري وأغلقت ربما لأسباب مرتبطة بالتمويل، وتبرع مالكها بمعداتها للتلفزيون السوري الرسمي بعد سقوط نظام الأسد، فأين هذا التلفزيون بالمعدات الجديدة من الأحداث؟!

قد تكون هي ذاتها أزمة الإخوان في مصر، حيث الاستخفاف بالإعلام وأهميته، وما دام هذا مجال لا يجيده القادة، إذا لا معنى لأن يكونوا أسرى لغيرهم (إلا من تجارب فاشلة لم تصمد أمام الترسانة الإعلامية التي استعد بها الخصوم)، عندما يكون الاختيار بعيدا عن أهل السمع والطاعة، فألب عليهم إعلام الخصوم الرأي العام، فلم يصدوا أو يردوا!

وأمام أخبار القتلى وصورهم، غابت الرواية السورية الخاصة بالنظام الجديد، فلم يشف بيان الشرع العليل، وسادت الصورة الأخرى، التي قدمت حكم الشرع على أنه متعطش لدماء السوريين، وتبنى فريق من المصريين هذه الرواية ونشروها، فأضحكوا الثكالى!

الموقف الناصري:

إن ناصريين، تحالفوا مع الذباب الإلكتروني المنتمي للسلطة في مصر، اندفعوا ينددون بالقتل في الشام، وكأنهم لأول مرة يشاهدون صور القتلى، مع أن الفريقين هما آخر من يمكنه الحديث عن ذلك، وأن تكون لهم ضمائر تؤرقها الدماء المهدرة!

لن آخذ الأولين إلى عهدهم الذي استباح بنيان الله، وكان في القتل نجاة من المهانة التي لقيها البعض، حيث لا كرامة لأحد، وهي جرائم سجلها القضاء في أحكام هي عنوان الحقيقة، فالجيل الجديد منهم عاصر المجازر في مصر، وحرق الجثث، وكانوا من الموالين لمن فعل هذا، وبرروا لما جرى بأن الاعتصامات كانت مسلحة، فما نشاهده الآن هو دموع التماسيح؟!

إنهم فقدوا بشار الأسد، الذي خذلهم بهروبه قبل أن يخذل نفسه، وقد ذهب ما يسمى بالمؤتمر القومي الى هناك مبايعا قبل قليل من السقوط، ولم يدعوه لحقن الدماء، والتوقف عن جرائمه في حق الشعب السوري، وهو الذي قتل هذا الشعب بالبراميل المتفجرة، دون أن يهتز للناصريين رمش في مواجهة هذه الجرائم التي أرّقت الضمير الإنساني.

وقد تشكل ضمن مهمتهم للانقلاب على الرئيس المنتخب في مصر، تنظيم أعلن استخدام العنف، وهو تنظيم "البلاك بلوك"، فهم -بالتالي- ليسوا مؤهلين لهذه المناحة التي نصبوها بدوافع الدم الذي أريق، هل كان النواح سببه فشل المحاولة الانقلابية التي ظنوا أنها ستعيد بشار الأسد الهصور في مواجهة إسرائيل، فلما فشلت المحاولات كان البكاء على قدر الألم؟!

إن ما جرى هو قفز على بداية الأحداث، عندما قتل شبيحة بشار الأسد رجال الأمن في اللاذقية، ووضعوهم في مقابر جماعية، والمؤسف أن يتم تجاوز هذه الجريمة، التي دفعت النظام لإرسال قواته للساحل ومدن أخرى لمواجهة هذا التمرد، وهذه المحاولة الانقلابية، فأوقع بهم هزيمة كبرى، وحرمهم من الطلة البهية للرئيس الهارب، عندما يعود إلى قصره ويلقي بيان النصر!

ربما كانوا يمنّون أنفسهم برؤية أحمد الشرع في قفص الاتهام، متجردا من أبسط حقوقه كسجين، وفي محاكمة تفتقد لأدنى شروط العدالة، كما حدث مع الرئيس محمد مرسي، ولعلهم كانوا ينتظرون نهاية أنصار الشرع بمحرقة ينظمها لهم بشار الأسد، ساعتها لن نسمع صوتا للقلوب الوجلة من مشهد الدماء المراقة، تماما كما صمتوا على مجازر بشار الأسد من قبل، ولم يؤجج ضميرهم الحي صورة المشوهين من الأطفال، والمدن السورية المتهدمة ليبقى النظام!

لقد شهدت سوريا في الأحداث الأخيرة قتلا لغير المقاتلين، لكن ليس كل الصور المنشورة صحيحة، فالطفلة التي نشروا صورتها على أنها سورية قتلها رجال الشرع، لم تكن كذلك، فهي تخص طفلة إعلانات للأزياء خاصة بإحدى الشركات الصينية، كما أن من غير المقاتلين من الطائفة العلوية قتلتهم قوات مجرم الحرب مقداد فتيحة لتشويه الوضع في سوريا الجديدة من ناحية، وللانتقام ممن لم يؤوبوا معه في إعلان الحرب!

وقد كان عبثا أن يُقتل أخوة المناضلة السورية الكاتبة هنادي زحلوط، سجينة سجون بشار الأسد سابقا وإحدى الثائرات على نظامه، وقد استشهد في هذه الفتنة من ينتمون للثورة، وهو أمر لا يُبرر، لكننا نستهدف التفسير، فمن الواضح أن أشخاصا دفعهم الحماس للقتال على الهوية، وإن كانت هنادي ألمحت في حديثها مع قناة "الجزيرة مباشر"، إلى وجود من يبغونها عوجا، من مليشيات قتلوا غير المقاتلين لهذا السبب، وإذا كانت هنادي زحلوط تنتظر التحقيقات التي وعد بها الرئيس الشرع في اتصاله بها، فإننا ننتظر ذلك لكي تتضح الرؤية، فلا يجوز أن يفلت قاتل من العقاب، وإن تعلق بأستار الثورة!

وفي انتظار ذلك، فإنه يحسن التوضيح أن الناصريين، وقد اعتبروا بشار الأسد آخر مالهم في الدنيا بعد مقتل القذافي، قد فوجئوا بأن الشرع من ثقافة مختلفة، غير الإسلاميين الذين عرفوهم في مصر، فعلى الفور أرسل القوات لردع المعتدين، ولعلهم كانوا في حالة ترقب إلى حين وصولهم للقصر الرئاسي!

وهي أحداث لها ما بعدها، فربما كان أردوغان بحاجة لمحاولة انقلاب، تدفعه للتحرك لطي صفحة الانقلابات العسكرية في البلاد بعد أن كان ميراثا في الدولة التركية، وليحسم كثيرا من الأمور الخاصة بالدولة العميقة التي كان لها أماكن نفوذها في دولاب الدولة. وكان القادم لتركيا من العرب يستشعر هذا من أول وصوله للمطار مثلا، لكن جرى إجلاؤها عن جسم الدولة، ولم يعد هناك مبرر لتقبل أفعالها، "وليس بعد حرق الزرع جيرة". ثم التفت إلى الجيش ليعيد بناءه من جديد، وبدون ذلك، فأي عسكري سيفكر قبل المرة ألف مرة، قبل أن تطرأ فكرة الانقلاب على خاطره!

وإذا كانت ما جرى كشف عن الوجه الآخر للشرع، فالجولاني فيه حي لم يمت، فقد كشف عن قدرته وجاهزيته على مواجهة أي محاولة تمرد أو التفكير في عودة النظام البائد!

نعلم أن الأطراف الخارجية أصابها اليأس سريعا بعد المحاولة الفاشلة للانقلاب في تركيا، واندفعت تفتح صفحة جديدة مع النظام، لكنها لن تيأس بهذه السرعة في الحالة السورية، وستظل تدير محاولات أخرى، لكني ظني أنها ستفشل في الأخير! فالشر إن تلقه بالخير ضقت به، وإن تلقه بالشر ينحسم، والذي رجح في الحالة التركية كما رجح في الحالة السورية هو هذا الاحتشاد الكبير للجماهير دفاعا عن الوضع القائم!

الشرع لها.. كما أن الشعب السوري لها أيضا..

x.com/selimazouz1

مقالات مشابهة

  • انتشار الشرطة العسكرية في طرطوس لحماية الاحتفالات الشعبية بعد إعلان دمج قوات سوريا الديموقراطية بمؤسسات الدولة السورية
  • الإطار التنسيقي يدين المجازر التي يتعرض لها المواطنون في سوريا
  • سوريا بعد مؤتمر عمان: الاختبار الحقيقي للالتزام العربي
  • سوريا والأخبار سابقة التجهيز.. هنا هُزم الشرع!
  • نيجيرفان بارزاني يبحث مع الكاظمي حوار أربيل وبغداد لحل المشاكل العالقة
  • الأمم المتحدة تكشف عن آخر تطورات الصراع في الكونغو الديموقراطية
  • انقسامات حادة داخل مجلس نينوى بعد عودة الحاصود بقرار قضائي
  • المتحدث باسم وزارة الدفاع: ‏بعد استعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل.. البدء في المرحلة الثانية التي تهدف إلى ملاحقة فلول وضباط نظام الأسد البائد في الأرياف والجبال
  • يوم المرأة العالمي: إعادة التفكير في الحرية التي لم تكتمل
  • بعد 13 عاما.. سوريا تستعيد عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي