نقص الغذاء يهدد اليمنيين.. وزيادة الفقر تعمّق ركود الأسواق التجارية
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
في الوقت الذي وصلت فيه أوضاع ومعيشة اليمنيين إلى مرحلة هي الأصعب من التدهور والانحدار على كافة المستويات مع وصول تأثيرات ذلك إلى الأسواق التجارية، تنشغل أطراف الصراع ببسط نفوذها وهيمنتها على المناطق التي تديرها لتقوية موقفها في مفاوضات تقاسم كعكة الثروات الطبيعية والعائدات النفطية.
وتتوالى التقارير والبيانات والإحصائيات الأممية والدولية والمحلية منذ مطلع سبتمبر/ أيلول 2023، والتي تبرز تبعات الصراع الكارثية على اليمنيين وسط تحذيرات متصاعدة من التقاعس الحاصل في الجهود الإقليمية والدولية وانخفاض المساعدات والتمويلات الموجهة للتخفيف من حدة الأزمة الغذائية.
ويعيش اليمن الذي يمر بأسوأ عام على المستويات الاقتصادية والإنسانية منذ بدء الصراع في البلاد قبل نحو ثمانية أعوام، على وقع تضخم تبعات هذا الصراع وتسببه بخسائر فادحة في حياة وصحة الشعب اليمني وآفاقه الاقتصادية، حيث تشير آخر التقديرات إلى أن حوالي 377 ألف شخص فقدوا حياتهم بسبب الآثار المباشرة وغير المباشرة للصراع في اليمن بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير صادر في العام الماضي 2022، منهم أطفال دون سن الخامسة يمثلون نحو ثلثي القتلى.
الأهم في هذا الخصوص كما تشير هذه التقديرات أن نصف إجمالي عدد الذين فقدوا حياتهم، ماتوا لأسباب غير مباشرة مثل نقص الغذاء أو الرعاية الصحية، أو البنية التحتية.
تدهور الأوضاع الإنسانية
أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن استمرار الاقتصاد اليمني بالتدهور يعكس ضعف التدخلات والسياسات والمساعدات للحد من تدهوره وتخفيف حدة تبعاته، إذ إن التركيز على الجانب العسكري في المساعدات واستحواذه على الجزء الأكبر من الاهتمام على حساب الجانب الاقتصادي كان له تأثير سلبي على جهود التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن.
فرض ذلك وفق قحطان، تحديات جديدة تمثلت في تعدد التشكيلات العسكرية وتمزيق البلاد بين هذه التشكيلات، في حين استمر التدهور الاقتصادي بوتيرة عالية منذ بداية الحرب وحتى الوقت الحالي، ما أدى إلى تواصل انحدار الأوضاع الإنسانية لمستويات قياسية لدرجة أن اليمن أصبح يوصف بأنه الأسوأ في المعاناة الإنسانية للمواطنين على المستوى الدولي.
تقلص الشراء
استطلع "العربي الجديد"، وضعية عينة من اليمنيين في مناطق مختلفة خاضعة لسلطات متعددة في كل من صنعاء والمحويت، عدن وحضرموت، وكذا تعز والمخاء، إذ يشترك الجميع في المعاناة بنسب متفاوتة لكنها متقاربة من القسوة بشكل كبير، في حين أفاد كثير ممن تم استطلاعهم بأن حركة تواصلهم بالأسواق تراجعت بصورة واضحة بسبب انعدام السيولة لديهم مع ارتفاع الأسعار بالرغم من الركود النسبي الحاصل في الأسواق.
يقول المواطن سعيد القباطي، لـ"العربي الجديد"، إن كثيرا من الأسر لا تجد قوت يومها حيث أصبحت تعيش على الكفاف، في حين يؤكد المواطن حمدي ناصر أن تركيز الكثير من اليمنيين ليس على الأكل وتوفير الوجبات اليومية بل على إطفاء لهيب الجوع وفق تعبيره، وهو نفس تعبير المواطن بشير جمال الذي يتحدث عن تقلص حركتهم في الذهاب إلى الأسواق ومخازن بيع الغذاء.
معظم المؤشرات العالمية حول الجوع والأمن الغذائي الصادرة منذ مطلع العام الحالي 2023 ترسم صورة قاتمة للوضع في اليمن، حيث تكافح الأسر لكسب لقمة العيش وتوفير تكاليف الغذاء والخدمات الأساسية منذ ما قبل تصاعد الصراع، عدا عن تفاقم المعاناة، خلال الفترة الماضية، من انعدام الأمن الغذائي الحاد على أساس الجغرافيا والنزوح.
ويعكس الركود الذي تمر به الأسواق التجارية في عموم مدن اليمن مستوى التدهور الذي وصلت إليه الأوضاع المعيشية والاقتصادية وشح السيولة المالية التي تكاد تنعدم لدى شريحة واسعة من اليمنيين، وسط غياب دور الأجهزة الحكومية في هذا الصدد.
تهاوي العملة المحلية
لجأ اليمنيون، الذين يعيشون في ظروف حرب صعبة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، إلى استراتيجيات تكيف مبتكرة، ولكن مدمرة في كثير من الأحيان.
تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي قد انخفض إلى النصف تقريباً منذ بداية الصراع، على الرغم من حدوث انتعاش طفيف في عام 2022 .
الباحث الاقتصادي مجد إبراهيم، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن تدهور سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية يعد في طليعة الأسباب والعوامل التي أثرت على تفاقم الأوضاع المعيشية، إذ لا يمكن إغفال عامل فقدان العملة المحلية قيمتها بنسبة كبيرة في التدهور الاقتصادي الذي دفع الحكومة إلى الاعتماد بنسبة كبيرة في الإيرادات على التمويلات والمنح والودائع الخارجية بهدف توفير احتياطي نقدي لمساعدة السلطات على مواجهة تدهور العملة والسيطرة على الأسواق ووقف المضاربة، لكن ذلك لم يحقق أي أثر مع استمرار العملة بالتدهور والاضطراب ملقية بتبعاتها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لليمنيين.
وركزت مباحثات مسؤولين حكوميين في عدن خلال الأسبوع الماضي، مع ممثلي ووفود منظمات أممية على أهمية مضاعفة الجهود لمواجهة تحديات الوضع الأمن الغذائي ووضع الحلول والمعالجات المناسبة في ظل متطلبات الحاجة الملحة التي تستدعي سرعة تلبية الاحتياجات التموينية للشعب اليمني، إضافة إلى تعزيز التنسيق بين الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية لضمان وصول المساعدات للمحتاجين ومواجهة أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
ويذكر بيان صادر في 20 سبتمبر/ أيلول عن أربع وكالات أممية اطلع عليه "العربي الجديد"، أن أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75%من سكان اليمن، ممن أرهقتهم سنوات الحرب الثماني يحتاجون إلى مساعدات، منهم 17 مليون شخص في فقر مدقع نتيجة انعدام الأمن الغذائي. ويشمل ذلك 6.1 ملايين شخص في مرحلة الطوارئ بموجب التصنيف الأممي المتكامل للأمن الغذائي، بينما حذرت الوكالات الأممية من أن نقص التمويل الذي لا يزال يثير قلق المجتمع الإنساني في اليمن، مع وجود فجوة تمويلية ضخمة تزيد من تفاقم الوضع.
كما يواجه اليمن نقصاً حاداً في المياه لأغراض الإنتاج الزراعي والاستخدام البشري، ويحتاج ما يقرب من 15 مليون شخص المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، حسب تقارير دولية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد نقص الغذاء الأزمة اليمنية العربی الجدید الأمن الغذائی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
المشاط: نعمل على وضع رؤية طموحة لتنوع وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة
أكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أهمية استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة واستراتيجية التنمية الصناعية وتعزيز التجارة (IDTES) باعتبارهما من الأهداف الاستراتيجية الكبرى التي تسعى الحكومة المصرية لتحقيقها، لتعزيز بيئة الاستثمار في مصر.
جاء ذلك خلال لقاء وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، مع بعثة البنك الدولي بقيادة ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي للبنك الدولي بمصر واليمن وجيبوتي والوفد المرافق له، وذلك بمقر وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة موقف تطوير استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر (2025- 2030)، التي يتم إعدادها بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي أحد أهم شركاء التنمية لمصر، وذلك تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية وقرارات المجلس الأعلى للاستثمار. وشارك في الاجتماع الدكتورة داليا الهواري نائب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وأشارت المشاط إلى الجهود التي تقوم بها الدولة لتعزيز كفاءة إدارة الاستثمارات العامة، وحوكمتها، ووضع سقف مُحدد للاستثمارات بما يحد من معدلات التضخم ويتيح المزيد من الفرص للقطاع الخاص، لافتة إلى أن التعاون الفني مع البنك الدولي لإعداد استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر يخدم هذا التوجه كما ينفذ توجيهات المجلس الأعلى للاستثمار بوضع رؤية واضحة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، فضلًا عن تعزيز جهود الدولة من أجل جذب وتشجيع الاستثمارات الخارجية في إطار مستهدفات برنامج الحكومة لبناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، والاستفادة من المقومات الكبيرة للاقتصاد المصري، مؤكدة أن العلاقات مع الشركاء الدوليين يتم من خلالها إعداد العديد من التقارير التشخيصية والدراسات التي تتضمن توصيات ومحاور يتم تنفيذها على أرض الواقع في العديد من المجالات لدفع جهود التنمية.
وأكدت "المشاط" أن استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في مصر ستضع رؤية استثمارية طموحة وقابلة للتحقيق للبلاد،وستقدم استراتيجية متماسكة لنمو الاستثمار وتنويعه، مما يساهم في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي الشامل وتنويع الاقتصاد في مصر. ويتمثل جوهر هذه الاستراتيجية في زيادة القدرة التنافسية للاستثمار في البلاد لتعزيز جذب الاستثمار الأجنبي المباشر المستدام.
وأضافت أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعمل بالتنسيق مع وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ومجموعة البنك الدولي على استمرار التنسيق والتشاور مع مختلف الجهات المعنية، وعقد العديد من ورش العمل، من أجل استيفاء كافة الملاحظات بشأن الاستراتيجية الجديدة في إطار الأهمية التي توليها الدولة بشأن دفع وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وتمكين القطاع الخاص.
من جانبه، أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن الوزارة تبذل كل جهودها من أجل تهيئة مناخ استثماري جاذب ومستقر، بهدف تحقيق قفزات كبيرة من النمو تتناسب مع طموحات الشعب المصري، منوها إلى أنه خلال الفترة المقبلة سيتم الانتهاء من صياغة الخطة الاستراتيجية الاستثمارية للوزارة، والتي تتضمن استراتيجية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مع التركيز على تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات، مما يعزز من تنافسية مصر كوجهة رئيسية للاستثمار والتجارة في المنطقة، ويعكس التزام الوزارة بتوفير فرص استثمارية مستدامة تدعم النمو الاقتصادي
ولفت «الخطيب» إلى أن الدولة تمتلك بنية تحتية متطورة ومدن جديدة ومتطورة كما يتميز السوق المصري بعمالة مدربة ومؤهلة، مشيرا إلى أن مصر تعد سوقا استهلاكيا كبيراً، وتتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي، يتوسط قارات العالم مما يسهل النفاذ إلى أوروبا والشـرق الأوسط وأفريقيا وآسيا كما تتمتع مصر بمصادر طاقة متنوعة، منها مصادر الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، فضلا عن ارتباطها باتفاقيات تجارية متنوعة، كاتفاقيات التجارة الحرة مع أكثر من٧٠ دولة، وأيضا إتاحة عدد من الحوافز الاستثمارية، منها حوافز عامة، وأخرى خاصة، وكذا حوافز إضافية.
جدير بالذكر أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، استضافت بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار، اجتماعات على المستوى الفني في إطار الإعداد للاستراتيجية، بمشاركة نحو 20 جهة وطنية ذات صلة، بالإضافة إلى مجموعة البنك الدولي.