وثقت شهادة فلسطيني من الذين عاصر ذويهم الانتداب البريطاني، الجرائم التي ارتكبت ضد عائلاتهم والأمكان التي عاشوا فيها، بحسب تحقيق لشبكة "بي بي سي"

وقالت الشبكة إن والدي عيد حداد كانا في سن المراهقة عندما شهدا أوج الوجود البريطاني في فلسطين عام 1938.

وقال حداد: "رأوا العسكر يدخلون إلى البيوت ويهاجمون الناس، وأخبرني والدي أن رجلا ضرب على رأسه بمطرقة خشبية تستخدم في فرم اللحم، المدقة، وقتل، كان رجل وابنه ينشران أوراق التبغ لتجفيفها، أطلقوا عليهما النار من الخلف.

. كانت فوضى".

وأكد حداد أن والديه كانا يعيشان في البصة، وهي قرية فلسطينية تعرضت لعقاب جماعي من قبل القوات البريطانية، التي وصفت أفعالها في ذلك الوقت بأنها مجرد "إجراءات عقابية".

وقالت الشبكة إن "تلك الهجمات العقابية كانت تستهدف قرى بأكملها في حال مواجهة القوات البريطانية هجمات من قبل المتمردين المسلحين الذي كانوا ينشطون من التلال".

وتعرض "بي بي سي" هذه الشهدات ضمن سلسلة حلقات جديدة الانتداب، وتبحث في السيطرة البريطانية والفرنسية على الشرق الأوسط قبل قرن من الزمن، دورهما في تشكيل المنطقة بطريقة لا يزال أثرها قائما حتى الآن.

وروى حداد قصة طفولته في لبنان حيث كانت عائلته ضحية لمجازر، بعدما كانوا قد أبعدوا عن موطنهم، ثم تغيرت حياة والديه بفعل تأثير الانتداب البريطاني والفرنسي على المنطقة، وما خلفه من صراعات واضطرابات طائفية.


وأكد أن طفولته كانت تجسيدا لعدم الاستقرار الدموي الذي اجتاح الشرق الأوسط في العقود التي تلت انسحاب القوى الأوروبية منه.

وأكد تحقيق الشبكة البريطناية أن السياسات البريطانية في فلسطين وتسببت بنشوء صدام بين القوى الوطنية، قبل أن تشن حملة قمع وحشية على الانتفاضة العربية في أواخر الثلاثينيات.

ونقل التحقيق تصريحات للمؤرخ الإسرائيلي، توم سيغيف، قال فيها: "لم يعرف البريطانيون كيفية إدارة هذه الأمور، لقد عاملوا فلسطين كما يعامل المرء حيوانا أليفا ظريفا: من الجيد أن يكون لدينا واحد، لكن لا ينبغي له أن يسبب لنا الكثير من المتاعب".

وأضاف أنه "في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، انسحبت بريطانيا وفرنسا من الأراضي التي انتدبتها، وفي فلسطين، علمت لندن أن انسحابها سيحول الصراع الإقليمي المتصاعد إلى حرب إقليمية، مع إعلان دولة إسرائيل وغزو الجيوش العربية".

وذكر أن "والدي حداد فروا من البصة بعد تدمير القرية على يد قوات شبه عسكرية صهيونية، وخلال الصراعات التي حدثت بين عامي 1947 و1948، فر ما لا يقل عن 750 ألف فلسطيني أو أُجبروا على ترك منازلهم، ثم ولد حداد ونشأ في مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان المجاور".

وأشار التحقيق أنه "مع إضافة العنصر الفلسطيني إلى البلاد، تزعزع الاستقرار الهشّ في المناخ الطائفي الذي ساد بين المسيحيين والمسلمين في أعقاب الحكم الفرنسي للبنان، وتفاقمت هذه المشكلة أكثر خلال صعود منظمة التحرير الفلسطينية، بينما كان المسؤولون الأقوياء في البلاد، يفضلون التحالف العربي الإقليمي مع سوريا ومصر، وهي حركة تعود جذورها إلى التمرد ضد الانتدابات الفرنسية والبريطانية وما قبلها".

وأوضح أن هبعد ذلك "انزلق لبنان إلى حرب أهلية طائفية"، ليصف حداد، الذي تنحدر عائلته من المسيحيين الفلسطينيين، كيف قُتل شقيقه البالغ من العمر 16 عاما بالرصاص على يد مسيحيين لبنانيين متطرفين، من ميليشيات حزب الكتائب، الذين استهدفوا الفلسطينيين وهاجموا مخيما للاجئين الفلسطينيين شمال بيروت في العام 1975.


وفي العام التالي، نجا عيد حداد من عملية قتل جماعي، وهرب من المسلحين بالاختباء في خزانة الملابس، ويصف الإذلال المروع والهمجي للناجين على يد الميليشيات، قائلا: إنه "يتعامل مع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الذي رافقه مدى الحياة، إذ يعود ما عاشه عندما كان طفلا".

وأضاف حداد: "أعتقد أن والديّ، عانيا أيضا من اضطراب ما بعد الصدمة لأنهما رأيا الكثير من الأشياء عندما كانا طفلين، وأتخيل أن والدي كان على وشك أن تأخذه القوات البريطانية للاستجواب".

وأوضح أن القوات البريطانية فصلت النساء عن الرجال الذين اعتقلتهم أثناء مذبحة البصة في العام 1938.

وقال حداد إن والده كان آنذاك صبيا في سن المراهقة، وألبسه أحد القرويين زي فتاة، فوقف في صفّ النساء، مشيرا إلى أنهم "غطوا رأسه بوشاح وأعطوه فستانا، وبهذه الطريقة أنقذوه من التعذيب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية فلسطيني الانتداب البريطاني الجرائم بريطانيا بريطانيا فلسطين جرائم الانتداب البريطاني تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات البریطانیة

إقرأ أيضاً:

نجل رئيس وزراء سوري سابق يكشف جرائم بشار الأسد قبل توليه السلطة

قلما يتم تسليط الضوء على الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد قبل أن يتولى رئاسة سوريا خلفا لوالده، رغم كونها جزءا مهما من تاريخ النظام السوري المخلوع، وهو ما تطرق إليه مفلح الزعبي، نجل رئيس الوزراء السوري الأسبق محمود الزعبي.

وكشف مفلح الزعبي في مقابلة مع "تلفزيون سوريا" عن تفاصيل صادمة تكشف عن دور بشار في التدخل في شؤون الدولة، بدءا من التلاعب بصحة والده حافظ الأسد وصولًا إلى تورطه في اغتيال رئيس الوزراء آنذاك.

وقال الزعبي إن بشار الأسد كان له دور مباشر في تدهور صحة والده في أواخر التسعينات، حيث كان يتدخل في مواعيد وطرق إعطاء الأدوية، بهدف تعزيز سيطرته على مفاصل السلطة في سوريا.

وأوضح الزعبي أن حافظ الأسد بدأ يعاني من مرض عصبي وزهايمر بين عامي 1998 و1999، وكان بحاجة إلى أدوية للحفاظ على توازنه النفسي والقدرة على التواصل.


وفي حادثة لافتة، أشار الزعبي إلى أنه سمع بالصدفة مكالمة هاتفية بين والده رئيس الوزراء الأسبق وحافظ الأسد، حيث بدا واضحا تدهور حالة الأخير العقلية. فقد فوجئ الزعبي بسؤال حافظ الأسد: "من أنت؟"، وعندما أجاب قائلا "أنا رئيس وزرائك محمود"، سأل حافظ الأسد مجددا "من محمود؟" و"لماذا اتصلت بي؟ مع من أتحدث؟".

وفي تطور خطير، أضاف مفلح الزعبي أن بشار الأسد كان يتدخل في مواعيد وطريقة إعطاء الأدوية لوالده بهدف زيادة تدهور حالته الصحية. ولفت إلى أن الهدف من هذا التدخل كان تمكين بشار من السيطرة على مفاصل السلطة في سوريا.

وبتدهور صحة حافظ الأسد، أصبح بشار قادرا على التدخل في التعيينات السياسية والصفقات التي كان رئيس الوزراء الزعبي يعارضها، وفقا لمفلح الزعبي.

وشدد الزعبي خلال اللقاء على أن اتهاماته لبشار الأسد ليست بدافع الانتقام، موضحا أنه انتظر 24 عاما للكشف عن هذه الحقائق. وأضاف أن بشار كان شخصا صعب التعامل معه، وكان يهدد الآخرين باستمرار، حتى في غياب الإعلام، وكان يكذب حتى على والده.


وفي ما يتعلق بالصراع بين بشار الأسد ورئيس الوزراء محمود الزعبي، أشار مفلح الزعبي إلى أن قضايا النفط وتعيينات الوزراء كانت من الأسباب الرئيسية لهذا الصراع.

وقال الزعبي إن هذا الصراع انتهى بالاغتيال الفعلي لرئيس الوزراء السوري الأسبق، وليس انتحاره كما ادعى إعلام النظام السوري.

وأضاف أن والده قد تلقى تحذيرا من ضابط كبير متنكر، نصحه بالهروب من سوريا نظرا للمخطط الذي كان يهدف إلى التخلص منه، إلا أن الزعبي رفض مغادرة وطنه.

وبعد مقتل الزعبي في منزله بضاحية دمر بالعاصمة دمشق في أيار /مايو عام 2000، تلاه وفاة حافظ الأسد في حزيران /يونيو من العام ذاته.

ورغم أن النظام أعلن أن وفاة الزعبي كانت نتيجة انتحار، إلا أن الشكوك لا تزال تحيط بهذا الملف بسبب تاريخ النظام المخلوع في تنفيذ عمليات الاغتيالات، فضلا عن أن الزعبي كان أحد أبرز الشخصيات في نظام حافظ الأسد، حيث شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 13 عاما متواصلة.

مقالات مشابهة

  • لينا شاماميان: ورثت حلاوة الصوت من والدي.. فيديو
  • المصور الذي فقد عائلته ووثق الإبادة الإسرائيلية
  •  الجزائر تدعو إلى مشاورات مغلقة حول الأوضاع الخطيرة التي تواجهها الأونروا بفلسطين
  • نجل رئيس وزراء سوري سابق يكشف جرائم بشار الأسد قبل توليه السلطة
  • وزراء سابقون وحاليون وبرلمانيون صرحوا بمليارات الكاش التي كانت مخزنة بمنازلهم في عملية المساهمة الإبرائية
  • السيد القائد: جرائم الإبادة التي أرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة بلغت أكثر من 4 آلاف مجزرة منها 30 مجزرة هذا الأسبوع
  • الدولية لدعم فلسطين: إسرائيل ترفض إيقاف جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني
  • سمير فرج: 80% من المساعدات التي دخلت غزة كانت من الدولة المصرية
  • تآكل الدماغ مصطلح أكسفورد الذي يكشف تأثير العصر الرقمي في عقولنا
  • كانت ستكون الأغلى في تاريخ الانتقالات.. شوبير يكشف سبب فشل صفقة الأهلي