في إتصال جميل جمعني بقارئة وفية، اعتبرتها رسالة لي تحاكي قصة وفاء صادق، شعرت أنها أمانة ولابد أن تكون للغير عبرة. كانت مكالمة في تمام التاسعة صباحا، وردتني في مركز الأثير للإصغاء. أجبت فيها على سيدة ظننتها من نبرة صوتها لم تبلغ الثلاثين. أسرت قلبي بكلماتها الندية التي نادرا ما صرنا نجدها في وقتنا الحالي.

خاطبتنا لتبث بين يدينا حيرتها، إلا أنّنا نحن من وجدنا أنفسنا نستخلص العبرة.

قصة وفاء

أجل أخذتني معها في رحلة عبر الزمن وعشت تفاصيل حياتها التي عزفتها على أوتار المودة والرحمة بينها وبين رفيق دربها. حاملة تاج الوفاء على رأسها والذي لم تخلع بالرّغم من أنه أنتقل إلى الرفيق الأعلى، وبقي يسكن وجدانها ويحيا إلى جانبها.

اتصلت بنا بغرض تفسير حلم، وإذا بها تسرد علينا تفاصيل أجمل من أي حلم، امرأة في العقد السابع من العمر. أسر الوفاء قلبها نحو زوجها المرحوم الذي تراه وتحيا معه أجمل ذكرياتها، لتقول في فحو مكالمتها الآتي: “لقد كان أطيب مخلوق على وجه الأرض. توّجني أميرة على عرش قلبه. منحني الحب والسكينة. وعشت معه أجما أيام عمري. لم أحسّ يوما بالغضب منه أو الامتعاض من غيرته وتحكّمه، فقد كان رحمة الله عليه يخاف الله فيّ. وكان يخبرني من أن الله سيسأله عنّي يوم القيامة، صانني ورعاني. وكان السند لي في الضّراء قبل السّراء، فهل يعقل أن لا يكون نصيبه مني الوفاء؟

على قلبي مثل العسل.. “أحسن خلف لخير سلف”

ارتبطت به وأنا في ربيع العمر، وبالرّغم من ظروفه المادية الصعبة بدأنا حياتنا بتقاسم الأعباء وتوزيع المسؤوليات وكان كل شيء على قلبي مثل العسل الصافي. ساندته وسندني ولم أكن متطلبة على حسب ظروف زوجي والتمست له الأعذار، وهو بدوره لم يبخل عليّ وأغدق بالحبّ والتّقدير، عشنا نربي أبناءنا على ظل مكارم الأخلاق وصفاء السريرة، التمسنا أن يكونوا ذخرنا وفخرنا في المستقبل والحمد لله والمنّة له أصبحوا كذلك وحققنا مقولة “أحسن خلف لخير سلف”.فقط لم أخل يوما من أنّه سيرحل ليتركني وحيدة، عشت دائما على أساس أننا سنحيا معا طويلا، إلّا أن مشيئة الله أرادات غير ذلك، حيث فارقتني الرّوح التي كانت تسكن روحي إلى الأبد، ولولا الرضا بقضاء الله وقدره لما كنت اصطبرت على رحيل زوجي.

رحل عني.. لكن أستمد قوتي من قوة زوجي

قد تظنّون أنّني نسيته، أو أنّ طيفه فارقني بمرور أيّام العزاء والعدّة. أبدا لم يكن الأمر على هذا النّحو، فروح زوجي تحيا معي كما لم تحيا معي من قبل. في كلّ يوم، وفي كل دقيقة وفي كل تفاصيلي وروتيني، أحسّ بأنه راض عني. وأحسّ بأنّه يحميني ويحرسني، يقال أن الأرواح جنود مجنّدة، وروحي معلقة بروح زوجي في علاقة لا يعلم إلا الله قدسيّتها وسموّها، أريد أن تكون قصّتي هاته عبرة لبنات هذا الجيل، جيل قد يكون تعلّقه بالمظاهر وسفاسف الأمور أكبر من أن يتعلّق بصفو المشاعر. أنا وأنا في هذا العمر أستمد قوتي من زوج كان لي خير الرفيق، صحيح أنّه تركني ورحل إلّا أن حبه الذي لفني بقي هو دعامتي إلى حد اليوم..”

أكملت المتصلة مكالمتها وأقفلت الخط، ولم تدري أنها تركت فينا بصمة كبيرة، إنه الوفاء يا سادة شيمة النبلاء والخيرين من الناس النادرين في هذا الزمان. زمان كثر فيه الخداع والنفاق وبيع الغالي بالرخيص. ارتأينا أن تكون قصتنا هاته عبرة لمن يعتبر، أرادت هذه السيدة أن تمرر من خلالها رسالة لكل فتاة توصها أن العبرة في الزواج ليست بالمغريات. بل بأن تحنوا إلى جانب بعض مودة وتدنون رحمة. العبرة في الزوج بستر العيوب، بما تحملون من مميزات، فالزواج الحقيقي يدوم بالتنازلات. وغفر الزلات بما تحملون من أعذار، الزواج أيها الكرام هو الأمان الذي لا يعقبه خوف. والدفء الذي لا يتبعه برد، الزواج هو تخطي عقبات الحياة وأنتم ممسكون بأيدي بعض.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

“أنصار الله” تعلن استهداف حاملة طائرات أمريكية

15 يناير، 2025

بغداد/المسلة: أعلنت جماعة “أنصار الله” في اليمن، اليوم الأربعاء، استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “”يو أس أس هاري ترومان” وقطع تابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وقال المتحدث باسم “أنصار الله”، العميد يحيى سريع، إن “القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير نفذا عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر بعدد من الصواريخِ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك خلال محاولتهم تنفيذ عمليات لاستهداف اليمن”، مؤكدا أن هذا الاستهداف للحاملة يعد السادس منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

وجدد سريع، التأكيد على أن “القوات اليمنية جاهزة لأي تصعيد أمريكي أو إسرائيلي وأنّها مستمرة في تأدية واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم وأن عملياتها لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • أول تعليق رسمي من “صنعاء” بشأن اتفاق غزة
  • احتفالات في غزة على أصداء “القصف الإسرائيلي” الذي لم يتوقف بعد 
  • المرتضى يعلن تحرير الأسير “البحري” ويستنكر التعذيب الذي تعرض له في سجون “الإصلاح”
  • “أنصار الله” تعلن استهداف حاملة طائرات أمريكية
  • “لقاء الأربعاء”
  • الشيخ السليمان يوضح حكم تأجيل النذر لمساعدة المحتاج .. فيديو
  • “الحياة لا تزال تحدياً”.. كيت ميدلتون تزور المستشفى الذي عالجها من السرطان
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تسخر من “الدعامي” الذي قبضت عليه قوات العمل الخاص بمدني وقال لهم “أنا حامل”: (الله يحلك بالسلامة وكدة عرفت سبب قعادكم في الدايات)
  • داليا تطلب الخلع: ميول زوجي غير طبيعية ويسبني أثناء العلاقة
  • ما الذي يريده الامريكيون من “السعوديين” و”القوات الموالية” لهم في اليمن