اتفاق جوبا – عود الثقاب الذي أوقد نار الحرب…!! بقلم: إسماعيل عبدالله
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
هنالك عامل خفي لم يتناوله المحللون يتعلق بأسباب ومسببات اندلاع حرب أبريل، وهو الاتفاق الغريب الذي زاحم فترة الحكومة المدنية الانتقالية، وتسبب في كثير من اللغط، وأحدث الكثير من المضايقات لقوى الحرية والتغير الحاضن الرسمي للحكومة الانتقالية، الملاحظ أنه وبعد مقدم جماعة جوبا الى الخرطوم، ازدادت حدة التوتر بين المكونين المدني والعسكري من جانب والعسكري والعسكري من الجانب الآخر، وأخدت الشقة تتباعد بين المدنيين والعسكريين بتماهي القادمين من جوبا مع خط العسكر، الواضحين في طرحهم المستهدف لتقويض العملية السياسية وإغراقها، كيف لا والعسكريون في حقيقة أمرهم يمثلون اللجنة الأمنية للزعيم المعزول، لقد اندهشت القوى المدنية أيما اندهاش لما أٌقدمت عليه زمرة جوبا من عمل ينال من ثورة شباب ديسمبر، ويصيبها في مقتل، فحركات ما يسمى بالكفاح المسلح (اسم الدلع) وبحكم شعاراتها الثورية وقتالها للقوات الحكومية للنظام البائد، كان المنتظر منها الالتحام مع قوى الحرية والتغيير والعمل كتف بكتف مدنياً بعد أن سقط الصنم الأكبر، وما عادت هنالك ضرورة لكفاح مسلح طالما أن الثوار قد دشنوا مرحلة جديدة شعارها السلمية، فاجتماعات جماعة جوبا مع قوى الحرية والتغيير في أديس ابابا قبيل افتتاح ماراثونات التفاوض التكالبي في جوبا، أوحت للكثير من الناس بأن هنالك مولوداً كبيراً يزيد قوى الثورة متانة سيعلن عن ميلاده، لم يحدث ذلك وإنما آثرت تلك المليشيات المسلحة بناء مسجدها الضرار بعاصمة جنوب السودان.
إنّ رونق وألق زهرة ثورة ديسمبر المجيدة أخذ في الذبول والاندثار بعد مقدم حملة السلاح من جوبا، فالحاملون للسلاح تجمعهم لغة مشتركة ألا وهي فوهة البندقية، ومقدم هذه المليشيات الباحثة لها عن شرعية تم تضمينها في الدستور (الوثيقة الدستورية)، واستحدث لأجلها جسم جديد يعلو فوق الجهازين التنفيذي والسيادي اسمه (مجلس شركاء الحكم)، الذي زاد طين المرحلة الانتقالية بلة بعدما كان مبلولاً في الأصل، فعمل زعماء المليشيات المسلحة على تعطيل حكومة الدكتور عبد الله حمدوك بالتآمر مع العسكر، ونفس الزعماء ولولاهم لما قامت قائمة لانقلاب أكتوبر، الذي اعتمد اعتماداً رئيساً على دعم وتأييد شركاء الحكم الجدد، فاصبح تحالف الحرية والتغيير مهيض الجناح وسط صقور المليشيات المسلحة والجيش الذي يقوده ضباط يوالون حزب المؤتمر الوطني المحلول – الاخوان المسلمين، وبعدما دب الخلاف بين الشقيقين (الدعم السريع والجيش)، لعبت لجان الوساطة المكون جلها من زعماء مليشيات جوبا، الدور الأكبر في تأجيج الخلاف انتقاما من غريمهم قوى الحرية والتغيير، وحينما جاءت أطروحة نقابة المحامين التي مهدت لاتفاق الاطار الذي باركه قائد الجيش أولاً، ثم انقلب على عقبيه فيما بعد، فإنّ المراقب للشد والجذب بين الشقيقين قبيل اندلاع الحرب يلحظ النشاط الكثيف لزعماء مليشيات جوبا، وهم يقدمون أنفسهم كوسطاء لرأب الصدع بين قائدي الجيشين، وكما هو معلوم أن الثأر التاريخي لأمراء حرب دارفور من الجيشين، لا تزيله الابتسامات الصفراء المتبادلة بين القادة الموقعين على اتفاق جوبا، في ذلك اليوم الماطر الذي ترنم فيه قائد الجيش بالأهزوجة الوطنية الجنوب سودانية (يي بلدنا وكلنا إخوان).
من أراد أن يعلم حقيقة أن هنالك تآمراً مبيت النية من زعماء مليشيات اتفاق جوبا، عليه بالرجوع لحديث الساعات الأخيرة قبيل اندلاع الحرب، الي أدلى به كل من عضو لجنة إزالة النظام البائد لقناة الجزيرة طه عثمان اسحق، وزعيم إحدى المليشيات القادم على حصان طروادة جوبا مني أركو مناوي، فحديث الأخير كذبه الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، أما التفاصيل التي أدلى بها الأول فكانت واضحة وشفّافة ومقنعة لمن يتمتع بحسن البصيرة، فلكل فتنة دموية نفوس مجبولة على امتصاص الدماء واستثمار الحروب، وهؤلاء هم من يطلق عليهم بأمراء الحرب، قادوا حياةً ملأى بالمتاجرة بالمآسي والدماء، فلا يمكن أن يحيدوا عن طريق لن يجدوا في غيره سبيلاً للحياة الدموية، والآن وبعد أن اشتعلت البلاد حرباً شعواء، هل يرجى خيراً ممن لدغ الثائرون من جحرهم مرتين؟، خاصة أن نشاط زعماء مليشيات جوبا قد توزّع بين الجيشين المتحاربين، بعضهم داهن حلف بورتسودان والآخر أعلن توبته وانضوى تحت لواء قائد قوات الدعم السريع، فهل يؤمن جانب من قضى سنين عمره في الارتزاق من فوهة البندقية، إن الجرح النازف في دارفور منذ عشرين عاماً والذي امتد نزفه إلى بقاع السودان، غزّته وأشرفت على بقائه نازفاً هذه المليشيات المسلحة المتخذة من قضية سكان دارفور جسراً لتحقيق المصالح الذاتية والعشائرية الضيّقة.
إسماعيل عبدالله
6 اكتوبر2023
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الملیشیات المسلحة الحریة والتغییر قوى الحریة
إقرأ أيضاً:
أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟
يشهد السودان واحدة من أكثر الحروب دموية في العالم، والتي دخلت عامها الثاني، في ظل تنافس داخلي بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وتدخلات إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية من النزاع. ومع تزايد الأزمات الإنسانية، تبرز أسئلة حول تأثير القوى الكبرى على مستقبل السودان.
تصعيد داخلي وتحولات ميدانيةاعلاناندلعت الحرب بالسودان في نيسان/ أبريل 2023 بعد توتر طويل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وفي كانون الثاني/ يناير 2024، وجهت الولايات المتحدة اتهامات رسمية لقوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية.
كما فرضت عقوبات على قائد القوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، متهمة قواته بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق تشمل القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية واستخدام الأسلحة الكيميائية.
ورغم الاتهامات الموجهة للطرفين، يبدو أن القوات المسلحة السودانية قد استعادت زمام المبادرة. فقد استعاد الجيش السيطرة على العاصمة الخرطوم ومعظم ولاية الجزيرة الاستراتيجية، ما أدى إلى إضعاف قوات الدعم السريع.
الجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية.Hussein Malla/ APوترى المحللة السودانية خلود خير أن التطورات الأخيرة قد تكون نقطة تحول لصالح الجيش، مؤكدة أن موارد قوات الدعم السريع بدأت تُستنزف بشكل كبير.
مصالح دولية وتدخلات إقليميةتتصارع القوى الإقليمية والدولية على الاستفادة من الصراع السوداني. الإمارات ومصر هما من أبرز اللاعبين، اذ تدعم الأولى قوات الدعم السريع، بينما تدعم الثانية القوات المسلحة السودانية.
تربط الإمارات مصالح اقتصادية وثيقة بقوات الدعم السريع، خصوصاً في تجارة الذهب. وتُعد الإمارات واحدة من أكبر مستوردي الذهب السوداني، وتوفر لقوات الدعم السريع دعماً عسكرياً ومالياً مقابل تصدير الذهب.
من ناحية أخرى، تعتمد مصر على السودان لتأمين جزء من مواردها الذهبية، وتشير تقارير إلى ازدهار تجارة تهريب الذهب عبر الحدود الشمالية للسودان.
قوات الدعم السريع في منطقة شرق النيل عام 2019.Hussein Malla/ APوإلى جانب المصالح الاقتصادية، يلعب الموقع الجيوسياسي للسودان دوراً محورياً. الإمارات تسعى لتعزيز سيطرتها على الموانئ السودانية، في محاولة لتقويض نفوذ السعودية في المنطقة. في الوقت نفسه، تضغط روسيا وإيران للوصول إلى ميناء بورتسودان، حيث تُستخدم هذه الورقة كورقة مساومة للحصول على دعم دولي.
أزمة إنسانية متفاقمةبينما تتنافس القوى الكبرى على موارد السودان، يعاني المدنيون من أزمة إنسانية حادة. نزح الملايين من السودانيين إلى دول الجوار، مع استقبال مصر النصيب الأكبر منهم. ومع ذلك، يُلقي الاقتصاد المصري المتدهور بظلاله على اللاجئين، حيث تُحمل الحكومة المصرية التدفق السكاني السوداني مسؤولية تفاقم أزماتها.
وفي الداخل، يتعرض المدنيون لانتهاكات مروعة من جميع الأطراف. تقارير الأمم المتحدة تؤكد ارتكاب الطرفين جرائم حرب كبرى، بينما تشير الاتهامات الأمريكية إلى ارتكاب قوات الدعم السريع إبادة جماعية.
مجموعة من الأشخاص يصعدون إلى شاحنة أثناء مغادرتهم الخرطوم، السودان، في عام 2023.APوعلى الرغم من ذلك، يخشى محللون أن يؤدي التركيز على طرف واحد إلى زيادة تعقيد النزاع وإطالة أمد الحرب.
الدور الدولي ومستقبل النزاعتتداخل المصالح الدولية في السودان مع تنافسات إقليمية، اذ تسعى دول مثل الإمارات وروسيا لتعزيز نفوذها على حساب قوى أخرى. الإمارات تستثمر في الموانئ السودانية، بينما ترى روسيا في السودان فرصة لتعويض خسائرها في سوريا وليبيا.
Relatedالحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ألف قتيل و12 مليون نازحعلى ضفاف رحمة الطبيعة.. الفيضانات تشرّد 379 ألف في جنوب السودانالسودان: المجاعة آخذة في الازدياد والأزمة تتعمق.. ضحاياها الأساسيون ما بين لاجئ ونازحمن جهة أخرى، يرى محللون أن غياب استراتيجية دولية واضحة لحل النزاع يزيد من تعقيده. خلود خير تشير إلى أن المجتمع الدولي تجاهل علامات التحذير التي سبقت اندلاع الحرب، وركز على مصالحه الخاصة، مثل الهجرة والأمن في البحر الأحمر، متجاهلاً التوترات الداخلية.
ورغم التنافس الدولي، يظل الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء معاناة السودان. ومع ذلك، تبدو الأطراف الدولية أكثر اهتماماً بتحقيق مكاسبها الخاصة بدلاً من العمل على إنهاء النزاع.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية احتفالات بسيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني الاستراتيجية ومعقل قوات الدعم السريع بايدن يستبق ولاية ترامب ويمدد ل 18 شهرا إقامة 800 ألف مهاجر من فنزويلا والسلفادور وأوكرانيا والسودان الولايات المتحدة تفرض عقوبات على 7 شركات مرتبطة بقوات الدعم السريع في السودان قوات الدعم السريع - السودانجمهورية السودانروسياالإمارات العربية المتحدةاقتصادمصراعلاناخترنا لكيعرض الآنNextعاجل. تصعيد متواصل في جنين: 12 قتيلا ونزوح قسري لمئات العائلات وسط تأكيد واشنطن دعمها الثابت لتل أبيب يعرض الآنNextعاجل. في اتصال مع ترامب.. بن سلمان يعلن عن خطة لاستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال 4 سنوات يعرض الآنNext واشنطن تعيد إدراج جماعة أنصار الله الحوثيين على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" يعرض الآنNext في موقع إعدام موسوليني.. طلاب إيطاليون يعلقون دمية لإيلون ماسك ردا على خطابه المستفز يعرض الآنNext ماكرون وشولتس يدعوان لوحدة أوروبية في مواجهة تهديدات ترامب الجمركية اعلانالاكثر قراءة تركيا: حصيلة ضحايا حريق منتجع التزلج ترتفع إلى 76 قتيلاً وأردوغان يتوعد بمحاسبة من كان السبب الحرائق تكتسح شمال سان دييغو.. إجلاء طارئ للمنطقة بسبب النيران المدمرة من دافوس.. وزير الخارجية السوري يدعو لرفع العقوبات ويؤكد طموح سوريا لأن تصبح نموذجاً للسلام والتنمية ترامب: لا أسعى لإيذاء روسيا وأحب الشعب الروسي وعلى بوتين إيقاف "الحرب السخيفة" فيه شفاء للناس ويقوم مقام الفياغرا أو هكذا قال مروّجوه.. فرنسا تشن حربا على "عسل الانتصاب" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبضحاياغزةألمانياروسيافلاديمير بوتينبشار الأسدجريمةطعنإيرانإسرائيلحروبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025