قصة وفاء دام حتى بعد الرحيل.. “لفني بحبه.. وطوق قلبي بذكرياته”
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
في إتصال جميل جمعني بقارئة وفية، اعتبرتها رسالة لي تحاكي قصة وفاء صادق، شعرت أنها أمانة ولابد أن تكون للغير عبرة. كانت مكالمة في تمام التاسعة صباحا، وردتني في مركز الأثير للإصغاء. أجبت فيها على سيدة ظننتها من نبرة صوتها لم تبلغ الثلاثين. أسرت قلبي بكلماتها الندية التي نادرا ما صرنا نجدها في وقتنا الحالي.
أجل أخذتني معها في رحلة عبر الزمن وعشت تفاصيل حياتها التي عزفتها على أوتار المودة والرحمة بينها وبين رفيق دربها. حاملة تاج الوفاء على رأسها والذي لم تخلع بالرّغم من أنه أنتقل إلى الرفيق الأعلى، وبقي يسكن وجدانها ويحيا إلى جانبها.
اتصلت بنا بغرض تفسير حلم، وإذا بها تسرد علينا تفاصيل أجمل من أي حلم، امرأة في العقد السابع من العمر. أسر الوفاء قلبها نحو زوجها المرحوم الذي تراه وتحيا معه أجمل ذكرياتها، لتقول في فحو مكالمتها الآتي: “لقد كان أطيب مخلوق على وجه الأرض. توّجني أميرة على عرش قلبه. منحني الحب والسكينة. وعشت معه أجما أيام عمري. لم أحسّ يوما بالغضب منه أو الامتعاض من غيرته وتحكّمه، فقد كان رحمة الله عليه يخاف الله فيّ. وكان يخبرني من أن الله سيسأله عنّي يوم القيامة، صانني ورعاني. وكان السند لي في الضّراء قبل السّراء، فهل يعقل أن لا يكون نصيبه مني الوفاء؟
على قلبي مثل العسل.. “أحسن خلف لخير سلف”ارتبطت به وأنا في ربيع العمر، وبالرّغم من ظروفه المادية الصعبة بدأنا حياتنا بتقاسم الأعباء وتوزيع المسؤوليات وكان كل شيء على قلبي مثل العسل الصافي. ساندته وسندني ولم أكن متطلبة على حسب ظروف زوجي والتمست له الأعذار، وهو بدوره لم يبخل عليّ وأغدق بالحبّ والتّقدير، عشنا نربي أبناءنا على ظل مكارم الأخلاق وصفاء السريرة، التمسنا أن يكونوا ذخرنا وفخرنا في المستقبل والحمد لله والمنّة له أصبحوا كذلك وحققنا مقولة “أحسن خلف لخير سلف”.فقط لم أخل يوما من أنّه سيرحل ليتركني وحيدة، عشت دائما على أساس أننا سنحيا معا طويلا، إلّا أن مشيئة الله أرادات غير ذلك، حيث فارقتني الرّوح التي كانت تسكن روحي إلى الأبد، ولولا الرضا بقضاء الله وقدره لما كنت اصطبرت على رحيل زوجي.
رحل عني.. لكن أستمد قوتي من قوة زوجيقد تظنّون أنّني نسيته، أو أنّ طيفه فارقني بمرور أيّام العزاء والعدّة. أبدا لم يكن الأمر على هذا النّحو، فروح زوجي تحيا معي كما لم تحيا معي من قبل. في كلّ يوم، وفي كل دقيقة وفي كل تفاصيلي وروتيني، أحسّ بأنه راض عني. وأحسّ بأنّه يحميني ويحرسني، يقال أن الأرواح جنود مجنّدة، وروحي معلقة بروح زوجي في علاقة لا يعلم إلا الله قدسيّتها وسموّها، أريد أن تكون قصّتي هاته عبرة لبنات هذا الجيل، جيل قد يكون تعلّقه بالمظاهر وسفاسف الأمور أكبر من أن يتعلّق بصفو المشاعر. أنا وأنا في هذا العمر أستمد قوتي من زوج كان لي خير الرفيق، صحيح أنّه تركني ورحل إلّا أن حبه الذي لفني بقي هو دعامتي إلى حد اليوم..”
أكملت المتصلة مكالمتها وأقفلت الخط، ولم تدري أنها تركت فينا بصمة كبيرة، إنه الوفاء يا سادة شيمة النبلاء والخيرين من الناس النادرين في هذا الزمان. زمان كثر فيه الخداع والنفاق وبيع الغالي بالرخيص. ارتأينا أن تكون قصتنا هاته عبرة لمن يعتبر، أرادت هذه السيدة أن تمرر من خلالها رسالة لكل فتاة توصها أن العبرة في الزواج ليست بالمغريات. بل بأن تحنوا إلى جانب بعض مودة وتدنون رحمة. العبرة في الزوج بستر العيوب، بما تحملون من مميزات، فالزواج الحقيقي يدوم بالتنازلات. وغفر الزلات بما تحملون من أعذار، الزواج أيها الكرام هو الأمان الذي لا يعقبه خوف. والدفء الذي لا يتبعه برد، الزواج هو تخطي عقبات الحياة وأنتم ممسكون بأيدي بعض.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
“لولوة الخاطر” وزيرة التربية والتعليم القطرية: لاحظتُ عموما أنّ لأهل السودان عنايةً خاصة بالقرآن الكريم رغم كل الظروف
قالت “لولوة الخاطر” وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي بدولة قطر:
هبة فتاة من السودان في الصف الأول الثانوي، جاءتني في منتصف رمضان متلهفةً فظننتُ أن لها حاجة، لكنها قطعت ظني القاصر بكلامها الراشد فقالت: كم تمنيتُ رؤيتكِ لأقدّم مقترحي وقد حضرتُ منذ فترة محاضرة ( كيف نستثمر القرآن لبناء الوعي) للدكتور نايف بن نهار والتي نظمتها الوزارة، قلت ما هو المقترح؟ قالت:
أرجوكم اهتموا بالقرآن الكريم في المناهج. عرفتُ بعد ذلك أن هبة استطاعت وأسرتها النجاة من الحرب في السودان بأعجوبة وقد قضت سنتين خارج المدارس بسبب هذه الظروف ولكن والدتها قالت لها لن تبقي هكذا بل انضمي لدروس #القرآن الكريم التي تقدمها كثير من المؤسسات في المدينة المنورة وتركيا عن بعد ( أون لاين)، فكانت تلك بداية الفتح لها في باب القرآن العظيم. ما أتتني هبة بطلب شخصي رغم قسوة الظروف فهي تعيش في جنتها الخاصة بعد أن فتح الله عليها في باب القرآن الكريم، وهي ليست بحاجة إلى المساكين أمثالي ممن لم يُفتح لهم بعد، وإن الله ليرفع بهذا القرآن أقواما ويضع آخرين. رغم انتظام هبة في الدراسة في قطر ولله الحمد إلا أن هذا لم يمنعها من الاعتكاف كل ليلة من التراويح إلى ما بعد صلاة القيام. فتح الله عليكِ وبارك فيكِ ورحم الله من ربّاكِ، والله إنني لأدعو أن يكون كل أبناء وبنات المسلمين-بل أن نكون جميعا- على ما أنتِ عليه، ثبّتكِ الله وحفظكِ.
وقد لاحظتُ عموما أنّ لأهل السودان عنايةً خاصة بالقرآن الكريم رغم كل الظروف التي لم تغير من طيبتهم وكرمهم وعزة نفسهم شيئا. أشهد الله أنني أحب السودان وأهل السودان، رفع الله قدركم وأمّنكم في بلدكم وأعاد الديار إلى أهلها وأعاد أهلها إليها سالمين غانمين. ماذا ننتظر كلنا حتى نكون مثل هبة؟ الليلة ليلة_٢٧ فلنرِ الله سبحانه وبحمده من أنفسنا خيرا.
هبة فتاة من #السودان في الصف الأول الثانوي، جاءتني في منتصف رمضان متلهفةً فظننتُ أن لها حاجة، لكنها قطعت ظني القاصر بكلامها الراشد فقالت: كم تمنيتُ رؤيتكِ لأقدّم مقترحي وقد حضرتُ منذ فترة محاضرة ( كيف نستثمر #القرآن لبناء الوعي) للدكتور نايف بن نهار والتي نظمتها الوزارة، قلت ما… pic.twitter.com/eGWBAZBBa9
— لولوة الخاطر Lolwah Alkhater (@Lolwah_Alkhater) March 26, 2025
رصد وتحرير – “النيلين”
إنضم لقناة النيلين على واتساب