البنك الدولي يتوقع تباطؤا حادا لاقتصادات شمال إفريقيا في عام 2023
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
أكد البنك الدولي، أمس الخميس، أن نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المتوقع أن ينخفض بشكل حاد هذا العام.
وحسب أحدث إصدار من تقرير البنك الدولي، عن المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن المتوقع أن ينخفض نمو إجمالي الناتج المحلي للمنطقة إلى 1.9 في المائة في عام 2023، من 6 في المائة في سنة 2022، وذلك بسبب خفض إنتاج النفط، في ظل أسعار النفط المنخفضة، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، وارتفاع التضخم.
وأشار التقرير، الذي جاء تحت عنوان “تحقيق التوازن… الوظائف والأجور في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عند وقوع الأزمات”، إلى أنه من المتوقع أن يكون تراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذا العام أكثر وضوحا في دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط.
وأوضح التقرير أن نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في هذه البلدان يرتقب أن يبلغ 1 في المائة فقط في عام 2023، منخفضا من 7.3 في المائة في عام 2022، وذلك نتيجة لانخفاض إنتاج النفط وتراجع أسعاره.
أما في البلدان النامية المصدرة للنفط، فمن المتوقع أن ينخفض النمو من 4.3 في المائة في سنة 2022، إلى 2.4 في المائة خلال 2023.
وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط في المنطقة، اعتبر المصدر ذاته أن الأوضاع المالية العالمية وارتفاع معدلات التضخم يعيقان النشاط الاقتصادي. ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو هذه البلدان 3.6 في المائة في عام 2023، منخفضا عن مستواه البالغ 4.9 في المائة في عام 2022.
وأشار التقرير إلى أن أفضل ما يظهر من تحسن في سبل كسب العيش يتمثل في التغيرات في نصيب الفرد من الدخل. وبهذا المقياس، من المتوقع أن ينخفض معدل النمو في جميع أنحاء المنطقة من 4.3 في المائة في عام 2022، إلى 0.4 في المائة فقط في عام 2023. وبنهاية عام 2023، لن يعود مستوى نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، الذي كانت عليه المنطقة فيما قبل الجائحة، سوى في ثمانية اقتصادات من بين 15 اقتصادا.
وعلى الرغم من أن البنك الدولي لم ينجز بعد تقييما كاملا للآثار الاقتصادية للكوارث الطبيعية التي ضربت المغرب وليبيا مؤخرا، فإن البنك يتوقع أن تكون آثارها متواضعة، على الاقتصاد الكلي، نظرا لأن الاضطرابات المحتملة ستكون قصيرة الأجل على الأرجح.
ويشير التقرير إلى أن أسواق العمل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تختلف عن تلك الموجودة في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. إذ أن استجابة البطالة في المنطقة في أثناء فترات الانكماش تبلغ ضعف استجابتها في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
وألحقت الصدمات الاقتصادية العالمية ما بين عامي 2020 و2022، أضرارا بالغة بمستويات التشغيل في المنطقة.
وتشير بعض نتائج التقرير إلى أن اضطراب الاقتصاد الكلي كان بإمكانه أن يدفع 5.1 ملايين شخص إضافيين إلى صفوف العاطلين عن العمل، وهو ما يتجاوز معدلات البطالة التي كانت مرتفعة بالفعل قبل تفشي الجائحة.
إلى ذلك، قالت روبرتا غاتي، رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، إن “الحكومات تواجه، في أوقات الركود الاقتصادي، مفاضلة بين زيادة البطالة، وبين انخفاض الأجور الحقيقية”.
كلمات دلالية الاقتصاد البنك الدولي تباطؤ شمال افريقيا
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الاقتصاد البنك الدولي تباطؤ شمال افريقيا الشرق الأوسط وشمال إفریقیا فی المائة فی عام البنک الدولی فی عام 2023 إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف سيعيد ترامب تشكيل الشرق الأوسط ؟
خلال حملته الانتخابية، وعد دونالد ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الآن، بأن «الشرق الأوسط سوف يُحَل»، لكنه لم يقدم سوى القليل من التفاصيل حول الكيفية التي قد يحقق بها مثل هذه النتيجة. مع عودته إلى البيت الأبيض، ستواجه أجندته التي ترفع شعار «أمريكا أولا» اختبارًا حقيقيًا في ظل تورط الولايات المتحدة في حرب إسرائيل في غزة، والأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.
على مدار العام الماضي، شهدت المنطقة تصعيدًا مباشرًا في الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، في وقت واصلت فيه إسرائيل عدوانها على حماس وحزب الله. بالتزامن مع ذلك، انهار نظام الأسد في سوريا، أحد أبرز حلفاء إيران، بعد نصف قرن من الحكم، خلال أسابيع قليلة.
تراجعت مكانة واشنطن في الشرق الأوسط إلى أدنى مستوياتها، حيث لم يمر تواطؤها في العدوان الإسرائيلي دون أن يلحظه الأعداء أو الحلفاء. تقلص نفوذ الولايات المتحدة لدى الحكومات والشعوب العربية مع كل شحنة أسلحة تُرسلها إلى إسرائيل وكل فيتو تستخدمه لحمايتها في الأمم المتحدة.
أخفقت إدارة بايدن في الدفاع عن أبسط حقوق الفلسطينيين في الغذاء والماء والدواء والمأوى، فيما يفتقر الفلسطينيون إلى أي أمل في أن يتخذ ترامب موقفًا مغايرًا. سجله الحافل بدعم إسرائيل، إلى جانب إحاطته نفسه بمستشارين مؤيدين لها بشدة، يجعل من المستبعد أن يوقف الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل، حتى في ظل الاتهامات الدولية التي تواجهها بارتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية.
ولكن كما هو معروف، يظل ترامب ورقة رابحة في المشهد السياسي، فهو لا يحمل عبء المساهمة المباشرة في الحرب الإسرائيلية الحالية، ويفتخر بكونه صانع صفقات. يبدو أنه يتمتع بنفوذ أكبر على القادة الإسرائيليين مقارنة بالرئيس الأمريكي جو بايدن.
فوق كل ذلك، ستعتمد السياسة الأمريكية على توازن القوى المتقلب في الشرق الأوسط، الذي بات أكثر تغيرًا وتعقيدًا مما كان عليه منذ عقود. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين لا يتوهمون أن ترامب حليف لهم، فإن البعض لا يزال يأمل في أن يتمكن رئيس غير متوقع، في ظل بيئة إقليمية متغيرة بسرعة، من إحداث تغيير يُنتظر بفارغ الصبر. (تجدر الإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» لمدة 42 يومًا في غزة، بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة، دخل حيز التنفيذ يوم الأحد 19 يناير).
يصعب التنبؤ بمستقبل الشرق الأوسط ويزداد صعوبة عندما نضع في الحسبان سلوك ترامب المتقلب. تقدم لنا ولايته الأولى في منصبه أدلة حول الكيفية التي قد يتعامل بها مع الشرق الأوسط اليوم: على الرغم من أنه صرح في البداية بأنه لا يفضل حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة، إلا أنه اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الأونروا والفلسطينيين، وأعلن أن المستوطنات الإسرائيلية - التي اعتبرتها واشنطن والمنظمات الدولية دائمًا غير قانونية - كانت فوق الشبهات.
بلغت سياسته في الشرق الأوسط ذروتها في اتفاقيات إبراهيم عام 2020، وهي سلسلة من الاتفاقيات الثنائية التي قامت بموجبها عدة دول عربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. كانت معظم الدول العربية قد وعدت سابقًا، من خلال التوقيع على مبادرة السلام العربية لعام 2002، باستعادة العلاقات الكاملة مع إسرائيل فقط في مقابل تحقيق حل الدولتين. ومع ذلك، كانت الاتفاقيات مبنية على فكرة مفادها أن السلام الإسرائيلي الفلسطيني يمكن فرضه من الخارج بمجرد إقامة العلاقات العربية الإسرائيلية - وهو عكس الحكمة التقليدية. فصلت الاتفاقيات إلى حد كبير التطبيع العربي الإسرائيلي عن مصير فلسطين. يأمل ترامب أن يقترن اتفاق إبراهيم بما أسماه «صفقة القرن»: وهي خطة للسلام الإسرائيلي الفلسطيني تميل لصالح إسرائيل بشدة. ستسمح هذه الخطة لإسرائيل بضم جزء كبير من الضفة الغربية رسميًا ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، في مقابل الاستثمار الإقليمي والوعود بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتفتقر إلى السيادة بأي معنى. رفضت منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل المعترف به للشعب الفلسطيني، الصفقة لأسباب مفهومة؛ كانت لتمنع احتمال قيام دولة حقيقية وتتنازل عن الأراضي والحقوق الفلسطينية المشروعة. رغم أن ترامب تخلى عن الخطة بحلول نهاية ولايته الأولى، فهناك سبب وجيه للاعتقاد بأنه سيحاول إزالة الغبار عنها. كان ترامب مترددًا بشكل عام بشأن الدولة الفلسطينية، ولم تؤكد تخفيضاته للمساعدات المقدمة للفلسطينيين إلا افتقاره إلى الاهتمام برفاهتهم. ومع ذلك، يبدو أنه يعتقد أن الاتفاقيات السياسية يمكن أن تخضع للمصالح المالية والاقتصادية المشتركة (أو تنمو في نهاية المطاف من خلالها)، وبالتالي فإن أي «صفقة قرن» جديدة ستقوم على مقايضة بين الحقوق السيادية الفلسطينية والازدهار الاقتصادي، وسوف تتوقف أيضًا على إقناع الفلسطينيين بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق آخر. أدت الحرب الكارثية التي شنتها إسرائيل على غزة إلى إضعاف الجماعات السياسية الفلسطينية، فلم تعد حماس موجودة كحركة عسكرية منظمة أو حكومة في غزة... وفي الضفة الغربية، ألحقت الحملات العسكرية الإسرائيلية أضرارًا جانبيةً بحماس ـ في حين حاولت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية استعادة السيطرة في جنين. والآن أصبح الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركته فتح أقل شعبية من أي وقت مضى لعدم رغبتهما الملحوظة في التدخل في حرب إسرائيل، وعجزهما عن تخفيف المعاناة في غزة.
إذا طرح ترامب نسخة من خطته لعام 2020، فلن تكون هناك وحدة سياسية فلسطينية لمقاومتها بشكل فعال. ومن المرجح أن يكون هناك القليل من المقاومة من جانب الحكومات الأخرى في المنطقة أيضًا، وخاصة الآن بعد أن تم إخراج «محور المقاومة» من الخدمة. ونظرًا لأن الدول العربية استجابت بشكل ضعيف لحرب إسرائيل، فإذا حانت اللحظة، فمن المرجح أن يكون القادة العرب على استعداد لممارسة أي ضغط مطلوب للإصرار على توقيع الفلسطينيين على اتفاق مع إسرائيل بشروط ترامب، ويمكنهم الحصول على تنازلات في المقابل، مثل: الضمانات الأمنية أو المساعدات الاقتصادية أو العسكرية.
قدم المانحون والمستشارون والمرشحون لترامب مؤشرات حول الكيفية التي قد يتعامل بها ترامب مع الشرق الأوسط. تبرعت ميريام أديلسون، المليارديرة المؤيدة لإسرائيل، بأكثر من 100 مليون دولار لحملة ترامب. وقال مايك هاكابي، السفير المعين لترامب في إسرائيل: إنه «لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية - إنها يهودا والسامرة»، مما يعني أن المنطقة تنتمي إلى إسرائيل. ويؤكد بيت هيجسيث، مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع، أنه «إذا كنت تحب أمريكا، فيجب أن تحب إسرائيل» ورفض فكرة حل الدولتين باعتبارها مجرد «كلام بلا معنى». وقال مايك والتز، المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي: إن الإدارة ستدعم هجومًا إسرائيليًا آخر على غزة إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، الذي أُعلن عنه في 15 يناير.
منذ هجوم حماس، نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إبقاء إسرائيل معلقة في وضع الانتقام الأعمى. ووفقا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب، يعارض 64% من الإسرائيليين الآن حل الدولتين، ارتفاعا من 30% في عام 2012. وتحرص حكومة إسرائيل على تفكيك أي تظاهر بوجود دولة فلسطينية ومؤسسات وحكومة. والواقع أن بعض الإسرائيليين عازمون على ما هو أسوأ من صفقة القرن التي طرحها ترامب. فقد اقترح أعضاء في الحكومة، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، استعادة المستوطنات الإسرائيلية في غزة، ونقل مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة، وضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وانهيار السلطة الفلسطينية، ومن الواضح أن الفلسطينيين لا يستطيعون بمفردهم منع مثل هذا الهجوم. ولكن في الوقت نفسه، تتسع الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي وداخل الشتات اليهودي ــ بين الإسرائيليين العلمانيين والمتدينين، وبين أولئك الذين يطالبون بالمساءلة عن أحداث السابع من أكتوبر وأولئك الذين يحاولون تحويل اللوم أو ببساطة المضي قدمًا، وبين الإسرائيليين الذين يبدو أنهم على استعداد للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين وأولئك الذين لا يفعلون ذلك، وبين مصالح حركة الاستيطان ودولة إسرائيل، وبين الناس الذين يعطون الأولوية ليهودية الدولة وأولئك الذين يعتقدون أن الديمقراطية ينبغي أن تكون القوة المرشدة لإسرائيل. وفي مرحلة ما من عام 2025، سوف يضطر نتنياهو وحكومته إلى مواجهة الحساب مع شعبهما بشأن هذه التوترات. وتتضاءل احتمالات قدرته على الاستمرار في تجنب المساءلة والحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني الضعيف مع إغلاق كل جبهة حرب.
رغم قتامة المستقبل القريب بالنسبة للفلسطينيين، فإن هناك أمورًا أخرى مجهولة ستؤثر على ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط. ومن بين هذه الأمور تغيير الديناميكيات الإقليمية، فقد أصبحت طهران في موقف دفاعي، ودخل الصراع على سوريا مرحلة جديدة مع تسابق القوى الإقليمية على النفوذ. واستغلت إسرائيل الفراغ باحتلال الأراضي السورية وقصف مخازن الأسلحة والمنشآت العسكرية في مختلف أنحاء البلاد. هناك عامل آخر يتمثل في غرور ترامب: فهو يتوق إلى تأمين صفقة كبرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين وربما تعلم من ولايته الأولى أن الصفقة لا يمكن أن تتم دون موافقة فلسطينية وقبول عربي.
بعد كل المعاناة التي عاشها الفلسطينيون، فإن مستقبلهم الأكثر ترجيحًا هو مستقبل «لا حرب ولا سلام»: مقاومة وقمع على مستوى منخفض، ومواجهات مع المستوطنات الإسرائيلية المتعدية، وإغاثة إنسانية محدودة، وواقع الدولة الواحدة الذي يشبه نظام الفصل العنصري. ويبدو أن تداعيات السابع من أكتوبر قد استنفدت الإمكانات والتبريرات اللازمة للنضال المسلح الذي كانت منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إليه ذات يوم، والآن حماس.
يتطلب النضال من أجل مستقبل أفضل للفلسطينيين الوحدة حول هدف مشترك وتجديد وسائل المقاومة لتحقيق تقرير المصير الوطني. ينبغي تأسيس مؤسسات فلسطينية جديدة تعبر عن السيادة الوطنية وتخفف من معاناة غزة، مع التركيز على السلام العادل بدلًا من التفاصيل الفنية.
رجا الخالدي باحث تنموي اقتصادي متخصص في الأوضاع الفلسطينية في لبنان والاراضي المحتلة 1967 وداخل إسرائيل.
نشر المقال في oreign Affairs