عمان توثق موكبا مهيبا لمسار خطلة الإبل في وادي جنين بولاية طاقة
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
إنه لمشهد مهيب وشعور لا يوصف حينما ترى آلاف النوق ذات السلالات المحلية في حالة انطلاقها من سهل طاقة وتسمع كذلك عن تحرك جميع القطعان في باقي ولايات محافظة ظفار الساحلية الأخرى ابتداءً من جبل سمحان شرقا وإلى ضلكوت غربا وفي يومٍ واحدٍ مشكلةً بذلك ملحمةً رائعةً وهي تتجه إلى الوديان والجبال الشاهقة، فقد أشرقت عليها شمس الربيع (الصرب) وأكسبت تلك الأشجار والأعشاب لوناً ذهبياً جذابا ووميضاً ناصعاً لامعاً.
ومن بين هذه الخطلات خطلة الإبل من سهل حمران إلى وادي جنين بولاية طاقة بمحافظة ظفار التي انطلقت ومنذ بداية خيوط الفجر برفقة ملاكها وهم يحملون أمتعتهم على ظهورهم وبملابسهم التقليدية مقسمين أنفسهم على شكل مجموعات كل فرقة يرسم لها خط سير خاص بها وتتوزع على مقدمة ومؤخرة الإبل وكذلك على الجوانب، ومهمة كل المجموعات تنصب في الحفاظ على الإبل من الوقوع في أماكن خطره نظرا لكثافة الحشائش والتي قد تحجب الرؤية عن بعض الحفر العميقة التي تتكون أحياناً بفعل غزارة الأمطار. وكذلك عليهم التأكد وبشكلٍ مستمر من وجود القطيع متجمعاً واختيار المواقع المناسبة للرعي وتحديد مدة المكوث فيها. ورغم الحركة الدؤوبة والجهد الكبير إلا أن شعور الزهو يعلو جباههم وأحاسيس الفرح والسرور ظاهرة في محيا كلٍ منهم. فرفقة الإبل لها طعم خاص لمحبي النوق فهم يعيشون أجواء صربية وسط كثافة الأشجار وعلى أصوات نحيب الإبل وفي الهواء الطلق، فرشهم الحشائش ومخداتهم الصخور ولحافهم السماء وسراجهم نجومها.
جريدة عمان زارت خطلة الإبل في وادي جنين بولاية طاقة وأثناء نزولنا للوادي عبر طريق سنور الترابي المطل على الوادي من الجهة الشرقية، التقينا بــــ عامر بن بخيت تمان المعشني أحد ملاك الإبل وهو من سكان وادي جنين وما إن شرعنا في النزول حتى بدأ يشرح لنا عن أهمية الوادي تاريخياً وما يحويه من مكونات طبيعية تميز بها عن غيره من الأودية. فالرجل بحق يعرف جميع التفاصيل الدقيقة ومتمرس في تحديد تضاريسه وتشكيلاته الجغرافية فلا يكاد يغيب عنه شيء من أحداثه ووقائعه الاجتماعية منها والرعوية ولديه دراية كاملة بمداخل ومخارج الوادي السهل منها والوعر. كما أن الكهوف الجبلية المنتشرة على تخوم الجبال والمطلة على الوادي من جميع الجهات يعرف حجمها وسعة كلٍ منها وأفضل استخداماتها.
وأثناء مرورنا بالوادي أشار مرافقنا عامر المعشني إلى إحدى أشجار السقوت التي تتوسط وادي جنين، فهي تسمى شجرة الخطار(العابرون) لتوسطها وادي جنين وهي عبارة عن شجرة كبيرة وعتيقة وفارهة الظلال يستظل تحتها الخطار القادمون من الشرق أو الغرب لهذا أطلق عليها هذا الاسم وكلمة الخطار أيضاً يقصد بها المجموعة من الرجال الذين يتجولون ويستكشفون المناطق والديار معتمدين في ذلك على ما يجود به سكان المناطق الجبلية في أرياف ظفار من مؤونة (طعاماً كان أو شراباً) ويخوضون طول البلاد وعرضها وأحب الأوقات لديهم لخوض هذه التجربة هو موسم الصرب لتوفر المحاصيل الزراعية الموسمية من الذرة والدجر والخيار وغيرها بالإضافة لكثرة ووفرة الحليب والسمن المحلي من الحيوانات، فالمراعي واسعة والأرض خصبة والأراضي الخضراء المسطحة في أوج حالاتها مما يعني تغذية جيدة للمواشي وبالتالي قوة إنتاجية على كل المستويات.
وحين وصولنا للموقع المختار في وسط الوادي استقبلتنا مئات الإبل وهن عائدات من المرعى إلى مباركها برفقة رعاتها. وما شد انتباهي هو عدم رؤيتي لكبار السن من ملاك الإبل في هذه الخطلة فكلهم من فئة الشباب بعد أن غيب الموت أغلب كبار السن وأقعد المرض البقية الباقية منهم وحجبهم عن ممارسة أحب هواياتهم وهي الخطلة وحرمهم من العودة للمشاركة في قضاء أسعد ما يتمنونه من سابق أعمالهم لتبقى فقط ذكريات جميلة لا يحلمون بعودتها أبداً.
وعجبت حقاً لما شاهدته من الشباب ملاك الإبل، فقد ظهر فيهم الحماس الشديد والرغبة الصادقة للحفاظ على هذه الثروة الحيوانية التي ورثوها أبا عن جد واعتبروها أمانة في أعناقهم للحفاظ عليها والاعتناء بها كمصدر رزق لهم، ورغم صغر سنهم لم يكترثوا للمتاعب ومشقة الرعي في الجبال والأودية وكأنهم نسخ طبق الأصل من آبائهم.
وبالفعل خلال تغطيتي الصحفية لخطلة الإبل في عدة مواسم سابقة. فقد شاهدت هذا المشهد يتكرر من الشباب ملاك الإبل وهم يشاركون في هذه الخطلات وتبرز هوايتهم الشديدة للمبيت في الأودية على ما فيها من مخاوف. فعشق هذه الفئة الشبابية للأبل تختلف عن شغف بقية مربي الحيوانات الأخري. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خصوصية منحها الله للإبل فقد جعلها من المخلوقات العظيمة التي ندب النظر إليها تعظيماً كالسموات والأرض والجبال بل وقدمها تسميةً على كل المذكورة في سورة الغاشية. فلعل ذلك هو من أسباب عشق مربي الإبل لها عشقاً بليغاً.
حدثنا الشاب سالم بن علي قيزح المعشني وهو أحد ملاك الإبل ومن سكان وادي جنين بولاية طاقة. فقال قبل بداية الخطلة يجتمع ملاك الإبل لتحديد يوم معروف لدى الجميع لعملية خطلة الإبل من السهل إلى الجبال والأودية فنحن ملاك الإبل في سهل حمران تكون وجهتنا الرئيسية إلى ثلاث أودية في ولاية طاقة وهي قصد ووادي جنين ووادي خشيم من خلال تقسيم الإبل إلى مجموعات ثلاث حتى يتم التخفيف من الحمولة على الأراضي الرعوية والحفاظ على نباتات الأودية مما يسمى بالرعي الجائر.
وأضاف سالم المعشني قائلاً: نقوم سنويا نحن ملاك الإبل في هذه الأودية بإبعاد الإبل عن الجبال إلى السهل الذي يعرف محلياً (بالجربيب) خلال موسم الخريف كون طبيعة الإبل لا تتأقلم لتمكث في الجبال والأودية أثناء موسم الخريف من ناحية، والحفاظ على البيئة وإعطاء فرصة للمراعي في الجبال والسهول لتنبت وتنمو من ناحية أخرى، حيث تقضي الإبل مدة 3 أشهر في السهل ( الجربيب)، ويتم تغذيتها بالأعلاف طوال هذه المدة حفاظا على حياتها من مخاطر حوادث السير، ومن الأمطار والانزلاقات التي قد تحدث بسبب رطوبة التربة جراء الرذاذ ثم تزحلقها، مما قد يوقع إصابات بليغة تصل إلى حالة النفوق أحياناً وبهذا تحفظ من الأذى.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإبل فی
إقرأ أيضاً:
العنود اليوسف توثق وصية زوجها لها بقراءة القرآن يوميًا .. فيديو
خاص
في مقطع فيديو مؤثر نشرته العنود اليوسف ، وثقت وصية زوجها الذي قال لها: “لا تخرجي من البيت سواء في الصباح أو المساء إلا وتقرأي وردك من القرآن، احرصي على وردك.”
وأوضحت العنود أن هذه الكلمات كانت دائمًا جزءًا من توجيهاته اليومية لها، وأن زوجها كان حريصًا على تقوية علاقتها الروحية بالله، حيث كان يؤمن بأن الاستمرار في قراءة القرآن سيمنحها القوة والسكينة في حياتها اليومية.
وتفاعل متابعو العنود مع المقطع بشكل واسع، حيث عبروا عن إعجابهم بوصية زوجها التي تحمل معاني كبيرة في حياتها وحياة أي شخص مؤمن.
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2024/11/9-iszZfyc9BKFZph.mp4