صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-18@06:51:51 GMT

الزيلعي ومحاصرة الفكر الاستاليني

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

الزيلعي ومحاصرة الفكر الاستاليني

زين العابدين صالح عبد الرحمن

مرة ثانية كل الشكر للأستاذ صديق الزيلعي ” اليساري الحر” في خوض الممنوع داخل الحزب الشيوعي السوداني، الذي كان يجب أن يكون قد تجاوز محطات عديدة في مسيرته نحو الديمقراطية، و تكون التجربة قد أهلت كادره و دفعته للإنتاج المعرفي و ملء المكتبة السياسية و الثقافية بعشرات من الإصدارات الفكرية و الفلسفية و في كل ضروب الإبداع المرتبطة بحركة التطور العالمي في ضروب المعرفة.

أن إقدام الزيلعي أن يفتح بابا للحوار الفكري في نقد ” المركزية الديمقراطية و الديمقراطية المركزية” هي خطوة جريئة و ذات تكلفة معنوية عالية، لأنها تشكل تحديا للقوى الاستالينية المحافظة و التي تريد أن تكون كل المنافذ مغلقة لكي لا تسمح بمرور رياح التغيير. فالخوض في الحوار الفكري و فتح العديد من الملفات التي تحتاج لجهد ذهني تتخوف منها العديد من القيادات التي طال مكوثها في قمة القيادة في كل الأحزاب السياسية و خاصة التقليدية، لأنه سوف يفضح قدراتها. و أيضا قدرات العديد من الكوادر التي لا تعرف في السياسة غير الهتاف و الصياح. أن الزيلعي قد فتح الباب متحديا ردات الفعل ليس من قبل القيادات الاستالينية وحدها و أيضا من قبل الطابور الخامس الذي يدعمها.
في هذا المقال سوف اتعرض بالنقد لبعض الفقرات التي كانت قد وردت في مقال الزيلعي بعنوان (اطروحات أنصار المركزية الديمقراطية وأراء رافضيها 3 – 4) و في هذا المقال تكمن خلاف الرؤية. يقول المقال (تتركز اطروحات دعاة المركزية الديمقراطية في انها انسب الاشكال لتنظيم الأحزاب الثورية، والسبب الأساسي؛ ان تلك الأحزاب معادية، في معظم الحالات، للأنظمة القائمة مما يعرضها للحظر والمطاردة وكافة اشكال القمع. كما ان أجهزة السلطات تستخدم كل الأساليب المتنوعة والحيل الماكرة لاختراق تلك الأحزاب وتدميرها من الداخل بخرق الصراعات) أن لينين الذي جاء ب ” المركزية الديمقراطية” في فترة تاريخية كان محتاج فيها أن يحافظ على الحزب. السؤال: لماذا لم تتغير هذه المركزية بعد تغير الوضع السياسي الاجتماعي و أصبح الحزب الشيوعي السوفيتي هو القابض على زمام الأمر، و هو الذي تتخوف منه القوى السياسية الأخرى. هذا يؤكد أن الماركسية ليس لها علاقة بالديمقراطية وسيلتها الصراع الطبقي الذي يفضي إلي ديكتاتورية البوليتاريا.

يقول مقال الزيلعي (أهم سمات المركزية الديمقراطية هي وجود مركز واحد قوى تلتزم كل العضوية بتنفيذ قراراته ويكون مسئولا عن كل ما يتعلق بالتنظيم. من ناحية اخري يملك الأعضاء حق انتخاب القيادات ومحاسبتها في الاجتماعات الدورية. كما لهم كامل الحق في مناقشة كافة المسائل الحزبية، كبيرها وصغيرها، عندما تعرض للنقاش وان يتم ذلك بحرية تامة) هذا حديث لا يصدقه الواقع، و قد كشفته الحرب الدائرة الآن بصورة كبيرة، حيث غاب الحزب و لا يسمع له أي رأي يمكن الجدل فيه، بل الذي يزور “القروبات العديدة” تجد الشيوعيين يكتفون فقط برفع المقالات و البوسترات التي يجدونها في بعض القروبات الأخرى، و حتى في النقاش لا يقدمون رؤية خوفا من القيادة. و ينتقد الزيلعي السبب الذي أدى لذلك ” المركزية الديمقراطية” حيث يقول في ذات المقال (هذا الشكل التنظيمي وليد زمن وظروف تخطاها الزمن والوعي العام والخاص وصارت تشكل قيدا ثقيلا مكبلا لكل خطوات تطوير وتجديد الحزب ويصبح للجهاز الحزبي (أعضاء القيادة المركزية والكادر المتفرغ) السلطة المطلقة على كل ممارسات الحزب” هنا يصل لعين الحقيقة. أن القيادات الاستالينية هي السبب. و لماذا استالينية لآن استالين كان أكثر القيادات التي استفادت من ” المركزية الديمقراطية” و استطاع ان يوظفها التوظيف الذي يردع به كل المخالفين له في الرأي، كان عدو الديمقراطية بحق و حقيقة من خلال تصفيته لخصومه.

في محطة أخرى في مقال الزيلعي يقول (كتب التجاني الطيب، أحد أشد المدافعين عن المركزية الديمقراطية حماسا، مؤكدا ان المركزية هي المبدأ الأساسي لوحدة وتماسك المجموعات: “عبر مسار التطور كان المبدأ الأساسي لوحدة الجماعات وتماسكها هو المركزية التي تطورت من شكلها البسيط ممثلا في زعيم العائلة والعشيرة الى اشكالها المعقدة ممثلة في الملكيات والامبراطوريات التي تحكم مجموعات بشرية كبيرة ومتنوعة) أن مقولة الطيب جاءت بعد ما أصبح الرجل واحد من القيادات التاريخية المحافظة، التي لا ترغب في التغيير و تفتح منافذ الحوار. و لكن لنرى ذات التجاني الطيب ماذا قال عن الحرية داخل الحزب و نقده لغياب الديمقراطية في بداية طريقه السياسي (كتب تاج السر عثمان بابو مقالا بعنوان “تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة من1951- 2007” يقول بابو ( أن التيجاني الطيب قد أشار في مقال صدر في مجلة الشيوعي، العدد 150، الي ضيق العمل القيادي وغياب الديمقراطية في الحزب ككل ، وكانت العلاقة بين اللجنة المركزية والمستويات التنظيمية الأولي تنحصر في اصدار القرارات وتنفيذها ولم يكن في الحسبان مناقشة قرارات ل.م ناهيك عن انتقادها وتم اخفاء دور الحزب المستقل، وضعف صلات الحزب بالطبقة العاملة والجماهير الثورية ، سيادة الجمود في دراسة النظرية الماركسية) هنا يتبين الموقف بين شخصية التجاني في تطورها التاريخي عندما كانت في مرحلة الشباب تطالب بالحرية و الديمقراطية، و عندما تقدم بها العمر و اصبحت محافظة تخاف من الأثنين الحرية و الديمقراطية، الأمر الذي جعلها تتمسك بالمركزية الديمقراطية.

أن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلي عصف ذهني من قبل الزملاء (فكيف يتم القبول بثبات مبدأ واحد، بلا تغير، لأكثر من قرن من الزمان في ظل تحولات عاصفة وسريعة اعادت تشكيل العالم في أكثر من وجهة. والشيء الثاني ان قانون الصراع يشمل الأحزاب والأفكار، ولكن المسالة الهامة والأساسية، بعد الاعتراف بذلك الصراع، كيف يتم ادارته والمناهج المستخدمة في ذلك؟) أن المركزية قد أصابت الحزب بحالة من الجمود لا يستطيع الخروج منها إلا إذا شارك كل الزملاء في الحوار الفكري الذي فتحه الزيلعي، و هو الذي سوف يتحمل ردة فعله. و أن حجة التخوف من النظم الديكتاتورية و تقويضها للحزب، أو تحدث فيه أختراقا هي تخوفات تؤسس لطبيعة المنطقة و ثقافتها و أيضا مصطلحات الصراع الطبقي و الثورية التي لا تتلاءم مع الديمقراطية و ليس المجتمعات الديمقراطية تستخدمها، لآن الديمقراطية لها أليات مخالفة تماما.

أن المركزية الديمقراطية لا تمنع الحوار المفتوح بين عضوية الحزب فقط، بل سوف تخلق الجمود الفكري في العضوية، لأنهم لا يستطيعون أن ينهلوا من مصادر أخرى للفكر، و لا يستطيعون أن يفتحوا به بما قراءه حوارا داخل المؤسسة الحزبية حتى لا يتعرضوا للإتهام بالشللية و التحريفية و خلق التكتل. فالكل ينتظر أن القيادة وحدها تفكر له، لذلك يقول الزيلعي في هذه المحطة في المقال (فالقضية المركزية واضحة وضوح الشمس ولا يمكن لعضو حزب او فرع حزب ان يبادر بفتح حوار فكري لأنه عليه فقط ان يرفع مقترحات للمركز بذلك، ولا يحق له الاتصال بأعضاء اخرين، او فروع اخري، والا يسمي ذلك تكتلا ويقع تحت طائلة سيف اللائحة البتار. وانظر لتجربة المناقشة العامة حول قضايا العصر وما انتهت اليه الا يصح وصفها بالفيل الذي تمخض فولد فأرا!) تجرأ الزيلعي بالقول على القيادات الاستالينية، و ينتظر ردة فعلها، فالخوف لا يصنع حضارة و مجتمع ديمقراطي، فالزملاء مقيدين بالائحة و المركزية الديمقراطية. “يطلعوا من نقرة يقعوا في دحريرة” فالقوى الحزبية التي تتعثر داخل مؤسستها الحرية و تنقص مواعينها الديمقراطية لا يمكن الرهان عليها أنها سوف تصنع ديمقراطية. مرة أخرى أشكر الأستاذ صديق الزيلعي على هذه الجرأة التي يتخوف منها أغلبية الزملاء، حتى أنهم لا يستطيعون قراءة ما كتب الزيلعي، لذلك لا يجدون لهم طريقا للحوار معه، حتى لا يتم إتهامهم بالخروج على اللائحة. نسأل الله حسن البصيرة.

الوسومزين العابدين صالح عبد الرحمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المرکزیة الدیمقراطیة

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الفكر التكفيري من أخطر ما يواجه أوطان المسلمين

كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

قال مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد إن #الفكر_التكفيري من أخطر ما يواجه أوطان المسلمين، ويهدد استقرارها ونموها وتقدمها، ويسعى في تدمير حاضرها ومستقبلها.

وأضاف المفتي - خلال خطبة الجمعة بعنوان "التحذير من خطورة التكفير"، والتي أداها بمسجد مصر الكبير بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية اليوم - أن الفكر المتطرف؛ عقبة خطيرة قد تؤدى الي هلاك البلاد والعباد؛ فالحكم بالتكفير على أهل القبلة خطأ؛ فمن نصب هؤلاء الحدثاء حكاما على دين المسلمين بالتفسيق والتكفير، مشيرا إلى أن الإنسان لا ينبغي أن يحكم عليه بالكفر إلا ببرهان ساطع وقرينة واضحة ويكون ذلك من خلال العلماء وهذه المشكلة تعد داءً لكل أمة.

وأكد المفتي أن هؤلاء المفسدين في الأرض قد أجرموا - بالتعدي - على آيات القرآن الكريم وأحاديث نبي الرحمة الأمين - صلوات ربي وسلامه عليه - يقتطعونها من سياقها، وينزلونها على المعنى النفسي الظلماني الذي يملؤه الاستئثار والأنانية، ويدخلون الفروع في الأصول بلا بصيرة من علم أو فهم، مشيرا إلى أن الفهم المغلوط منهجهم، وحمل السلاح وسيلتهم، وإذاقة المجتمع ويلات الدمار والشتات غايتهم.

اقرأ أيضا:

تعرف على موعد شهر رمضان 2025

شبورة مائية واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة

الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية الفكر التكفيري خطبة الجمعة مسجد مصر الكبير الفكر المتطرف

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة وزير الأوقاف: سنطلق الخطاب الدعوي المنير وستولد الحضارة من جديد أخبار افتتاح مسجد مصر بالعاصمة الإدارية ومفتى الجمهورية خطيبًا لأول جمعة - صور أخبار بث مباشر.. شعائر صلاة أول جمعة من مسجد مصر بالعاصمة الإدارية أخبار بعد قليل.. بث شعائر أول صلاة جمعة من مسجد مصر بالعاصمة الإدارية أخبار أخبار مصر وزير الأوقاف: سنطلق الخطاب الدعوي المنير وستولد الحضارة من جديد منذ 21 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر مصدر: وفد "فلسطيني - إسرائيلي" يبحث بالقاهرة آليات فتح معبر رفح من الجهة منذ 37 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر افتتاح مسجد مصر بالعاصمة الإدارية ومفتى الجمهورية خطيبًا لأول جمعة - صور منذ 42 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الحج 2025.. آخر موعد لتقديم اعتذارات عن عدم السفر منذ 48 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر مصدر: اجتماعات بالقاهرة لبحث آلية إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا لغزة منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر الزراعة: تصدير أعلاف أسماك ومنتجات دواجن مجمدة لدول عربية وأجنبية منذ ساعتين قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

مفتي الجمهورية: الفكر التكفيري من أخطر ما يواجه أوطان المسلمين

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 22

القاهرة - مصر

22 15 الرطوبة: 38% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الروقي : الفكر الأصفر لم يسر ناديه من 60 سنة .. فيديو
  • مفتي الجمهورية: الفكر التكفيري من أخطر ما يواجه أوطان المسلمين
  • «مجلس الفكر والمعرفة» يناقش رواية ريم بسيوني «الغواص»
  • وزير “الصناعة” يطلق مبادرة القيادات الشابة في قطاع التعدين خلال مؤتمر التعدين الدولي
  • “وزير الصناعة” يطلق مبادرة القيادات الشابة في قطاع التعدين
  • بتواجد نسائي.. محافظ الإسماعيلية يُجري حركة تغييرات شاملة في القيادات المحلية
  • «التنمية المحلية»: حريصون على الدفع بالعناصر المتميزة وتغيير القيادات المقصرة
  • وزيرة التنمية تتابع مع قطاع المحليات ملفات التصالح وتقييم القيادات بالمحافظات
  • سجا العتيبي:الطول يزيد لا أحد يقول لكم وراثة أو يوقف النمو..فيديو
  • د. عبد الرحمن الصعفاني: عن حرية الفكر ومحتكري الحقيقة!