فيديو: "لا تذهب يا حبيبي" ... هكذا ودّع الأهالي ضحايا الهجوم على الكلية الحربية في حمص
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
أقيمت في سوريا جنازات لبعض ضحايا الهجوم بالمسيرات على الكلية الحربية في الحمص، والذي أوقع أكثر من مئة قتيل، فيما أعلنت الحكومة في دمشق، وفي خطوة نادرة، الحداد الرسمي لثلاثة أيام بدءًا من الجمعة.
تشيّع سوريا الجمعة ضحايا الهجوم الذي نفّذته طائرات مسيّرة على الكلية الحربية في حمص في وسط البلاد، وأوقع أكثر من مئة قتيل ونسبته دمشق الى تنظيمات "إرهابية".
ولم تتبن أي جهة الهجوم الذي يعدّ من بين الهجومات الأكثر عنفا ضد مركز عسكري منذ بدء النزاع عام 2011. وإذا صحّ أن الفصائل الجهادية التي تسيطر على محافظة إدلب (شمال غرب) نفذته، فسيكون الأول بهذا الحجم وبهذا الأسلوب.
أمام المستشفى العسكري في مدينة حمص، تجمّع العشرات من أهالي الضحايا منذ الصباح الباكر وسط أجواء من الحزن الشديد والوجوم. وتقدّم حملة الأكاليل قرابة ثلاثين نعشاً، وبدأت مراسم التشييع، بحضور وزير الدفاع علي محمود عباس، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس.
"لا تذهب يا حبيبي"ولم تتمكّن سيدة ارتدت ثوباً أسود اللون مرقطاً بورود بيضاء وغطت رأسها بوشاح أبيض من تمالك نفسها، وبدت كأنها تهذي من شدّة الحزن على ابنها. وقالت، بينما كان ضابط ينادي على العائلات لمواكبة الجثامين في سيارات الإسعاف، "لا تستقلّ يا ابني السيارة، لا تذهب يا حبيبي، ابقَ بقربي، هذا النوم لا يليق بك".
واستهدفت طائرات بلا طيار باحة الكلية الحربية في مدينة حمص الخميس فور انتهاء حفل تخريج ضباط وأثناء تواجد عدد كبير من أفراد عائلاتهم. وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الذعر والفوضى وضحايا أرضا وجرحى يستغيثون بينما تُسمع في الخلفية أصوات رشقات نارية.
وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 123، بينهم 54 مدنياً ضمنهم 39 طفلا وسيدة من ذوي الضباط. وأحصى كذلك إصابة 150 آخرين بجروح. وأحصى الإعلام الرسمي السوري صباح الجمعة مقتل 89 شخصاً، وإصابة 277 آخرين بجروح.
واستعادت القوات الحكومية في العام 2017 السيطرة على مدينة حمص التي شكّلت معقلاً بارزاً للفصائل المسلحة المعارضة عند اندلاع النزاع عام 2011. وباتت تسيطر منذ العام 2018 على كامل المحافظة.
واتهم الجيش السوري الخميس "التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة" بالوقوف خلف الهجوم "عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة". وأكد أنه "سيردّ بكل قوة وحزم على تلك التنظيمات الإرهابية أينما وجدت". وتستخدم فصائل جهادية عدة بينها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وتنظيم الدولة الإسلامية أحيانا طائرات مسيّرة لاستهداف مواقع عسكرية تابعة للقوات الحكومية أو حلفائها.
"أراك عريساً"من باحة المستشفى العسكري، انطلقت تباعاً سيارات إسعاف أقلّت جثامين القتلى إلى المناطق التي يتحدّرون منها. من نعش إلى آخر، انتقلت خولة (33 عاماً) بحثاً عن شقيقها. وقالت بحزن "لم يمت أمجد، أنا متّ .. كنت أودّ أن أراك عريساً وأنت اليوم عريس". وبينما كان نعش شقيقها يدخل سيارة الإسعاف، سارع أحد أشقائها إلى احتضانها قبل أن يعانقها ويبكيان معاً.
وزير الدفاع السوري حضر المراسموحضر وزير الدفاع مراسم التشييع الجمعة، بعدما نجا من الهجوم أمس. وأكد شاهد عيان من أهالي الضحايا أن عباس كان حاضراً خلال حفل التخرج، وغادر قبل دقائق من القصف. وقال عباس خلال مراسم التشييع "الشهادة والكرامة والعزة للوطن ثمنها كبير (..) الشهداء الذين ارتقوا أمس بالتأكيد ثمن دمائهم غال لكن الوطن أغلى".
وبعدما توعّدت دمشق بالرد على منفذي الهجوم، بدأت القوات الحكومية منذ الخميس قصفاً مدفعياً على مناطق عدة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) وفصائل متحالفة معها أوقع حتى اليوم 15 مدنياً، وفق المرصد الذي أفاد الجمعة عن استهداف طائرات روسية بخمس غارات على الأقل مناطق عدّة في إدلب ومحيطها.
وندّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة تعزية إلى نظيره بشار الأسد، وفق الكرملين، بالهجوم "الإرهابي". وقال "نأمل أن تتم معاقبة منظميه"، مؤكداً عزمه "مواصلة تعاوننا الوثيق مع شركائنا السوريين لمكافحة كل أشكال.. الإرهاب".
"قلق بالغ"وأثار التصعيد قلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك إنه "يشعر بقلق بالغ" إزاء الهجوم على الكلية العسكرية وجراء "القصف الانتقامي من القوات الموالية للحكومة" على شمال غرب سوريا.
وتشهد سوريا منذ 2011 نزاعاً داميًا متشعّب الأطراف تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارًا هائلًا بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الناشطة الإيرانية نرجس محمدي تفوز بجائزة نوبل للسلام لعام 2023 المغرب يبدأ في تقديم المساعدات النقدية للأسر التي دمر الزلزال منازلها المرصد السوري: ارتفاع حصيلة الهجوم على الكلية العسكرية في سوريا الى أكثر من 112 قتيل سوريا الجيش السوري هجوم جنازات طائرة مسيرة عن بعد إدلبالمصدر: euronews
كلمات دلالية: سوريا الجيش السوري هجوم جنازات إدلب إسرائيل الشرق الأوسط روسيا فرنسا تغير المناخ فلسطين حكم السجن منظمة الأمم المتحدة قصف كوارث طبيعية إسرائيل الشرق الأوسط روسيا فرنسا تغير المناخ فلسطين الکلیة الحربیة فی الهجوم على الکلیة یعرض الآن Next أکثر من
إقرأ أيضاً:
تجدّد الاشتباكات وسقوط ضحايا في ريف دمشق بعد هدوء حذر بجرمانا.. نيويورك و«صحنايا».. طريق سوريا للتعافي محفوف بالفصائل والسلاح
البلاد – دمشق
فيما تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى الانفتاح على العالم العربي والدولي، وبناء علاقات استراتيجية مع مختلف القوى الكبرى، تتسارع الاشتباكات داخل البلاد في مشهد يعكس تحديات الداخل التي قد تُقوّض مساعي الخارج. بين مشهد الوزير السوري أسعد الشيباني في نيويورك يتحدث عن المصالح المشتركة ورفض العدوان، ومشهد عديد من القتلى في صحنايا وجرمانا، تكمن فجوة تحتاج إلى جسر من الأمن والسيادة الفعلية وحصر السلاح بيد الدولة.
أحدث فصول التصعيد وقع صباح أمس (الأربعاء)، مع تجدّد الاشتباكات في أشرفية صحنايا بريف دمشق الجنوبي الغربي، بعد هجوم شنّته عناصر مسلحة على مقر للأمن العام، ما أدى إلى مقتل 16 عنصرًا وعشرات الإصابات وعدد القتلى مرشح للارتفاع وفق مصدر أمني.
قوات الأمن ردّت بحملة تمشيط واسعة، وألقت القبض على عدد من المطلوبين، وسط تحذيرات للمدنيين بالبقاء في منازلهم. بينما نشرت محافظة ريف دمشق صورًا لأرتال أمنية متجهة لضبط الوضع، وأكد مدير الأمن العام، المقدم حسام الطحان، أن العمليات ستستمر حتى تطهير المنطقة بالكامل. لكن الأوضاع تبقى متوترة، في ظل انقطاع الكهرباء وفرض حظر للتجول.
وفي سياق متصل واستغلالًا للأحداث في محاولة لنشر الفتنة والانقسام داخل سوريا، أعلنت إسرائيل أمس الأربعاء، أنها نفذت ضربة “تحذيرية” ضد مجموعة مسلحة في بلدة الساخنة، قائلة إنها كانت تستعد لاستهداف السكان الدروز، فيما أفاد شهود عيان بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على محيط صحنايا، في تطور يفتح الباب أمام تعقيدات أمنية خارجية إضافية.
الاشتباكات جاءت بعد توتر شهدته منطقة جرمانا القريبة، حيث اندلعت مواجهات مسلحة إثر مقطع صوتي منسوب لأحد وجهاء الطائفة الدرزية وُصف بالمسيء دينيًا. رغم نفيه لاحقًا، أشعل التسجيل موجة تحريض عبر مواقع التواصل، أدّت إلى سقوط 13 قتيلًا في مواجهات بجرمانا استخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، ودفعت الأجهزة الأمنية إلى تطويق المنطقة.
بالتوازي مع هذا التصعيد، كانت تصريحات وزير الخارجية السوري من نيويورك تؤكد أن دمشق لا تمثل تهديدًا لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل، مشيرًا إلى محادثات مباشرة مع مسؤولين أمريكيين، ورفضٍ واضح لتسييس العقوبات، واستعداد لبناء علاقات متوازنة مع واشنطن وموسكو وبكين، والتعاون مع الأمم المتحدة.
الشيباني أوضح أن دمشق ترغب بترتيب الوضع العسكري الأمريكي في سوريا عبر الحوار، وأكد أن الرسالة السورية إلى واشنطن لم تتطرّق للتطبيع مع إسرائيل، بل أكدت رفض الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
في ظل هذه المعادلة، يبدو واضحًا أن مساعي الانفتاح الخارجي بحاجة إلى أرضية داخلية أكثر استقرارًا، تبدأ من تفكيك الجماعات المسلحة وإنهاء ظاهرة انتشار السلاح العشوائي، وصولًا إلى بسط السيادة الفعلية على كامل الجغرافيا السورية.
فمن دون ذلك، تبقى رسائل الانفتاح ناقصة، وتبقى ثقة الخارج في سوريا الجديدة رهينة مشاهد الرصاص والدخان. وإذا أرادت دمشق أن تقنع العالم بأنها باتت منصة للاستقرار لا ساحةً للفوضى، فعليها أن تبدأ من الداخل، من الشارع، من المؤسسات، ومن القبضة الواحدة التي تحتكر السلاح وتفرض القانون.