مساجد سورية تقيم صلاة الغائب على أرواح شهداء الاعتداء الإرهابي علىحفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
محافظات-سانا
أقيمت في مساجد سورية عقب صلاة الجمعة اليوم صلاة الغائب على أرواح شهداء الاعتداء الإرهابي على حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية بمدينة حمص.
وأكد أئمة وخطباء المساجد خلال خطب الجمعة أن دماء الشهداء المدنيين والعسكريين الذين ارتقوا ستبقى شعلة تضيء لأبناء الوطن والأمة طريق النضال، ودافعاً لاستعادة الحقوق المغتصبة، وإصراراً على الثأر لهذه الدماء الزكية من الإرهابيين وداعميهم من دول العدوان والتآمر.
وخلال مشاركته في صلاة الغائب بجامع السيدة خديجة في مدينة طرطوس قال وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد في خطبة الجمعة: إن يد الإرهاب الآثمة التي استهدفت شبابنا ونساءنا وأطفالنا لن تنجح في كسر إرادة هذا الشعب الأبي ولا في تحقيق أهداف العدوان الغاشم مضيفاً: في هذا اليوم الحزين تختنق في حناجرنا كلمات العزاء، وتضيق المفردات في التعبير عن مشاعر الأسى والمواساة لأسر الشهداء والجرحى.
وأكد الوزير السيد أن كل كلمات العزاء تقف عاجزة إلا ما بشر الله به الشهداء من سعة رحمته وعظيم فضله وفردوس جنته لهم.
بدوره أشار مدير أوقاف طرطوس عبد الله السيد في تصريح للصحفيين إلى أن هذه الصلاة اقترنت بالحزن الذي أدمى قلوب السوريين جميعاً، وهو حزن دخل قلوبنا جميعاً كما دخل بيوت أسر الشهداء وذويهم، معتبراً أن كل نقطة دم سالت أثرت في وجدان السوريين الذين لن ينسوا طعنة الغدر هذه.
وأكد عدد من المواطنين أن هذا الاعتداء مُدان بكل المقاييس الإنسانية والأخلاقية، ولا بد من أن يكون الرد عليه قوياً علّه يخفف بعضاً من قساوته ومن الجرح العميق الذي أبكى القلوب كما كل بيت وحي في سورية.
وفي دمشق أكد أئمة وخطباء المساجد أنه مهما تكالب الأعداء والإرهاب ومهما سفكوا من دماء فإن أبناء الأسرة السورية الواحدة مصرون على تحقيق النصر وتطهير كل ذرة من تراب الوطن من رجس الإرهاب.
ومن الجامع الأموي بدمشق أكد رئيس اتحاد علماء بلاد الشام الدكتور محمد توفيق رمضان البوطي في خطبة الجمعة أنه إذا كان العدو يتوهم بأن ما ارتكبه من جرائم إرهابية سيجعل أمتنا تنحني لعدوانه وتضعف فقد خابت حساباته ومؤامراته، فكل جرح تصاب به الأمة سيتحول إلى بركان، وغضب واندفاع شديدين، وعزيمة لا تلين لكي يحقق شعبنا القصاص من أعدائه الإرهابيين والمجرمين وداعميهم.
وفي حمص أكد مدير الأوقاف الشيخ زهير الأتاسي خلال أداء صلاة الغائب في مسجد الصحابي خالد بن الوليد أن هذا الاعتداء الإرهابي الوحشي لن يزيد شعبنا إلا إصراراً للوقوف في وجه المعتدين وداعميهم ومموليهم، مستذكراً انتصار الجيش العربي السوري على العدو الصهيوني في حرب تشرين التحريرية التي يصادف ذكراها اليوم، والشهداء الذين جادوا بأرواحهم للدفاع عن الوطن وترابه.
ودعا الشيخ الأتاسي الله أن يرحم أرواح الشهداء الطاهرة، ويشفي جميع الجرحى، وأن يعم الأمن والأمان كل الأراضي السورية.
وفي اللاذقية خلال خطبة الجمعة في جامع العجان بساحة الشيخ ضاهر أكد الشيخ زكريا سلواية أن الذين قاموا بهذا الفعل مجرمون، ديدنهم القتل والتدمير لا يعرفون خلقاً ولا مبدأ ولا ديناً، مشيراً إلى أن عملهم الإجرامي هو تعد ليس على أبناء سورية كلها فحسب بل على البشرية جمعاء.
وفي حماة شارك في أداء صلاة الغائب في جامع الشريعة بالمدينة محافظ حماة الدكتور محمود زنبوعه وأمين فرع حماة لحزب البعث العربي الاشتراكي المهندس أشرف باشوري وفعاليات حزبية ورسمية وأهلية.
وقال مدير أوقاف حماة الدكتور صالح مطر في تصريح لمراسل سانا: إن السوريين منذ بداية الحرب على بلدهم يتسامون على جروحهم وآلامهم مهما كانت المصائب لأن أبناءهم فداء للوطن، مضيفاً: إن هذا الاعتداء الوحشي والجريمة النكراء تعكس حقيقة الإرهاب الأسود والفكر التكفيري الغادر للجماعات الإرهابية المسلحة، ومن يقف وراءها، وتضرع لله تعالى أن يرحم الشهداء ويشفي الجرحى.
وخلال الصلاة في جامع الصحابي الجليل معاذ بن جبل في الحسكة أشار خطيب الجامع الشيخ عبد الحميد ا لكندح إلى أن سورية بإذن الله منتصرة لأن الله معها، أما الخزي والعار فسيكونان للذين سفكوا دماء شبابنا وبناتنا وأطفالنا.
وشدد الكندح على أن هذا الدم الطاهر لن يذهب سدى.
ومن مسجد الفتح في دير الزور أشار مدير الأوقاف الشيخ عبد الهادي عبوش خلال مشاركته بالصلاة إلى أن أعداء سورية من الإرهابيين والصهاينة وداعميهم يتحملون مسؤولية هذه الجريمة لأنهم أعداء الإنسانية والبشرية، وهم يعرفون تماماً أن هؤلاء الشباب الأبطال الذين ارتقوا إلى ربهم وباريهم يشكلون سداً منيعاً أمام مخططاتهم، لذلك قاموا بغدرتهم لتكون شاهداً على خبث سريرتهم ولؤم طباعهم.
وتوجه الشيخ عبوش بالدعاء إلى الله أن يرحم جميع الشهداء، ويشفي المصابين.
وفي درعا، ومن مسجد السيدة عائشة ببلدة جباب بريف المحافظة الشمالي تحدث خطيب المسجد محمد العاشور في خطبة الجمعة عن قيمة الشهادة ومنزلة الشهداء عند الله تعالى، مندداً بالاعتداء الإرهابي الذي استهدف ضباط الكلية الحربية بحمص، ومؤكداً أن جيشنا الذي انتصر في حرب تشرين وفي حربه ضد الإرهاب لسنوات قادر على دحر المعتدين، وإحباط مخططاتهم.
وشارك في الصلاة محافظ درعا المهندس لؤي خريطه، وأمين فرع درعا لحزب البعث العربي الاشتراكي حسين الرفاعي وفعاليات رسمية وشعبية ودينية.
وفي حلب، أكد خطباء المساجد أن الدماء الطاهرة الزكية التي روت أرض الوطن في الكلية الحربية بحمص هي السياج المنيع والشرف والعزة والكرامة لسورية، مشيرين إلى أن هذا الاعتداء الإجرامي لن ينال من عزيمتنا بل سنظل ندافع عن أرضنا وحقنا.
وقال مدير الأوقاف الدكتور رامي العبيد خلال الصلاة في جامع كعب بن مالك بحي الزهراء: هنيئاً لتلك العيون التي حرست الأهل والأوطان فنالت أعظم وأفضل وسام عند الله، وهو شرف الشهادة وعظيم المكانة مع النبيين والصديقين منوهاً بأن هذه الدماء الزكية زادتنا إيماناً وإصراراً على متابعة التمسك بنهج المقاومة ومحاربة الإرهاب.
وبحضور محافظ السويداء المهندس بسام ممدوح بارسيك وقائد الشرطة العميد تميم دنده أقيمت صلاة الغائب بالجامع الكبير في المدينة، حيث أكد مدير مكتب أوقاف السويداء الشيخ نجدو العلي في خطبة الجمعة أن هذه الجريمة النكراء ما هي إلا نتيجة طبيعية للإرهاب العالمي والاعتداء على المحرمات واستباحة الدماء الذي تقوده الدوائر الصهيوأمريكية والغربية وأدواتها ضد الشعب السوري الصامد، داعياً السوريين للتعاضد والتكاتف، والوقوف صفاً واحداً خلف قيادتهم.
وفي القنيطرة، لفت المشاركون في صلاة الغائب بجامع الحسن في بلدة خان أرنبة إلى أن الاعتداء الإرهابي الذي وقع أمس فاجعة على امتداد الجغرافيا السورية، مطالبين بالرد الحاسم على هذه الجريمة، ومؤكدين وقوفهم صفاً واحداً مع بواسل الجيش العربي السوري في القضاء على التنظيمات الإرهابية.
وتوجه أئمة وخطباء المساجد في ريف الرقة خلال خطبة الجمعة بالدعاء بالرحمة والمغفرة لأرواح الشهداء المدنيين والعسكريين الذين ارتقوا جراء الاعتداء الإرهابي الغاشم.
وأكد عبد المحسن الصالح خطيب مسجد الإمام الشافعي في مدينة معدان أن هذا العمل الإجرامي الإرهابي لن يزيد السوريين إلا إصراراً على إنجاز الانتصار الكامل وتطهير تراب الوطن من رجس الإرهاب التكفيري.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الاعتداء الإرهابی الکلیة الحربیة فی خطبة الجمعة هذا الاعتداء صلاة الغائب فی جامع أن هذا إلى أن
إقرأ أيضاً:
حديث بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر عقب انتهاء صلاة الجمعة بمسجد المشير
أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، صلاة الجمعة الثانية في رمضان، من مسجد المشير طنطاوي بالقاهرة الجديدة، حيث دارت خطبة الجمعة عن مكانة الشهداء في الإسلام.
حديث بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهروبعد انتهاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، من صلاة الجمعة، التقى بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ودار بينهما حديث عقب الانتهاء من الصلاة.
ونشرت القناة الفضائية المصرية، بثا مباشرا لنقل فعاليات ثاني جمعة فى رمضان من مسجد المشير طنطاوي بالقاهرة الجديدة.
وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان: "وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ"، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بمنزلة ومكانة وأجر الشهداء عند رب العالمين، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول التحذير البالغ من المراهنات الإلكترونية.
وجاء نص خطبة الجمعة الثانية في رمضان كما يلي :
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا تَقُولُ، وَلَكَ الحَمْدُ خَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إلهًا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
نص خطبة الجمعة الثانية في رمضانفَإِنَّ أَجَلَّ صُوَرِ النُّبْلِ والشَّرَفِ والوَفَاءِ وَالفِدَاءِ أَنْ يَجُودَ الإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يُقَدِّمَ رُوحَهُ سَخِيًّا بِهَا فِدَاءً لِوَطَنِهِ، إِنَّهَا مَرْتَبَةٌ لَا تُدَانِيهَا مَرْتَبَةٌ، وَمَنْزِلَةٌ لَا تُقَارِبُهَا مَنْزِلَةٌ، لَحْظَةٌ مِنَ الزَّمَانِ بِوَزْنِ الزَّمَانِ كُلِّهِ، يَوْمَ تُطِلُّ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالِجبَالُ عَلَى بَطَلٍ مِنْ أَبْنَاءِ مِصْرَ فِي لَحْظَةِ خَطَرٍ لَمْ يَعُدْ أَمَامَهُ سِوَى أَحَدِ خِيَارَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَنْجُوَ بِنَفْسِهِ وَيُؤْثِرَ سَلَامَتَهُ لِيَتْرُكَ الخَطَرَ يَتَسَلَّلُ إِلَى بَلَدِهِ وَوَطَنِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْثرَ الوَطَنَ وَيَفْتَدِيَهُ بِرُوحِهِ وَيُقَدِّمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِهِ، وَيَوْمَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ نَجَاةَ بَلَدِهِ تَكْمُنُ فِي تَقْدِيمِ رُوحِهِ قَدَّمَهَا فِدَاءً لِوَطَنِهِ رَخِيصَةً لِيَسْتَمِرَّ الوَطَنُ نَابِضًا بِالحَيَاةِ، مُثْمِرًا بِالخَيْرِ وَالسَّلَامِ وَالإِبَاءِ وَالنَّمَاءِ.
أَيُّهَا النَّاسُ، تَأَمَّلُوا الشَّهِيدَ فِي جِنَانِ الفِرْدَوْسِ وَعَلْيَاءِ الخُلُودِ، يُطِلُّ عَلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الغَيْبِ لِيَرَى طِفْلًا وَلِيدًا يَنْظُرُ إِلَى الحَيَاةِ بِأَمَلٍ، ، وَلِيَرَى مَرِيضًا يَنْتَظِرُ لَحْظَةَ شِفَاءٍ عَلَى يَدِ طَبِيبٍ وَفِيٍّ، وَلِيَرَى عَالِمًا عَاكِفًا فِي قَاعَةِ دَرْسِهِ، وَلِيَرى فَلَّاحًا يَغْرِسُ بِحُبٍّ أَرْضَهُ، وَلِيَرَى أُمًّا كَرِيمَةً تَرْعَى بَيْتًا كَرِيمًا، وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ فِي كِفَّتِهِ وَفِي أَمَانِهِ، فَإِنَّ الشَّهِيدَ اسْتَقْبَل الشَّهَادَةَ بِشَجَاعَةٍ لِيَحْيَا هَؤُلَاءِ، مَاتَ الشَّهِيدُ لِيَحْيَا وَطَنُهُ، وَكَأَنَّنَا بِالشَّهِيدِ يُطِلُّ مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الغَيْبِ عَلَى وَطَنٍ عَزِيزٍ لِيَسُرَّ قَلْبَهُ أَنَّ أَرْضَ الكِنَانَةِ بِسَائِرِ شَعْبِهَا الكَرِيمِ يَقِفُونَ امْتِنَانًا لَهُ وَعِرْفَانًا بِقَطْرَةِ دَمٍ شَرِيفَةٍ سَالَتْ مِنْهُ افْتِدَاءً لَهُمْ بِرُوحِهِ.
أَيُّهَا الكِرَامُ، إِنَّ الكَلِمَاتِ لَتَعْجِزُ عَنْ وَصْفِ جَلَالِ أَجْرِ الشَّهِيدِ، وَلَذِلَكِ فَإِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ بَيَانَ العَطَاءِ الإلَهِيِّ لِلشَّهِيدِ، فَهَا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}، فَيَا أُمَّ الشَّهِيدِ اطْمَئِنِّي وَأَبْشِرِي، إِنَّ وَلَدَكِ البَطَل فِي جِوَارِ رَبِّ العَالَمِينَ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، يَتَنَعَّمُ بِأَجْرِهِ وَيَسْتَنِيرُ بِنُورِهِ، وَقَدْ وَصَفَ لَنَا القُرْآنُ الكَرِيمُ ثَمَانِيَةَ أَرْكَانٍ وَقَوَاعِدَ بُنِيَتْ عَلَيْهَا مَكَارِمُ الشَّهِيدِ، حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللهِ أَمْوَاتًا} نِدَاءٌ لِكُلِّ أَبٍ وَأُمٍّ، لِشَعْبِ مِصْرَ العَظِيمِ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَنْ لَقِيَ رَبَّهُ شَهِيدًا قَدْ مَاتَ {بَلْ أَحْيَاءٌ} حَيَاةً بَاقِيَةً خَالِدَةً سَرْمَدِيَّةً تَتَقَاصَرُ بِجِوَارِهَا حَيَاتُنَا الفَانِيَةُ، {عِنْدَ رَبِّهِمْ} عِنْدِيَّة القَدْرِ وَالشَّرَفِ وَالفَخْرِ وَالمَجْدِ، {يُرْزَقُونَ} وَإِذَا تَكَلَّمَ رَبُّ العَطَاءِ عَنِ الرِّزْقِ وَالعَطَاءِ فَهُوَ العَطَاءُ والتَّجَلِّي وَالفَيْضُ وَالكَرَامَةُ وَالنُّورُ وَالنَّعِيمُ المُقِيمُ {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللُه مِنْ فَضْلِهِ} {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}، يَنْظُرُ الشُّهَدَاءُ مِنْ حُجُبِ الغَيْبِ لِرِفَاقِهِمْ الجُنُودِ المُخلِصِينَ يُنَادُونَهُمْ فِي هَمْسٍ لَا يَسْمَعُهُ الكَوْنُ: قَدِ افْتَدَيْنَاكُمْ بِحَيَاتِنَا، فَلَا تُفَرِّطُوا فِي الأَمَانَةِ {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ}.
وَهَذِهِ بَعْضُ البَشَائِرِ النَّبَوِيَةِ وَالمَكَارِمِ المُصْطَفَوِيَّةِ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ، بَثَّهَا لَنَا الجَنَابُ الأَكْرَمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا»، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إلَّا الَّذِي مَاتَ مُرابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَإِنَّه يُنْمَى لَهُ عَمَلُه إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ».
عِبَادَ اللهِ، مَا أَجْمَلَ أَنْ تَتَعَانَقَ ذِكْرَى يَوْمِ الشَّهِيدِ مَعَ ذِكْرَيَاتِ العِزِّ وَالشَّرَفِ الرَّمَضَانِيَّةِ، مَا بَيْنَ غَوْثِ بَدْرٍ، وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَمَعْرَكَةِ حِطِّينَ، وَمَلْحَمَةِ عَيْنِ جَالُوتَ، وَإِشْرَاقَةِ العَاشرِ مِنْ رَمَضَانَ أُكْتُوبَر؛ لِتَتَجَلَّى صُوَرُ الأَبْطَالِ فِي أَبْهَى حُلَّةٍ، وُجُوهٌ طَيِّبَةٌ نَحَتَتْهَا شَمْسُ الصَّحَراءِ، وَعُيُونٌ سَاهِرَةٌ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَسَوَاعِدُ قَوِيَّةٌ تَحْمِلُ السِّلَاحَ دِفَاعًا عَنِ الوَطَنِ، وَقُلُوبٌ عَامِرَةٌ بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ.
فَلْنَقِفْ وَقْفَةَ إِجْلَالٍ وَإِكْبَارٍ لِشُهَدَاءِ الوَطَنِ، وَلْنُحِي ِسيرَتَهُمْ، وَلْنُرَبِّ أَوْلَادَنَا عَلَى بُطُولاتِهِمْ، وَلْنَغْرِسْ فِي النَّشْءِ مَعَانِيَ الشَّهَامَةِ وَالتَّضْحِيَةِ وَالفِدَاءِ، وَلْنُقَدِّمْ لَهُمْ مَلَاحِمَ شُهَدَاءِ الوَطَنِ قِصَصًا مُلْهِمَةً، وَنَمَاذِجَ مُنِيرَةً، تُحْيِي فِي دَاخِلِهِمْ مَجْدَ أُمَّةٍ قَامَ عَلَى أَكْتَافِهَا شَرَفُ الرُّجُولَةِ وَالفِدَاءِ.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا الكِرَامُ: إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ المُبَارَكِ مَيْدَانُ التَّنَافُسِ وَالتَّسَابُقِ عَلىَ فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِأَنْوَاعِ القُرُبَاتِ، فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرَ هَذَا الشَّهْر الفَضِيلِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الحِرْمَانِ وَالخِذْلَانِ أَنْ يَسِيلَ لُعَابُ إِنْسَانٍ عَلَى كَسْبٍ سَرِيعٍ أَثِيمٍ، فَيُقْبِلُ عَلَى المُرَاهَنَاتِ الإِلِكْتِرُونِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَيْسِرٌ مُحَرَّمٌ وَسُلوكٌ مُجَرَّمٌ، وَأَكْلٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وَيَقُولُ سُبْحَانَه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ}.
أَيُّهَا المُكَرَّمُ، إِنَّ تَعْكِيرَ صَفْوِ طَاعَتِكَ للهِ تَعَالَى بِالقِمَارِ والمُرَاهَنَاتِ خَوْضٌ فِي مَسَالِكِ المَخَاطِرِ وَالشُّرُورِ، وَظُلْمٌ لِلنَّفْسِ وَلِلْغَيْرِ، إِنَّ المَرَاهَنُاتِ الإِلِكْتِرُونِيَّةَ مَيْسِرٌ وَقِمَارٌ، وَمَعْصِيَةٌ لِلهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، كَيْفَ تَطيبُ نَفْسُكَ أَنْ تَأْخُذَ مَالَ غَيْرِكَ بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَلَا كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ؟! كَيْفَ تَهْنَأُ بِشَهْر الطَّاعَةِ والرَّحْمَةِ وَالخَيْرِ وَالفَيْضِ وَالعَطَاءِ وَأَنْتَ تُقَامِرُ وَتُرَاهِنُ وَتَرْجُو ضَرْبَةَ حَظٍّ مُهْلِكَةً مُوبِقَةً؟! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ غَايَةَ الصِّيَامِ التَّقْوَى؟! فَكَيْفَ لِمُقَامِرٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ عِبَادِ اللهِ المُتَّقِينَ؟!
عِبَادَ اللهِ، وَجِّهُوا طَاقَاتِكُمْ إِلَى العَمَلِ وَالإِنْتَاجِ، احْشدُوا هِمَمَكُمْ لِلتَّنْمِيَةِ وَخِدْمَةِ الوَطَنِ، تَعَرَّضُوا لِلرَّوْحَانِيَّاتِ وَتَذَوَّقُوا لَذَّةَ المُنَاجَاةِ فِي شَهْرِ البَرَكَاتِ وَالنَّفَحَاتِ، تَنَافَسُوا فِي الطَّاعَةِ وَالقُرْبِ {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ}.