شفق نيوز / خلصت مجلة "ناشيونال انترست" الامريكية الى ان الصين تجد صعوبة في التعامل مع الصراعات والتوترات المتواصلة في الشرق الاوسط، بما في ذلك في العراق ومع إقليم كوردستان، وأن بكين على غرار ما اكتشفته الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من قبلها بنصف قرن، أصبحت ترى أن انخراطها المتزايد في المنطقة، هو مسألة محبطة أكثر من كونها مسألة مجزية لها.

وأشارت المجلة الأمريكية، في تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن "الاهداف الرئيسية للدبلوماسية الصينية في الشرق الاوسط، تتمثل في الطاقة والمصالح الاقتصادية والامن"، مبينة أن الصين تسعى إلى محاكاة سياسة واشنطن خلال الخمسينيات، والعمل من اجل الحصول على اكبر قدر من الجاذبية لنفسها والحد من اعتمادها في مجال الطاقة على دولة واحدة او تحالف واحد، والقدرة على التعامل مع المخاطر الكامنة المتمثلة بالانظمة والتحالفات الاقليمية غير المستقرة".

لكن التقرير الامريكي، لفت إلى أن "استراتيجية ازالة المخاطر التي تتبناها الصين تعتمد على فكرة اقامة علاقات متوازنة مع متنافسين تاريخيا، مثل السعودية وإيران، وهو ما يضعها على خلاف مع إسرائيل"، موضحاً أن "الحل الصيني المتناقض هذا والذي يعني مغازلة اطراف متخاصمة، يقتضي منها القيام بجرعة كبيرة من التجارة والاستثمار معهما، وفي الوقت نفسه ان تطرح بشكل غير صادق، وساطتها حول التوترات الاقليمية.

وكمثال، بين التقرير أن برغم اعلان بكين عن دورها في التقارب الايراني السعودي في اذار/مارس 2023، الا انه وصف هذا التطور بانه بمثابة وقف لاطلاق النار تم تسهيله في الدرجة الاولى من خلال انهاء الصراع في اليمن، وبغض النظر عن اللقاءات والتبادلات الدبلوماسية، فانه لم تحدث تغييرات جوهرية في تصريحات او مواقف طهران او الرياض السياسية.

ورأى التقرير أن استراتيجية "الهلال الشيعي" التي تنتهجها ايران ما تزال موجودة، على الرغم من انها تتخذ الآن طابع العمل الدبلوماسي وليس العسكري،

وبين التقرير، أن "الصين طلبت عدم نشر ما يتضمنه اتفاقها الممتد على 25 سنة مع ايران، في خشية على ما يبدو من تأثير ذلك سلبيا على علاقات بكين مع الرياض"، لافتة إلى أن "الاتفاقية تركز على تبادل الاستثمارات الصينية كجزء من (مبادرة الحزام والطريق) لتأمين صادرات النفط، وأن الشيء الذي لم يتغير هو إصرار الصين على إيران لعدم التحرك نحو حيازة اسلحة نووية، وهو موقف صيني يعكس في الدرجة الاولى العمل لتهدئة شركائها العرب في الخليج".

جسر إيران

وبحسب تقرير المجلة الامريكية، تشكل ايران تشكل جسرا جيوسياسيا مهما لمد الصين خطوط الانابيب الاستراتيجية وخطوط السكك الحديدية عبر باكستان او اسيا الوسطى الى منطقة البحر الاسود او شرق البحر المتوسط".

لكن التقرير لفت إلى أن نظرة سلبية ظهرت من جانب وسائل إعلام ورقية والرأي العام لهذا الاتفاق، حيث شكك البعض في نزاهته، بالنظر إلى ميل الصين نحو السعي لتكون لها سيطرتها الكاملة على مشاريعها الاستثمارية.

ونوه إلى أن "الاتفاق لم ينتج حتى الان، اي فوائد اقتصادية ملحوظة لايران، كما ان الصين لم تقم حتى الان باي استثمارات كبيرة في البنية التحتية في ايران. كما انه من المتوقع ان تحل الصين في مكان النفوذ الايراني في اسيا الوسطى، بدلا من دمج التفاعل الاقليمي بينهما.

وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير ان قيمة تجارة الصين مع العراق تبلغ ضعف قيمة تجارتها مع ايران، موضحا ان الصين وسعت من علاقاتها مع العراق الى ما يتخطى الطاقة وتسعى الى احلال عملة اليوان محل الدولار في التعاملات، مبيناً أن "طهران تدرك ان هناك جانبا محصلته صفر في العلاقات التجارية حيث ان اي زيادة في الصادرات العراقية الى الصين، يمكن ان تقلل من عائدات الطاقة لايران".

بغداد وأربيل

وتابع التقرير ان العلاقات مع بغداد تتعرض لمزيد من المخاطر بسبب اقامة بكين علاقات جيدة مع حكومة إقليم كوردستان الذي تدعمه الولايات المتحدة، مما يتيح لها الوصول الى انتاج النفط في منطقة اربيل".

وأضاف أن "إقليم كوردستان، يتوقع من جهته تقوم الصين بالضغط على طهران لمنعها من شن هجمات صاروخية بين الحين والاخر على قواعد يعتقد انها توفر ملاذا للمعارضين المناهضين لطهران والناشطين الكورد".

ولفت الى ان تركيا وسوريا والعراق وايران تعتبر ان الكيانات السياسية الكوردية المستقلة هي نقاط خطيرة لحركات اجتماعية عرقية وملاذات امنة لجماعات ارهابية.

وفي هذا الاطار، قال التقرير انه يكاد يكون من المستحيل على بكين ان تلبي المصالح الامنية للايرانيين والعرب بشكل كامل. وذكر بان الرئيس الصيني شي جي بينغ وصل في ديسمبر/كانون الاول 2022، الى الرياض حيث اصدر بيانا مشتركا مع دول مجلس التعاون الخليجي، وانه برغم النهج الدبلوماسي الواسع الذي اتبعته الصين، فان تجاهلها للنزاع الاقليمي بين الامارات وايران ادى الى انتقادات من جانب طهران، وصدرت دعوات من قبل الايرانيين الغاضبين على الانترنت تطالب ايران بان تتراجع عن موقفها المؤيد لمطالبة الصين بتايوان.

دول الخليج

وللتأكيد على المفارقات التي يشير اليها التقرير، تناول ايضا قطر وسلطنة عمان، اللتين وصفهما بانها تتمتعان بعلاقات ودية مع كل من الصين وايران، وبرغم ذلك فهما ايضا يتمتعان بشراكة قوية مع الولايات المتحدة، وبالصداقة مع الاوروبيين في حلف الناتو. وبالتالي، قال التقرير ان تعاملات الصين مع قطر اقتصرت بالدرجة الاولى على الطاقة والاستثمار، وقامت شركات التنقيب الصينية باستثمارات متكررة في حقل الشمال القطري، والذي سيصدر الغاز الطبيعي السائل الى الصين خلال العقدين المقبلين.

لكن في المقابل، فان الدوحة هي ايضا الحكومة الخليجية الوحيدة التي تقف الى جانب الديمقراطيات الغربية فيما يتعلق بقضية معاملة الصين للابادة الجماعية لاقلية الاويغور العرقية.

إسرائيل

وتابع انه برغم التجارة المتنامية بين الصين واسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، فان بكين قد اعربت عن اهتمامها بحل القضية الفلسطينية، بينما يعتبر المسؤولون الايرانيون زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى بكين دليلا على جهود الصين، وهي زيارة تعكس الاعتراف الاعلى مستوى بالفلسطينيين حتى الان من جانب الصين. واضاف ان وزير الخارجية الصيني تشين جانج ابلغ المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين في بداية العام 2023، ان بكين مهتمة بلعب دور بناء في المفاوضات حول وضع الفلسطينيين، كما قام الوزير الصيني بابلاغ نظيريه الاسرائيلي والفلسطيني في تموز/يوليو الماضي، ان بكين مستعدة للتوسط بين الطرفين.

الا ان التقرير قال ان تل ابيب لم تقبل عرض الصين، ولم تكن هناك تغييرات ناتجة عن ذلك في التجارة الصينية -الاسرائيلية.

وذكر التقرير ان الصين وبهدف تجنب اي انقطاع انتقامي في امدادات الطاقة، مثل ما عانى منه الغرب خلال الحظر النفطي في العام 1973 بعد حرب اكتوبر/تشرين العام 1973 بين اسرائيل والدول العربية، فانها حددت اولويتها بالعمل على تجنب الانخراط في الجدل السياسي. واضاف ان دمج الخليج العربي والشرق الاوسط في مبادرة "الحزام والطريق" التي اطلقتها بكين لا يثير الجدل، على الاقل بالنسبة لدول المنطقة، بالنظر الى خبرة الصين الطويلة في ادارة الشركات الهندسية والمشاريع العملاقة.

لكن التقرير ختم بالقول انه في حالة اندلاع حرب بسبب تايوان، فان بكين قد تجد دبلوماسيتها امام اختبار مؤلم، حيث سيضطر العديد من شركائها التجاريين الاقليميين الى الانحياز الى احد الطرفين بسبب الوجود الوثيق للبحرية الامريكية. ولهذا، قال التقرير ان المغزى بالنسبة للدول الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة والهند، هي الا تتم المبالغة في تقدير التداعيات الامنية المترتبة على هذا التوغل الصيني العميق في الشرق الاوسط.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق الصين الشرق الاوسط تقرير امريكي الولایات المتحدة التقریر ان ان الصین ان بکین إلى أن الى ان

إقرأ أيضاً:

هل تقلل الصين اعتمادها على الفحم الحجري في توليد الكهرباء؟

يعتمد الاقتصاد المحلي في مدينة شوتشو بإقليم شانشي شمالي الصين على استخراج الفحم الحجري، فإلى الشمال من المدينة التي يقطن بها 1.6 مليون نسمة يوجد أحد أكبر المناجم السطحية في الصين، تنتج مناجم شوتشو 200 مليون طن سنويا (إجمالي الإنتاج السنوي في الصين يبلغ 4.8 بليون طن)، وتتولي صفوف من الشاحنات نقل الفحم الحجري لغسله وفرزه ثم حرقه في محطات توليد الكهرباء في أرجاء الصين. يحذر سون تشيجيانج عامل المناجم الذي تقاعد مؤخرا من أن تخلِّي الصين عن الفحم الحجري لصالح مصادر طاقة أنظف سيعني «نهاية هذه المدينة».

سكان شوتشو ربما ليسوا بحاجة إلى القلق. صحيح، زادت سعة توليد الكهرباء بالرياح ثلاثة أضعاف وبالطاقة الشمسية ثلاثين ضعفا في الفترة من 2014 إلى 2024 وهذا ما أتاح للصين قدرة إنتاج للكهرباء من هذين المصدرين تزيد عما يتوافر لباقي العالم بأجمعه.

إلى ذلك، في 5 مارس وفي جلسة الانعقاد السنوية لبرلمان الصين تحدث رئيس الوزراء لي تشيانج عن تنمية أكثر اخضرارا وأقل كربونا. لكن الصين تغلق عددا قليلا من محطات الكهرباء التي تستخدم الفحم الحجري وتبني المزيد. ففي العام الماضي بدأ تشييد محطات جديدة تنتج 100 جيجاواط إضافية من الطاقة الكهربائية إلى جانب السعة الموجودة سلفا التي تبلغ 1170 جيجاواط. هذه الإضافة لوحدها تكافئ تقريبا القدرة التوليدية في بريطانيا. وعلى الرغم من أن حصة إنتاج الكهرباء بواسطة الفحم الحجري تتقلص إلا أن حجم الفحم الذي يحرق يزداد مع تصاعد الطلب. ويعتقد المسؤولون أن تكاليف التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الذي يزود الصين بما يزيد عن نصف إنتاجها من الكهرباء كبيرة جدا. هل هذا صحيح؟

المخاطر جسيمة، فمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم الحجري في الصين تطلق 15% من إجمالي الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون من مصادر الوقود الأحفوري، وعلى الرغم من تراجع متوسط استخدامه مقابل كل محطة إلى أقل من 50% إلا أن إجمالي توليد الكهرباء بحرق الفحم الحجري يزداد مع تشييد المزيد من المحطات. فالصين تسعى لإيجاد المزيد من القدرة التوليدية تحسُّبا لحاجتها إليها. كما تطلق مناجم الفحم الحجري غاز الميثان. وهو غاز احتباس حراري آخر بالغ الضرر. بناء على الاتجاهات الحالية قد تصل انبعاثات الكربون في الصين إلى ذروتها بعد عام أو عامين. لكنها بعد ذلك ستستقر ولن يتسارع تراجعها مع تباطؤ استخدام الفحم الحجري. وسيحول ذلك دون تحقيق الصين الحياد الكربوني بحلول عام 2060 حسب تعهدها. كما سيقوِّض الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي. تقليل استخدام الفحم بوتيرة أسرع سيكون مؤلما للعديدين، وستترتب عنه تكلفة لشركات الكهرباء والعاملين وأمن الطاقة.

الشركات

ستتحمل شركات الكهرباء جزءا كبيرا من التكلفة. فالمحطات التي تستخدم الفحم الحجري في الصين تبلغ أعمارها في المتوسط 12 عاما فقط. لذلك يمكن أن يستمر معظمها في توليد الكهرباء لعقود قادمة. وعلى أصحابها إما تحمل تكاليف إغلاقها في وقت مبكر أو إجراء تعديلات عليها وجعلها أنظف بإضافة تقنية تحاول احتجاز انبعاثات الكربون التي تطلقها. ويمكن أن تصل تكلفة خطة طموحة للتخلص التدريجي من هذه المحطات إلى حوالي 1.4 تريليون دولار، حسب دراسة نشرت في يناير بواسطة باحثين بجامعة تسينجهوا في بكين وفي جامعة ميريلاند. لكن مثل هذه الإغلاقات ستحدث على مدى عقود وستتحمل الشركات المملوكة للدولة تكاليفها وليس الشركات الخاصة والهشة.

نظريا يلزم أن تحفز سوق الكربون الصينية التي نشأت في عام 2021 هذه الشركات على خفض الانبعاثات. ويمكن لمثل هذه السوق إضعاف تنافسية الشركات الأكثر تلويثا للهواء بجعلها تشتري أرصدة كربون لتغطية انبعاثاتها. لكن أثر السوق ضئيل ولا يكاد يذكر حتى الآن لأن الجهات المشرفة تمنح معظم الأرصدة مجانا. هنالك عيب آخر وهو أن السوق لا ترتكز على إجمالي انبعاثات الشركات ولكن على انبعاثاتها مقابل كل وحدة طاقة كهربائية (كيلوواط أو ميجاواط ساعة)، ذلك يحفزها على استبدال مولداتها القديمة التي تستخدم الفحم الحجري بأخرى جديدة وأكثر كفاءة. لكنه لا يدفعها إلى التخلي عنه تماما.

العمال

هنالك تكلفة ثانية لخفض الاعتماد على الفحم في إنتاج الكهرباء يتحملها العمال. في مدينة شوتشو من الصعب أن تجد أحد لا علاقة لعمله باستخراج الفحم الحجري. فبعض العائلات عملت ثلاثة أجيال منها في المناجم. وفي حديقة بجزء من المدينة شيدت خصيصا لإسكان عمال المناجم تنتصب مجسَّمات صخرية لشاحنات الفحم الحجري ومعدات مناجمها وعمال يهلِّلون.

في الصين يوظف قطاع المناجم حوالي 2.7 مليون شخصا إما في استخراج أو معالجة الفحم الحجري، لكن هذا العدد يشكل 0.4% فقط من إجمالي القوة العاملة في الصين. ومن اللافت أن هذه الوظائف تساوي نصف تلك التي كانت موجودة في هذا القطاع قبل 10 سنوات. أغلقت آلاف المناجم الصغيرة أبوابها بسبب حملة حكومية استهدفت تقليل حوادث التعدين. أما البقية فشهدت المزيد من الأتمتة. في العام الماضي ذكر مسؤولو أحد المناجم السطحية في إقليم شينجيانج الغربي أن 300 مركبة ذكية يستخدمها المنجم لجرف التربة العلوية في المنجم يديرها 6 موظفين فقط.

بكلمات أخرى الآثار المؤلمة التي ترتبت على الاستغناء عن العاملين حدثت سلفا. إضافة إلى ذلك صناعة توليد الكهرباء بطاقة الشمس والرياح التي تحتاج إلى أعداد كبيرة من العمال للتركيب والصيانة تتحول بسرعة إلى مصدر لوظائف متزايدة. ففي عام 2023 وظف قطاع الطاقة المتجددة 7.4 مليون عامل. وهو ما يساوي ثلث عددهم قبل عام من ذلك.

أمن الطاقة

التكلفة الثالثة والأكبر لخفض استخدام الفحم الحجري بحسب قادة الصين ستتعلق بأمن الطاقة. فالصين تحتاج إلى استيراد معظم احتياجاتها من النفط والغاز لكن لديها احتياطيات كبيرة من الفحم الحجري. في عام 2021 انتاب المسؤولين الخوف عندما عطل الجفاف إمدادات الكهرباء من محطات الطاقة المائية وقاد إلى انقطاعات في الإمداد الكهربائي لبعض المراكز الصناعية في الصين، ثم في عام 2022 نشبت الحرب في أوكرانيا ورفعت أسعار النفط والغاز، في أثناء ذلك رفع ازدهار الصناعة الطلبَ على الكهرباء. كل ذلك أقنع واضعي السياسات بالحاجة إلى المزيد من الفحم الحجري للحفاظ على استمرار إمدادات الكهرباء للمصانع والمنازل.

تشجع جماعة ضغط من شركات مناجم ومسؤولين بالأقاليم الغنية بالفحم الحجري على هذا النوع من التفكير. وكذلك بعض الحكومات المحلية التي تحب تشييد محطات كهرباء تزيد عن حاجتها لتجنب الاعتماد على أقاليم أخرى عندما يكون الطلب مرتفعا. وأيضا المشغلون المحافظون للشبكات الذين يريدون ضمان الحصول على كهرباء كافية في كل الأوقات. يقول أحد الأكاديميين الذين يقدمون لهم المشورة: «إنهم يقولون دائما من الأفضل أن يكون هنالك المزيد من محطات الفحم الحجري، ولا يقولون أبدا من الأفضل تقليل عددها».

بحسب لاوري ميليفيرتا الباحث بمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف بفنلندا المقاربة الأكثر جرأة يمكن أن تسمح للصين بالتخلص التدريجي من الفحم الحجري دون أن يتسبب ذلك في انقطاعات الإمدادات. فالصين ستحتاج إلى الكثير من كهرباء الموارد المتجددة والى إجراء تحديثات كبيرة للشبكة العامة كي تتمكن من نقل الطاقة النظيفة عبر مسافات بعيدة أو تخزينها (فهذه الكهرباء يمكن توليدها فقط عندما تسطع الشمس أو تهب الرياح)، كل هذا يتطلب أموالا ضخمة، فاستثمارات الطاقة النظيفة بلغت 940 بليون دولار أو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2024، وفي ذلك العام فقط أضافت الصين قدرة طاقة شمسية (277 جيجا واط) تزيد عن تلك الموجودة في الولايات المتحدة بأكملها (200 جيجاواط.)

سوق الكهرباء

العقبة هي أن الصين تفتقر إلى سوق كهرباء قومية ومرنة يمكن أن تضمن نقل الكهرباء النظيفة إلى حيث الحاجة إليها. في الوقت الحالي معظم الكهرباء تباع محليا عبر عقود طويلة الأجل وتفضل المحطات التي تستخدم الفحم الحجري لأنها تضمن شراء كميات ثابتة من الإمداد الكهربائي. إلى ذلك محاولات إصلاح النظام بطيئة. ففي الربع الأخير من عام 2024 تراجعت الاستفادة من كهرباء الطاقة الشمسية والرياح على الرغم من جودة الطقس. ويعود ذلك إلى الإمداد الزائد عن الحاجة من كهرباء الفحم الحجري، حسب مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف كل هذا يهدد بترسيخ دور الفحم الحجري في نظام توليد الكهرباء وسيجعل التخلص التدريجي منه مكلفا، كما يقول يان تشين الباحث بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة. وكلما تم تشييد المزيد من المحطات كلما زادت تكلفة التخلص منها.

في مدينة شوتشو، قلة قليلة من السكان هي التي تعتقد أن الصين ستستغنى يوما ما عن الفحم الحجري، يقول أحد مسؤولي القطاع عندما تُستنزف المناجم ستتوافر كميات كبيرة منه في أماكن أخرى في الصين، ويعتقد المسؤول أن الاستهلاك قد يبدأ في التراجع قريبا لكنه سيحدث ببطء شديد. ويقول سائق شاحنة فحم حجري سابق يدير الآن مطعما بالقرب من أحد مناجم المدينة: «لا يمكنهم التخلي عنه بالتدريج، سيواصلون استخراجه لمائة سنة».

مقالات مشابهة

  • ايران: نتشاور باستمرار مع روسيا و الصين بشأن الملف النووي
  • د. لبيب قمحاوي .. إسرائيل الكبرى والشرق الأوسط الصغير : مخاض التغيير
  • 1600 جهة عارضة في معرض الشرق الأوسط للطاقة
  • الحوثي مقاتل شرس واحتمال تدخل بري من الجنوب والشرق بعد وصول قاذفات أمريكية.. محللون يعلقون لـCNN
  • العراق ينتظر وفدا تجاريا من أمريكا.. هذه الملفات ستطرح على طاولة الاجتماعات
  • بغداد اليوم تنشر النص الكامل لمسودة خطة أمريكا لتحرير العراق من ايران (وثائق)
  • بغداد اليوم تنشر النص الكامل لمسودة خطة أمريكا لتحرير العراق من ايران (وثائق) - عاجل
  • باتيلو يدعو الناخب الأمريكي للتحرك من أجل سياسة أكثر توازنًا في الشرق الأوسط
  • ‏⁧‫رسالة‬⁩ من نوع آخر إلى ( ⁧‫صدر الدين الگبنچي‬⁩) الذي يريد يقاتل أمريكا من العراق دفاعا عن ايران !
  • هل تقلل الصين اعتمادها على الفحم الحجري في توليد الكهرباء؟