حكايات النازحين المأساوية.. استعادة شريط الحرب والأهوال
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
ما زالت حكايات النازحين المأساوية عن الحرب تسترجع شريط الأهوال التي شاهدوها والاحزان التي عايشوها منذ منتصف أبريل الماضي.
التغيير: ود مدني: عبدالله برير
وما بين من فقدوا أرواح المقربين لهم ومن فقد حصاد عمره ومنزله، تمتلئ مذكرات النازحين بقصص الوجع ويتدفق الألم بين ثنايا حديثهم.
وتواصلت معاناة النازحين القادمين من الخرطوم إلى ود مدني وسط السودان هربا من الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ منتصف أبريل الماضي.
وتضاعفت المعاناة في دور الإيواء بولاية الجزيرة التي انحسرت الخدمات في بعضها بعد تطاول أمد الحرب وشح الدعم من المنظمات والأفراد.
وبعد أن كانت الخدمات الطبية والإعاشة منتظمة في مراكز الإيواء طرأ عليها تقهقر شديد بعد زيادة عدد المدارس المفتوحة للنازحين.
نازحون يغادرون الخرطوم بعد الحربوتحدثت لـ (التغيير) زينب الرشيد صالح، التي هي جزء من أسرة تتكون من 5 أفراد (3 أبناء وزوجين) وتسكن مدينة الخرطوم بحري بضاحيه الكدرو.
تقول زينب: “عند اشتداد الاشتباكات هربنا وكانت حالتنا النفسية سيئة مع القاذفات وأصوات الطيران وهناك مصابون وموتى في الشوارع”.
وتضيف خرجنا بملابسنا فقط ووصلنا إلى مدينة ودمدني بولاية الجزيرة ونزلنا في أحد مراكز الإيواء.
توقف الدعموحول الوضع في المركز كشفت عن عدم وجود دعم من الحكومة، وأن المساعدات تاتي فقط من لجان الحي.
وأضافت: “ناكل الرز والعدس والبليلة ونتلقى بعض الدعم المتقطع من المنظمات التطوعية”.
وتابعت: “سُرق منا حصاد السنين من الأثاثات والذهب الذي كنت ادخره لشراء منزل لنقيم فيه لأننا نقيم في بيت إيجار في الكدرو، اتفقنا مع صاحب عقار جديد لنشتريه ولكن للآسف لم نحصل على البيت ولا على الذهب الذي ادخرناه”.
وتضيف بالقول: “لم يتركوا لنا شيئا، زوجي شرع في مغادرة المدينة بعد استحالة بقائه هناك ولكنه لم يستطع الخروج من الخرطوم والذهاب لود مدني، قابله أفراد من الدعم السريع في الطريق وضربوه ضربا شديدا واخذوا ماله ولم يتركوا له شيئا”.
شريط أحداثوتعود زينب لشريط الأحداث في الخرطوم وتقول: “الاشتباك الأول كان صعبا ولم نفهم شيئا والوضع النفسي متراجع حتى اللحظة وخاصة بالنسبة لاطفالنا ولم ننس ما شاهدناه وعشناه في الخرطوم حيث كنا ولا زلنا في حالة رعب وحاليا لا نملك شيئا”.
وحول الخسائر في الأرواح قالت: “الحمد لله لم تحدث لنا إصابات أو موت بسبب الحرب في نطاق الأسرة لكن جارنا وهو يتبع للقوات المسلحة تعرض لاصابات وتم اسعافه”.
وختمت بالقول: “هذه الحرب جاءت في الأرواح الجميع تشردوا وفقدوا منازلهم ومدخراتهم وفقدوا اقاربهم وابعدوا عن ديارهم بسبب عدم الإتفاق بين المسؤولين من البلد، نتمنى أن يعم السلام ونرجع للديار”.
الوسومآثار الحرب في السودان اللاجئين والنازحين حرب الجيش والدعم السريع مدينة ود مدني مراكز إيواءالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان اللاجئين والنازحين حرب الجيش والدعم السريع مدينة ود مدني مراكز إيواء
إقرأ أيضاً:
ما بين جوبا وود مدني، السياسة ووجدان الشعوب
محمد بدوي
في مقال سابق حول آثار الحرب في السودان أشرت إلي أن ما يحدث في السودان لن يبقي في السودان، وذلك لعدة اسباب اشرنا إليها في ذاك الحيز، في ربطها بموضوع المقال فإن الاثر الاكبر وقع على دولة جنوب السودان، لتوقف الخط الناقل للبترول حينها نتيجة للحرب، فانعكس في تراجع إقتصادي بجوبا لإعتمادها على البترول كمصدر يساهم ٩بنسبة % في الموازنة العامة.
ضرورة الفقرة الاولي واقترانها بموضوع المقال المخصص لعلاقات الشعوب علي خلفية التطورات التي برزت عقب إعادة الجيش السيطرة على ولاية الجزيرة بوسط السودان، بعد عام من الانسحاب وسيطرة الدعم السريع عليها، تمثلت جملة التطورات في الانتهاكات التي طالت المدنيين، بما شمل الجنوب سودانيين وفقا للخارجية الجنوب سودانية التي إستدعت السفير السوداني بجوبا لإبلاغة بإحتجاج الدولة على ما تم.
دون الخوض في التفاصيل وأشكال الانتهاكات لأنها ليست بجديدة في السجل السوداني لما بعد الاستقلال لكن الجديد هو اتساع نطاقها وتوثيقها من قبل مرتكبيها، وياتي التوثيق كجزء من سلسلة إقتران الانتهاكات بخطاب الكراهية الذي يمثل التوثيق والنشر جزء من الانتهاك الذي في اختلاف طبيعته يخلص إلي إشباع رغبة المنتهكين في التشفي والشماتة المرضيتان، لأن مفعول خطاب الكراهية يكتمل عند المنتهك الا بمعاملة الضحايا كالحيوانات، وهذا يكشف لماذ الذبح احد أشكال الانتهاكات .
عطفا علي ما سبق فإن ما حدث في مدني استهدف المدنيين بناء على العرق قبل الانتماء بالجنسية أو للسودان أو جنوب السودان، هذا يقود إلي أن ما تم ينتهك الكرامة الانسانية ويختلف الضمير الإنساني والوجدان السليم.
جاءت بيانات الشجب والتضامن مع الضحايا من قطاعات واسعة خارجية وداخلية ربط بينها احترام الحق في الحياة واحترام حقوق الانسان، ولعل غزارة البيانات والمواقف المعلنة تجاوزت ما صدر في اي حدث اخر خلال هذه الحرب.
في تطور لاحق جاء رد فعل بعض الفئات بجنوب السودان تدعوا للتصعيد والنظر بالمقابل تحريضا ضد المدنيين السودانيين السودانيين بجنوب السودان، يمكن فهم ما حدث في سياق أن ما تم جاء نتيجة لاعادة ذاكرة الحرب الاهلية، لكن بالنظر الي الاصوات التي نشطت في التحريض فهم يمثلون فئات عمرية لم تشهد عمق وفظاعة الحرب الاهلية، ليرتبط الأمر بسؤال جوهري حول الأسباب التي دعت تلك الاصوات للنشاط للتحريض، لعل جزء من الإجابة يمكن الوقوف عليها بالنظر الي اتفاق إعادة ضخ بترول جنوب السودان عبر السودان في ٨ يناير ٢٠٢٥ بعد توقف دام لما يقارب ال١١ شهرا .
ما يحدث في جوبا في تقديري يتطلب النظر بروية والاستفادة من ما يحدث في السودان، وعلى إنها حرب سلطة وموارد، فانتقالها مظاهرها إلي اي مكان آخر يحمل ذات جينات الأسباب بما فيها نسق عدم الاستقرار.
أن العنف وتوجيهه نحو المدنيين في جنوب السودان، لن يحل الازمة لأنهم ليسوا طرفا في الصراع،في الغالب تواجدهم بجوبا ناتج من أسباب مختلفة منها رفضهم للحرب أوهربا منها أو بحثا عن العيش الاقتصادي الكريم
ظلت الحرب بين السلطات السودانية والحركة الشعبية بفتريتها مرتبطة بطبيعة سياسية، حتي جاء الانفصال / الاستقلال أيضا كقرار سياسي مرتبط باتفاق السلام الشامل ٢٠٠٥، في هذا الخضم ظلت علاقات الشعوب السودانية لا مجال لها لتعبر عن مواقفها في ظل الهينمة السلطوية، بما يتطلب النظر مليا إلي علاقات الشعوب بعيدا عن العلاقات الرسمية للحكومات التي تتاثر سلما وتوترا، لأن ما يربط بين الشعوب تواريخ مشتركة، و ذاكرة السلم غيبت قسرا وحسن الجيرة، والملاذات حين تعمل آلة الحرب في اي من الجغرافيا.
الخلاصة : تراخينا في التوحد كمدنيين في وقف الحرب في السودان، بما يجعل هذه التطورات تعيد تذكيرنا بذلك وتفرض واجب العمل المشترك بين شعوب الدولتين لتفويت الفرص على زعزعة الاستقرار، غياب العدالة والمحاسبة تاريخيا حتي في بنود اتفاق السلام الشامل ٢٠٠٥ ستظل الحلقة المفقودة لضمان الاستقرار في السودانيين
الوسوممحمد بدوي