فضيحة تهز فرنسا.. تسريبات تكشف تورط شركة تجسس مقربة من ماكرون في التنصت على العالم
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
زنقة 20 | وكالات
حصلت ميديا بارت (فرنسا) ودير شبيغل (ألمانيا) على وثائق فنية سرية تم تحليلها بالتعاون مع مختبر الأمن الرقمي التابع لمنظمة العفو الدولية، وهي صادرة عن المجموعة الأوروبية إنتيليكسا وشريكتها الفرنسية نيكسا المقربة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
هذه البرمجيات والأدوات قوية الى درجة أنها “تتعارض بعمق مع حقوق الإنسان”، وفقًا لاستنتاج منظمة العفو الدولية في تقرير سيُنشر في الأيام المقبلة.
يكشف تحقيق “ملفات بريديتور” أن قائمة منتجات نيكسا وإنتيليكسا خضعت لتحسينات كبيرة ومعقّدة على مر السنين، سواء لمراقبة الاتصالات “على نطاق البلد” أو تثبيت برامج التجسس في أي هاتف محمول، و”ما يثير الإعجاب هو أنهم طوروا جميع الحلول الممكنة للتقليل من فاعلية جميع التدابير الوقائية والدفاعية الموجودة”، حسب كافيه سالاماتيان، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة Savoie Mont Blanc .
بريداتور يحوّل الهواتف إلى جواسيس
بريداتور هو المنتج الأكثر شهرة لشركة إنتيليكسا، وهو برمجية قادرة على إصابة الهواتف النقالة، صمّمتها شركة Cytrox (فرع لإنتيليكسا، مقره شمال مقدونيا)، وباعتها المجموعة الفرنسية نيكسا تحت اسم Arrow.
تكشف وثائق سرية تعود الى عام 2022، أن إنتيليكسا غيّرت اسمها إلى Nova. وتشير المنتجات المباعة تحت هذه الأسماء الثلاثة “إلى المجموعة الواسعة نفسها من برمجيات التجسس المتشابهة”، وفقًا لتحليل أجرته منظمة العفو الدولية استنادًا إلى الوثائق التي حصلت عليها EIC.
يعمل بريداتور بصورة مشابهة لتلك التي يعمل بها منافسه بيغاسوس (تصنيع شركة NSO الإسرائيلية)، إذ يستغل الثغرات الأمنية (أخطاء في كود الكمبيوتر) الموجودة في “أنظمة التشغيل” التي تجعل الهواتف تعمل وهي: iOS من Apple، و Android من Google، والتي تشغل تقريباً جميع العلامات التجارية الأخرى.
وحسب التحقيق، فإن شركة NEXA الفرنسية التي تربطها صلة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باعت أجهزة تنصت متطورة لديكتاتوريات من بينها مصر، وذلك تحت أعين (وأحياناً بتسهيل) أجهزة رسمية خلافاً للقوانين ومعايير التصدير الأوروبية.
وزارات وإدارات رسمية عرقلت توسّع التحقيق في حق الشركة التي اتُّهم أحد مديريها في يونيو عام 2021 بـ”التواطؤ على التعذيب” بسبب دعاوى رفعتها منظمات فرنسية حقوقية على خلفية عقد بيع أجهزة تنصت لنظام القذافي في العام 2007 ونظام عبد الفتاح السيسي في مصر في العام 2014.
لا صوت يعلو على صوت المال في عالم السياسة والتجسس والاستخبارات، حتى وإن عنى ذلك تقويض الديمقراطية في عقر دارها، وارتكاب جرائم بحق المطالبين بها حول العالم.
هذا ما تكشفه Predator Files – ملفات بريداتور، وهي وثائق سرية بالمئات حصل عليها موقع ميديابارت Media Part الفرنسي وصحيفة دير شبيغل Der Spiegel الألمانية، وعمل عشرات الصحافيين على تحليلها على مدى أشهر بالتعاون مع تحالف الصحافيين الاستقصائيين European Investigative Collaborations EIC في أوروبا، وشركاء آخرين من بينهم موقع “درج” بمساعدة تقنية من مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية.
التحقيقات المستندة إلى هذه الوثائق والتي سننشرها خلال الأيام المقبلة، تكشف الأساليب الملتوية التي لجأت إليها شركات أوروبية لتجاوز معايير التصدير الأوروبية والعقوبات المفروضة على ديكتاتوريات، بهدف إبرام العقود المربحة بأي ثمن، حتى بعد التأكد من الانتهاكات التي كانت تحصل على مستوى حقوق الإنسان، والتي وصلت في بعض الحالات إلى القتل، كما حصل في قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
تكشف الوثائق عن بيع نيسكا NEXA (شركة فرنسية تملك صلات مباشرة مع الأليزيه ويواجه مديروها منذ العام 2021 تهمة “التآمر على التعذيب”) تقنيات تجسس على الإنترنت لعدد من الأنظمة، من بينها قوات الجنرال خليفة حفتر المتهم بجرائم حرب، في تجاوز للعقوبات الأوروبيّة التي تمنع بيع الأسلحة الأوروبية إلى ليبيا.
أبرز ما تكشفه وثائق Predator Files يتعلق بالصلة بين شركتي نيكسا NEXA وإنتيليكسا Intellexa، والأخيرة شركة أوروبية على علاقة بضباط مخابرات إسرائيليين سابقين اشتهرت بسبب منتجها “الخارق” بريداتور الذي بيع لثلاث ديكتاتوريات على الأقل، هي مصر وفيتنام ومدغشقر.
يعتبر بريداتور المنافس الأول لتطبيق بيغاسوس Pegasus الذي كُشف عنه منذ سنتين ضمن مشروع أدارته مؤسسة Forbidden Stories الفرنسية، وشارك فيه “درج”.
مثل منافسه الإسرائيلي الصنع، يستطيع بريداتور حصاد أية معلومات موجودة على هواتف ذكية عبر تحويل المايكروفون والكاميرا إلى أجهزة تنصت من دون إعطاء أي إنذار. آخر ضحايا بريداتور، أحمد طنطاوي، المرشح المحتمل للرئاسة في مصر، والذي كشف موقع Citizen Lab الكندي عن تعرض هاتفه للاختراق بين مايو و سبتمبر 2023. هاتف عضو البرلمان والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور تعرض أيضاً للاختراق في العام 2021 بحسب تقرير للموقع نفسه.
ذاع صيت التطبيق أيضاً إثر فضيحة Predator Gate في اليونان، حيث كُشف عن استخدام التقنية للتجسس على 75 شخصاً، من بينهم معارضون وصحافيون.
الوثائق تكشف وللمرة الأولى عن العلاقة بين شركة إنتيليكسا (مجموعة مقرها في أوروبا يقودها ضباط مخابرات إسرائيليون سابقون) وشركة نيكسا. كما تكشف تحقيقات Predator Files عن الأساليب التي اتبعتها إدارة نيكسا على مدى أكثر من عشر سنوات لإخفاء علاقتها بشركة فرنسية أخرى اسمها Amesys، واجهت هي الأخرى تهمة “”التآمر على التعذيب” على خلفية بيع أجهزة تنصت استخدمها الديكتاتور معمر القذافي للتنصت على معارضيه وملاحقتهم.
هذه الملفات كلها بدأ التمهيد لها في أوج الربيع العربي، قبل أن تتحول الثورات المطالبة بالحرية إلى حروب أهلية وديكتاتوريات جديدة لا تقل عنفاً وإجراماً عن سابقاتها. بعد أكثر من عشر سنوات، تأتي وثائق Predator Files لتكشف عن الدور الذي لعبته شركات أوروبية ساهمت في تعويم أنظمة متهالكة قبل إعادة إنتاجها بشكل ديكتاتوريات رقمية.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: العفو الدولیة
إقرأ أيضاً:
لوبوان تكشف التأريخ السري لاتفاقيات الجزائر عام 1968
قالت مجلة لوبوان إن اتفاقيات الجزائر لعام 1968 قيل عنها كل شيء تقريبا، ولكن دون أن يفهم سبب توقيعها، أو يذكر أنها أرست امتيازات خاصة للنخبة الجزائرية، ولذلك بحثت المجلة في الأرشيف الدبلوماسي لفهم أصل هذه الاتفاقيات.
وبالفعل -كما يقول فرانسوا غيوم لورين في تقريره للمجلة- يحتفظ الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي بسجلات المفاوضات بين فرنسا والجزائر، وهي تشمل وثائق مثيرة للاهتمام تسجل تحليلاتِ وردود أفعال أبطال الرواية الفرنسيين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يتخلص ترامب من وزير دفاعه نتيجة فضيحة سيغنال الثانية؟list 2 of 2بيتر نافارو خبير الاقتصاد الذي تفوق على ماسك في كسب ثقة ترامبend of listوقد اعتبر البلدان في سنة 1968 أن إعداد اتفاقية شاملة تتعلق بالعمالة الجزائرية أصبح ضروريا، لأن اتفاقيات إيفيان لعام 1962، التي حافظت على حرية تنقل الأشخاص من الجزائر إلى فرنسا لتمكين "الأقدام السوداء"، (المستوطنين الفرنسيين بالجزائر ومن ولدوا من الفرنسيين بالجزائر أيام الاستعمار) من العودة، استغلها الجزائريون لدخول فرنسا بأعداد كبيرة، أكثر من 50 ألفا في عام 1962 وحده.
وردّت الحكومة الفرنسية باتفاقيات أبريل/نيسان 1964، التي حاولت تنظيم الهجرة من خلال جعلها مشروطة بالحصول على شهادة سكن في فرنسا، ولكن دون جدوى، إذ دخل 38 ألف جزائري إلى فرنسا عام 1964، ليصبح عددهم الإجمالي أكثر من 400 ألف، يعيشون ظروفا سكنية وصحية مزرية في كثير من الأحيان، ويشكلون نسبة 60 ألفا من بين 200 ألف عاطل عن العمل في فرنسا.
إعلان توتر العلاقاتولم يكن الرئيس الجزائري الذي تسلّم الحكم آنذاك هواري بومدين راضيا عن هذه الاتفاقية للحاجة إلى قوة عاملة في الجزائر، ولذلك أغلقت باريس الصنبور من جانب واحد عام 1966، واقتصرت على قبول السياح الجزائريين الذين يتم وضعهم في طوابير منفصلة، ويسمح بدخول 10 آلاف منهم سنويا .
وأشارت المجلة إلى أن الرئيس الفرنسي آنذاك شارل ديغول كان يراهن على الجزائر كبوابة لسياسة تعاون كبرى، ولكن الاشتراكي بومدين قام عام 1967 بتأميم العديد من الشركات الفرنسية، لترد فرنسا بزيادة الضرائب على النبيذ الذي يشكل المصدر الرئيسي للدخل في الجزائر آنذاك، إلى جانب العمالة، مما أدى إلى توتر العلاقات.
وفي الأول من مايو/أيار 1968، عقد مجلس الشؤون الخارجية اجتماعا ضم الرئيس ديغول ونائبه جورج بومبيدو والوزراء المنزعجين من المطالب الجزائرية، وخُصص لمناقشة العلاقات بين البلدين، وناقش مسألة النبيذ والمحروقات والديون الجزائرية، وخصص فقرة للعمال الجزائريين، "إنها مسألة ضمان أن تلبي الهجرة الجزائرية فرص العمل الحقيقية".
بَيد أن هذه الاحتمالات تدهورت في الأسابيع التالية مع أزمة مايو/أيار 1968، وبعد زيارة وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لباريس في يوليو/تموز، التي لقي فيها نظيره ميشيل دوبريه، بدأت "المحادثات الفرنسية الجزائرية" يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول في الجزائر العاصمة.
وضغط قايد أحمد، أحد أقوى رجال جبهة التحرير الوطني آنذاك على الفرنسيين في الصحافة الجزائرية، ونقلت عنه وزارة الخارجية الفرنسية القول "لا المهاجرون ولا الشعب الجزائري مسؤولان عن وضع نابع من عملية تاريخية تسمى الاستعمار"، مما أشعر الفرنسيين بالذنب وبأن عليهم دينا، فاقترحوا على الفور حصة تبلغ 30 ألف شخص.
واستمرت المفاوضات 4 أيام، وكان يقودها من الجانب الفرنسي جيلبير دو شامبرون، مدير الاتفاقيات الإدارية والشؤون القنصلية في وزارة الخارجية، ومن الجانب الجزائري، جمال حوحو، مدير الشؤون الفرنسية.
إعلان شهادة الإقامةولخص شامبرون، نيات الحكومة الفرنسية في إنشاء شهادة الإقامة وطرق تحقيقها، واعتبرها السبيل الوحيد أمام فرنسا لتنظيم الهجرة الجزائرية، وجعلها القضية الرئيسية في المفاوضات، وبالفعل انتهت الجزائر إلى قبولها مبدئيا، ولكن حوحو -كما يقول الوزير المستشار في الجزائر ستيفان هيسيل- كان يبحث عن ذريعة لربط هذه المفاوضات بقضية النبيذ.
ودعا حوحو لضم قضية أخرى إلى الاتفاق، وهي الاعتراف "بالصداقة الجزائرية في فرنسا"، وهي منظمة يريد حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر السيطرة عليها من أجل السيطرة على المهاجرين، وهنا يقول هيسيل، إذا قبلتم مبدأ شهادة الإقامة، فسوف نعترف بالصداقة.
طالب الجزائريون بزيادة إضافية في الحصة السنوية للعمال وحصلوا على 35 ألفا، شريطة أن يكون من الممكن تعديلها إلى الأسفل إذا كانت الظروف الاقتصادية تتطلب ذلك، وهو ما حصل عليه الفرنسيون، وقال هيسيل "أعتقد أننا في ظل هذه الظروف نحقق هدفنا الرئيسي، وهو الحصول على شهادة الإقامة".
وأوضحت المادة الثانية من الاتفاقيات أن شهادة الإقامة، التي تصدر بعد مرور 9 أشهر إذا وجد المهاجر عملا، تكون صالحة لمدة 5 سنوات، وأعلن هيسيل نجاح المفاوضات، وقال "ستكون وزارة الداخلية قادرة على التحكم في تدفق الهجرة والمهاجرين"، وكانت "السيطرة" هي الكلمة الأساسية بالنسبة لفرنسا، أما الجزائر فرحبت بنهاية الإجراءات المزعجة كالطابور المزدوج والعداد الخاص.
وبعد تقديم أوراق اعتماده يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 1968، كان أول ما قام به السفير الفرنسي الجديد جان باسديفان في الجزائر، هو وضع توقيعه بجانب توقيع بوتفليقة، إلا أن بومدين وضع حدا لهجرة العمالة بعد ذلك بـ4 سنوات، ولم تلغ الاتفاقيات، بل تم تعديلها لاحقا بتعديلات مختلفة.