بغداد اليوم – متابعة 

يستعد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لإجراء زيارة هي الثالثة من نوعها إلى بغداد منذ توليه المنصب في 2017، سيكرسها بحسب مراقبين لدعم استثمارات بلاده في العراق، وترطيب الأجواء بين بغداد والكويت، تحضيرا لمؤتمر بغداد الثالث الذي يشارك فيه بالإضافة إلى زعماء دول خليجية ومجاورة للعراق، بعد فشل اجتماعه التحضيري في نيويورك بسبب قضية خورعبدالله.

 

وتأتي زيارة ماكرون، وسط خسارات فرنسية متتالية لمواقعها في أفريقيا، عقب الانقلابات التي شهدتها القارة السمراء مؤخرا، وفي ظل شكوك بقدرة الدولة الأوروبية على تعزيز مكاسبها في العراق أو توسيعها، نظرا لخلافاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة النفوذ الأكبر في العراق والمنطقة.

ويقول المحلل السياسي المقيم في واشنطن، نزار حيدر، خلال حديث، إن "لدى فرنسا اهتماما كبيرا بالعراق على مستويين، الأول ثنائي، ويشمل مجالات الطاقة والأمن على وجه التحديد، والثاني على مستوى المحيط والإقليم من خلال تبنيها لمشروع مؤتمر بغداد الذي سيعقد بنسخته الثالثة في العاصمة بغداد الشهر المقبل".

ويضيف حيدر، "على المستوى الأول فإن الاستثمار الفرنسي في العراق يحظى بأهمية بالغة، إذ تجاوزت عقود شركات البترول الفرنسية وتحديداً شركة توتال، أكثر من 30 مليار دولار، وهو استثمار مهم يساهم في حل الكثير من المشاكل الاقتصادية التي تمر بها باريس حاليا، والتي سببت لها أزمات مستدامة تمظهرت بالاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات عن العمل".

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، استقبل يوم الأربعاء، مستشار شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في رئاسة الجمهورية الفرنسية باتريك دوريل، وجرى خلال اللقاء، مناقشة الزيارة المقبلة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى العراق، وبحث تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وفقاً للاتفاقية الاستراتيجية الشاملة الموقعة بينهما، كما أفاد بيان رسمي لمكتب السوداني.

كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية، أحمد الصحاف، في وقت سابق ، أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، ستزور بغداد نهاية الشهر الجاري.

ويؤكد المحلل السياسي، أن "الحضور العسكري الفرنسي في العراق هو في إطار التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وله أهمية بالغة لدى باريس خاصة، لأنه يشارك في القتال وليس كما أشاعت الحكومة بأن دوره للمشورة والتدريب، وما كشف الأمر هو خبر الاتصال الهاتفي الذي أجراه السوداني مع الرئيس الفرنسي قبل اسابيع ليقدم له العزاء بمقتل جندي فرنسي كان يشترك مع القوات العراقية في عملية خاصة ضد تنظيم داعش".

ويبين حيدر، "أما على المستوى الثاني، فإن فرنسا تسعى حاليا لرأب الصدع الذي حصل مؤخراً في مؤتمر بغداد بين العراق والكويت، جراء قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء معاهدة تنظيم الملاحة في خور عبد الله والموقعة بينهما، فالقرار أحرج الحكومة العراقية، خاصة خلال تواجد الوفد العراقي برئاسة السوداني في نيويورك، فقد كان مقررا أن يعقد وزراء خارجية دول مؤتمر بغداد، اجتماعا تحضيريا على هامش حضورهم في نيويورك، إلا أن وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي بعثوا برسالة مشتركة يعتذرون فيها عن حضور الاجتماع، الأمر الذي تسبب بإلغائه"، مستطردا أن "ما جرى يدفع فرنسا، وهي راعية مؤتمر بغداد، للتحرك السياسي والدبلوماسي العاجل لترطيب الأجواء بين الأعضاء للتأكد من أن المؤتمر سيعقد بالوقت المحدد له". 

ودخل العراق بأزمة مع الكويت، بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا، بعدم دستورية اتفاقية خورعبدالله الموقعة بين البلدين، ما دفع مجلس التعاون الخليجي إلى إصدار بيان لرفض القرار، واعتبروه "مغالطة تاريخية"، ولغاية الآن لم تحل الأزمة، وبقيت معلقة.

يشار إلى أن مؤتمر "بغداد 2"، عقد في 20 من كانون الأول ديسمبر 2022، في العاصمة الأردنية عمّان، بعد دورة أولى أقيمت ببغداد في آب أغسطس 2021 بمبادرة عراقية فرنسية، وبمشاركة البحرين وعمان ومصر والسعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران.

يذكر أن ماكرون، قال في تصريحات له عقب مؤتمر بغداد2: "عندما زارني العاهل الأردني في باريس أقنعته بضرورة عقد هذا المؤتمر، لأنه لمصلحتنا جميعا، وعبد الله جازف بذلك، وقد تبادلنا الاتصالات الهاتفية العديدة مع رئيس الحكومة السوداني، وقبوله لهذا المؤتمر هو انتصار، وقد عقدنا اجتماعا في إطار مصغر دون الأتراك والإيرانيين وبدأنا نضع خطوطا للعمل".

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، أن "فرنسا تعد من أهم دول الاتحاد الأوروبي المهتمة بالملف العراقي، على اعتبار أن العراق سوق ناشئة بكافة المجالات من التسليح والبنى التحتية، وكذلك حجم الموارد الطبيعية الموجودة فيه".

ويشير فضل الله، إلى أن "العراق من أولى الدول التي اتجهت لتقوية علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع فرنسا، لاسيما وأن زيارة السوداني إلى باريس، بعد تشكيل حكومته كانت بنية دخول الشركات الفرنسية بقوة إلى السوق العراقية".

ويستطرد أن "زيارة الرئيس الفرنسي إلى العراق، لن تكون بروتوكولية، بل ستهدف إلى عقد اتفاقيات مهمة جداً، بالإضافة إلى عقد مؤتمر بغداد، حيث تعتبر فرنسا من الدول الداعمة له على المستوى الأمني والسياسي". 

 وكان السوداني، وقع مطلع العام الحالي، اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عُدّت الأولى من نوعها بين بغداد وباريس، فهي تتضمن 4 فصول و6 أبواب و50 مادة و64 فقرة، ومن أبرز ما تضمنته: تعزيز التَّعاون لمواجهة مخاطر التَّهديدات الإرهابيّة ومكافحة التَّطرُّف، وتشكيل لجان ثنائية في مجالي الدفاع والأمن ومتابعة تنفيذ الخطط السَّنويّة للتعاون الثنائيّ الدِّفاعيّ، وتعزيز قدرات الدفاع العسكريّة العراقيّة من خلال تنمية المهارات الضروريّة وتسهيل التزوّد بالمُعدات الحربيّة فرنسية الصُّنع وتفعيل تبادل المعلومات والاستخبارات العسكريّة بين الطرفين.

 يذكر أن العراق أبرم العديد من الاتفاقيات مع أمريكا، بدءا من اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008، التي ركزت في غالبها على الجانب الأمني وتواجد القوات الأمريكية في العراق، كما نصت على أن الطرفين يوافقان على الاستمرار في تعاونهما الوثيق في تعزيز وإدامة المؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات السياسية والديمقراطية في العراق، وفق ما قد يتفقان عليه، بما فيها التعاون في تدريب وتجهيز وتسليح قوات الأمن، من أجل مكافحة الإرهاب المحلي والدولي والجماعات الخارجة عن القانون، بناء على طلب من الحكومة العراقية.

من جهته، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، أن "فرنسا علاقتها غير جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا واضح جداً، وبالتالي فإن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العراق لن تكون فاعلة، دون موافقة الإدارة الأمريكية على الزيارة ودعمها".

ويلفت إلى أن "فرنسا خسرت الكثير من مواقعها الاقتصادية في إفريقيا، وبدأت تتجه إلى العراق الذي رحب بها، لكن هذه الزيارة لن تكون فاعلة وذات أهداف ونتائج دون دعم أمريكا لها"، مبينا أن "فرنسا لن تحصل على شيء من العراق ولن تستطيع أن تقوم بأي من المشاريع الكبيرة والمهمة، فهي سعت إلى ذلك خلال حكومة عادل عبدالمهدي وحكومة مصطفى الكاظمي، والآن تجدد مساعيها، لكن لا تعويل على هذه الزيارة، بسبب عدم الرضى الأمريكي عنها".

يشار إلى أن فرنسا تسعى إلى أخذ دور في العراق، على الصعيد الأمني والاقتصادي، وذلك تجسد بشكل كبير خلال الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، حيث زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العراق أكثر من مرة، فضلا عن زيارة وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي إلى بغداد.

المصدر: صحيفة العالم الجديد 


المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

عبد العاطي يناقش مع نظيره الفرنسي مستجدات التطورات الإقليمية

جرى اتصال هاتفي بين الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة لشؤون المصريين بالخارج، وجان نويل بارو، وزير خارجية فرنسا، اليوم الأحد، حيث تناول الاتصال سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة مستجدات التطورات الإقليمية.

وصرح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن الوزير عبد العاطي أشاد بالعلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وفرنسا وبالروابط الوثيقة بين البلدين، مؤكداً التطلع للارتقاء بمستوى التعاون الثنائي في شتى المجالات، وسلط الضوء على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتشجيع الاستثمارات الفرنسية بمصر، خاصة بعد الخطوات التي اتخذتها مصر خلال السنوات الأخيرة لجذب الاستثمارات الخارجية.

وأعرب عبد العاطي عن تقدير مصر للدعم الذى تقدمه فرنسا لمصر داخل الاتحاد الأوروبي بمؤسساته المختلفة لدعم تنفيذ الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، معرباً عن التطلع لاعتماد القرار الخاص بالشريحة الثانية من الحزمة المالية الأوروبية لمصر بقيمة 4 مليار يورو.

وأضاف المتحدث الرسمي، أن الوزيرين تبادلا الرؤى والتقديرات بشأن التطورات في قطاع غزة، حيث أطلع الوزير عبد العاطي نظيره الفرنسي على الجهود التي تبذلها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بكافة بنوده ومراحله الزمنية الثلاث، ونفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع.

واستعرض في هذا السياق الخطة الشاملة التي تقوم مصر ببلورتها للتعافي المبكر وإعادة الإعمار مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم، موضحاً وجود دعم عربي للجهود المصرية، معرباً عن التطلع لقيام المجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي ومن ضمنها فرنسا دعم المساعي المصرية في هذا الصدد.

من جانبه، أشاد وزير الخارجية الفرنسي بالدور الهام والمحوري الذى اضطلعت به مصر للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار ورحب بجهود مصر الحثيثة لبلورة تصور شامل للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة.

اقرأ أيضاًاتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره التشادي الجديد

وزير الخارجية الأمريكي يتوعد حماس حال عدم إطلاق سراح جميع الرهائن

وزير الخارجية يبحث مع نظيره الصيني العلاقات الثنائية وتطورات الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • عبد العاطي يناقش مع نظيره الفرنسي مستجدات التطورات الإقليمية
  • السوداني: العراق وإيران جسدان في روح واحدة
  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: العراق حقق تقدما ملحوظا في مكافحة الفساد خلال فترة السوداني
  • عشية إجرائها.. لماذا تأجلت بشكل مفاجئ زيارة الشيباني إلى بغداد؟
  • ترامب ينفي ما ورد في صحيفة فرنسية عن زيارة مرتقبة إلى موسكو في يوم النصر
  • حكومة السوداني الإيرانية تعطل الدوام في العراق بمناسبة دفن “نصرالله” وبلده لبنان لم يعطل الدوام
  • بحضور السوداني.. انطلاق فعاليات مؤتمر حوار بغداد الدولي بنسخته السابعة
  • زيارة ملكية مرتقبة للملك محمد السادس إلى مدينة الفنيدق
  • ستحدد لاحقا.. بيان رسمي بشأن زيارة الشيباني إلى العراق
  • الخارجية السورية: زيارة الشيباني إلى العراق لم يتحدد موعدها