أحمد ياسر يكتب: لماذا لا ينبغي الاستهانة بالتهديدات الروسية؟
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
بعد 18 شهرًا من الحرب، لا تزال أوروبا غير قادرة على التنبؤ بالخطوة التالية لموسكو، وقد تجنبت المشكلة من خلال اختيار التغاضي عن تصريحات وتحذيرات بوتين والسلطات الروسية... ومع ذلك فإن تصريحات بوتين السابقة تشير إلى أنه يكشف في كثير من الأحيان عن أدلة حول التدابير الوشيكة التي ستتخذها الحكومة الروسية، وهي الظاهرة التي فهمتها أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية السابقة، بشكل أفضل من الزعماء الغربيين الآخرين.
وبالتالي، لا ينبغي اعتبار ردود الفعل العنيفة لبوتين والسلطات الروسية على قمة الناتو الأخيرة بمثابة تهديدات فارغة أو خدع سياسية، بل يجب التعامل معها بجدية وإقناع السلطات الروسية بأن الناتو لا ينوي الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا..
إن حلم أوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في القمة الأخيرة لم يتحقق، ولكن أعضاء هذه المنظمة، وخاصة الأوروبيين، التزموا بزيادة مساعداتهم العسكرية لأوكرانيا بشكل كبير، بما في ذلك إعلان فرنسا عن تقديم صواريخ كروز بعيدة المدى لأوكرانيا.
التصريحات الصريحة وغير المسبوقة لريتشارد مور، رئيس جهاز المخابرات البريطانية (MI6)، واستفزازاته لقوات المخابرات الروسية... إن هذه الرسائل، بغض النظر عن نوايا الجانب الأوروبي، تثير تصورًا خطيرًا لدى الجانب الروسي، وهو تصور ستكون له تداعيات خطيرة على أوروبا إذا تم تجاهله.
في مقال نشره عام 2021، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فكرة "وجود دولة اسمها أوكرانيا"، وهو مقال كان من الممكن أن يحذر من غزو روسيا لأوكرانيا لو تم التدقيق فيه عن كثب... أبدت السلطات ووسائل الإعلام الروسية ردود فعل عنيفة على قمة الناتو الأخيرة في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا... وكان أحد ردود الفعل الأكثر جذرية في برنامج مدته 60 دقيقة على التلفزيون الروسي، حيث فسر المذيعون زيادة قوات الناتو وتعزيز مساعدات المنظمة لأوكرانيا كمؤشر على أن الناتو يستعد لبدء الحرب مع روسيا.
كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية صراحة، أن القمة كانت تعبيرا عن نية الناتو لبدء حرب أوروبية كبرى مع روسيا، علاوة على ذلك، كثفت السلطات الروسية تهديداتها النووية، وألمح ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إلى احتمال نشوب سيناريو حرب نووية كارثية، تجدر الإشارة إلى أن هذه التعليقات ليست متسرعة وعاطفية فحسب، بل تنبع من تخوف روسيا من أن أوروبا وحلف شمال الأطلسي على وشك الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا.
ولذلك فإن تجاهل الأوروبيين للتهديدات الروسية كان خطأً فادحًا لا ينبغي أن يتكرر مرة أخرى... والواقع أن روسيا سوف تستخدم كل قوتها العسكرية وتتصرف بشكل أكثر عدوانية إذا بدأ حلف شمال الأطلسي حربًا مباشرة... كما سيكون من الصعب التنبؤ بسلوك موسكو في مثل هذا الموقف، وسيكون من المستحيل تقريبًا إدارة التوتر مع روسيا.
علاوة على ذلك، فإن حربًا أخرى واسعة النطاق من شأنها أن تضعف علاقات أوروبا مع دول ما يسمى "الجنوب العالمي"، وتدفع هذه الدول النامية بعيدًا أكثر فأكثر عن القارة.
فروسيا تنقل رسائل جدية إلى الغرب لتحذيرهم، ومن المرجح جدًا ألا تمتنع موسكو عن استخدام الأسلحة النووية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل، ومع ذلك، فإن لروسيا عدة أهداف في نقل مثل هذه الرسائل إلى الغرب.
أولًا، تعتزم موسكو تقييم مدى استعداد الغرب، وخاصة حلف شمال الأطلسي، لاستخدام الأسلحة النووية وبدء حرب نووية.
ثانيًا، تعتزم روسيا التأكد مما إذا كان الغرب مستعدًا لمواصلة الحوار والدبلوماسية أم أنه تخلى عن التواصل الدبلوماسي مع موسكو.... وبالطبع فإن التصريحات الأخيرة للقادة الأوروبيين، وخاصة تصريح ريتشارد مور، رئيس جهاز "MI6" في التشيك، بأن أوروبا لا تطمح إلى إذلال روسيا أو حتى بوتين شخصيًا، وتطمح فقط إلى منح أوكرانيا نفوذًا في المنطقة، وتشير مفاوضات السلام وإنهاء الحرب إلى أن الغرب لا يطمح إلى قطع العلاقة مع روسيا.
ثالثًا، تريد روسيا أن تكون لها صلاحية تكثيف التوتر أو تخفيفه، ولا تريد أن يتحمل الغرب مسؤولية هذا الأمر، وفي نهاية المطاف، تعتزم روسيا دراسة مدى استعداد الغرب للمشاركة في جولة جديدة من المناقشات المتعلقة بالحد من الأسلحة، وهي فرصة لا ينبغي لأوروبا أن تضيعها، وبطبيعة الحال، لا شك أن روسيا ستطالب بتنازلات مقابل المشاركة في مثل هذه المناقشات.
وفي السياسة الدولية، فإن ما يحفز العمل هو فهم البلدان لمصالحها وتحدياتها... لذلك، فإن المساهمة في هذا الفهم بين عامة الناس والنخب بأن الناتو سيبدأ حربًا مباشرة مع روسيا سيكون أمرًا خطيرًا للغاية بالنسبة للعالم والغرب، على وجه الخصوص.
وهذا التوجه يضع روسيا في منافسة وجودية مع الغرب، وهي المنافسة حيث يكون الإنجاز النسبي ضئيلًا والعواقب إما الكل أو لا شيء، وفي مثل هذه الحالة فإن تصريحات السلطات الروسية ليست خطابا فارغا، بل رموز تحذيرية، إذا أهملت، لن تؤدي إلى حرب إقليمية هذه المرة، بل في تفسير ميدفيديف، إلى كارثة نووية.
ولذلك على أوروبا والغرب أن يكفوا عن إهمال إشارات روسيا، وأن يراعوا عتبة التوتر مع روسيا، لأن تجاوز هذه العتبة يعني تجاوز الخط الأحمر لروسيا، وفي هذه الحالة فإن روسيا لن تمتنع عن استخدام أي سلاح في حرب وجودية مع حلف شمال الأطلسي.
لا شك أن عدم الموافقة على طلب عضوية أوكرانيا في قمة حلف شمال الأطلسي الأخيرة يشير إلى أن المثقفين الأوروبيين والأميركيين أدركوا الخطر وأدركوا حدود تصعيد التوترات مع روسيا، إن التركيز على محادثات السلام ووقف إطلاق النار باعتبارهما الحل الوحيد لإنهاء الحرب في أوكرانيا ومنح الضوء الأخضر للحكومات، التي تطمح إلى التوسط في هذه الحرب، كل ذلك يهدف إلى تجنب سيناريو نهاية العالم الذي حذر منه ميدفيديف، والتي وصفها بالكارثة ستستمر لقرون وستؤدي إلى فناء العالم، فناء قد لا يمكن إصلاحه.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر بوتين روسيا أوكرانيا الناتو حلف شمال الأطلسي الحرب الروسية الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
صداقة غريبة.. لماذا كان أحمد رمزي ورشدي أباظة يتبادلان الضرب باستمرار؟
زمالة تحولت إلى صداقة عميقة أقرب إلى الأخوة رسمت ملامح العلاقة بين رشدي أباظة وأحمد رمزي على مدار سنوات طويلة قدما خلالها معا نحو 7 أفلام، وحتى بعد رحيل «أباظة» قبل أن يلحق به «رمزي» بعد 32 عاما، وطوال تلك السنوات كان يتحدث الأخير دائما عن صديقه والنجم السينمائي الذي لن يأتي مثله مرة أخرى، بقوله «مفيش حد ييجي زي ضفر رشدي أباظة».
برغم الصداقة الوطيدة التي جمعت النجمين معا، فإن رشدي أباظة وأحمد رمزي اعتادا ضرب بعضهما البعض يوميا طوال 10 سنوات حتى أن في إحدى المرات قام أحد حضور بإبلاغ الشرطة لفض العراك بينهما، وهو الأمر الذي كشفه الفنان الراحل أحمد رمزي في لقاء مع الفنانة صفاء أبو السعود: «رشدي ده حبيبي قعدنا 10 سنين مبنفارقش بعض ليل نهار، ربنا كان مدينا شوية عافية، وهو كان جامد قوي كل ليلة فجأة نقوم نضرب بعض من غير أي سبب، لدرجة أن في مرة جابوا لينا بوليس النجدة، كنا قاعدين وكسرنا المكان».
جابولنا بوليس النجدة.. أحمد رمزي يكشف تفاصيل «خناقة» يومية مع رشدي أباظةأكد أحمد رمزي أنه طوال تلك السنوات لم يعلم السبب الذي يدفع رشدي أباظة إلى بدء العراك معه وضربه، وفي إحدى المرات دفعه الفضول ليسأله عن السبب، ولكن الإجابة كانت أغرب بالنسبة لـ«رمزي»، الذي روى في لقائه الإعلامي: «أنا مرة سألته هو إحنا ليه بنتخانق آخر الليل، قالي أنا لو ضربت واحد تاني غيرك هيموت.. قلت له يعنى أنا لو اتضربت ماموتش، قالي لا أنت ماتموتش».
أحمد رمزي: رشدي أباظة كان شخصية ما حدش يختلف عليهاورغم العنف بينهما إلا أن في اليوم التالي يعود أحمد رمزي ورشدي أباظة صديقين مرى أخرى، وكأن لم يحدث أي شيء بينهما في الليلة الماضية، «بنرجع صحاب تاني وكأن مفيش حاجة حصلت».
شخصية لم يختلف عليها أحد، هكذا تحدث أحمد رمزي عن صديقه الراحل رشدي أباظة، مؤكدا أنه كان شخصا محبوبا للغاية داخل الوسط الفني، فلم يعرفه أحد عن قرب ولم يحبه، فكان دائما ما يقف في صف الضعيف ويأتي له بحق من أي شخص كان، «عشان كده فعلاً كان شخصية محدش اختلف عليها خالص».