تحقيق: شركة مملوكة لإسرائيليين باعت برامج تجسس لمصر وعرضتها على السعودية وقطر
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
خلصت نتائج تحقيق استقصائي دولي، نُشرت الخميس، إلى أن شركة مراقبة رقمية مملوكة لإسرائيليين باعت برامج تجسس لمصر، كي تستخدمها ضد منتقدي النظام، كما عرضت بيع ذات البرامج على دول أخرى، بينها السعودية وقطر.
وتوصل التحقيق إلى أن شركة "إنتليكسا"، وهي تحالف لشركات أسلحة ومراقبة رقمية مملوكة لإسرائيليين لكنها تعمل من خارج إسرائيل، باعت برنامج التجسس المعروف باسم "بريداتور" لمصر وعرضت بيعه للسعودية وقطر وماليزيا والكاميرون وموريشيوس وسيراليون ودول أخرى، وفقا لما أوردته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية وترجمه "الخليج الجديد".
وجاء هذا الكشف في إطار تحقيق أطلق عليه اسم "ملفات بريداتور"، الذي استند إلى وثائق وأدلة حصلت عليها مجلة "ميديابارت" الفرنسية وصحيفة "دير شبيجل" الألمانية.
وشارك في تحليل نتائج التحقيق، الذي استغرق عاما كاملا، 15 وسيلة إعلامية بقيادة تحالف التعاون الاستقصائي الأوروبي، المعروف اختصارا باسم "إي آي سي"، بالإضافة لمنظمة العفو الدولية.
واعتمد التحقيق على وثائق واتصالات مرتبطة بشركة تدعى "نيكسا" التي وقعت شراكة مع "إنتليكسا" في عام 2019 واستمرت حتى عام 2021 على الأقل.
و"نيكسا" هي شركة فرنسية كانت في السابق تحت اسم شركة المراقبة "Amesys" التي تعاملت مع الدكتاتور الليبي الراحل، معمر القذافي.
وإلى جانب شركة "نيكسا" تم إنشاء شركة شقيقة في دبي تدعى "Advanced Middle East Systems" أو "AMES" للمساعدة في تسويق التقنيات المختلفة لتحالف شركات المراقبة.
وأورد التحقيق أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، عمل كمستشار للشركة، وربما شارك في مساعدتها بترويج منتجاتها في ألمانيا.
وأكد أولمرت أنه يعمل لصالح "إنتليكسا"، لكنه قال إن العلاقات بينهما انتهت قبل بضعة أشهر، وفقا للصحيفة الإسرائيلية.
ووفقا للتحقيق، فقد كانت هناك عدة محاولات لنقل التكنولوجيا إلى مصر، وبعد اتفاق الشراكة بين "نيكسا و "إنتليكسا" حصلت محاولتان على الأقل في عام 2020 لبيع تقنيات المراقبة لنظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي.
وفي عام 2021، تم استهداف السياسي المصري المعارض، أيمن نور، ببرنامج التجسس "بريداتور" إلى جانب ضحية أخرى هو النائب المصري، أحمد الطنطاوي، الذي أعلن ترشحه للانتخابات المصرية المقبلة، إذ جرت محاولات عديدة جرت لاختراق هاتفه في الأشهر الأخيرة.
اقرأ أيضاً
واشنطن بوست: شركة أمريكية تسعى للاستحواذ على برنامج التجسس الإسرائيلي بيجاسوس
وكشف التحقيق عن وضع خطط في سبتمبر/أيلول من عام 2020 لعقد اجتماع في القاهرة بهدف الترويج لبرنامج "بريداتور"، شملت إنشاء مجموعة واتساب تضم ممثلين كبارا من الجانبين الفرنسي والإسرائيلي، بما في ذلك أوز ليف، أحد مؤسسي المجموعة، وهو نفسه قائد سابق لوحدة استخبارات إسرائيلية رفيعة المستوى.
وتقول الصحيفة إن كل هذا جرى "على الرغم من المخاوف المتعلقة بشأن سجل حقوق الإنسان في مصر واحتمال أن يتم استخدام هذه التقنية لاستهداف أعضاء مجتمع الميم (المثليين والمتحولين جنسيا ومزدوجي الميول الجنسية) في البلاد، وفقا لرسائل أرسلها مسؤولون، دون تحديد هويتهم.
وتضيف الصحيفة أنه "كان من المقرر أن يشارك إسرائيليون، وربما حتى أشخاص مقيمون في إسرائيل، في العرض الترويجي لبرنامج التجسس"، مشيرة إلى أنه كان من المقرر أن يتضمن العرض وصفا حيا لقدرات البرنامج على اختراق الهواتف.
وجاء في الرسائل التي تم تبادلها على مجموعة واتساب أن المصريين كانوا خائفين من اكتشاف الزيارة، من قبل وكالات حكومية مصرية مختلفة، بسبب المعاملة المميزة التي يمكن أن يحظى بها المسؤولون بـ "نيكسا و "إنتليكسا" في المطار.
وبحسب وثائق تعود إلى عام 2022، فإن أولمرت كان يعمل في شركة "إنتليكسا"، وشارك في عرض مبيعات، كانت الشركة تقدمه إلى الهيئة الفيدرالية للأمن السيبراني في ألمانيا.
وتكشف الوثائق أن الهيئة كانت مترددة في المضي قدما، وفي النهاية لم يتم عقد الاجتماع المقترح، قبل أن تتراجع الهيئة عن الخطوة بشكل نهائي.
ليبيا وإندونيسيا
وبحسب التحقيق، فقد تم تقديم عرض بيع، في عام 2021، لنظام المشير الليبي خليفة حفتر في بنغازي، الذي يسيطر على شرقي ليبيا.
ويخضع النظام الليبي لحظر دولي على الأسلحة، لكن العرض المقدم من "إنتليكسا" و "AMES" ومقرها دبي، كان يتضمن برامج تجسس على الهواتف المحمولة.
وفي نهاية المطاف "تم التوقيع على صفقة للحصول على تقنيات التنصت واعتراض الاتصالات الخلوية الأخرى"، بحسب "هآرتس"، مشيرة إلى أنه "مع ذلك، كان إيصال هذه التكنولوجيا إلى النظام الخاضع للعقوبات يمثل مشكلة".
اقرأ أيضاً
رسميا.. أبل تقاضي شركة التجسس الإسرائيلية "إن إس أو" وتطلب تعويضات
وتظهر الوثائق أن الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية أبلغ المستشار القانوني في مكالمة هاتفية في مايو/أيار 2021 ما نصه: "لدينا طلب من دولة سيئة للغاية.. أرغب في معرفة ما إذا كان ذلك محظورا تماما، أو ما هي خياراتنا"، فأجابه المستشار القانوني: "انسوا الأمر. أنتم تعرفون أمر حظر الأسلحة، وجهود الاتحاد الأوروبي ضد ليبيا. إنهم صارمون للغاية". وفي النهاية لم يتم الوصول على حل.
كما تم تقديم عروض مماثلة لبيع برامج تجسس لكل من ماليزيا والكاميرون وموريشيوس وسيراليون والمكسيك وربما دول أخرى، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
كما أشارت وثيقة "نيكسا" إلى وجود محاولة لبيع تكنولوجيا "استخلاص البيانات الهجومية" للعراق، وهو على الأرجح استعاضة لتعبير أخف وألطف عن برامج التجسس، وفق الصحيفة.
أما إندونيسيا، فقد عثر على ملاحظة مكتوب عليها "demo WiSpear" وهي شركة قبرصية مملوكة لشركة "إنتليكسا" تمكنت من تطوير سيارة تجسس سيئة السمعة تقوم بسحب البيانات من الهواتف المحمولة عبر الشبكات الخلوية وشبكات Wi-Fi.
ووفقا لتحليل فني أجرته منظمة العفو الدولية، فمن المرجح أن تشمل قائمة البلدان التي تستخدم برنامج "بريداتور"، فيتنام وكازاخستان ومنغوليا وأنغولا.
قطر والسعودية
ووفقا للوثائق، فقد وقعت "نيكسا" في يناير/كانون الثاني 2020 صفقة مع شركة "Gamma International"، التي كان مقررا أن تعمل كوسيط لبيع منتجات "إنتليكسا" إلى قطر والسعودية.
ورغم عدم ذكر اسم الشركة الإسرائيلية بشكل مباشر، إلا أن إحدى الوثائق أشارت إلى أن المنتجات تشمل برامج للاختراق والتجسس.
وبحسب "هآرتس" فقد تم العثور على مقترح في أجهزة كمبيوتر عائدة لـ"نيكسا" بشأن خطة معدة لقطر، لكنها لم تتضمن برامج تجسس.
كما جرى تقديم عروض للسعودية، التي يشتبه منذ فترة طويلة في كونها أحد عملاء الشركة، لكن التحقيق لم يؤكد حصول عمليات بيع لها أو لقطر.
وعلى عكس شركة "NSO" الإسرائيلية المسؤولة عن تصنيع برامج التجسس المعروفة باسم "بيجاسوس" وتخضع لرقابة وزارة الدفاع الإسرائيلية وباعت منتجاتها إلى السعودية بمباركة تل أبيب، فقد عملت شركة "إنتليكسا" منذ فترة طويلة خارج إسرائيل وبعيدا عن رقابتها.
وبعد أن أدرجت الولايات المتحدة شركة "NSO" على القائمة السوداء منذ أكثر من عامين، غيرت إسرائيل مسارها وبدأت في منع مبيعات برامج التجسس إلى دول غير غربية، وفقا للصحيفة.
وكانت الصحيفة قد كشفت في وقت سابق أن شركة "إنتليكسا" تمكنت من الحصول على جميع الصفقات التي رفضت إسرائيل منحها الضوء الأخضر، حيث باعت تقنيات تجسس إلى دول مثل أوكرانيا وحتى إلى ميليشيا سيئة السمعة في السودان.
وبحسب منظمة العفو الدولية يمكن لبرنامج التجسس الذي تنتجه "إنتليكسا" الوصول إلى كميات غير محددة من البيانات الموجودة على الأجهزة المستهدفة.
وتشير المنظمة، في تقرير نشرته على موقعها الرسمي، إلى أن "بريداتور" يمكنه التسلل إلى الجهاز عندما ينقر المستخدم ببساطة على رابط ضار، ولكن يمكن أيضا التعرض له من خلال "هجمات تكتيكية" تصيب الأجهزة القريبة بسرية تامة.
وبينت المنظمة أن منتجات "إنتليكسا" عثر عليها في 25 دولة على الأقل في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، وتم استخدامها لتقويض حقوق الإنسان وحرية الصحافة والحركات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم.
ومن بين الدول التي بيعت فيها منتجات "إنتليكسا" وحلفاؤها: سويسرا والنمسا وألمانيا، ومن بين عملاءها الآخرين عمان وقطر والكونغو وكينيا والإمارات وسنغافورة وباكستان والأردن وفيتنام، بحسب المنظمة.
وأشارت "العفو الدولية" إلى أن التحليل الذي أجرته للبنية التحتية التقنية المرتبطة بنظام "بريداتور" لبرامج التجسس أظهر أنه "موجود بشكل أو بآخر في السودان ومنغوليا ومدغشقر وكازاخستان ومصر وإندونيسيا وفيتنام وأنغولا ودول أخرى"، وأكدت أنها ستنشر تقريرا شاملا عن النتائج التي توصلت إليها يوم الإثنين المقبل.
اقرأ أيضاً
الأردن ينفي التجسس على مواطنيه عبر بيجاسوس الإسرائيلي
المصدر | هآرتس/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر التجسس إسرائيل السعودية قطر ليبيا إندونيسيا خليفة حفتر عبدالفتاح السيسي أيمن نور أحمد الطنطاوي العفو الدولیة برامج التجسس برامج تجسس دول أخرى إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
إجراءات قمعية جديده تمارسها مليشيا الحوثي عبر مطار صنعاء الدولي .. تحت مسمى محاربة التجسس...
كشفت إجراءات قمعية جديده فرضتها المليشيات الحوثية على الصحفيين والناشطين وكتاب المحتوى في المناطق الخاضعة لسيطرتها عن عمق الارتباك والقلق الذي تعيشه.
حيث أقدمت مؤخراً على مصادرة عشرات الأجهزة الإلكترونية من المسافرين عبر مطار صنعاء، بما في ذلك أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف الذكية والكاميرات.
وبررت المليشيات الحوثية هذه الإجراءات بحجة “ضمان الأمن” و”منع التجسس” إلا أن الضحايا يؤكدون أن هذه الإجراءات ليست سوى وسيلة للابتزاز والضغط عليهم، وفرض رقابة مطلقة على تحركاتهم.
ووفقاً لشهادات حصلت عليها صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن العديد من الصحفيين وصناع المحتوى فوجئوا بمصادرة مليشيا الحوثي أجهزتهم عند محاولة مغادرة البلاد، دون سابق إنذار أو تبرير قانوني واضح.
وقد باءت كل محاولاتهم لاستعادة ممتلكاتهم بالفشل، مما دفع بعضهم إلى تحذير زملائهم من السفر عبر المطار خشية التعرض لنفس المصير.
كما تشترط المليشيات على المسافرين الحصول على إذن مسبق لأي تنقل، سواء داخل مناطق نفوذها أو خارجها، أو إبراز تعهدات خطية بالإبلاغ عن تفاصيل أنشطتهم خلال رحلاتهم.
وتتجاوز هذه الإجراءات الصحفيين لتشمل أي مسافر يحمل جهاز حاسوب، حيث يُجبر على الخضوع لتحقيقات مطولة حول مهنته وطبيعة عمله، مع فرض تفتيش دقيق لمحتويات الأجهزة من قبل عناصر الأمن التابعة للمليشيات.
وفي حالة واحدة، اضطر أحد صناع المحتوى إلى إلغاء سفره عبر صنعاء بعد تحذيرات باحتمالية مصادرة أجهزته، واختار بدلاً من ذلك السفر عبر مطار عدن، رغم التكاليف الباهظة والمخاطر الأمنية المرتبطة بالتنقل بين المدينتين.
من جهة أخرى، كشف مصدر آخر عن تبرير الأمن الحوثي لمصادرة الأجهزة بحجة “حماية أصحابها من الاختراق”، إلا أن هذه الذرائع لم تقنع الضحايا، الذين يرون فيها محاولة لمراقبة أنشطتهم وتقييد حريتهم.
واضطر أحد الكتاب إلى التخلي عن جهازه بعد أن طُلب منه تقديم مبررات مفصلة لحمله، خشية أن تتحول هذه المطالب إلى تحقيق أوسع يمس خصوصيته.
وفي حالات أخرى، لجأ بعض الصحفيين إلى تخزين بياناتهم على أجهزة خارجية قبل السفر، لتجنب فقدان المعلومات المهمة في حال مصادرة أجهزتهم.
ومع ذلك، فإن الخسائر المادية تبقى كبيرة، حيث يُجبرون على شراء أجهزة جديدة، ناهيك عن القيود المفروضة على عودتهم إلى صنعاء خوفاً من المضايقات.
وتشير تقارير إلى أن مليشيا الحوثي الإرهابية وسعت نطاق رقابتها ليشمل حتى الإعلاميين الموالين لها، حيث تخضع تحركاتهم لمراقبة دقيقة، مع مطالبتهم بتقديم تقارير دورية عن أنشطتهم.
ووفقاً لمصادر مطلعة، تعرض أحد المراسلين العاملين مع وسيلة إعلام إيرانية للاحتجاز عدة أيام بسبب تأخره في العودة من رحلة علاجية، وعدم التزامه بتقديم التقارير المطلوبة.
كما أفرجت المليشيات الحوثية مؤخراً عن إعلامي موالي لها بعد احتجازه لأسبوعين دون إبداء أسباب، في إشارة إلى أن سياسة القمع لا تستثني حتى المنتمين إلى صفوفها.
ويُذكر أن الإعلامي “الكرار المراني”، المعروف بعلاقاته الواسعة في الأوساط الإعلامية، كان قد كشف عن احتجازه قبل أن تتدخل عائلته ووسطاء للضغط من أجل الإفراج عنه.
ويأتي هذا التصعيد في إطار حملة أوسع تشنها المليشيات الحوثية منذ بدء الضربات الأمريكية على مواقعها، حيث كثفت عمليات الاختطاف والملاحقة ضد المدنيين بتهمة “التواطؤ” أو “التجسس”، فضلاً عن تشديد الرقابة على تحركات السكان لمراقبة ردود أفعالهم تجاه التطورات العسكرية الأخيرة.
وتبقى هذه الإجراءات جزءاً من سياسة منهجية تهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة ومنع أي تسريب للمعلومات حول تحركات قيادات الجماعة أو مواقعها العسكرية