أسطورة زائفة عن جيش لا يقهر تساقط كحبات عقد منفرط بعد «هجوم مباغت» و«ضربة صاعقة» ومع تدفق خراطيم المياه التى استطاعت ببراعة جنود مصر البواسل، أن تشق طريقها إلى خط بارليف، فكانت الصحافة العالمية على موعد مع حدث من العيار الثقيل، أرض تحرر، وجنود يرسمون ملامح ملحمة مكتملة الأركان.

من عناوين الصحف العالمية والإسرائيلية بدت "الصدمة" واضحة على صفحاتها الأولى، فما حققته القوات المصرية كان غير متوقع، وكانت المفاجأة عندما عبرت القوات المصرية قناة السويس وبدأت في تحطيم خط بارليف.

كان مانشيت صحيفة نيويورك تايمز فى السابع من أكتوبر ١٩٧٣: العرب يدّعون استعادة سيناء والجولان

الصحف الأمريكية تناولت الحدث وبقوة خلال الأيام التي تلت الحرب المفاجئة، ففي الوقت الذي أعلنت فيه مصر وسوريا سيطرتهما على سيناء والجولان، كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" على صدر صفحتها الأولى أن القوات الإسرائيلية ترد بضربات قوية على الهجمات المصرية والسورية وقالت في عنوانها "العرب يدّعون استعادة سيناء والجولان".

وكتبت أيضا صحيفة نيويورك تايمز فى السابع من أكتوبر ١٩٧٣، فى اليوم التالى للعبور،: "العرب والإسرائيليون يتقاتلون على جبهتين والمصريون يعبرون قناة السويس، ومعارك حية مكثفة".. الولايات المتحدة تطالب بوقف القتال، ومناشدات كسينجر لمنع المعارك بلا جدوى.

صحيفة واشنطن بوست

صحيفة واشنطن بوست كتبت فى الثامن من أكتوبر تقول: إن المصريين حققوا نصرا نفسيا على إسرائيل، فى إشارة إلى استعادة مصر السيطرة على قناة السويس، ووصفت الصحيفة الانتصار بأنه لا مثيل له.

وكالة رويترز

وكالة رويترز، كتبت فى ١١ أكتوبر ١٩٧٣ تقول إن الحرب كانت الأكثر ضراوة التى تم شنها منذ حرب ١٩٤٨، وكان واضحا أنهم، أى الإسرائيليين، خسروا المبادرة فى هذه الحرب، وتراجع الجيش الإسرائيلى بسبب النطاق الواسع للأسلحة المتطورة التى تم استخدامها فى الحرب من قبل التحالف العربى.

مجلة نيويوركر

وكتبت مجلة نيويوركر وقالت إن حرب أكتوبر كانت الوحيدة بين أربع حروب بين العرب وإسرائيل التى تفوق فيها المصريون على الإسرائيليين، كان عبور قناة السويس جريئا وعبقريا بإذابة السواتر الرملية الدفاعية العملاقة بخراطيم المياه عالية الضغط، وإقامة الجسور العائمة. وعبور الكوماندوز القناة في زوارق مطاطية مكشوفة.

مجلة تايم:

أما مجلة "تايم" الأمريكية فقد عنونت في ١٥ أكتوبر "الحرب.. في الشرق الأوسط" مع صورة على غلاف لظلِّ جنديين أحدهما مصري وآخر إسرائيلي.

نيويورك تايمز: أمريكا تطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار

وفي يوم ٢٢ أكتوبر وبعد تدخل الولايات المتحدة في الحرب، وطلب موافقة الأطراف كلها على مبادرة وقف إطلاق النار، كتبت "نيويورك تايمز" في عنوانها الرئيسي "الولايات المتحدة تطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار.. وإسرائيل ترد نوافق إذا وافق العرب".

وفي اليوم التالي نشرت الصحيفة أن "مصر قد وافقت على وقف إطلاق النار، وسوريا أعلنت أنها تدرس التفاصيل لكنها تواصل القتال" في الوقت ذاته.

أما عن عناوين الصحف الإسرائيلية، في هذا اليوم كان من المفترض أن تحتجب الصحف الإسرائيلية عن الصدور والإذاعات تبتعد عن التعاطي في الشئون السياسية والعسكرية، ولكن الصحيفة افتتحت خبرها آنذاك بأنّ "صفارات الإنذار قد دوت في أنحاء إسرائيل كلها لتقطع الصمت والسكون الذي يغلف يوم الغفران.

جيروزاليم بوست: أصوات غارات الطائرات المصرية تقطع صمت يوم الغفران

"أصوات إنذار غارات الطائرات المصرية تقطع صمت يوم الغفران" كان عنوان صحيفة جيروزاليم بوست صبيحة ما يسمى "عيد الغفران" أو بالعبرية "يوم كيبور" وفي تمام الثانية ظهرًا، قطعت الإذاعة الإسرائيلية برامجها التقليدية عن هذا اليوم، لتعلن أن القوات المصرية والسورية بدأت هجومًا كبيرًا على القوات الإسرائيلية في قناة السويس والجولان" كما تحدّثت الصحيفة عن حالة الهروب الجماعية للمستوطنين نحو الملاجىء خاصة السيّاح الأجانب حينها.

ماذا حدث؟.. أين الخطأ؟

الذهول من الضربة بدا واضحًا في العناوين الفرعية للصحيفة تحت عناوين "ماذا حدث؟ أين يكمن الخطأ؟" وهو موضوع تناولته رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير في مذكراتها وقت الحرب عام ١٩٧٥ونشرته في ذات الصحيفة تحت اسم "كابوس يوم الغفران".

جيروزاليم بوست: الولايات المتحدة الأمريكية تطلق جسرًا جويًا لنقل المساعدات إلى إسرائيل

ومع بدء وصول الدعم الأمريكي لإسرائيل لانقاذها من الصدمة، اختلف التعاطي الإعلامي مع هذا الحدث ونشرت "جيروزاليم بوست" في ١٦ أكتوبر خبرًا بعنوان "الولايات المتحدة الأمريكية تطلق جسرًا جويًا لنقل المساعدات إلى إسرائيل".

الصحف البريطانية

تحدثت صحيفة فاينانشيال تايمز زيف أسطورة قوة إسرائيل، وقالت: لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يحسبون من رجال لا يقهرون، وأن الثقة الإسرائيليّة بعد عام ١٩٦٧ قد بلغت حد الغطرسة الكريهة التي لا تميل إلى الحلول الوسط، وهذه الغطرسة قد تبخرت في حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التي أدلى بها المسئولون الإسرائيليون بمن فيهم موشى ديان نفسه.

وأضافت الصحيفة أنه من الواضح أن العرب يقاتلون ببسالة ليست لها مثيل، ومن المؤكد أن عنف قتالهم له دور كبير في انتصاراتهم، وفي نفس الوقت ينتاب الإسرائيليون إحساس عام بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذي كلفهم كثيرًا، إن المصريين والسوريين ليسوا في الحقيقة جنودًا لا حول لهم ولا قوة، خاصة مع الدلائل التي كشفت أن الإسرائيليين كانوا يتقهقرون على طول الخط أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة.

أما هيئة الإذاعة البريطانية BBC والتي كانت مصدرًا مهمًا للأخبار عالميًا فقد بدأت أولى عناوين نشرتها الإخبارية بالقول "الدول العربية تهاجم إسرائيل"، وذكرت في سياق نشرتها أنه اندلع قتال عنيف بين القوات العربية والإسرائيلية على طول جبهتين، وقد كسرت وحطمت القوات المسلحة المصرية خط الدفاع الإسرائيلي "بارليف" على الضفة الشرقية لقناة السويس.

بينما قال صحيفة دايلى ميل إن الأسبوع الماضي، الذى شد اندلاع الحرب، كان أسبوع تأديب وتعذيب لإسرائيل، ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم.

وأضافت الصحيفة أنه من الواضح أن العرب يقاتلون ببسالة ليست لها مثيل، ومن المؤكد أن عنف قتالهم له دور كبير في انتصاراتهم، وفي نفس الوقت ينتاب الإسرائيليون إحساس عام بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذي كلفهم كثيرًا، إن المصريين والسوريين ليسوا في الحقيقة جنودًا لا حول لهم ولا قوة، خاصة مع الدلائل التي كشفت أن الإسرائيليين كانوا يتقهقرون على طول الخط أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة.

ومع تقدم الحرب، بدأت الصحف العالمية في إعادة تقييم نتائجها حيث ذكرت أن مصر حققت نجاحًا كبيرًا، وسيطرت على أجزاء كبيرة من سيناء، كما ذكرت أن الحرب أثبتت أن إسرائيل ليست قوة لا تقهر، وأن العرب قادرون على القتال ضدها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حرب أكتوبر خط بارليف الصحف العالمية الصحف الحرب الولایات المتحدة القوات المصریة جیروزالیم بوست نیویورک تایمز قناة السویس یوم الغفران

إقرأ أيضاً:

يجب تسليط الضوء على من أشعل الحرب

إنّ من أطلق الرصاصة الأولى وأشعل فتيل الحرب، هم فلول النظام البائد المختطفين لقرار الجيش والسارقين لسيادة الدولة، وعلى رأسهم مؤسس مليشيا الدفاع الشعبي المتحولة لكتائب عقائدية، تدين بالولاء الأعمى لمشروع الحركة (الإسلامية)، وأن فرية انطلاق رصاصة الموت كانت بمطار مروي، ما هي إلّا اكذوبة فاضحة كشفت فضيحتها الوقائع والحيثيات، وأقوال واعترافات الصادقين، وأن أول من حشد ورتب وخطط وأدخل الطيران الحربي المصري لمطار (مروة) كما ينطقها المصريون، هم التيار الاخواني المتمثل في المذكور أعلاه، ومعه الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات وآخرين، وأن القوات الصاحية الواعية المدركة للمخطط والكاشفة لخيوط مؤامرته، قد ذهبت لمروي بعلم قائد الجيش المؤتمر بأمر اللوبي الاخواني، وذلك في الاجتماع الذي عقد بين الرأسين بمزرعة أحد فاعلي الخير، بعد أن استعصى نزع فتيل الأزمة بين الجيشين في شأن الخلاف حول مسودة اتفاق الاطار، وهنالك رصد لدقائق أمور الأزمة التي تحولت لحرب، وثّقت لذلك العدوان الغاشم التكنلوجيا الدولية والمحطات الإقليمية، العدوان الذي نفّذته الكتائب الإرهابية على القوات الداعمة صبيحة الخامس عشر من ابريل، ومحاولات شراء ذمم الصحفيين المدلسين المدربين على تغبيش الوعي، والآكلين لسحت فتات موائد المؤتمر الوطني – الاخوان المسلمين لن يطول أمدها، تماماً كما قصر أمد الشائعة المغرضة حول مقتل قائد هذه القوات المستهدفة، التي سار بها ركبان الفلول والمغيبون، فدولة الظلم في عهدها الغيهب لم تدع خطيئة إلّا وارتكبتها بحق الشعب المسكين، من تهجير قسري وإبادة ومجازر بشرية، في سبيل الحفاظ على الكرسي الذي ظل مرتكزاً طيلة سبعين عاماً على جماجم الفقراء والمعدمين.
على الإعلاميين والكتاب والصحفيين والناشطين الداعمين للقضية، أن يصبوا جهداً متصلاً غير منقطع لتذكير الناس بجرم اشعال فتيل الحرب، الذي ستذكره الأجيال القادمة مع اللعنات الموجهة لهذه الطغمة الفاجرة، والتركيز على هذه الحقيقة الجوهرية يحفظ للضحايا وأهاليهم حقوقهم المادية والمعنوية، وواحد من الشواهد على حقيقة أنهم البادئين بالعدوان، رفضهم المتكرر لحضور المنابر الخاصة برعاية إجراءات إيقاف الحرب ومنع الاقتتال، وقفزهم فوق حقيقة فعلهم الجرم العظيم، وذهابهم لتضخيم أعراض المرض (الحرب) – السلب والنهب، دون الاعتراف بأنهم صنعوا هذه الحالة الفوضوية غير القانونية، وفتحوا أبواب السجون على مصاريعها، ليسرح ويمرح اكثر من نصف مليون سارق وقاتل ومغتصب، كانوا سجناء بدور الإصلاح في العاصمة بمدنها الثلاث، وتركوا كل ما اقترفوه من خطايا بحق السكان وما أشاعوه من حالة انعدام القانون، رغم علمهم المسبق بحتمية حصول هذه النتيجة المؤسفة، في حال أنهم وضعوا الخطة الخبيثة لانفراط عقد الأمن. وعلى ذات النسق اشتروا ذمم بعض أمراء حرب دارفور لصناعة حالة مأساوية بعاصمة الإقليم، فهم ضليعون في استخدام مخرجات علم النفس، واستغلالها في تسخير شرائح المجتمع الضعيفة والمضطهدة، لتعضيد ملكهم الباطش، وهنا جدير بنا أن نذكر العار الذي تكشف بعد اسقاط الطاغية، وهو ضلوع ابن مساعد الدكتاتور في الرعاية السالبة للأطفال الفاقدين للسند بدار المايقومة، وابتزازهم واجبارهم على ارتكاب الجرائم البشعة بحق الشباب الطامحين في بناء دولة المواطنة المنشودة، وبناءً على هذا السجل الحافل بالخطايا لهذه الجماعة المتخفية داخل عباءة الدين، على الوطنيين الخلّص ممن يمتلكون ناصية النشاط الصحفي والإعلامي، أن يسلطوا الضوء على هذه القضايا الجوهرية، وأن لا ينساقوا وراء شائعاتهم المبتذلة.
إنّ ثورة الوعي وتصحيح المفاهيم التي يقودها المستنيرون، عليها أن تزيد من وتيرة ضخها الإعلامي وأن تكثّف قصفها التوعوي على المرتكزات الجوهرية، الكاشفة للأسباب الحقيقية التي أدت لاندلاع الحريق، والمخطط الكبير لفلول النظام البائد لإغراق البلاد في بحور وأنهر من الدماء، والتذكير بمبدأ (البادئ أظلم) والحكمة من الآية الكريمة: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)، وكنس قمامة مادتهم الإعلامية المملة التي تلوكها ألسنتهم صباح مساء، والاستعاضة عنها بإعلام مواكب يضرب أس وجوهر الحبكة لا أن ينشغل بأعراض المرض، فأس وأساس قضية الشعب أن أدوات الدولة الأمنية اختطفها المجرمون، وعليه يجب العمل مع كائن من كان لاسترداد هذه الأجهزة المخطوفة، وهذا لا يتم إلّا بتسليط الضوء على الجوهر لا المظهر، فالملاحظ أن آلتهم الإعلامية ساقت بعض البسطاء (لا أقول القطيع) الى الاهتمام بالآثار الجانبية للحرب، دون تناول من أشعل فتيلها، فيجب علينا تذكيرهم على الدوام بهذه النقاط الجوهرية – اطلاق النار على المدينة الرياضية وطيبة، إبادة أكثر من ثلاثة آلاف مفوّج أعزل نائم على (نمرته) داخل حوش الدولة التي اطمأن إليها، واطلاق سراح أكثر من نصف مليون مجرم محترف، هذا فضلاً عن جرائم الطيران الأجير والعميل بحق الإنسان والبنية التحتية، زد على ذلك الاستهداف الاجتماعي للمكونات السودانية بانتقائية أثنية وجهوية صارخة، الذي عمل عليه بلا حياء مساعد قائد الجيش الرهين لفلول النظام القديم، لقد نصر الله المظلومين ميدانياً لأنهم استجابوا لنداء الحق، فالمطلوب استكمال الدور الإعلامي المحترف لتهيئة الأجواء لدق المسمار الأخير، على نعش تجار الدين الظالمين والانتهازيين والمرتزقة وأمراء الحرب.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
20 ديسمبر 2024  

مقالات مشابهة

  • منذ وصولي للقاهرة بعد شهر من قيام الحرب لم تكحل عيني أية صحيفة مصرية ولو في صالون حلاقة او مطعم أو تركها صاحبها في غرفة انتظار أو في كنبة في محطة مترو أو قطار !!..
  • شاهد | اليمن يسقط الغطرسة الصهيونية ويحتل بعملياته ومواقفه مساحة الاهتمام العربي والدولي
  • الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين وتترك جثامينهم لتنهشها الكلاب
  • شاهد.. أبو يطرح أغنية «الحرب العالمية»
  • الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين وتترك جثامينهم لتنهشها الكلاب
  • يجب تسليط الضوء على من أشعل الحرب
  • نتنياهو يتحدث عن بداية هجوم 7 أكتوبر - لن أقبل بوجود حماس على الحدود
  • القوات الإسرائيلية تقوم بجرف حاجز للجيش عند مدخل الناقورة
  • منصور عباس: هذه مواصفات نتنياهو ومتطلبات المرحلة الحالية
  • حضور مجتمع ثقافي كبير في أول أيام ملتقى القراءة الدولي بالرياض