الناجون من فيضانات ليبيا مثقلون بالعبء النفسي
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
بعد مرور شهر تقريبا على الفيضانات التي ضربت مدينة درنة شرق ليبيا، يعاني الناجون من العبء النفسي للكارثة في وقت لا يزال الآلاف منهم يجهلون مصير أحبائهم، فيما هب عدد من شباب ليبيا لتنظيم حملة تطوعية لتنظيف المنازل والأحياء ومساعدة الأهالي.
وبعد التعلّق بأمل العثور على ناجين وانتظار وصول جثث منتشلة من البحر إلى الميناء، تسيطر على سكان المدينة حالة من اليأس، بعد مرور أكثر من 3 أسابيع على الكارثة التي تسببت في مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وآلاف المفقودين بحسب السلطات الليبية.
وقال ميشال-أوليفييه لاشاريتيه من منظمة أطباء بلا حدود الذي التقى ناجين في درنة إن "الجميع تقريبا في المدينة يعاني وفي حالة حداد".
وقالت منظمة "لجنة الإغاثة الدولية" غير الحكومية التي أرسلت فرقها الطبية إلى المناطق المنكوبة في اليوم التالي للفيضانات إن "على الناجين الآن التعامل مع الصدمة".
وطالب مدير اللجنة إيلي أبو عون بضمان الصحة العقلية للمتضررين إلى جانب الخدمات الأساسية التي تفتقر إليها المدينة، وحذّر من أن الأطفال "وهم الأكثر ضعفا معرّضون لحرمان شديد" ويواجهون خطر التعرض لآثار لاحقة و"تأخر في النمو".
إحباط شديدمن جهتها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" إن هذه المأساة "أغرقت الأطفال والآباء في حالة إحباط شديد"، خصوصا بسبب "تدمير منازلهم وخسارة أحبائهم".
وأوضحت المنظمة أن "شركاءها" في الميدان أبلغوا عن "حالات انتحار وانغلاق على النفس وقلة نوم وتبول لاإرادي وغيرها بين الأطفال، خصوصا في مراكز الإيواء".
وتسببت المأساة في نزوح أكثر من 42 ألف شخص، بحسب آخر أرقام المنظمة الدولية للهجرة التي تقدّر أن الحاجات الملحة للنازحين تتمثّل في "الغذاء ومياه الشرب والصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي".
وتتمثّل أولوية السلطات الآن في إعادة إعمار درنة ومبانيها وجسورها، لكن يجب أن تترافق مع إعادة البناء الاجتماعي والعقلي لسكانها المصابين بصدمات نفسية ويحتاجون إلى دعم قصير وطويل الأجل لقبول ما لا يمكن قبوله والتعامل معه، وفق المتخصصين.
ويجد عشرات القاصرين أنفسهم الآن وحيدين بلا عائلات مع تولي الدولة رعايتهم بموجب مرسوم صادر عن السلطات.
وأعلنت منظمة "الهيئة الطبية الدولية" الأميركية غير الحكومية اتفاقات مع السلطات لتوفير المتابعة الطبية وتدريب كوادر طبية ستقدم الدعم النفسي لسكان درنة، لكن حجم الدمار الذي ضرب قلب المدينة أدى إلى توقف معظم مرافق الخدمات الأساسية عن العمل، ولم تعد المستشفيات قادرة على استيعاب مزيد من المرضى.
وأبلغت منظمة الصحة العالمية من جانبها عن "حاجات هائلة في مجال الصحة العقلية" التي "ستستمر في الظهور حالما تبدأ الصدمة الأولية للدمار والخسارة التي عانوها (السكان) تتبدد".
وقالت ميسم حصيدي التي فقدت أكثر من 20 شخصا من أهلها في الفيضانات "درنة اليوم مكسورة… هي صورة عما يشعر به سكانها".
وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، هب عدد من شباب ليبيا بمدينة درنة لتقديم يد العون ونظموا حملة تطوعية بجهود ذاتية لتنظيف منازل ومرافق وأحياء المدينة ومساعدة الأهالي في رفع الركام وآثار السيول التي ضربت المدينة جراء إعصار دانيال، الذي خلّف آلاف القتلى والمفقودين وألحق دمارا واسعا بالمدينة.
وكتب منظمو الحملة -التي بدأت الأربعاء الماضي- أن المبادرة التي تأتي تحت عنوان "حملة درنة بهمة شبابها"، تضم متطوعين من الشباب من مدن ليبية عدة وتحاول تقديم العون والمساعدة للمواطنين في درنة الذين تعرضت منازلهم للسيول والأمطار، إلى جانب تنظيف المساجد والمحال التجارية والمرافق العامة.
وأعلن منظمو الحملة الذين أنشؤوا لها صفحة على فيسبوك، عن موعد ثابت للتجمع في إحدى المناطق المتضررة، لاستئناف أعمال التنظيف والمساعدة كما وثّقوا جهودهم بمشاهد نشروها على صفحة الحملة، خلال تنظيفهم أزقة المدينة ومحالها التجارية بإمكانيات محدودة ومعدات بسيطة.
وقال منظمو الحملة "إلى هذه اللحظة العمل ما زال مستمرا بجهود كبيرة من أبناء المدينة للتخفيف عن معاناة أهلنا بإزالة الركام من البيوت والمحلات التجارية المتضررة، ورغم قلة الإمكانيات فإن آمالنا (قوية) بعودة مدينتنا للحياة من جديد".
وسبق أن طالب منظمو الحملة الجميع للمساهمة والتبرع بمعدات تنظيف وعربات حمل مواد البناء لتتمكن من مواصلة عملها والوصول إلى أكبر قدر من المناطق المتضررة، لرفع الركام وآثار السيول والأنقاض.
وأدت الفيضانات جراء إعصار دانيال الذي اجتاح مدنا بالشرق الليبي، بينها درنة التي تضررت كثيرا جراء انهيار سديها في 10 من سبتمبر/أيلول الماضي، إلى دمار كبير وخسائر بشرية وصلت إلى 11 ألفا و470 قتيلا، و10 آلاف و100 مفقود، فضلا عن 40 ألف نازح، وفقا لأرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکثر من
إقرأ أيضاً:
بجهود مصرية وقطرية .. المعدات الثقيلة تواصل رفع الركام في قطاع غزة
أول الغيث قطرة، وبفضل جهود مصرية بالتعاون مع الشركاء في قطر والولايات المتحدة دخلت أخيرا المعدات الثقيلة إلى قطاع غزة للتخفيف من معاناة سكانه بعد مماطلات للاحتلال وعدم التزامه ببنود المرحلة الأولى من الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في التاسع عشر من يناير الماضي.
وعرض برنامج "من مصر"، المذاع عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، من تقديم الإعلامي عمرو خليل"، تقريرا بعنوان "بجهود مصرية وقطرية.. المعدات الثقيلة تواصل رفع الركام في قطاع غزة"، فبينما تتواصل جهود مصر والوسطاء لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، قررت حركة حماس تسليم جثث 4 من محتجزين إسرائيليين يوم الخميس كما سيتم تسليم 6 من المحتجزين الأحياء يوم السبت المقبل في إطار تسريع تنفيذ بنود المرحلة الأولى من الاتفاق والانتقال فوراً إلى مفاوضات المرحلة الثانية.
وفيما تستمر إسرائيل في المراوغة بين الضغط لتمديد المرحلة الأولى والتحضير للمرحلة الثانية بشروط سياسية وأمنية مشددة أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي نقاش جوهري حول المرحلة الثانية سيُعرض على المجلس الوزاري المصغر للموافقة عليه مسبقًا، بناء على طلب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش كشرط أساسي لاستمرار حزبه في الحكومة.
في غضون ذلك، لا تزال إسرائيل تضع المزيد من العراقيل أمام المضي قدما في الاتفاق، فالدخول إلى تنفيذ المرحلة الثانية يرتبط بشروط إسرائيلية تتضمن نزع السلاح في غزة، وإبعاد حركة حماس والتنظيمات المسلحة عن القطاع.
وطالب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بنزع سلاح مطلق في قطاع غزة معتبرا أن نموذج حزب الله في غزة لن يكون مقبولا لإسرائيل.. كما أكد رفض إسرائيل لأي خطة تنقل السيطرة المدنية في غزة من حماس إلى السلطة الفلسطينية، وهو ما يعكس الموقف الإسرائيلي الرافض لأي ترتيبات قد تمنح السلطة دورا فاعلا في القطاع.
من جانبها ترفض حماس الشروط الإسرائيلية وتطالب بأن تؤدي المرحلة الثانية إلى وقف إطلاق نار دائم وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع، كما تشدد الحركة على أن أي ترتيبات لمستقبل قطاع غزة ستكون بتوافق وطني فلسطيني.