بحركات مختلفة لا يفهمها سوى ذوي الهمم من الصم والبكم، تقف زينب السعيد الواعظة بالأزهر، وسط مجموعة من الأطفال داخل مسجد الفولي بمدينة المنيا، تروي لهم قصص الأنبياء، وتقدم لهم دروسا دينية، تحاكيهم بلغة الإشارة التي يفهمونها، لتأصل ثقافة أن ذوي الهمم في قلوبنا وعقولنا، لتشهد حلقاتها إقبالا كبيرا من السيدات وأبنائهن وذلك بعد إطلاق مشيخة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، دوراتهما التدريبية لتعليم الواعظات لغة الإشارة.

«بعلمهم القرآن وبديهم دروس دينية في الثقافة الإسلامية، فضلا عن حكايات الأنبياء، لأن الصم والبكم وضعاف السمع في قلوبنا وعقولنا، ولازم كلنا نندمج معاهم»، هكذا روت زينب السعيد لـ«الوطن»، قصتها مع تعليم الأطفال والسيدات الدروس وتحفيظ القرآن بلغة الإشارة منذ عامين ضمن أنشطة المسجد وذلك ترسيخا لاهتمام الدولة بذوي الاحتياجات الخاصة.

«زينب» تقدم دروسا دينية بلغة الإشارة

منذ 13 عاما تعمل زينب السعيد، التي تخرجت في قسم الإعلام بجامعة المنيا، في الأزهر الشريف، إلا أنه في عام 2017، قررت الأوقاف والأزهر، تدريب مجموعة من الواعظات لتلسيط الضوء على أنشطة المساجد والرد على استشارات السيدات والأطفال وتنظيم ندوات وفعاليات من شانها رفع الوعي الديني والثقافي لدى المواطنين، فضلا عن إعداد برامج ثقافية ودينية متميزة للأطفال والنشء: «كنت بشارك في تنظيم ندوات وقوافل دينية بالمحافظة».

قبل عامين قررت «السعيد»، تعلم لغة الإشارة بعدما لاحظت وجود مجموعة من ضعاف السمع يترددون على مسجد الفولي بالمنيا، لتكون حلقة الوصل بينهم وبين أقرنائهم من الأصحاء: «قلت اتعلم لغة الإشارة علشان أقدر أفهم الأطفال ضعاف السمع، وكمان أدمجهم مع الأصحاء، فبقيت أحضر يومين في الأسبوع مع زملائي حتى تمكنت من تعلم لغة الإشارة وتمكنت من شرح الصور والآيات وإيصال المعلومة للأطفال الصم والبكم».

تحفيظ ذوي الهمم القرآن بلغة الإشارة

رغبة الأطفال ذوي الهمم في تعلم الدين وحفظ القرآن الكريم، كانت دافعا لتعلم «زينب» لغة الإشارة: «لقيت الولاد عندهم رغبة في تعلم الدين ومعرفة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فاعتمدناها ضمن أنشطة وفعاليات المسجد بعد موافقة قيادات الدعوة بمديرية أوقاف المنيا، ولقيت إقبال كمان من السيدات والأمهات ومختلف الأعمار، خاصة مع الاستعانة بشخص من ذوي الهمم لمساعدة زملائه».

أنشطة دينية وترفيهية تنظمها «السعيد» للصم والبكم، ما زاد إقبال الأهالي على دروسها وهو ما جعلها تشعر بالسعادة لنجاح رسالتها: «بنعمل أنشطة ترفيهية كتيرة ودا اللي خلى في إقبال، وخاصة الترفيهية اللي جذبت هذه الفئة، ودا حسسني بالسعادة والفخر إني بوصل رسالتي وبخدم الإسلام والدين وبجذب فئة الأطفال من ضعاف السمع، وبتمنى يبقى هما أجيال تعلم اللي بعديهم».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: لغة الإشارة الصم والبكم مساجد المنيا أوقاف المنيا بلغة الإشارة لغة الإشارة ذوی الهمم

إقرأ أيضاً:

مسلسل كساندرا.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة

يمتلك الشعب الألماني إرثًا غنيًا من الميلودراما التي تشكلت عبر تجربتي حربين عالميتين وهزيمتين قاسيتين، لكنه يزخر أيضًا بتراث فلسفي وموسيقي وأدبي يعكس حساسية فريدة وقدرة استثنائية على إنتاج أعمال إبداعية متميزة. منذ أواخر القرن التاسع عشر، أبهرت السينما الألمانية العالم، ورغم التحولات الجذرية التي شهدتها البلاد، من الانقسام إلى الوحدة، تواصل صناعة الدراما الألمانية تطورها، مقدمة إنتاجات تلفزيونية تضاهي في روعتها تلك التي تميز بها الفن السينمائي. ويعد مسلسل "كساندرا" (Cassandra) أحدث دليل على هذا التميز.

ينتمي "كساندرا" إلى نوعية الخيال العلمي الممزوج بعناصر الرعب، حيث نجح في تقديم تجربة فنية متكاملة، تمزج بين إثارة الأفلام البوليسية، ومتعة الاستكشاف العلمي والابتكار، إلى جانب العمق الدرامي الذي يعكس قضايا اجتماعية حساسة. إلا أن المسلسل لا يتوقف عند تقديم المتعة فحسب، بل يوجه نقدًا صارخًا لهيمنة المجتمع وأحكامه المسبقة، التي سحقت أجيالًا وأنتجت أخرى تعاني التشوهات النفسية. وتجسد ذلك ببراعة شخصية "كساندرا"، المرأة التي سحقها الظلم والخيانة، فتحولت إلى كيان رقمي شبح لا يسعى سوى إلى الهيمنة والانتقام.

إعلان

يحمل العمل بصمة واضحة للمجتمع الألماني، رابطًا بين الماضي والحاضر، فإذا كان شريط الصوت يستحضر إرث شوبان وبيتهوفن وفاغنر عبر موسيقى ماثيو لامبولي، فإن المسلسل أيضًا يستعيد ظلال الغرور العلمي الذي دفع إلى تجارب نووية وطبية على البشر في بدايات القرن الماضي. كما يسلط الضوء على القوالب النمطية الصارمة التي حكمت أدوار الرجال والنساء والأطفال، والتي لا تزال السلطة المجتمعية متمسكة بها حتى اليوم.

 العمل يحمل بصمة واضحة للمجتمع الألماني، رابطًا بين الماضي والحاضر (المصدر: آي ام دي بي)  مأساة مزدوجة

على مدار ست حلقات، يروي المخرج والكاتب بنجامين غوتشه قصة "كساندرا"، حيث تنتقل عائلة للعيش في منزل ذكي يخضع لتحكم روبوت يُدعى كساندرا. رغم أن الروبوت لا يلجأ إلى العنف المباشر، فإن طبيعته المتلاعبة والمخيفة كافية لتمزيق العائلة. بالتوازي مع هذه القصة، نشاهد عبر مشاهد "فلاش باك" عائلة أخرى عاشت في المنزل نفسه خلال الستينيات والسبعينيات، وهي العائلة التي قامت بإنشاء الروبوت، مُستنسخة فيه عقلية ونفسية الأم، مما منحه إرادة مستقلة. تتكشف الأحداث تدريجيًا لتكشف أصل "كساندرا"، وكيف وُلد هذا الكيان الرقمي من رحم الماضي.

كل حلقة من العمل تبدو وكأنها فيلم مستقل بفضل تكثيفه البصري المذهل، حيث يدفع المشاهد داخل جدران المنزل الذي، رغم تصميمه العصري، يبدو مسكونًا بالأشباح. إلا أن الشبح هذه المرة ليس سوى كيان رقمي، يمتلك قدرة مرعبة على إشعال النيران، ليس فقط في الأشياء، بل في النفوس أيضًا، مسببًا تمزقًا داخليًا يفوق أي أذى مادي.

منذ اللحظات الأولى، يضع المخرج بصمته البصرية الخاصة، حيث يخلق تناقضًا بين مشاعر القلق والطمأنينة، مستخدمًا تصويرًا سينمائيًا يُبرز التباين بين الإضاءة الدافئة والباردة، مما يعكس التغيرات المزاجية للروبوت "كساندرا" والمنزل ذاته. تتباطأ حركة الكاميرا عند استعراض عناصر المنزل، محولة الأشياء العادية إلى كائنات تنبض بالغموض والرعب. تلعب الظلال دورًا محوريًا في زيادة التشويق، إذ ينساب ضوء خافت زاحف ليؤكد الحضور الطاغي لنظرات "كساندرا" الرقمية التي تراقب كل شيء.

إعلان

الميلودراما التي عاشتها الأم والزوجة الأصلية في الماضي تتقاطع مع قصة العائلة الجديدة التي تواجه تجربة مشابهة في المنزل المليء بالذكريات. يبدو المنزل ككيان بحد ذاته، تتشابك فيه أحزان الماضي مع كآبة الحاضر، ممزوجًا بمفهوم المنازل الذكية في السبعينيات. وسط هذا التوتر، يظهر الذكاء الاصطناعي لـ"كساندرا" كأداة انتقام، حيث تسعى هذه المرأة الرقمية، التي خلقها الظلم والخذلان، إلى استعادة ما فقدته في حياتها السابقة. تتحول رغبتها في الانتقام إلى محاولة استبدال الأم الجديدة، وكأنها بذلك تحاول استعادة أسرتها المفقودة، ولكن هذه المرة على طريقتها الخاصة.

البراعة السمعية لم تقتصر  على الموسيقى، بل تميز المخرج في توظيف الصمت كأداة درامية (المصدر: آي إم دي بي) دور الموسيقى التصويرية

لعبت الموسيقى التصويرية، التي أبدعها الملحن الشهير ماثيو لامبولي، دورًا جوهريًا في بناء الأجواء النفسية والدرامية للمسلسل، حيث تألفت من 22 مقطوعة موسيقية تمثل مزيجًا متقنًا من المؤثرات الصوتية الإلكترونية المحيطة والتوزيعات الأوركسترالية، صُممت كل منها بعناية لتجسد العذاب النفسي العميق الذي تعيشه الشخصيات.

تعكس مقطوعات مثل "الاستيقاظ" (The Wake Up) و"تهديد" (Threat) أجواء الخطر الوشيك من خلال طبقات موسيقية نابضة، بينما تضيف مقطوعات أخرى مثل "دموع" (Tears) و"الحب" (Love) نغمات بيانو رقيقة، متداخلة مع أصداء بعيدة تحمل لمسة من الغموض والتوتر، ما يمنح المشاهدين تجربة حسية تجمع بين العمق العاطفي والشعور المستمر بالقلق.

انسجم الدمج بين الموسيقى التصويرية والأصوات المحيطة في المنزل بسلاسة، خاصة مع صوت "كساندرا" الناعم والمحمّل بجرعة خفية من التهديد، ما خلق وهمًا سمعيًا يوحي بوجودها الدائم في كل زاوية. كما استخدم التصميم الصوتي ترددات منخفضة تتصاعد تدريجيًا لتعزيز التوتر دون أن تطغى على السرد البصري أو الدرامي.

إعلان

ولم تقتصر البراعة السمعية على الموسيقى، بل تميز المخرج في توظيف الصمت كأداة درامية بقدر إتقانه لدمج الموسيقى، حيث كان صوت "كساندرا" يخترق لحظات السكون التام بنغمات مفاجئة ومزعجة، ما عزز الشعور بعدم القدرة على التنبؤ بسيطرة هذا الكائن الرقمي على المنزل وسكانه. في النهاية، أصبحت الموسيقى التصويرية، إلى جانب لحظات الصمت، قوة خفية تتحكم في الأحداث، وتخلق توترًا دائمًا يجعل المشاهدين في حالة ترقب مستمر.

التوازي والتكافؤ

جاءت الأسرة التي تتكون من أب، كاتب روائي يعمل من المنزل، وأم تعمل بالنحت و ابن مراهق، وطفلة إلى أقدم منزل ذكي في البلدة، لتفاجأ بوجود "روبوت"، قيل لهم أنه لا يعمل، لكن الإبن قام بتشغيله بالفعل، وهكذا ظهر روبوت يحمل في الجزء الأعلى منه شاشة تطل منها كساندرا، التي لم تكن روبوتا، وإنما نسخة رقمية من الأم التي عاشت في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وكانت زوجة لرجل دفعه غروره العلمي إلى إخضاعها لتجربة إشعاعية اصابتها بالسرطان و شوهت طفلتها، وكان ذلك العالم والزوج والأب هو الأسوأ بغروره العلمي وخيانته لزوجته، وإساءته لابنه المراهق، ومن ثم شعوره بالعار من إظهار طفلته التي تسبب بتشويهها وهي في رحم أمها.

بينما تعيش الأم "كساندرا" أيامها الأخيرة بسبب السرطان، تقرر ومعها زوجها أنها لا تريد أن تفقد أسرتها، فيصنع الزوج نسخة رقمية منها، ليموت الجسد وتبقى النسخة التي حملت آمال وألام وأحلام الزوجة المظلومة المخذولة، وتقرر أن تستعيد أسرتها عبر السطو على الأسرة الجديدة والكيد للأم الجديدة التي جاءت للإقامة في المنزل.

يعرض المسلسل حالتين لأسرتين، أولاهما دمرها الغرور العلمي والخيانة والخضوع لمعايير المجتمع بعدم إظهار طفلتها المشوهة وحبسها بعيدا عن المجتمع، والثانية لأسرة تبدو أقل حزنا رغم انتحار أخت الزوجة، وإصابتها باضطرابات نفسية، لكن في وجود أب سلبي، يكتفي بالحضور الجسدي. يظهر المسلسل تلك المفارقة المدهشة بين مرحلتين طغى في إحداهما الرجل، فدمر البناء الأسري بكامله، وسقط في الثانية الرجل في هوة الغياب، فوقفت الأسرة على حافة الانهيار.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مهرجان الشيخ زايد يختتم مسابقة شاعر الهمم
  • كيف يساهم تفسير القرآن للأطفال غير الناطقين بالعربية في تحسين فهمهم للأحكام الشرعية؟
  • مسلسل كساندرا.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
  • الأولمبياد الخاص الإماراتي يوقع مذكرة تفاهم مع منصة "سكينة"
  • نائب محافظ الفيوم يشهد احتفالية تكريم ذوي الهمم أصحاب المراكز الأولى بالمحافظات بالمسابقات الرياضية والفنية
  • «الأولمبياد الخاص» يعزّز الصحة النفسية لـ«أصحاب الهمم» بـ«سكينة»
  • “كندية دبي” تدعم إبداعات أصحاب الهمم
  • «دار البر» و«أمنيات» يتعاونان لدعم وتمكين أصحاب الهمم
  • يوم توارى “الشمس”
  • الجامع الأزهر يسلط الضوء على فضل ليلة النصف من شعبان بلغة الإشارة