التطبيع.. إنهاء للسلطة ونسف للسيادة
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
في مواجهة المقاومة الفلسطينية وإصرار الشعب على نيل حقوقه ورفض الاحتلال؛ بات الأخير يسرع من قطار التطبيع ويضيف قاطرة جديدة له في ظل وجود أخريات عدة قبل ذلك منذ عام 1979 إلى اليوم.
كل ذلك في محاولة لطمس أهم حقيقة، وهي أن فلسطين أرض يحتلها اليهود ويقيمون فيها قاعدة عسكرية أمريكية يغلفونها بمستوطنين، ويربطون ذلك بتاريخ ودين ويحيطون القاعدة بأنظمة استبداد؛ جيوشها حارس الكيان وأمنها رعب للعربي وحماية للاستبداد.
يواصل الاحتلال تسريع هذا المشهد الذي عززه الرئيس الأمريكي السابق "ترامب"، ويواصل إضافة مقطورات جديدة له الرئيس الأمريكي الحالي "جو بايدن"، وأهدافه كبيرة جدا عابرة للحدود في إطار رؤية الكيان بأن حدود "إسرائيل" من النيل إلى الفرات.
هناك أهداف متعددة للتطبيع لا يمكن وضعها في خانة واحدة وطمس عمق اللجوء لها؛ وهي الحاجة الاقتصادية، فنفي ذلك يتمثل في قيام دول عربية غنية بالتطبيع دون أن يكون ذلك من أجل المال، ولذلك فإن الأهداف من عقود لترويض الشعوب العربية على وجود "إسرائيل" تخدم استراتيجية الغرب ومنها:
هناك أهداف متعددة للتطبيع لا يمكن وضعها في خانة واحدة وطمس عمق اللجوء لها؛ وهي الحاجة الاقتصادية، فنفي ذلك يتمثل في قيام دول عربية غنية بالتطبيع دون أن يكون ذلك من أجل المال، ولذلك فإن الأهداف من عقود لترويض الشعوب العربية على وجود "إسرائيل" تخدم استراتيجية الغرب
* معادلة الجغرافيا التي يراد فيها ضرب المعنوية العربية وإبقاء الحلم العربي مجرد أغنية تمزق واقعها حدود وقطيعة وحروب وإفقار ومناكفة.
* التطبيع هو رخصة النظام المطلع للدخول للعالم كله، حيث يحصل النظام المطبع على الامتياز السياسي الدولي، وهذا الشرط تضعه أمريكا على العالم.
* التطبيع معادلة الاتزان في الشرق الأوسط التي من خلالها تفتح الجيوش على بعضها والمخابرات تتداخل ويصبح العدو هو الشعب، وأما الجيش فستكون عقيدته الواحدة منسقة بما تجريه أمريكا في برنامج التدجين وتبادل الخبرات وانخراط الجهات وتوزع الأدوار.
* التطبيع سلاح الإسرائيلي الذي سيكون أقوى في وجه أي دولة عربية لا تطبّع، وسيكون السيف الذي ستضرب به في كل بقعة بعد فتح الحدود والمجال الجوي وأجهزة المراقبة ووجود اللجان المشتركة.
* التطبيع هو الوصفة التي يحاول الاحتلال وأنظمة العرب استخدامها في إطار الحرب المعنوية على الفلسطينيين وترهيبهم وتعجيزهم كي يستسلموا، وكذا هي الوصفة ضد الشعوب لدمجها وتخريب مرتكزات أفكارها عن التاريخ.
* التطبيع هو مقبرة السلطة الفلسطينية ووأد كل بنود السيادة في اتفاقية أوسلو، وهو الهدف الأهم الذي من أجله جاءت فكرة أوسلو، وتمخضت قمة بيروت فولدت المبادرة العربية للسلام التي كان توقيتها وبنودها مشكوكا فيها منذ لحظتها، حيث إن القمة من أجل نصرة فلسطين؛ فكيف بها باتت منقذا للكيان واستجداء للتطبيع؟!
هنا وفي هذا المضمار يتجلى ما يريده الاحتلال من إنهاء وجود الفلسطينيين السياسي وإبقاء المشهد أمنياً في الضفة الغربية، وهدم الجسر فورا بعد استكمال ما لأجله أنشئ جسر أوسلو وهو التطبيع.
التطبيع هو الوصفة التي يحاول الاحتلال وأنظمة العرب استخدامها في إطار الحرب المعنوية على الفلسطينيين وترهيبهم وتعجيزهم كي يستسلموا، وكذا هي الوصفة ضد الشعوب لدمجها وتخريب مرتكزات أفكارها عن التاريخ
اليوم يحاصَر الفلسطيني في كل شيء حتى في أروقة جامعة الدول العربية؛ في ظل الاعتداء على الفلسطينيين لا تسمع حتى بيانا أو إدانة، بل بات كل فريق الجامعة يغرد خارج سرب العروبة والقضية، ومن هو داخل السرب فهو منبوذ ومحاصر ومتقطعة بهم السبل.
اليوم هناك مفارقة قلبت الموازين بين التطبيع المنشود وقرار الشعب الفلسطيني بالمقاومة وتفعيلها والثبات والصمود، رغم كل المحبطات من حوله.
فكانت وحدة ساحات في مواجهة تطبيع عابر للجبهات؛ وكانت مقاومة تنسف تنسيقا وتفضح تطبيعا، وكان الإصرار في وجه التثبيط الذي كشفت الأيام أن جل حلقاته عربية بامتياز؛ والتخدير والتمرير سيد الموقف في بيانات تراكم غبار الوهم والوعود على ورقها، وتداخلت حروفها وانمسحت منها أهم الكلمات كالعروبة والثبات ودعم الشعب الفلسطيني، ليبقى وحيدا في الميدان يواجه على كل الصعُد، ينشد حقا أقره العالم وكفلته القوانين.
وما زال بعض العرب يحاول إلغاء ما فيها من مضامين ليتحقق هدفهم.. "وُجدت إسرائيل لتبقى، ووجدنا لمنع فلسطين من الحياة"..
ولكن للشعب ومقاومته كلمته، ومفادها أن "لو قبّلوا يد نتنياهو وبن غفير من المحيط إلى الخليج سيبقى الفلسطيني يقاوم وينشد التحرير".. هذا هو بيت القصيد ونقطة الضعف التي أصابت "إسرائيل"، وأدركت أجهزتها الأمنية وحكومتها أن مرحلة قادمة ستكون صعبة رغم وجود التطبيع، فهذا أعطى للفلسطينيين دفعة للثبات بعد الخذلان، وهذا ما كان بعد جولة التطبيع 2021، وجاءت "سيف القدس" التي نشأت من خلاها وحدة الساحات، والضفة اشتعلت، والمواجهة توسعت.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية التطبيع إسرائيل إسرائيل فلسطين العالم العربي التطبيع الاستبداد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التطبیع هو
إقرأ أيضاً:
العصابة إسرائيل في مواجهة مباشرة مع الشعوب العربية
استشهد خلال عام 1948 دفاعا عن فلسطين وشعبها مئات من المجاهدين العرب؛ من العراق وسوريا وتونس والأردن والسعودية ولبنان وكافة دول الخليج والمغرب العربي. وقد وثق كتّاب وباحثون ومراكز بحث ومؤرخون فلسطينيون أسماء هؤلاء الشهداء، وفي مقدمتهم المؤرخ عارف العارف في كتابه "النكبة"، ومقابرهم الموجودة في عدة قرى فلسطينية دالة على ذلك، ويتم تخليدهم عبر زيارة مقابرهم بشكل دوري من قبل الفلسطينيين.
وتبعا لعمليات الإبادة الجماعية التي قامت وتقوم بها إسرائيل منذ نشأتها؛ فقط سقط خلالها أكثر من 160 ألف شهيدة وشهيد فلسطيني؛ ثلثهم استشهدوا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والداخل المحتل منذ بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فضلا عن أسر نحو مليون ومائة ألف فلسطينية وفلسطيني؛ منهم عشرات الآلاف خلال العامين الأخيرين.
اعتداءات صهيونية متواصلة
تبعا لعمليات الإبادة الجماعية التي قامت وتقوم بها إسرائيل منذ نشأتها؛ فقط سقط خلالها أكثر من 160 ألف شهيدة وشهيد فلسطيني؛ ثلثهم استشهدوا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والداخل المحتل منذ بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فضلا عن أسر نحو مليون ومائة ألف فلسطينية وفلسطيني؛ منهم عشرات الآلاف خلال العامين الأخيرين
احتلت العصابة إسرائيل مدعومة من نظم الغرب الاستعماري في حزيران/ يونيو 1967؛ الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، وعقدت لظروف عدة خلال الأعوام 1978 و1993 و1994 اتفاقات تسوية بين إسرائيل وكل من مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية والأردن، إلا أن ذلك لم يمنع العصابة إسرائيل من الاستمرار في عدوانها على الشعوب العربية، وخاصة العدوان الذي لم يتوقف البتة على الشعب الفلسطيني، صاحب الوطن الفلسطيني، ليكون الأشرس منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ومن المجازر والمذابح المروعة المرتكبة من قبل العصابة المنفلتة إسرائيل بحق الشعوب العربية؛ مجزرة مدرسة أم البقر في مصر العربية وبالتحديد في محافظة الشرقية؛ حيث قصفت طائرات صهيونية المدرسة في صباح الثامن من نيسان/ أبريل 1970؛ استشهد إثرها 30 طفلا عربيا مصريا وجرح عدد كبير من الأطفال، ودمرت المدرسة. وفي 18 نيسان / أبريل 1996 قصفت طائرات صهيونية مقر الأمم المتحدة (اليونفيل) في قرية قانا جنوب لبنان، وكان يؤوي نازحين لبنانيين، استشهد منهم 150 شخصا. والاعتداءات الصهيونية على لبنان وشعبه مستمرة حتى اللحظة وسقط المئات من المدنيين.
وفي سوريا لم يتوقف الطيران الصهيوني عن القصف على كل الجغرافيا السورية بعد سقوط طاغية الشام في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، بحجة وجود أسلحة نوعية في سوريا. ولم تتوقف الجرائم الصهيونية عند هذا الحد فكل يوم يتمدد الجيش الصهيوني في محافظتي درعا والقنيطرة ويقوم بعملية تقتيل واعتقال السكان وترهيبهم وجرف البنى التحتية، وفوق كل ذلك برزت دعوات وخطابات صهيونية من نتنياهو وحكومته الفاشية بأنها ستسعى لاحتلال سوريا وكذلك دول عربية للحفاظ على أمنها، مدعومة من الرئيس الأمريكي وإدارته، بغرض رسم شرق أوسط تكون في العصابة إسرائيل قطبا سياسيا واقتصاديا له.
ردة فعل الشعوب العربية
باتت المواجهة مباشرة بين العصابة إسرائيل مع كل الشعوب العربية المنحازة للحق الفلسطيني والرافضة لمخططات إسرائيل وأمريكا؛ الرامية إلى التمدد في عمق الوطن العربي لزعزعته ونهب خيراته، ولهذا ستكون كلمة الحسم والفصل في الصراع والمواجهة للشعوب العربية في نهاية المطاف، وسيتغير المشهد حتما ولو بعد حين؛ رغم بؤس النظم العربية وصمتها وتخاذلها
رغم منع الأنظمة العربية المستبدة خروج الجماهير العربية إلى ميادين التغيير والتحرير للتعبير عن مناصرة فلسطين وشعبها المكلوم؛ الذي يتعرض على مدار الساعة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لأبشع عمليات إبادة جماعية ممنهجة من قبل العصابة المنفلتة إسرائيل، إلا أن ذلك لم ولن يحد ويمنع من قيام العديد من الجنود والمدنيين العرب بعمليات فدائية في عمق الكيان الغاصب وزعزته ودب الرعب بقلب المغتصبين للوطن الفلسطيني بمساحته البالغة 27009 كيلومترات مربعة. وفي هذا السياق نذكر عمليتي الجنديين العربيين المصريين محمد صالح ابراهيم وسليمان خاطر، وكذلك أكثر من عملية فدائية من قبل أردنيين. كل ذلك إنما هو تعبير عن تضامنهم ومناصرة الشعب الفلسطيني وآلامه الجسيمة.
وفي ريف محافظتي درعا والقنيطرة كان الرد واضحا من قبل الشعب السوري هناك؛ فرفع الصوت مرددا بالصوت والصورة "لن نرضى باحتلالكم وتبجحكم وتمددكم"، واشتبك مدنيون من أهالي القرية مع الجيش الصهيوني المتقدم في قرية كويا جنوب درعا وأجبروه على الانسحاب، وبهذا كانت الرسالة واضحة.
ومن نافلة القول أنه باتت المواجهة مباشرة بين العصابة إسرائيل مع كل الشعوب العربية المنحازة للحق الفلسطيني والرافضة لمخططات إسرائيل وأمريكا؛ الرامية إلى التمدد في عمق الوطن العربي لزعزعته ونهب خيراته، ولهذا ستكون كلمة الحسم والفصل في الصراع والمواجهة للشعوب العربية في نهاية المطاف، وسيتغير المشهد حتما ولو بعد حين؛ رغم بؤس النظم العربية وصمتها وتخاذلها.