اعتبر رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في مداخلة هاتفية خلال برنامج ميدي شو اليوم الجمعة 6 أكتوبر 2023، أنّ فتح المجال أمام كل الأطراف المتداخلة المنظومة التربوية لإبداء الرأي من خلال استشارة وطنية خطوة ناجحة للإصلاح لكنها غير كافية، وفق تقديره.

وقال: ''يجب النظر إلى الاستشارة كآلية لتدعيم لإصلاح الشأن التربوي لا كالركيزة الأساسية.

. اصلاح المنظومة لا يكون عبر الاستناد على أجوبة المشاركين على الأسئلة''.

ويرى ضيف ميدي شو أن إصلاح التعليم ليس بالأمر الهين، وفق وصفه، للاكتفاء بالإجابة على مجرد سؤال في استشارة، قائلا: ''الاصلاح يجب أن يكون جذريا وطويل المدى ويشمل البنية التحتية ''.

وبيّن في السياق ذاته، أن أسئلة الاستشارة تتطلب مستويات معينة من الاختصاصات وهي ليست في متناول الجميع، إضافة إلى أنها تتكون من خمسة محاور تشمل تقريبا كل مجالات التعليم لكن الأسئلة لا تغطي مجمل المحور.

وكشف أن الرقم المشاركين في الاستشارة ضئيل جدّا، داعيا في هذا الإطار الأولياء الى المشاركة بكثافة في هذه الاستشارة، لافتا إلى وجود مساحات للتعبير الحرّ. 

ودعا رضا الزهروني الخبراء إلى استغلال المعلومات الواردة في الاستشارة وعدم الاكتفاء بالأرقام المشاركة وتقييمها بل يجب الأخذ بعين الاعتبار بأراء المشاركين فيها.

واعتبر أنّ أول خطوة للإصلاح تتمثل في القراءة المسؤولة ''لأرقام قطاع التربية والتعليم'' (نسب الانقطاع عن الدراسة نسب النجاح والرسوب) أما الخطوة الثانية فهي تتمثل في ''التركيز على المرحلة الابتدائية'' وهي خطوة وصفها محدّثنا بالمهمة جدّا، مبيّنا أن الأنظمة العالمية عملت وتعمل على تقوية قدرات المتعلّم على ثلاثي هو ''القراءة والحساب والاحترام ''.

وتتمثل الخطوة الثالثة في دعم وردّ اعتبار المعلم الذي يمثّل العمود الفقري للعملية التعليمية وأخيرا تشريك الاولياء في كلّ ما يخص المنظومة التربوية في البلاد.
 

المصدر: موزاييك أف.أم

إقرأ أيضاً:

والتقيتُ مانغويل!

«وعلى أنِّي قد عزمتُ -والله الموفّق- أنّي أوشِّحُ هذا الكتاب وأفصِّلُ أبوابه بنوادر من ضروب الشعر، وضروب الأحاديث ليخرج قارئ هذا الكتاب من باب إلى باب، ومن شكلٍ إلى شكل، فإنّي رأيتُ الأسماعَ تملُّ الأصواتَ المُطْرِبَة، والأغاني الحَسَنة والأوتارَ الفصيحةَ إذا طالَ ذلك عليها. وما ذلك إلا فـي طريقِ الراحلةِ التي إذا طالت أورثت الغفلة. وإذا كانت الأوائل قد سارت فـي صغار الكتب هذه السيرة، كان هذا التدبيرُ لِما طَالَ وكَثُرَ، أصلح. وما غايتنا من ذلك كُلّه إلا أن تستفـيدوا خيرا». (الجاحظ).

هنالك اقتباس آخر أحبه، لكنه لفـيلسوف وأديب وفقيه وشاعر، ماذا بعد؟ أعتقد أننا نستطيع القول بأنه جاحظ آخر جاء بعد الجاحظ الأول، وهو ابن حزم الأندلسي. يقول ابن حزم فـي كتابه ذائع الصيت «طوق الحمامة فـي الأُلفة والأُلَّاف»..والبكاء من علامات المحب ولكن يتفاضلون فـيه، فمنهم غزيرُ الدمعِ هَامِلُ الشؤون تجيبهُ عينُهُ وتَحضُرُهُ عبرتهُ إذا شاءَ، ومنهم جمودُ العينِ عديمُ الدمعِ، وأنا منهم. ..فإني لأصاب بالمصيبة الفادحة فأجد قلبي يتفطَّرُ ويتقطَّعُ، وأُحِسُّ فـي قلبي غصةً أمرَّ من العلقم تحولُ بيني وبين توفـيةِ الكلامِ حقَّ مخارجه، وتكادُ تُشرِقُني بالنفسِ أحيانا ولا تجيبُ عينيَّ البتة إلا فـي النُّدرةِ بالشيءِ اليسيرِ من الدمع».

يبدو للوهلة الأولى ألا ترابط بين ما قاله الجاحظ، وما قاله ابن حزم!؛ لكنني سأحكي شيئا. بدأت القراءة منذ عدة سنوات، وأعني بها القراءة الجادة؛ وكأي مجال آخر فـي هذه الحياة، يشعر المرء بالفتور والتثاقل فـي لحظات من حياته. وكعادة المُحبِّ، لا يملُّ من محبوبه مهما بدا الأمر على غير ذلك. جاءت لحظات الفتور والبطء إذن، لأكتشف حينها كنزا رائعا أعاد إلي الشغف مرة أخرى وبالحماسة الأولى نفسها؛ إنها الكتب التي تتحدث عن الكتب!. يمكننا تشبيه الأمر بالبحث عن الكنز المفقود، فكي تصل إلى كنزك الأكبر، تمر بمراحل تهديك من الكنوز الثمينة ما يجعلك تبتهج وتتزود بها لتصل إلى مبتغاك؛ حيث الكنز الكبير والحلم البعيد الذي سعيت إليه دوما.

عرفت الجاحظ فـي مرحلة مبكرة من حياتي، وبدا لي بأن هذا الرجل مكتبة تمشي على الأرض؛ فلا تقرأ صفحة إلا وتجد لأحدهم ذكرا أو خبرا أو شعرا، كأنما هو صندوق الزمن الذي جُمعت فـيه كشوفات الأولين والآخرين إلى اليوم الذي كتب فـيه ما كتب. ومن الجاحظ ولجت إلى عالم ابن النديم. بدا لي الرجلان شخصيتين أسطوريتين، فكيف لأحد مهما بلغ من العلم أن يكون بمثل هذه الموسوعية والدقة والبراعة فـي آن، أو لنقل أنهما خرجا لنا من وادي عبقر الأسطوري!. جعلتني هذه التجربة القرائية أحب الكتب والمكتبات ومن يعمل فـيها عمل الجاحظ وابن النديم. فتتبعت الأدباء المشهورين بولعهم بالقراءة والكتب، فلم تخيب محركات البحث ظني، إذ عرفتني على جاحظ جديد، ولكنه جاحظ أرجنتيني، وهو المكتبي الأعمى خورخي لويس بورخيس.

يماثل بورخيس الذي كان يعمل فـي مكتبة بيونس آيرس البلدية الجاحظ بموسوعيته الهائلة ومشاكله الصحية والتي أخذت من كلا المؤلفـين نصيبا من الشهرة والمزية التي يمتازان بها عن الآخرين، وعبر القراءة له وعنه، عرفت تلميذه الوفـي. وقعت يدي على كتاب عذب مدهش، ومؤلفه تلميذ بورخيس ذاته، ألبرتو مانغويل وهو كتاب تاريخ القراءة. أتذكر حينها أنني طبعت الكتاب فـي ورق A4 ولم أتمكن من الحصول على الكتاب بشكله المطبوع، ولكنني عشت تجربة استثنائية رائعة. وكعادة الكتب الجيدة، لن تترك الكتاب إلا وفـي خلدك عدة كتب تريد قراءتها، ومؤلفون لم تعرفهم من قبل، تود أن تقتني أفضل كتبهم فـي أول فرصة سانحة لك.

أخذت الكتاب الثاني والثالث لمانغويل فـي التاسع والعشرين من فبراير لعام 2016م من مكتبة جرير بالدوحة، يوميات القراءة، والمكتبة فـي الليل؛ لتتوالى لُقى مانغويل بعدها وتصبح القراءة له فعلا اعتياديا. نعود إلى ما قاله ابن حزم إذن؛ فإن المرء لا يتاح له دوما ولا يتأتى له أن يبوح بما فـي مكنونات نفسه مهما جاش فـي النفس واعتمل من سعادة غامرة أو حزن جارح، بل إن البوح بما فـي النفس يغدو فعلا لا أسطوريا فحسب، بل فعلا ننتزعه من عالم المحال نفسه. فتتصارع العواطف بداخلنا وتهيج، ولكن هيهات أن نجد لها مخرجا أو تعبيرا نعبر به وعنه. ومن ذاك، وقوفنا أمام من نُجلُّ، أو رؤيتنا لمن نحب ونحترم، أو نقتدي حتى!؛ ومانغويل أحد هؤلاء.

ولأنني ذكرت الأساطير وعالم الخيال، فمن الصعب أن يجد المرء من تمنى رؤيته واللقاء به، ومن اقتدى واحتذى به، أن يكون على ما تخيل وافترض. بل إن الرِّدَّة والنكوص، والخيبة والأسى هي التي تعتمل فـي النفس عادة بعد اللقاء المنتظر، والفرصة المُتحينة. ولكن فـي حالة سيد الكلمات، والرجل المكتبة كما يسميه البعض؛ لا يستطيع المرء سوى أن يُجلَّ الرجلَ أكثر ويحبه أكثر بعدما يلتقيه ويتعامل معه. ولحسن الحظ أن كان لحفل جائزة بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة هذا الضيف الوازن الذي أسر إلينا أنه تلقى عدة دعوات من دول مجاورة بعدما تلقى الدعوة الأولى من الجائزة والقائمين عليها، فاختار عُمان وهو سعيد باختياره مبتهج به كما قال. من المثير أن مانغويل سألنا فـي جولتنا السريعة فـي مسقط ومطرح عن الآثار البرتغالية فـي عُمان، فأخذناه فـي جولة إلى الميراني التي كانت موجودة قبل وجود البرتغاليين، ومنها نظرنا إلى الجلالي وقصر العلم ببنائهما الأيقوني وأضوائهما الليلية الآسرة.

سألني فـي بهو الفندق عن المؤلف العربي الذي أحب، ولم أكد أجيب حتى أخرج قلمه ومذكرته الصغيرة ليقيد الاسم ويبحث عنه!. هذا الفعل البسيط والصغير ينبئك عن الشخصية التي بلغت السابعة والسبعين من العمر ولا تزال تنقب عن الكنوز المنسية فـي العالم، الكنوز التي قد لا تكون مترجمة من الأساس. أخبرته عن الجاحظ -الذي يعرفه جيدا واقتبسه فـي كتاباته- والتوحيدي وابن النديم، فسألني عن روائي عماني أحب ما يكتبه، فلم أتردد فـي اختيار محمد عيد العريمي صاحب مذاق الصبر وحز القيد. إن هذا التوق المتأتي من الإخلاص هو ما يجعل المرء يستشعر الفرق بين الحقيقة والوهم، بين الامتلاء والخواء، وكما هي الحالة التي وصّفها ابن حزم فـي كتابه، أجدني عالقا لا أستطيع الكتابة عن كل ما شاهدته فـي الرجل من ثقافة ومعرفة وتواضع عجيب ونادر. وحين نقول بأنه الرجل المكتبة، فهو كذلك حقا؛ فلم نتحدث فـي شيء إلا ويتحفنا بشيء من عنده. ففـي رحلتنا السريعة إلى الميراني، أشرت إلى إحدى الأسقف فـيها؛ وأخبرته أن بين العمانيين والنخلة من الوشائج، ما يجعلها أساسا لحياتهم وقواما لها. فمنها غذاؤهم، ومن سعفها يصنعون البُسُط والحقائب، ومن ليفها الحبال، ومن جذوعها وزورها أعمدة وسُقُفا للبيوت، ومن كربها وما تبقى مما لا يمكن استعماله فـي الصناعة، للتدفئة والطهي. فلم أكد أنتهي من كلامي حتى استحضر قصيدة سألنا فـيها عن الأمير الأندلسي الذي قال قصيدة فـي النخيل، فقلت له لعلك تقصد عبدالرحمن الداخل؟ فأجاب مبتسما YES YES، وهي القصيدة:

تبدّت لنا وسْطَ الرُصافة نخلةٌ

تناءت بأرضِ الغرب عن بلد النخلِ

فقلتُ شبيهي فـي التغرُّب والنوى

وطولِ التنائي عن بنيّ وعن أهلي

يمثل ألبرتو مانغويل فـي العالم الغربي اليوم، ما كان يمثله الجاحظ وابن النديم والأدباء الكبار الذين تقوم عليهم ثقافتنا وتاريخنا العربي. ويمثل للقراء، لكل القراء فـي العالم؛ أنموذجا للإنسان المخلص لشغفه وحبه وعمله، وهي الكتب والقراءة فـي حالته هو. تحدثنا معه فـي كثير من الأشياء التي لا يمكن حصرها، لكن الأثر الذي يتركه الإنسان بتعامله ولطفه ودماثته؛ هو ما يبقى حاضرا فـي الذاكرة والوجدان حتى بعد رحيله وغيابه. لا أستطيع أن أغفل شيئا أخيرا أكاد أتذكره بنبرته الحزينة والمضطربة فـي آن؛ وهو أن للرجل موقفا مما تفعله إسرائيل فـي غزة خاصة وفلسطين عامة. ولهذا الموقف أثره ووزنه حين يصدر عن مؤلف كمانغويل، وعن يهودي عاش فـي الأراضي المحتلة يوما قبل أن يكتشف الخدعة الكبرى!. إنه بتنويره هذا، يطبق ما يقوله فـي كتابه المكتبة فـي الليل، «قد لا تغيّر الكتب من آلامنا، قد لا تصوننا الكتب من الشرور، قد لا تقول لنا الكتب ما هو الخيّر أو ما هو الجميل، كما أنها بالتأكيد لن تقينا من المصير المشترك الذي يُدعى القبر، لكن الكتب تعطي آلاف الاحتمالات: احتمال التغيير، احتمال التنوير».

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم: شراكتنا مع اليابان خطوة نحو تحقيق التنمية المستدامة
  • «التعليم»: تدريب 20 ألف معلم ضمن البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة
  • جلالة السلطان يتلقى شكر المشاركين في المؤتمر الدولي لـ"جمعية المحامين"
  • "عبد اللطيف" يناقش مع رئيس لجنة التعليم اليابانية تعزيز التعاون لتطوير المنظومة
  • منظومة الشكاوى بالوزراء تستجيب لإصلاح وصيانة بعض أجزاء من الكباري الرئيسية
  • شكاوى الوزراء تستجيب لإصلاح الكباري الرئيسية في القاهرة الكبرى
  • والتقيتُ مانغويل!
  • "لكنّها لا تكفي".. حزب الله يحتفظ بموارد مالية كبيرة
  • نائب وزير الخارجية يجدد دعوة المملكة لإصلاح مجلس الأمن
  • أستاذ علوم سياسية: قوة مصر تتمثل في إدخال المعدات لقطاع غزة رغم تعنت الاحتلال