ذكريات نصر أكتوبر.. الخداع الاستراتيجي كان مفاجأة للجميع
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
يوما بعد يوم، وجيلا بعد جيل، تكتسب حرب السادس من أكتوبر 1973، زخما جديدا وبريقا متوهجا لاينطفئ أبدا، فرغم مرور نصف قرن من الزمان علي حرب أكتوبر المجيدة، تتجدد الملاحم وتنكشف البطولات التي صنعها أبطال القوات المسلحة المصرية، أمام أجيال جديدة لم تعش أيام الحرب المريرة بتضحياتها الكبرى، لكنها تعيش اليوم زمن العزة والكرامة.
التضحية والفداء كانا شعار جيل من الأبطال سطروا بدمائهم تاريخ نحمله اليوم فوق رؤوسنا فخرا واعتزازا بهم... التقت "البوابة نيوز" ببعضهم ممن ينتمون لقرية برما مركز طنطا بمحافظة الغربية، لتوثيق هذا التاريخ المضئ، ومن هؤلاء المقاتل الرقيب أول ابراهيم السيد معتوق، بسلاح المدفعية الكتيبه 26 مشاه.
الرقيب أول ابراهيم السيد معتوق
وبادرنا "معتوق" وتحدث عن مشاركته في حرب السادس من أكتوبر قائلا: انا اتفاجئت بالحرب لكن كان في تدريبات كتيرة غير معتاده، وفوجئنا بالطائرات داخل عمق دفاعات العدو، ومراكز القيادة والسيطرة والمدفعيه الثقيلة، وهذا لتحطيم دفاعات العدو.
وأضاف: شعرت بالفرحة الشديدة عند علمي بأنها الحرب، وهذه خطة القيادة العليا والرئيس السادات الله يرحمه خدع العدو الاسرائيلي، وحضرت الحرب ولم أكن اتوقع ان الحرب بدأت فجأه، والحمد لله عدينا وعبرنا بالمدافعية، وتم عمل كباري من المهندسين العسكريين، وحطمنا الحاجز الترابي، كان ارتفاعه 23 مترا وكانت نسبة الخسائر ضئيلة.
وتابع "معتوق": كانت معنوياتنا مرتفعه انا وزملائي، ولما دخلنا جوه وشعرنا بالنصر سجدنا لله شكرا، لان العدو كان متغطرسا، وكان يفعل اشياء غريبة لاتطاق، مثل: شتيمة واستفزاز لنا، وكنا متضايقيين، ولما عدينا البر التاني كان شعور قوي جدا، واحتلينا العمق 15 كيلو، لكن كان النصر لنا بفضل الله.
وواصل حديثه قائلا: بعد الحرب بـ3 شهور محاصرين، لما العدو التف ورانا في مدينة السويس الباسلة، في منططه السكة الحديد ومدخل السويس من الخلف، وقامت الفرقة الرابعه بضربهم وتحطيم القوات الاسرائيلية، وكانت فرحة مابعدها فرحة.
ويضيف "معتوق": كانت المنطقة من الاسماعيلية للعريش نقط قوية محصنة لا يمكن تدميرها إلا بالقنابل النووية. وكان اللواء أحمد بدوي، قائد الفرقة السابعة، يمر علينا ويطمنا ويرفع من عزيمتنا، ويقول: شدوا حيلكم يارجالة.
وتابع: كانت المياة تأتي لنا بالجراكن، وكان لكل فرد لتر واحد فقط، 20 لتر ل20 فرد، وظللنا 3 شهور بعد النصر، حفظا للمكان اللي وصلنا له 15 كيلو في عمق دفاعات العدو، بعد الضفة الشرقية.
واختتم بقوله: يوم 24 أكتوبر، طبعا اسرائيل أمريكا كانت تمدها بالقوات الجوية والمدرعات اللي علي الزيرو، شوفنا الطائرات عاملة علينا حلقة، كان يوما صعبا جدا علينا، من الساعة 7 صباحا الي الساعة 9 مساءً.
المقاتل مجند صباح عبدربه حمودة
وأما عن المقاتل مجند صباح عبدربه حمودة، ك13 صاعقة، فتحدث لـ"البوابة" قائلا: دخلت اختبار الثقة عشان الصاعقة، وحصلت علي شهادة، واتوزعت علي وحدة مقاتلة من خلال التدريب.
وأضاف: ووقت حرب 6 أكتوبر كنا صايمين رمضان، وكنا نتممني هذا اليوم لاني كنت خلصت مدة جيشي، وتم استدعائي، وحضرت حرب الاستنزاف، وذهبت لليمن وحاربت هناك.
وتابع "حمودة": في الأول حسيت انه في حرب، وبعد ذلك قالوا انه تدريب، لان القائد يمر علي الجبهة يشوف وضع القوات، واما تأكدت انها الحرب قلت هو ده اليوم اللي كنت بتمناه، عشان أخلص منهم، وظللت 9 سنوات بالجيش، وكنت باتمرن تمرين ليلي، ومش بنام.
وواصل: الطبيعي يوم الحرب ذهبنا لأخذ المهمه، ندخل خلف الخطوط، شغلنا بقي، واحنا داخلين الجبهة لقينا طيارة اسرائلية انضربت واحنا معدين، ولعت جانبنا باللي فيها، ولا التفتنا ولا ادينها اي اهمية، لان لنا مهمه خلف الخطوط، وهي مهمه نسف المفاعل النووي الاسرائيلي في ديمونه، ويا ننتصر يانموت.
وقال "حمودة": وقفت علي التبة، وشفتهم، وكان معايا قنابل 43 مضادة للدبابات، وحدفت القنبلة علي العربية فولعت، واستخبينا في الدخان انا وزميلي، واتصبت وشفت زميلي وهو بيستشهد امام عيني وفداني بروحه، لانه في لحظه قاللي بدل المكان تعالي مكاني، وكانت في ايدي قنبلة تانيه رمتها فانفجرت، وجاءوا تاني بعربيات وراء بعض، ولما شفت زميلي رغم اصابتي شاركت مع باقي زملائي بالاربيجيه، ومافي حد نجي منهم، قتلناهم كلهم، أبدناهم، ما في عسكري اسرائيلي طلع سليم.
الشاويش عبدالرحمن ابراهيم الطباخ
أما عن الطباخ الملقب بالداهية، الشاويش عبدالرحمن ابراهيم الطباخ، سلاح الصاعقة، فقال: انا مواليد 1945، وحصلت علي فرقة صاعقة ومظلات وأمن حربي وبطولة كاراتيه، حضرت حرب 67 واليمن، ولقبوني بالداهية في القوات الخاصة لاني كنت اثناء حرب اكتوبر، أعارض كل الضباط وأفتشهم، لانه صميم عملي، وقبل ذلك، وقفت الرئيس عبدالناصر علي البوابة، لكي أتاكد من شخصيته اثناء مروره، واخذت مكافأة كبيرة من القائد وإجازة.
وأضاف الداهية: شاركت في حرب أكتوبر، وكانت مهمتي الذهاب الي الرست الجديد، وعبرت القناة ومسكت كذا أسير اسرائيلي وحبستهـ ودخلت بقلب المعركةـ ووصل أهلي اني استشهدتـ وفقدوا الأمل في رجوعيـ وكنت فرحان اني بحاربـ ونزلت في القوارب في المياةـ ومسكت لوحدي 20 اسرائيلي.
وتابع: كنا أثناء الحرب روحنا المعنوية مرتفعة وكنت بصحة جيدة، وكان اللواء الشاذلي، وجلال هريدي، يمروا علينا ويطمنونا ويرفعوا من روحنا المعنوية، وانتصرنا نصر غير عادي، لايمكن ان يتكرر ابدا، مشهد رهيب ومنظم، وكنا عاملين مدقات فيها متفجرات للعدو، نسفناهم نسفا.
واوصي كل شاب من شباب بلدي ووطني فأقول له: كن رجلا وقد المسؤلية، وحب وطنك يحبك، ومصر فوق الجميع، وقمت بلمحمة حربية جهنميه، لم يحدث لها مثيل ولي عظيم الشرف انني كنت بطل مقاتل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حرب السادس من أكتوبر القوات المسلحة المصرية التضحية العزة والكرامة
إقرأ أيضاً:
خبراء: كلمة الأمين العام لحزب الله رسمت خارطة المعركة والمفاوضات
بيروت- ألقى الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، اليوم الأربعاء، كلمة شاملة، تناول فيها رؤية الحزب للوضع الراهن في لبنان، ودرات الكلمة حول 3 محاور رئيسية: المعركة، والتفاوض، وما بعد الحرب، وتضمنت رسائل متعددة المستويات، وجهت بشكل خاص إلى إسرائيل، والمفاوضين على الساحتين المحلية والدولية، إضافة إلى الداخل اللبناني.
تحدث نعيم قاسم عن المعركة في المحور الأول من كلمته، وأشار بوضوح إلى أن "على العدو أن يتوقع الرد على وسط تل أبيب إذا استهدف بيروت"، وأوضح أن المقاتلين مستعدون لخوض معركة طويلة، مع الحفاظ على القدرة على الوصول إلى الخطوط الأمامية، وإجراء التبديلات، وتوفير السلاح، وقال "سنظل في الميدان ونقاتل مهما ارتفعت الكلفة، وسنجعلها عالية باهظة، وسنرد اعتداء العدو ونحن في موقع الدفاع".
وفي المحور الثاني، تناول قاسم مسألة المفاوضات، مشيرا إلى استلامهم المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار، والذي قدموا ملاحظاتهم عليه، وأكد أن الحزب قرر عدم الخوض في تفاصيل الاتفاق عبر وسائل الإعلام، كما أوضح أن هناك تطابقا بين ملاحظات لبنان الرسمي وتلك التي قدمها الحزب، وأضاف أن "التفاوض يتم تحت سقفين رئيسيين: الأول هو وقف العدوان بشكل كامل وشامل، والثاني ضمان الحفاظ على السيادة اللبنانية".
وفي المحور الثالث، قدم قاسم رؤية الحزب وخارطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب، موضحا مواقفه من خلال 3 رسائل أساسية:
الرسالة الأولى: أكدت استمرار حزب الله في تبني موقفه السابق قبل الحرب وهو سياسة المقاومة. الرسالة الثانية: أعادت التأكيد والتذكير على ثلاثية "الجيش، الشعب، المقاومة"، مع الإشارة إلى أن الحزب معني بتسهيل انتخاب رئيس جمهورية ضمن الأطر الدستورية وتحت سقف اتفاق الطائف. الرسالة الثالثة: التزام الحزب بالمشاركة في إعادة الإعمار. مواقف حاسمةقال المحلل السياسي قاسم قصير، للجزيرة نت، إن كلمة نعيم قاسم جاءت لتأكيد مواقف حزب الله والمقاومة على الأصعدة العسكرية والسياسية والتفاوضية، موضحا أن "الكلمة حملت رسالة واضحة لكل من الداخل والخارج حول قوة الحزب وقدرته على الصمود، واستعداده لما بعد وقف الحرب، خاصة في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتمسك باتفاق الطائف، والمضي قدما في جهود إعادة الإعمار".
وأشار قصير إلى أن قاسم شدد على أن "فشل العدو في تحقيق أهدافه يعد انتصارا"، وأكد على قاعدة تكاتف الجيش اللبناني والشعب والمقاومة.
وفيما يخص المفاوضات، أشار المحلل إلى أن الأمين العام لحزب الله ربط نجاحها برد فعل إسرائيل والجدية التي يظهرها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، مشددا على ضرورة التفاوض تحت سقف وقف العدوان بشكل كامل وشامل، وحفظ السيادة اللبنانية.
وأضاف قصير أن قاسم توجه إلى النازحين معبرا عن تقديره لتضحياتهم، وأوضح أن الحزب سيقوم بواجبه قدر الإمكان، داعيا إياهم إلى الصبر، وأكد على أن عملية إعادة الإعمار ستتم بالتعاون مع الدولة فور وقف العدوان.
الأمين العام أكد التزام حزب الله بالمشاركة في إعادة الإعمار فور وقف العدوان الإسرائيلي (الجزيرة) التفاوض والناريرى المحلل السياسي توفيق شومان، في حديثه للجزيرة نت، أن خطاب نعيم قاسم يمكن قراءته من 3 زوايا رئيسية، أولها تتعلق بالميدان وتجديد بنك الأهداف بصورة يومية، وهو ما تعكسه عمليات المقاومة المستمرة التي تستهدف مستوطنات جديدة ومواقع عسكرية متنوعة، تشمل الأعمال الأمنية، والتقنية، والاستخبارية، والعسكرية، واللوجستية، وصولا إلى تل أبيب.
يشير شومان إلى أن هذه العمليات تعكس قبول المقاومة بمعادلة "التفاوض تحت النار"، التي يسعى العدو الإسرائيلي إلى فرضها، إلا أن الخطاب يبرز بوضوح استعداد المقاومة لمواجهة هذه المعادلة بكل السبل الممكنة، بهدف إفشال مساعي إسرائيل لتوظيف العدوان لتحقيق مكاسب سياسية في المفاوضات.
أما الزاوية الثانية فترتبط بالمفاوضات الجارية، التي تجري بالتنسيق والتناغم مع الدولة اللبنانية، ويوضح شومان أن خطاب قاسم اتسم بالتحفظ في التعليق على هذه المفاوضات، انتظارا لما ستسفر عنه زيارة آموس هوكشتاين إلى تل أبيب والرد الإسرائيلي المرتقب، وتأكيد قاسم استعداد المقاومة لخوض حرب طويلة إذا اختار العدو الإسرائيلي هذا السيناريو.
وبخصوص الزاوية الثالثة والمتعلقة بالوضع السياسي الداخلي، يشير المحلل إلى أن قاسم أكد التزام حزب الله باتفاق الطائف والعمل تحت سقفه، باعتباره عقدا سياسيا واجتماعيا وطنيا جامعا، في إشارة واضحة إلى تمسك الحزب بالشراكة الوطنية المتوازنة والمتساوية، ويرى شومان أن هذا الموقف ينفي أي نية لاستثمار الخطاب السياسي داخليا، كما يُشاع في بعض الأوساط اللبنانية.
الميدان والسياسةمن جهته، اعتبر الباحث والكاتب السياسي علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن كلمة الشيخ نعيم قاسم تحمل دلالات مهمة تركز على محورين رئيسيين هما الميدان والمفاوضات، بالإضافة إلى رسائل مرتبطة بإدارة المشهد السياسي في لبنان بعد الحرب.
ففي الجانب الميداني، يوضح مطر أن الشيخ قاسم قدم شرحا مفصلا لنمط عمل المقاومة، مشيرا إلى اعتمادها أسلوب الدفاع المتحرك عوضا عن الدفاعات الثابتة التقليدية، كما بيّن قاسم أن المقاومة نجحت خلال شهرين في إحباط محاولات العدو الإسرائيلي لتحقيق أي تقدم ميداني، مستشهدا باستمرار إطلاق الصواريخ والتصدي لمحاولات التوغل في مناطق مثل الخيام، وشمع، وأطراف بنت جبيل.
ووفقا لمطر، تحمل هذه الرسالة تأكيدا على أن "العدو الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق أهدافه الإستراتيجية في القضاء على البنية العسكرية لحزب الله، التي ما زالت فاعلة ومستمرة في المواجهة".
وعلى صعيد المفاوضات، يشير الباحث مطر إلى أن الشيخ قاسم أكد حرص المقاومة على الوصول إلى اتفاق ينهي العدوان ويحفظ سيادة لبنان، بشرط عدم المساس بالتضحيات اللبنانية أو إخضاعها لشروط إسرائيلية، وأضاف أن القوة العسكرية على الأرض تُعتبر ورقة أساسية لتحسين شروط التفاوض لصالح المقاومة.
وفي سياق آخر، يلفت الباحث إلى أن قاسم حرص على الإشارة بشكل غير مباشر إلى قضايا حساسة، مثل طرح إسرائيل مفهوم "الدفاع عن النفس"، وهو ما يراه مطر تدخلا خطيرا في الشأن اللبناني، وانتهاكا للسيادة اللبنانية وللقانون الدولي.
يختم مطر تحليله للكلمة بالإشارة إلى أنّ حزب الله، كما أوضح أمينه العام، يعتزم استئناف حياته السياسية بشكل طبيعي بعد الحرب، مع العمل على تطوير قدراته بما يخدم المصلحة الوطنية وإعادة الإعمار.