ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور عبدالفتاح العوارى، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والتى دار موضوعها حول "كيفية الحفاظ على النصر".

وأكد د. عبدالفتاح العواري، أن نعمة النصر من أجل النعم التى أنعم الله بها على عباده المؤمنين، فبالنصر تحقَق الأمن وزال الخوف واطمأنت القلوب وسعدت الأرواح، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، فهذه النعمة لم تتحقق إلا بعد أن أخذ هؤلاء العباد بأسباب النصر، فأعدوا له ما استطاعوا من قوة وأُثقلت أرواحهم بالتزكية لتقديم المُهَجْ والنفوس الغالية لينصروا دين الله ويخلصوا أوطانهم من عدو غادر.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر ، أن من الجنود شهداء ضحوا بأنفسهم وأرواحهم، بذلوا مُهَجَهُم، وسالت دماؤهم الزكية فارتوت بها الأرض، ورسخت عقيدة الجهاد فى نفوسهم، فانطلقت الحناجر بصيحات اللًَه أكبر، فأتى مدد السماء إلى أهل الأرض، فتحقق النصر من الله. قال تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾، فالله هو الناصر مادمت قد نصرت دينه ووقفت عند حدوده والتزمت أوامره واجتنبت نواهيه، فالنصر لا يكون إلا لعبد مؤمن تحلى بالإيمان فكان أهلاً للنصر.

وأشار الدكتور العواري، إلى أن هذه النعمة التى نعيش ذكراها والتى تتواكب مع ذكرى أعظم نصر للبشرية كلها حيث ولد النبى صلى الله عليه وسلم منصوراً، به أظهر الله دينه على الدين كله، وأتم له نوره فأخرج الناس من الظلمات إلى النور، فنحن نعيش فرحة الإنتصار، فرحة ذكرى النصر وهى منة ونعمة، تحتاج من المنصورين أن يشكروا المُنعم بها، ليس بكلام تلوح به الألسنة؛ بل هى حقائق لابد أن تتمثل فى كل فرد وأن يأخذ الجيل الذى يليه القدوة منه ليعلم أن جيلاً سبقه قد حقق الله النصر على يديه، جيل ضحى من أجل حفظ الكرامة ورد الإعتبار، ودحر العدو.

وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية ، أن المتأمل لآيات القرآن الكريم يرى كيف وجهنا الله تبارك وتعالى إلى كيفية المحافظة على هذا النصر وهذه النعمة. قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ وذلك لأنه عزّ وجل يحبنا لأننا آمنا به، لذا يجب علينا عبادة من منَُ علينا بالنصر ولا نشرك به شيئا.

وحذر د. العواري، المسلمين من أن تنسيهم فرحة النصر الطاعة والالتزام بها، ويأخذهم الغرور والخيلاء، وينسوا حق الله ورسوله، فالنصر قمة الرحمة والهزيمة قمة العذاب، فعليهم أن ينصروا الله وينصروا دينه وشرعه وقرآنه ورسوله وآدابه وقيَّمه وأخلاقه ﷺ فى شريعة الإسلام، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾، فالأمة بأكملها في حاجة إلى المحافظة على هذه النعمة، وهذا يمكن تحقيقه بالاستقامة على شرع الله والتمسك بهدِّيه ﷺ حتى يبقي النصر ولا يزول، نصر يتلوه نصر وعزة تتلوها عزة، فالمسلمين يكونون أعزاء لله بدينهم وقيمهم وأخلاقهم.

واستطرد خطيب الجامع الأزهر قائلاً: حينما يحتفل العبد بالنصر عليه أن يعلم يقيناً أن له عدواً قد هزمه، وهذا العدو يرمق احتفالاته ويراقب فرحته ومن منطلق هذه المراقبة يخطط ويدبر ويكيد المكائد ليعود مرة أخرى ليفسد عليه الفرحة ويقلب نصره إلى هزيمة لأن هذا العدو لا عهد له ولا دين له ولا ملة له. قال تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِى كُلِّ مَرَّةٍۢ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾، فهذا العدو يعرف حق المعرفة أن حماية الأوطان عُمُدُها هو الشباب الذى كان يفاخر به المصطفى ﷺ عندما كان ينضم إليهم قائلاً "ارْمُوا بَنِي إسماعيل، فإن أبَاكُم كان رَامِياً"، متابعا: هؤلاء الشباب يرمقه العدو ويضع الخطط ليفسد عليه قوته فيسلط عليه سيلاً من الإباحية التى تدمر قوته وتجعلها خائرة، والمخدرات التى تدمر عقله فيكون تائهاً لا يدرى ما حوله، وهذا ما يعرف بالجيل الرابع من الحروب التى يحارب العدو بها شباب أمة محمد ليعود مرة أخرى ليلتهم البلاد، فلا يجد شباباً يحمل سلاحاً ولا يجد قوةً فَتِيةً تدفع صولاته فترده صاغراً حقيراً.

وحث الدكتور العواري، الجميع أصحاب القرار والمربون والمفكرون، وكل فرد من أفراد المجتمع بدءا من الأسرة أن ينتبهوا لهذا الخطر لأن أوطاننا بحاجة إلى شبابنا ليبقى النصر ويكون الاستعداد التام والتدريب المكثف وتحديث الأسلحة والعمل على صقل الأرواح وتزكية النفوس حتى لا تفارقنا الفرحة بالنصر ويتم الله علينا تلك النعمة وتبقى كاملة ما دامت لنا الحياة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطبة الجمعة الجامع الازهر النصر قال تعالى

إقرأ أيضاً:

ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمفتي السابق المقصود بقول الله تعالى:{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}.

ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة؟

وأوضح علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن كلمة كتب في لغة القرآن أي فرض فهو سبحانه وتعالى قد فرض الرحمة، وليس أحدٌ يتألى على الله، ولا يفرض على الله، ولا يوجب على الله شيئًا لأنه سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده، ولأنه سبحانه وتعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ولأنه سبحانه وتعالى هو ملك ومالك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما.

دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية

وأكمل: ولذلك فلا يفرض أحدٌ شيئًا على الله سبحانه وتعالى، لكن الله من رحمته، ومن واسع فضله ومَنِّه على العباد {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ولذلك لا يخلف ذلك أبدا، ولا يرجع في حكمه أبدا؛ فالله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة، وهو أوفى من وفَّى بالعهود سبحانه وتعالى، هذه العبارة طمأنت الخلق فهى تشبه البداية التي خاطب بها الله الناس في وحيه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} جمالٌ في جمال، يعني ليس هناك إلا الجمال إذا ما كانت المقابلة مع الله سبحانه وتعالى في ظل الإيمان كتب على نفسه الرحمة، لم يقل إنه كتب على نفسه الرحمة والعقاب أيضًا حتى يعني كتب على نفسه الرحمة والعقاب، بل إنه كتب على نفسه الرحمة فقط، ولذلك قالوا: هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة فهو في الدنيا يرحم الكافر والمؤمن والعاصي والطائع، ويرحم كل شيء من الكائنات فهو رحمن الدنيا، وهو أيضًا رحيم الآخرة فالعفو مقدمٌ عنده على المؤاخذة.

وشدد علي جمعة أنه لذلك في الدعاء نقول: (اللهم إنا في حاجةٍ إلى رحمتك ولست في حاجةٍ إلى مؤاخذتنا فاعف عنا على ما كان من عمل) لأنه لا يضره شيء إلا أننا عندما نلتجئ إليه سبحانه وتعالى، ونطلب منه الرحمة فقد طلبناها من عفوٍ غفور، من رحمنٍ رحيم فهو أهلٌ لأن يستجيب لنا، وأن يعفو عنا تقصيرنا وذنوبنا وخطايانا وأخطاءنا، وأنه سبحانه وتعالى أهلٌ لذلك حيث إنه قد كتب على نفسه الرحمة .

حب النبي ركن الإيمان

وقال علي جمعة إن سيدنا النبي ﷺ حبه ركن الإيمان، ولا إيمان إلا بحبه، وهو بابنا إلى الله، وإذا لم يكن هناك إلا هذا الباب فقد نجوت، وإذا جعلت معه بابًا آخر فقد هلكت، ولذلك نقدمه على أنفسنا، وآبائنا، وإخواننا، وكل ما نحب، النبي ﷺ هو الإنسان الكامل الذي كمَّله الله، واصطفاه، وجعله أسوةً حسنة، وأمرنا بطاعته ، فَمَنْ أراد ربه وطريقه، فَلْيُصَلِّ على الحبيب المصطفى ﷺ ، وليتمثل بخلقه الكريم في عمله، وفي حياته، وفي علاقاته، وفي قراراته، وفي تصرفاته.

مقالات مشابهة

  • رجل يحاول الانتحار بإلقاء نفسه من فوق الجامع الأزهر (شاهد)
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • شاب يحاول القفز من فوق الجامع الأزهر ومسئولو المسجد ينقذونه - (صور)
  • ظلم الناس وأكل حقوقهم.. خطيب المسجد النبوي يحذر من الإفلاس يوم القيامة
  • خطيب الأوقاف: الله خصّ أرض سيناء بثمار لا تصلح في مكان غيرها
  • أرض الوحي والانتصارات.. خطيب الأوقاف بسيناء يعدد مكانة أرض سيناء المباركة
  • حكايات المكبرين للأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثالثة)
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: غزوة بدر نموذج عملي للأخذ بأسباب النصر
  • مدير الجامع الأزهر: تطلعات جديدة لتعزيز دور الرواق الأزهري في الأقصر
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح