مخلفات البلاستيك مصدر دخل للمئات من الأسر.. الاستثمار بالنفايات في ظل الحرب (تقرير)
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
وجدت الكثير من الأسر اليمنية في مهنة جمع نفايات المواد البلاستيكية مصدرا لتوفير تكاليف قوت يومها، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها البلد، نتيجة الحرب الدائرة منذ أكثر من تسعة أعوام، والمتسببة بأسواء أزمة إنسانية في العالم، إلا أن ازدهار النشاط الصناعي لإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية والنفايات بشكل عام، فتح الباب أمام أسئلة تنموية مُلِحّة عن جدوى تطوير صناعة إعادة التدوير واستثمار النفايات في توليد الطاقة في اليمن.
يخرج أسامة -في العشرينات من العمر- من منزله الكائن في أحد الاحياء الشعبية بالعاصمة صنعاء صباح كل يوم، للعمل بجمع مخلفات البلاستيك بين أشعة الشمس الحارة وتقلبات الطقس والظروف غير المناسبة للعمل في مهنة خطرة دون وجود أي إجراءات وقاية، ليعود في الليل بالقليل من المال، بسبب زهادة المبلغ الذي يتقاضاه عن الكميات التي يجمعها.
يقول أسامة في حديث لـ "الموقع بوست" من الصباح حتى المساء أحيانا، لا أجمع سوى من ثلاثة إلى أربعة كيلو جرام، أتقاضى عليها أقل من 500 ريال وأحيانا يصل المبلغ إلى ألف ريال، ويشير إلى أن ذلك المبلغ الزهيد بالإضافة إلى ما يجمعه شقيقاه، هو المصدر الذي يؤمِّن لأسرتهم وجبة الغداء يوميا.
مهنة غير مُنظَّمة
العمل بأجر زهيد لا يكاد يذكر في جمع مخلفات البلاستيك، مهنة غير مجدية، لكنها بالنسبة لأسامة وكثير من الذين فقدوا مصدر دخلهم، وبالذات من طبقة المهمشين في اليمن، هي الفرصة التي تركتها الحرب أمامهم للعمل.
يبيع جامعو البلاستيك ما يجمعونه كل يوم، على العشرات من مالكي مُجمَّعات خاصة بالنفايات، مثل عمَّار الذي يرجع السبب في السعر الزهيد الذي يأخذه العمال، إلى مُلّاك مصانع التدوير والتجار المصدِّرين الذين يحددون سعر لا يتجاوز 150 ريال للكيلو جرام الواحد.
وبحسب عمّار، مالك مجمع النفايات، فإنه "يتقاضى مبلغ زهيد عن كل كيلو جرام يبيعه للمستوردين ومصانع التدوير" ويشرح أنه "يتم فرم نفايات البلاستيك في المصانع داخل اليمن، ثم تُصدَّر إلى الخارج".
في الجانب الاجتماعي، تحتاج مهنة وتجارة جمع مخلفات المواد البلاستيكية في اليمن إلى تنظيم وتدخل ماس من قبل الجهات المعنية، لضمان حقوق المئات من العمال والأسر التي أصبحت هذه المهنة- على كل ما فيها من التعب- مصدر دخلها الوحيد، وكذلك تنظيم هذه التجارة وتدريب عمالها وتقديم لهم المعدات والطرق التي تقيهم الأمراض الناجمة عن العمل.
واقع التدوير
أما من نواحي أخرى، فالاستثمار بجمع المخلفات البلاستيكية والنفايات بشكل عام يمكن أن يسهم في حل الكثير من المشاكل البيئية ويعود على البلد بمصدر دخل جديد وطاقة بديلة، مثل ما انتهجته الكثير من البلدان في تحويل النفايات إلى مصدر للطاقة، بحسب خبراء بيئة.
من جانبه يوضح مروان الوجيه، مالك معمل التدوير، في حديثه لـ "الموقع بوست"، أنهم يقومون بالتدوير لبعض مواد النفايات وليس كلها بسبب "عدم امتلاكنا آلات تدوير وبعض المواد الخاصة بذلك وارتفاع تكلفة المواد الخام التي نضيفها لبلاستيك علب الماء"، ويشير إلى أنهم يقومون بإعادة تدوير بعض المواد إلى أكياس بلاستيكية ومواد الصرف الصحي، فيما أنواع أخرى يفرمونها إلى حبيبات صغيرة للتصدير إلى الخارج.
خطر بيئي
تحويل معامل التدوير لبعض المخلفات البلاستيكية إلى أكياس ينتج عنه مخاطر بيئة على التربة وعليه كانت الدولة قد منعت ذلك في السابق لكن بعد الحرب عادت العملية، بحسب مدير إدارة المصانع بوزارة الصناعة في صنعاء خالد الأشرم، في حديثه لـ "الموقع بوست".
ويشير الأشرم إلى أن بعض أوجه المشكلة في الرقابة على صناعات إعادة التدوير تكمن في عدم وجود قوانين وتشريعات مناسبة، بالإضافة إلى غياب الخطط للاستفادة من تلك الجوانب بالشكل المطلوب.
وبرر مصدر في إدارة الرقابة الصناعية بوزارة الصناعة (رفض عن الإفصاح عن اسمه)، عدم متابعة الإدارة لعمليات إعادة تدوير مخلفات البلاستيك وتحويلها إلى أكياس بلاستيكية خفيفة بأن المواد الأولى مضرة على البيئة، فيما أكد أنها سمحت بتصدير مخلفات المواد البلاستيكية إلى الخارج للسبب نفسه.
وأشار المصدر إلى أنه لا يوجد عدد محدد لمعامل إعادة التدوير الموجودة في البلد، مقدرا عددها التقريبي ب14 معملًا، تقوم بالتصدير إلى الخارج.
بحسب تقديرات الهيئة العامة لحماية البيئة في تقريرها الوطني السنوي لعام 2012، فإن عدد النفايات من الأكياس البلاستيكية الخفيفة بلغ نحو 42 مليار كيس، وهو رقم مخيف جدا، حسب خبراء ومهتمون بالبيئة والزراعة.
الحرب والنفايات
وبحسب دراسة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان "اليمن.. تقييم طارئ لحالة النفايات" عام 2015، أي قبيل اندلاع الحرب، فإن هناك "أكثر من 50 مصنع مسجل لإعادة التدوير في جميع أنحاء اليمن، يتلقون المواد القابلة للتدوير من خلال شبكة غير رسمية من سماسرة النفايات، ومتاجر شراء الخردة"، لكن التقارير تشير إلى أن المصانع التي تعمل حاليا في إعادة تدوير البلاستيك تقتصر على أربعة فقط، واحد في صنعاء، واثنين في عدن وآخر محطة طاقة افتتاحها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في لحج في ديسمبر من عام 2021، بالإضافة إلى معامل صغيرة يقتصر دورها على إعادة التدوير.
وأكد البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، في موقعه على الإنترنت، أن "المحطة هي الأولى من نوعها في اليمن لتحويل المخلفات إلى طاقة، ومن خلالها سيتم معالجة مخلفات الطعام لإنتاج السماد العضوي، في حين سيتم تحويل الورق والمخلفات الزراعية ونشارة الخشب وأنواع أخرى من النفايات المنزلية القابلة للتحلل إلى غاز لإنتاج الكهرباء.
أما بالنسبة لمخلفات المواد البلاستيكية، "ستقوم آلة صنع الحبيبات البلاستيكية بإعادة تدوير المواد البلاستيكية عالية ومنخفضة الكثافة وتحويلها إلى حبيبات عالية القيمة والتي يمكن استخدامها لإنتاج منتجات مثل الأدوات المستخدمة على المائدة".
دعوة وفرصة
ويرى الدكتور والخبير البيئي يوسف الخرافي، في حديثه للموقع بوست، ضرورة وجود آلية لمراقبة وتنظيم تجارة وتصدير النفايات المواد البلاستكية لتجنب وقوع أي أضرار كارثية بيئية في المستقبل.
ولفت الدكتور الخرافي إلى أن اليمن قادرة على استثمار إعادة تدوير النفايات بشكل عام وليس فقط النفايات البلاستيكية، داعيا إلى وضع استراتيجية لإدارة النفايات في البلد مستقبلا، تراعي التنامي المتزايد في عدد السكان وتضمن استثمار البلد للنفايات لإنتاج الطاقة والتصنيع كما سارت عليه الكثير من الدول.
على الرغم من كون إعادة تدوير المواد البلاستيكية صناعة حديثة في اليمن، فيما إعادة تدوير النفايات العضوية تقتصر على مبادرة واحدة، إلا أن أمام البلد بعد توقف الحرب فرصة للخطو في اتجاه استثمار النفايات وتحويلها من مصدر للتلوث والأمراض إلى مصدر من مصادر الطاقة ورافدا من روافد الصناعة الوطنية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن نفايات استثمار مصدر دخل فقر المواد البلاستیکیة مخلفات البلاستیک إعادة التدویر إعادة تدویر إلى الخارج الکثیر من فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: إسرائيل تخطط لهجوم بري واسع في غزة بـ50 ألف جندي
أكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، نقلا عن مسؤول إسرائيلي ومصدر مطلع، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تخطط لهجوم بري كبير محتمل على قطاع غزة، يتضمن إرسال عشرات الآلاف من الجنود للقتال واحتلال مناطق واسعة من القطاع.
وأوضحت الشبكة أن هذا الهجوم يعد أحد السيناريوهات العديدة التي تدرسها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في ظل تكثيف هجماتها على غزة للضغط على حماس لإطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين دون إنهاء الحرب.
ولفتت إلى أن مصر وقطر تكثفان جهودهما لإحياء وقف إطلاق النار، فيما قال أحد المصادر إن "التسريبات حول هجوم بري كبير هي جزء من جهد إسرائيلي لممارسة المزيد من الضغط على حماس على طاولة المفاوضات".
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل سبق أن ألمحت إلى استعدادها لوقف الهجمات إذا وافقت حماس على إطلاق سراح الأسرى، إلا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة رئيس أركانه الجديد إيال زامير، "يعد منذ أسابيع خططا لعملية واسعة النطاق في غزة".
وشدد إيال هولاتا، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في تصريح لـ"سي إن إن"، على أنه "إذا لم تُجدَّد مفاوضات الأسرى، فإن البديل الوحيد هو استئناف القتال. وهناك خطط جادة".
وأشارت الشبكة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ هجمات برية عديدة في غزة خلال الحرب، لكنه كان ينسحب بعد أيام أو أسابيع، ما يسمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها في المناطق التي أخلاها.
ووفقا للمصادر، فإن أحد السيناريوهات المطروحة يتمثل في طرد قوات حماس من مناطق شاسعة في غزة ثم احتلالها لمنع عودة الحركة إليها، وهو ما قد يؤدي إلى احتلال طويل الأمد ومواجهة تمردات لسنوات.
وأوضح التقرير أن "الهجوم المحتمل قد يشمل خمس فرق عسكرية إسرائيلية، أي ما يقرب من 50 ألف جندي".
ونقلت "سي إن إن" عن الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسرائيل زيف أن "الحكومة الإسرائيلية تصعّد الضغط لإعادة حماس إلى طاولة المفاوضات بشروطها"، لكنه حذر من أن "التصعيد قد يقود إلى نقطة اللاعودة، ما يضع إسرائيل في مستنقع يصعب الخروج منه".
ونقلت الشبكة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الجيش بدأ بالفعل الاستعداد لهجوم واسع، باستعادة نصف ممر "نتساريم"، الذي يفصل شمال غزة عن بقية القطاع، وتعزيز مواقعه في الشمال والجنوب.
والأحد، أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء وكالة لتسهيل التهجير تحت مسمى "النقل الطوعي" للفلسطينيين من غزة إلى دول ثالثة، رغم أن أي دولة لم توافق بعد على استقبالهم.
وشدد التقرير على أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جعل القضاء على حماس هدفا رئيسيا للحرب، متعهدا بـ"نصر مطلق"، إلا أن التوسع العسكري قد يواجه معارضة داخلية، حيث يطالب معظم الإسرائيليين باتفاق يضمن إطلاق سراح الأسرى بدلا من استمرار الحرب.
وقال هولاتا: "ما سنراه هو وجود دائم للجيش الإسرائيلي يقاتل ضد التمرد على الأرض، ولن يكون هناك خيار سوى أن يتحمل الجيش مسؤولية المساعدات الإنسانية".
وأوضحت "سي إن إن" أن إسرائيل منعت منذ بداية آذار /مارس الجاري جميع المساعدات الإنسانية من دخول قطاع غزة، ما فاقم الأزمة الإنسانية.
ولفت زيف إلى أن استمرار احتلال غزة "ليس في مصلحة إسرائيل، على الأقل في الوقت الحالي"، مشيرا إلى أن "بعض المتطرفين في الحكومة، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قد يكونون مؤيدين لذلك، لكنه لا يمثل السياسة الإسرائيلية المثلى حاليا".
وفي السياق، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في 9 آذار /مارس الجاري، أن ما يقرب من 75 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون صفقة مع حركة حماس لإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى.
وحذر الأسرى الإسرائيليون المفرج عنهم وعائلات المحتجزين من أن "استئناف الحرب في غزة سيعرض حياة الرهائن للخطر"، إلا أن بعض حلفاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم يطالبون بعودة الحرب الشاملة بدلا من التفاوض.
وأشارت "سي إن إن" إلى أن مساعدي نتنياهو يراهنون على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيكون أكثر دعمًا لعمل عسكري واسع مقارنة بالرئيس السابق جو بايدن، الذي علّق تسليم أسلحة معينة لمنع هجوم إسرائيلي كبير على جنوب غزة.
وألمح وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى إمكانية توسيع العمليات البرية، مؤكدا في بيان: "كلما واصلت حماس رفضها، زادت الأراضي التي ستخسرها لإسرائيل".