اجراءات جذرية لمعالجة الوجود السوري في مناطق نفوذ حزب الله... المفوضية تعمل على إعادة التوطين إلى بلدان ثالثة
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
دخل الملف السوري المتصل تحديدا بأزمة النازحين في لعبة شد الحبال المحلية والإقليمية والدولية، ما ينذر بمرحلة خطر داهم من شأنه أن يهدد الاستقرار الهش في لبنان، وسط دعوات غربية لإبقاء النازحين في الدول المضيفة، يقابلها رفع للصوت من قبل قوى سياسية محلية تجمع بغالبيتها على ضرورة معالجة هذا الملف وعودة النازحين إلى ديارهم وإن كانت تختلف مع بعضها حول سبل الحل.
منذ نحو أسبوعين أبلغت واشنطن كل من يعنيه الأمر في لبنان على وجه الخصوص أن الظروف اليوم غير مواتية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، لكنها لا تقبل بوضعهم في لبنان، وأتى هذا الموقف في تصريح رسمي للمتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية سامويل ويربيرغ، ليعلن الناطق الرسمي للإتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهته أن لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي ويدعو إلى مساعدتهم في لبنان. في المقابل خرج "حزب الله" عن صبره ليدعو إلى تسهيل هجرة النازحين السوريين عبر البحر إلى أوروبا للضغط على المجتمع الدولي لحل قضيتهم، ليلتقط مجددا رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الفرصة ويدعو أمام زواره إلى فتح البحر أمام هؤلاء.
تظن بعض القوى السياسية أن هذا الأمر سهل ويمكن ان تتبناه الدولة اللبنانية، بعد أن نجحت تركيا في تخويف المجتمع الدولي كرد فعل على عدم حصولها منه ومن الاتحاد الأوروبي على الدعم اللازم لتقاسم عبء النازحين، فهدد يومذاك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح الأبواب للمهاجرين للسفر إلى أوروبا، فتحرك مئات من المهاجرين سيرا عبر شمال غرب تركيا نحو الحدود مع اليونان وبلغاريا.
المفارقة هنا أن لبنان ليس تركيا، وأن البلد مشلول على المستويين السياسي والاقتصادي. لا رئيس للجمهورية في بعبدا والحكومة معطلة جزئيا والمجلس النيابي ايضاً وبالتالي فإن كل الحلول التي تطرح من هنا وهناك ليست الا طروحات غير قابلة للتنفيذ في الوقت الراهن، لا سيما وان جميع القوى المحسوبة على ما يعرف بـ 8 و14 آذار تدرك جيدا وتعترف أيضاً بحقيقة أن عودة النازحين مرتبطة ارتباطاً وثيقا بالحل السياسي وإعادة الإعمار.
إذن، لا يمكن القول إن حادثة الدورة أمس بين لبنانيين وسوريين التي أوقف الجيش بعدها 8 سوريين لا يحملون اوراقا قانونية، قد تفتح كوة في جدار أزمة النازحين، فأحداث كثيرة حصلت في الاشهر الماضية جرى ضبطها وترافقت مع إعادة الجيش لمئات السوريين إلى بلادهم بعدما تم توقيفهم بسبب دخولهم خلسة إلى لبنان ومن دون أوراق قانونية وذلك عبر معابر غير شرعية، بيد أن المفارقة اليوم أن هذا الإشكال يأتي بالتزامن مع حركة وصول نازحين سوريين جدد يدخلون إلى الأراضي اللبنانية تهريباً وبطرق غير شرعية تفاقمت في الاسابيع الماضية رغم احباط وحدات من الجيش، بتواريخ مختلفة خلال محاولة تسلل الالاف من السوريين عند الحدود اللبنانية – السورية، وربطاً بمعلومات عن تسليح أعداد كبيرة منهم وارتباطهم بشبكات تهريب خطيرة، في حين أن لا جديد في ملف المفاوضات مع مفوضة اللاجئين في ما خص الداتا التي لا تزال في عهدتها ولم يتسلمها الأمن العام.
ولكي لا تنفجر الأوضاع بين اللبنانيين والسوريين في المناطق اللبنانية، فإن الرهان يبقى على عمل البلديات وكيفية تعاطيها مع ملف النزوح وتنظيمه وفق ما تقتضيه القوانين اللبنانية، وبحسب معلومات "لبنان 24" فإن البلديات في مناطق نفوذ حزب الله بدأت باتخاذ اجراءات جذرية في معالجة الوجود السوري من خلال إخضاع العمالة السورية للقوانين اللبنانية ومكافحة كل مخالفة، ويأتي ذلك بعد اجتماع رؤساء البلديات الكبرى مع وزير الداخلية بسام المولوي الذي اكد أهمية تطبيق قوانين وربط بقاء النازح السوري بامتلاكه إقامة صالحة للعمل وترخيص بمهنته أو مؤسسته التجارية، وإقفال المؤسسات التي لا تنطبق خلالها هذه الشروط.
وتعقيبا على كل ما يجري في الأونة الاخيرة، تكتفي مصادر "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" بالقول لـ"لبنان24" إن عمل المفوضية يتم بشكل وثيق جداً مع الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي في كل برامجها في لبنان، التي تعود بالنفع على اللبنانيين واللاجئين على حد سواء. ومن ضمن هذه البرامج، تتعاون المفوضية مع الحكومة اللبنانية بهدف إيجاد حلول للاجئين، بما في ذلك إعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى بلدان ثالثة، كما لوضع التدابير المشتركة لمعالجة الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه اللبنانيون واللاجئون.
وتضيف : يبقى هدفنا الأول والأخير مساعدة وحماية الفئات الأكثر ضعفا، بما في ذلك اللاجئين والمجتمعات اللبنانية. وكمثال على تعاوننا الوثيق وعملنا المشترك، منذ عام 2011، استثمرت المفوضية وحدها أكثر من 372.91 مليون دولار أميركي في المؤسسات والبنية التحتية في لبنان لدعم المؤسسات العامة والبنية التحتية من خلال الاستجابة للأزمات المتعددة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
كشفت الأمم المتحدة، أن الاقتصاد السوري بحاجة لـ55 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في 2010 قبل اندلاع النزاع، إذا ما واصل النمو بالوتيرة الحالية، مناشدة الأسرة الدولية الاستثمار بقوة في هذا البلد لتسريع عجلة النمو.
وقال أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير إنه « بالإضافة إلى مساعدات إنسانية فورية، يتطلب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل للتنمية، من أجل بناء استقرار اقتصادي واجتماعي لشعبها ».
وشدد المسؤول الأممي خصوصا على أهمية « استعادة الانتاجية من أجل خلق وظائف والحد من الفقر، وتنشيط الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنى الأساسية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة ».
وفي إطار سلسلة دراسات أجراها لتقييم الأوضاع في سوريا بعد إسقاط الرئيس بشار الأسد في ديسمبر، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الخميس، ثلاثة سيناريوهات للمستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
وبحسب معدل النمو الحالي (حوالي 1,3% سنويا بين عامي 2018 و2024)، فإن « الاقتصاد السوري لن يعود قبل عام 2080 إلى الناتج المحلي الإجمالي الذي كان عليه قبل الحرب ».
وسلطت هذه التوقعات « الصارخة » الضوء على الحاجة الملحة لتسريع عجلة النمو في سوريا.
وما يزيد من الضرورة الملحة لإيجاد حلول سريعة للوضع الراهن، هو أنه بعد 14 عاما من النزاع، يعاني 9 من كل 10 سوريين من الفقر، وربع السكان هم اليوم عاطلون عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي السوري هو اليوم أقل من نصف ما كان عليه في 2011، وفقا للتقرير.
وتراجع مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع ومستويي التعليم والمعيشة إلى أقل مما كان عليه في 1990 (أول مرة تم قياسه فيها)، مما يعني أن الحرب محت أكثر من ثلاثين عاما من التنمية.
وفي هذا السياق، نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى وتيرة النمو اللازمة لعودة الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب، وكذلك إلى الوتيرة اللازمة لبلوغه المستوى الذي كان يمكن للبلاد أن تبلغه لو لم تندلع فيها الحرب.
وفي السيناريو الأكثر « واقعية » والذي يتلخص في العودة إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 فقط، فإن الأمر يتطلب نموا سنويا بنسبة 7,6% لمدة عشر سنوات، أي ستة أضعاف المعدل الحالي، أو نموا سنويا بنسبة 5% لمدة 15 عاما، أو بنسبة 3,7% لمدة عشرين عاما، وفقا لهذه التوقعات.
أما في السيناريو الطموح، أي بلوغ الناتج المحلي الإجمالي المستوى الذي كان يفترض أن يصل إليه لو لم تندلع الحرب، فيتطلب الأمر معدل نمو بنسبة 21.6% سنويا لمدة 10 سنوات، أو 13.9% لمدة 15 عاما، أو 10.3% لمدة 20 عاما.
وقال عبد الله الدردري، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية، إنه لا يمكن سوى لـ »استراتيجية شاملة » تتضمن خصوصا إصلاح الحكم وإعادة بناء البنى التحتية في البلاد أن تتيح لسوريا « استعادة السيطرة على مستقبلها » و »تقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية ».
كلمات دلالية الاقتصاد الامم المتحدة التنمية الحرب تقرير سوريا