اللواء سعد عبد الهادي لـ "صدى البلد": حرب الاستنزاف كانت نقطة الانطلاق لحرب أكتوبر.. وخضنا معارك في رأس العش سيذكرها التاريخ بأحرف من نور
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة، فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين، دفع فيه المصريين أثمانًا غاليةً من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن، وهي سيناء.
حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة، فلقد تحدى الجيش المصري المستحيل ذاته، وقهرهُ، وانتصر عليه، وأثبت تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أي أمة.
فقد كان جوهر حرب أكتوبر هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر ومن الظلام إلى النور ومن الانكسار إلى الكبرياء، فقد غيرت الحرب خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.
غرفة عمليات حرب أكتوبرحرب أكتوبرفي السادس من أكتوبر عام 1973، كانت صيحات الله أكبر تزلزل قناة السويس، حينما عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة إلى الضفة الشرقية للقناة، لاستعادة أرض الفيروز من العدو الإسرائيلي، تكبد فيها العدو خسائر لا يمكن أن ينساها أبدًا، واستعاد المصريين معها كرامتهم واحترامهم أمام العالم.
حرب السادس من أكتوبرفلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا في حرب أكتوبر أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها.
نصر أكتوبرواليوم، تمُر علينا الذكرى الخمسين على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، فقد حققت مصر في حرب أكتوبر معجزة بكل المقايس، ستظل خالدة في وجدان الشعب المصري وفي ضمير الأمة العربية، وقام جيل حرب أكتوبر برفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ في النصر العظيم.
حرب أكتوبراللواء سعد عبد الهادي سليمانكان لـ "صدى البلد" لقاءًا مع اللواء سعد عبد الهادي سليمان، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، ووكيل المخابرات العامة الأسبق، الذي كشف خلال حواره، ملاحم المعجزة المصرية التي حدثت في اقتحام نقطة رأس العش الحصينة على خط برليف في السابع من أكتوبر عام 1973، - وذلك "بمناسبة خمسون عامًا على معركة النصر العظيم"- .
اللواء سعد عبد الهادي النشأة والتكويناللواء سعد عبد الهادي من مواليد محافظ بورسعيد، وكان شاهدً على مرارة الهزيمة التي حدثت في عدوان 5 يونيو 1967، وحينها، تولد الثأر لديه لرد كرامة مصر ،على الرغم من صغر سنه كشاب في ذلك التوقيت.
الإنضمام للقوات المسلحةكشف اللواء سعد عبد الهادي خلال حديثه لـ "صدى البلد"، أنه أنضم للكلية الحربية عام 1970، وتخرج منها عام 1972، وحصل بعدها على فرقة صاعقة، والتحق بعدها بقوات الصاعقة في ديسمبر 1972، ثم انضم لإحدى كتائب الصاعقة في قطاع بورسعيد العسكري.
وكيل المخابرات العامة الأسبق أوضح خلال حديثه لـ "صدى البلد" أن إنضمامه للقوات المسلحة جاء نتيجة الرغبة في الثأر، ولم يكن الإنضمام خيارً من خيارات مُتعددة حينها، لكن كان هدف ووسيلة للانتقام لكرامة مصر، وأن رؤية العلم الإسرائيلي على الضفة الشرقية من القناة ولد بداخله الحافز من أجل الانتقام لكرامة مصر.
اللواء سعد عبد الهادي67 وحرب الاستنزافقال اللواء سعد عبد الهادي أن مرارة حرب 5 يونيو 1967، أدت لضرورة دراسة اليهود بشكل جيد، لكي يتم الاستفادة من الدروس السابقة، لكي يتم الاستعداد الجيد لمعركة النصر.
وأشار أن أول معركة بعد عدوان يونيو 67 كانت معركة رأس العش الأولى، ولم ينجح الإسرائيليين حينها في دخول مدينة بورفؤاد واحتلالها، أما حرب الاستنزاف كانت بمثابة الضوء الذي يمكن من خلاله أن ننتصر في معركة التحرير الكبرى.
وأضاف وكيل المخابرات العامة الأسبق أنه كان شاهدًا على بطولات الجيش أثناء حرب الاستنزاف، على الرغم من أنه لم يكن حينها منضم لصوف القوات المسلحة.
الاستعداد للحربقال اللواء سعد عبد الهادي، أن القوات المسلحة استعدت لحرب أكتوبر، بتكثيف التدريبات المتنوعة التي تمت في عدة مناطق قريبة من قناة السويس، كما كان يتم التدريب على العبور في منطقة الخطاطبة بمحافظة المنوفية، موضحًا أن موعد الحرب لم يكن يعلمهُ أحد، لكن كان هناك أحساس لدى الجميع أن معركة العبور والنصر قد اقتربت.
وشدد أحد أبطال حرب أكتوبر أن القيادة السياسية قبل الحرب، اعتمدت على خطة الخداع الإستراتيجي، وكان على قمة خطة الخداع الإستراتيجي، الرئيس السادات نفسهُ، كما أن اختيار توقيت الحرب جاء بعد دراسة جيدة وشاملة بناءًا على حسابات متعددة، وكان اختيار يوم 6 أكتوبر كان الأنسب للحرب.
اللواء سعد عبد الهادينقطة الكيلو 19قال اللواء سعد عبد الهادي، أن التاريخ سيذكر ما قمت به السرية الثانية التابعة للكتيبة 203 صاعقة، في معركة النصر عام 1973، والتي تدرب مقاتليها قبل الحرب على الرقد السريع بحمولة 50 كيلوجرام من الذخيرة والمؤن والمعيشة، حيث تم سحب الكتيبة من تمركزها قبل الحرب بيومين وتكليفها بمهمة محددة تم تنفيذها يوم السادس من أكتوبر.
وأشار وكيل المخابرات العامة الأسبق أن قائد الكتية طلب منهُ التوجه نحو تمركز السرية الثانية الجديد وإعطائهم أكياس طبية مخصصة للأسعافات الأولية، وعندما توجهت لمقر السرية، أحس أن موعد الحرب قد اقترب بشدة.
وتحدث اللواء سعد عبد الهادي عن مهمة السرية الثانية وهي عبارة عن إقامة كمين في منطقة "سهل الطينة"، وتلك المنطقة "أرض مفتوحة"، تم خلالها استهداف الدبابات والمجنزرات الإسرائيلة وإحداث خسائر كبيرة في قواتها.
وأوضح أنه بعد سقوط النقطة، قامت قوات اللواء 130 مشاة التابعة للجيش المصري بالدخول لها، ورفع العلم المصري عليها، وتم إصدار البيان الخاص بسقوط النقطة 19، وكانت تلك النقطة هي أول نقطة تسقط على طول خط برليف، وقد سقطت بعد 45 دقيقة منذ بدء الحرب.
معركة رأس العشكشف اللواء سعد عبد الهادي أحد أبطال معركة رأس العش، أنه عند سقوط النقطة 19، لم تسقط نقطة رأس العش بعد، حينها، أخذنا التوجيه بأن نتوجه نحو نقطة رأس العش من أجل تحريرها، وهي تعتبر من النقاط شديدة التحصين بعد نقطة عيون موسى والقنطرة.
وتحدث أحد أبطال معركة رأس العش في حرب أكتوبر، عن قصة استشهاد المقاتل عادل فتحي في المعركة، حيث قام الشهيد باستهداف دبابة إسرائيلية عن طريق "أر بي جي"، وتم رصد الشهيد عن طريق "لهب الأر بي جي"، وقامت الدبابة برصده وأطلقت عليه قذيفة، وتم استشهاد البطل على قدم اللواء سعد عبد الهادي، ونطق الشهادتين عليه، وكان أول شهيد في الكتيبة 203 صاعقة.
وأكد بطل حرب أكتوبر أن أبطال قوات الصاعقة خاضوا معارك سيذكرها التاريخ في نقطة رأس العش، فقد قامت القوات بعمليات قتالية من الثالثة فجرًا حتى السادسة مساءً من اليوم التالي، حيث كان هناك قتال متلاحق ومتلاحم مع الإسرائيليين في النقطة، وتم آسر دبابتين من النقطة ، وهما موجدين حاليًا في متحف بورسعيد، مناشدًا الجهات المعنية بأن يتم كتابة أسم الكتيبة 203 صاعقة علي الدبابتين.
اللواء سعد عبد الهاديالعلم الإسرائيليتحدث اللواء سعد عبد الهادي عن قصة العلم الإسرائيلي الذي يحتفظ به بعد اقتحام نقطة رأس العش الحصينة، حيث أوضح أن الملازم محمد فودة كان معهُ العلم المصري وقام برفعه على النقطة الحصينة، وقام هو بأخذ العلم الإسرائيلي وتقاسم العلم بالنصف مع العميد صلاح عبد الحليم.
محاولة تزييف الحقائققال اللواء سعد عبد الهادي، أحد أبطال معركة رأس العش ووكيل المخابرات العامة الأسبق، أن محاولة الجانب الإسرائيلي تزييف الحقائق عن نصر أكتوبر، وإظهار أنهم من انتصروا في الحرب، لا تمت للحقيقة بصلة، لأن من انتصر هم المصريين بشهادة قادتهم ولجنتهم العسكرية التي شُكلت بعد الحرب، كما أن مصر هي التي فرضت الحرب على إسرائيل، وهي أيضًا من فرضت السلام عليها.
وأشار وكيل المخابرات العامة الأسبق، أن الوثائق التي نشرت خلال الفترة الماضية من قبل الجانب الإسرائيلي، الخاصة بحرب أكتوبر هي محاولة من ضمن محاولات فاشلة من جانبهم، ومهما فعلوا، فالمنتصر معروف من، والمهزوم معروف من.
ووجه اللواء سعد عبد الهادي أحد أبطال معركة رأس العش ووكيل المخابرات العامة الأسبق، التحية والتقدير والاعتزاز لجيل حرب أكتوبر من من استشهدوا، والموجود منهم حاليًا، مؤكدا على أن معركة النصر ستظل تُكتب بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ مهما مر عليها من سنوات.
لحظة وفاءفي نهاية لقاء "صدى البلد" مع اللواء سعد عبد الهادي، وفي أصالة واضحة ليست جديدة على أبناء القوات المسلحة، قدم اللواء سعد عبد الهادي العزاء في وفاة للواء محفوظ عمران بخيت، قائد السرية السادسة في الكتيبة 203 صاعقة أثناء حرب أكتوبر، والذي تزمالا معًا أثناء معارك أكتوبر وتوفي منذ شهر.
اللواء سعد عبد الهادي والزميل محمد إبراهيمبعض مقتنيات اللواء سعد عبد الهادي أثناء الحرب بعض مقتنيات اللواء سعد عبد الهادي أثناء الحرب بعض مقتنيات اللواء سعد عبد الهادي أثناء الحرب بعض مقتنيات اللواء سعد عبد الهادي أثناء الحرببعض مقتنيات اللواء سعد عبد الهادي أثناء الحرب
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حرب اكتوبر معركة رأس العش حرب الاستنزاف خطة الخداع الاستراتيجي نصر اكتوبر حرب السادس من أكتوبر السادس من أکتوبر القوات المسلحة معرکة النصر أثناء الحرب حرب أکتوبر صدى البلد من أجل عام 1973
إقرأ أيضاً:
الخارجية الروسية: ألمانيا تحاول كتابة التاريخ لصالح الرايخ الثالث
أكدت الخارجية الروسية أن عدم اعتراف ألمانيا بالإبادة الجماعية للسوفييت خلال الحرب العالمية الثانية يعد إهانة للبشرية ومحاولة من برلين لإعادة كتابة التاريخ لصالح الرايخ الثالث.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا في كلمة مصورة خلال جلسة المنتدى العلمي والعملي الدولي المعنونة "دون تقادم- النقطة المحورية للذاكرة التاريخية" الذي عقد في سان بطرسبروغ: "إن رفض ألمانيا الاعتراف بالإبادة الجماعية التي تعرضت لها الشعوب السوفيتية خلال الحرب الوطنية العظمى، بما في ذلك في أثناء حصار لينينغراد، يعد أمرا مهينا للغاية، ليس فقط لأحفاد ضحايا النازية على أراضي الاتحاد السوفييتي السابق، بل أيضا للبشرية جمعاء التي تعتبر نفسها متحضرة".
وأضافت: "نحن لا نعتبر هذا الموقف الألماني عرضيا، أو مجرد صدفة، بل نراه نتيجة لحقيقة أن عملية اجتثاث النازية جرت بغير تساو في شطري ألمانيا. ففي حين أثرت هذه العملية بعمق في ألمانيا الشرقية، فإن الوضع كان مختلفا تماما في ألمانيا الغربية. وعلاوة على ذلك، نعتبر الموقف الرسمي الحالي لبرلين محاولة لإعادة كتابة التاريخ لصالح الرايخ الثالث".
يشار إلى أن المنتدى العلمي والعملي الدولي "دون تقادم - النقطة المحورية للذاكرة التاريخية" يعقد في مدينة سان بطرسبروغ الروسية من 25 إلى 26 نوفمبر الجاري.
ويتضمن المنتدى عرض مواد ووثائق وشهادات تاريخية إلى جانب قطع أثرية، ركزت جميعها على موضوع الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب السوفييتي على يد النازيين وأعوانهم خلال الحرب الوطنية العظمى.
جدير بالذكر أن ألمانيا النازية شنت هجوما مفاجئا دون إعلان مسبق على الاتحاد السوفيتي، في 22 يونيو 1941 مما أدى إلى مقتل ملايين المدنيين السوفييت.
وتعرضت مدينة لينيغراد الروسية لحصار جيوش النازية من 8 سبتمبر 1941 وحتى 27 يناير 1944، حيث عاش سكان المدينة فظائع الجوع والصقيع والقصف الألماني الذي فشل في كسر صمودهم وقد استمر هذا حتى فك الجيش الأحمر الحصار عن المدينة وأباد قوات هتلر وحلفائه، وفي 9 مايو عام 1945، وقعت ألمانيا النازية معاهدة استسلام.