المغرب – أكد المفكر المغربي، محمد طلابي، إن قرار وزيرة الرياضة الفرنسية بحظر ارتداء الحجاب على اللاعبات يبين إصابة العقل السياسي الفرنسي بالعمى، وبغياب الحكمة السياسية في اتخاذ القرارات.

وفي مقابلة مع الأناضول، أضاف طلابي أن “مثل هذه القرارات تشير إلى أن العقل السياسي الفرنسي في صدام ليس فقط مع المسلمين داخل فرنسا، بل في صدام مع إفريقيا بأكملها ومع الجاليات المسلمة”.

والشهر الماضي، وعلى خلاف القرار الفرنسي، سمحت اللجنة الأولمبية الدولية للاعبات بارتداء الحجاب في قرية الرياضيين خلال دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس دون أي قيود.

وجاء هذا القرار بعد أيام قليلة من قرار لوزيرة الرياضة الفرنسية بحظر ارتداء الحجاب على اللاعبات الفرنسيات.

ويأتي القرار الفرنسي، والذي خلف ردود أفعال غاضبة، بعد قرارات سابقة مماثلة، فقبل بدء العام الدراسي الجديد عادت فرنسا بقرارات تبين صرامتها ضد الأقليات وخاصة المسلمة بإعلان وزير التعليم غابريال أتال أنه سيحظر ارتداء “العباءة” في المدارس.

وفي 27 أغسطس/ آب المنصرم، قال أتال خلال مقابلة مع تلفزيون “تي إف 1” الفرنسي إن “ارتداء العباءة في المدرسة لن يكون ممكنا بعد الآن”.

ويأتي القرار الفرنسي الجديد ضمن الضغوطات الممارسة على النساء المسلمات في البلاد وقوانين المنع الصادرة باستمرار منذ عام 2004.

أوضح الطلابي وهو رئيس منتدى الوسطية بالمغرب (غير حكومي) أن العقل السياسي الفرنسي أصيب بالعمى، وبغياب الحكمة السياسية في اتخاذ القرارات، وتجسد في رأس الدولة الذي يتمثل في رئيس الدولة إيمانويل ماكرون.

ولفت أن ماكرون “لا يمتلك مثقال ذرة من الحكمة السياسية، لا من الناحية التكتيكية أو الاستراتيجية، ولا داخل أو خارج فرنسا”.

وقال إن “العقل السياسي الفرنسي في صدام ليس فقط مع المسلمين داخل فرنسا، بل في صدام مع إفريقيا بأكملها ومع الجاليات المسلمة، وهو ما يبين أنه عقل قصير النظر في القضايا الاستراتيجية، وهو ما سوف ينعكس سلبا على الدولة الفرنسية”.

واعتبر أن “التأثير السلبي للقرارات الفرنسية سيطال ولاء الفرنسيين نحو دولتهم، حيث الاحتجاجات في كل مكان، ما يدل على تفكك الولاء الطوعي والرضائي بين الشعب والسلطة، ويفكك ولاء الفرنسيين المسلمين تجاه الدولة أيضا، بسبب منع الحجاب والعباءة وأي رمز ديني إسلامي في الرياضة”.

ورأى المفكر الإسلامي أيضا أن “العقل الفرنسي السياسي أصيب بالتطرف، وسينتهي بالفشل الذريع داخل فرنسا وخارجها، خاصة أنه طرد طردا من إفريقيا في الفترة الراهنة”.

وتابع” الديك الفرنسي حاليا يتعرض للتفكك في إفريقيا بسبب هذا العقل غير المبصر الذي يقوده الآن ماكرون، وهو تعبير عن لوبي قوي يمثل ما يسمى العلمانية الفرنسية المتطرفة، فالعلمانية أشكال ولكن أقصاها العلمانية الفرنسية الرسمية المتطرفة، وهذا دليل على أن ذلك سيؤدي على الإجهاز على الديمقراطية كاملة”.

ولفت إلى أن هذه التصرفات تؤثر سلبا على النموذج الديمقراطي بأوروبا.

بحسب الطلابي، فإن “هناك صعود عام لليمين، واليمين المتطرف في أوروبا بشكل عام، وبهذه التصرفات يحاول ماكرون محاباة هذا التيار والتملق له عبر اتخاذ هذه القرارات غير الديمقراطية وغير العقلانية”.

ولفت إلى أن ماكرون يريد أن يكتسب جزءا من الرصيد الانتخابي لليمين المتطرف الصاعد.

وذكر بكون الاتحاد الدولي لكرة القدم سمح بارتداء الحجاب في كأس العالم الأخير للسيدات، بل أكثر من ذلك ظهر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتيونو، وهو يشيد باللاعبة المغربية نهيلة بنزينة (أول محجبة في تاريخ المونديال وهي لاعبة المنتخب المغربي للسيدات)، وهنأها أيضا، مما يدل على الديمقراطية والانفتاح.

وتابع: “أن تكون ديمقراطيا يعني أن تقبل بالاختلاف، ورغم أن الثورة الفرنسية فجرت ثورة ديمقراطية عالمية، فإن المسؤولين الفرنسيين الآن يقومون بالإجهاز عليها، مستدركا: “لكن لن تنجح هذه العملية”.

وندد طلابي بأي قرار ضد اللاعبات اللواتي ترتدين الحجاب، مضيفا بالقول “سنعمل على مواجهة ذلك، فالخاسر في آخر المطاف هي فرنسا الرسمية وليس فرنسا الشعبية، والآن خسرت في إفريقيا التي باتت تتحرر من تبعات فرنسا، بعد فترة طويلة من الاستغلال والقهر والولاء القهري”.

الطلابي دعا إلى المرافعات القضائية ومرافعات المجتمع المدني لمواجهة قرارات فرنسا التي تستهدف الجاليات المسلمة.

وطالب بالتعبير عن رفضها لهذا التطرف غير الديمقراطي، عبر استعمال القضاء، مع الالتزام بالقانون، فالمسلمون مطالبون بالوفاء بالعهود والمواثيق.

ولفت إلى أن المدخل السلمي والعادل والديمقراطي أبرز مجالات دفاع الجاليات المسلمة عن حقوقها.

وخلص بالقول: “سنرى ماذا سيقع في المستقبل لهذا التطرف الذي تمارسه فرنسا تجاه المسلمين”.

تقلد طلابي مهاما عديدة منها مدير تحرير مجلة “الفرقان” المغربية، وعضو المكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان (منظمة مدنية)، وعضو المؤتمر القومي الإسلامي وعضو المكتب الدائم للمنتدى العالمي للوسطية، ورئيس منتدى الوسطية بالمغرب (غير حكومي)

ولطلابي عدة مؤلفات من بينها “تقرير في نقد العقل السياسي المغربي الرسمي والمعارض”، و”معشر الاشتراكيين مهلاً (مصارحة بقصد المصالحة)”.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: ارتداء الحجاب فی صدام إلى أن

إقرأ أيضاً:

النزعة الإنسانية

 

أَطْلَقَ هذا المعني «الإنسانية» وبالإنجليزية «Humanism» مفكرو عصر النهضة المتخصصين في الآداب اليونانية القديمة، حيث تُشير كلمة إنساني في هذا الصدد إلى الآداب بعيدًا عن الدين المُنَزَلَ. وقد تطور هذا المعني في مجال الفلسفة معبرًا عن الفكر الذي يجعل من الذات معيار المعرفة والحقيقة، فكان وعي الإنسان بذاته هو مفتاح عصر النهضة، حيث يمكن تفسير كل شيء بمعان إنسانية في التعبير عن الإنسان داخل هذا العالم، مؤكدًا على استقلاله وفرديته واتساع معرفته. وماذا عن العصر الحديث؟ 

عزيزي القارئ تغلب على العصر الحديث نزعة بادية في تفكيره وهي نزعة التمرد علي العقل، وهناك ظروف اقتصادية خاصة، وأحوال سياسية وأسباب عالمية جعلت هذه النزعة أكثر وضوحًا وتأثيرًا في عالم السياسة، ومهما تكن غرابة هذه النزعة فإنها ليست أول خروج عن العقل وانشقاق على احكامه وسنته ومحاولة لصدع اغلاله، إلا أن الثورات التي ترمي إلى إزالة نفوذ العقل والقضاء على سلطته تظهر وتختفي بعد حين وآخر في التاريخ، ولكي تتضح هذه الوجهة سنلقي نظرة خاطفة على التاريخ الفلسفي لنستكشف خط ذلك المصطلح.

صديقي القارئ تميزت هذه النزعة بالرجوع إلى النصوص الكلاسيكية القديمة كالإغريقية والرومانية لتستمد منها منهاجها وفلسفتها، حيث انتصرت الفلسفة اليونانية قديمًا للعقل علي يد سقراط الذي كان يدعو حتى وضوح التفكير والخضوع للعقل، بينما أقام أفلاطون "الجمهورية" علي حكم الفلاسفة في ضوء الإعلاء من قيمة العقل، وفي نهاية عهد ماركس أورلياس (أحد حكام الإمبراطورية الرومانية ووضع لنا كتابه الشهير التأملات) خرج أنصار الأفلاطونية الجديدة علي العقل، وظل الآخر مطاردًا حتي استنفذته الفلسفة المدرسية، وطلائع نهضة إحياء العلوم، حتى أستمد قوته في عصر التنوير علي يد فولتير وروسو ومونتسكيو، وكان دعاة هذا العصر يرون الكون أشبه بآلة ضخمة في وسع العقل الكشف عن قوانينها واكتشاف أسرارها، وظل الأمر كذلك حتي منتصف القرن التاسع عشر، حيث تحول الاتجاه نحو التمرد علي العقل بداية من نيتشه وسوريل مرورًا بالفاشية والقوي اللامعقولة.

‏[email protected]

مقالات مشابهة

  • نيس الفرنسي يكشف عن موقف محمد عبد المنعم من مباراة رينجرز
  • عابدة سلطان.. الأميرة الهندية المسلمة التي تحدت التقاليد وواجهت الحياة بشجاعة
  • اسرائيل غاضبة وتنتقم من ماكرون في لبنان
  • ازدواجية مفكر فرنسي.. انتقد المحكمة الجنائية مع إسرائيل ودعمها ضد بوتين
  • «المنفي» يستقبل سفير الجمهورية الفرنسية لدى ليبيا
  • لماذا الأقليات المسلمة مهددة في أنحاء العالم الآن؟
  • الكاتب المعروف بوعلام صنصال يفضح النظام الجزائري أمام العالم والرئيس الفرنسي يطالب بمعرفة مصيره
  • تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
  • الكتلة الديمقراطية تعتذر عن دعوة من منظمة “بروميديشن” الفرنسية
  • النزعة الإنسانية