بايدن يحذر.. أمريكا وديمقراطيتها في خطر!!
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
بايدن يحذر.. أمريكا وديمقراطيتها في خطر!!
يتعمق الانقسام السياسي والاجتماعي والصراع المحتدم على روح ومكانة الولايات المتحدة في الداخل وسمعتها في الخارج.
تشهد أمريكا للمرة الأولى رئيس سابق يتصدّر مرشحي حزبه ويشكك بديمقراطية بلاده والنظام الدستوري ونتائج صناديق الاقتراع ويكرر ادعاء تزوير الانتخابات.
صراعات وانقسامات سياسية واجتماعية وتحذير الرئيس الأمريكي ومسؤولين وأكاديميين ومراكز دراسات ومثقفين من مخاطر حقيقية تهدد أمريكا وديمقراطيتها وخشية من انحدارها لحرب أهلية!
من كان يتوقع أن تصدم أمريكا العالم، بعدما كانت تحاضر عن الديمقراطية واحترام نتائج صناديق الاقتراع، أن ينحدر نظامها وديمقراطيتها لهذا الدرك من داخلها لتنقسم وتتزعزع من الداخل؟!
* * *
ما شهدته وتشهده الولايات المتحدة منذ رئاسة ترامب وما أعقبها من ضربه عرض الحائط بالديمقراطية ورفضه الإقرار بهزيمته وخسارته انتخابات الرئاسة عام 2020 للرئيس بايدن، خطير وغير مسبوق.
ويُذكّر بمرحلة الحرب الأهلية التي قسمت وكادت تنهي أمريكا ككيان موحد، بانفصال الجنوب عن الشمال وقيادة الرئيس لنكولن حرباً أهلية لتحرير العبيد من الرق وإبقاء أمريكا جمهورية فيدرالية، وذلك بين 1861-1865.
لأول مرة في تاريخ انتخابات الرئاسة الأمريكية يتصدر مرشح (ترامب) حزب رئيسي ( الجمهوري) في النظام الأمريكي- متقدماً في استطلاعات الرأي جميع مرشحي حزبه لانتزاع الترشيح في انتخابات التصفية التمهيدية داخل الحزب الجمهوري، تبدأ في شهر يناير وتستمر حتى صيف 2024.
ليعلن الحزب الجمهوري رسمياً ترشح مرشحه لمنصب الرئيس ومرشحه لمنصب نائب الرئيس على قائمة واحدة لمنافسة مرشح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئيس، الرئيس الحالي جو بايدن ومرشحة الحزب لمنصب نائب الرئيس- كاميلا هارس.
تشهد أمريكا للمرة الأولى رئيس سابق ومتصدّر مرشحي حزبه، يشكك ويطعن بديمقراطية بلاده، والنظام الدستوري ونتائج صناديق الاقتراع ويكرر ادعاء تزوير الانتخابات.
برغم خسارته المدوية والمؤكدة بالتصويتين الشعبي والمجمع الانتخابي في الانتخابات الرئاسية للرئيس بايدن- 74 مليون صوت لترامب، مقابل 81 مليون صوت للرئيس بايدن- بفارق 7 ملايين صوت لبايدن. حاصداً أكبر عدد من الأصوات، في تاريخ انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وآخرها مهاجمة الديمقراطيين في ولاية كاليفورنيا-وصفهم فاشيين وماركسيين تسببوا بانهيار كاليفورنيا من نموذج ناجح لفاشل!
منذ طعن ورفض الرئيس ترامب نتائج الانتخابات في نوفمبر 2020-ورفض حضور حفل تنصيب الرئيس بايدن، وقبلها حرّض أنصاره على اقتحام مبنى الكونغرس في 6 يناير 2021 وقدمت هيئة محلفين فيدرالية قائمة بأربع اتهامات جنائية فيدرالية ضد ترامب بالتحريض والتآمر والتواطؤ وارتكاب عمليات احتيال وفساد لتعطيل إجراءات قانونية رسمية لتنصيب رئيس للولايات المتحدة الأمريكية دستورياً.
ومعها 91 تهمة جنائية حول تدخله للتأثير وتغيير نتائج انتخابات ولاية جورجيا التي فاز بها الرئيس بايدن، وتهم احتفاظه بسجلات ووثائق حكومية رسمية سرية وبالغة السرية بمقر سكنه في فلوريدا ورفضه تسليم الوثائق للأرشيف الوطني، كما هو متعارف كما فعل الرؤساء السابقون.
وإصرار أنصاره على التظاهر ودعم مزاعمه بتزوير وسرقة الانتخابات، وتهديدهم للمسؤولين والقضاة وهيئات المحلفين الذين أصدروا أحكاما ضد ترامب بعد محاكمات طويلة وشفافة، والديمقراطية الأمريكية تتعرض لانتكاسات وتراجع.
ما ألقى بظلال من الشك والصدمة لدى الرأي العام الأمريكي ونظرة شعوب ودول العالم لتراجع وتعثر الديمقراطية الأمريكية التي كانت نبراساً ونموذجاً تروج له أمريكا وتقنع الآخرين حول العالم التشبه بالنموذج الأمريكي الذي يتهاوى ويسقط!
أكد ذلك استطلاع رأي حديث للرأي العام. حيث عبّر 82% أو 4 من كل 5 ناخبين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي المستطلعة أراؤهم عن قلقهم و40% قلقون للغاية على وضع الديمقراطية في أمريكا!
لذلك لم يكن مستغرباً تكرار الرئيس بايدن تحذيرات منذ وصوله للبيت الأبيض في يناير 2021- وللمرة الرابعة أن «الديمقراطية الأمريكية في خطر وتحت التهديد من اليمين المتطرف داخل الحزب الجمهوري- حركة MAGA Republicans-وخطر الحركة وأنصارها من تقويض الديمقراطية بقيادة ترامب وأنصاره. ولأول مرة يذكر ويهاجم ترامب بالاسم وبانتقاد لاذع. وأن الحركة لا تؤمن ولا تشترك مع الأمريكيين بقيم بالديمقراطية».
هناك قناعة عند ترامب وحركته، الذين اختطفوا الحزب الجمهوري وتطرفهم يهدد وحدة أمريكا. ويؤمن ترامب أنه فوق القانون. ويروج ترامب وجماعته ضحية تآمر الدولة العميقة من اليساريين والفاشيين الديمقراطيين بقيادة بايدن وإدارته! لذلك يحذر بايدن أننا في لحظة خطيرة وفارقة تحدث مرة كل عدة أجيال. وموقفنا وقرارنا سيحدد مستقبل أمريكا والعالم لعقود قادمة…
كذلك انتقد الرئيس بايدن تهديد ومطالبات الرئيس ترامب بمحاكمة وإعدام رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية لتواصله مع الصين أثناء أزمة الصراع داخل النظام الأمريكي بعد رفض الرئيس الخاسر ترامب الإقرار بهزيمته والتهديد بإجراءات تخالف الدستور.
وانتقد بايدن أيضاً صمت وعدم انتقاد قيادات الحزب الجمهوري والمرشحين الجمهوريين لمنصب الرئيس، تهديدات ترامب لأعلى قائد عسكري في القوات المسلحة الأمريكية!
وهناك مخاوف من تعرض الجنرال ميلي الذي تقاعد هذا الشهر! لتهديد أمني! وكان لافتاً تحذيره في خطابه الوداعي «ممن يريدون أن يصبحوا ديكتاتوريين»!
وصل الانقسام السياسي لمستويات عبثية ببدء رئيس الجمهوريين عقد جلسات استماع باستعراض سياسي لعزل الرئيس بايدن في مجلس النواب استناداً الى تهم هامشية لا سند لها بتكسبه من عقود ابنه هنتر، إبان عمل بايدن نائب للرئيس أوباما! لدرجة أن بعض نواب الحزب الجمهوري تغيبوا عن جلسة الاستماع لعزل الرئيس الأولى، وأكد بعض الشهود عدم وجود أدلة تسند تقديم قائمة تهم العزل.
فيما يستمر الجمهوريون بالتصعيد والمناكفة ضد إدارة بايدن، برفضهم الحلول الوسط لتمويل الحكومة مع بدء السنة المالية للولايات المتحدة في 1 أكتوبر. مما يعني الإغلاق الكامل للحكومة الأمريكية. وحرمان ملايين الأمريكيين من رواتبهم عن شهر أكتوبر، وتعطل خدمات الحكومة الفيدرالية، ما لم يتم التوصل لاتفاق!
من كان يتوقع أن تصدم أمريكا نفسها والعالم، بعدما كانت تحاضر على أنظمة وشعوب العالم بممارسة الديمقراطية واحترام نتائج صناديق الاقتراع، أن ينحدر نظامها وديمقراطيتها لهذا الدرك وللتهديد والخطر من داخل كيانها لتنقسم وتتزعزع من الداخل؟!
وذلك بمخاض صراعات وانقسامات سياسية واجتماعية! ويصل الأمر بتحذير الرئيس الأمريكي ومسؤولين وأكاديميين ومراكز دراسات ومثقفين من مخاطر حقيقية تهدد أمريكا وديمقراطيتها، وخشية انحدارها إلى الحرب الأهلية!
*د. عبد الله خليفة الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت
المصدر | الشرقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا بايدن ترامب الجمهوريون الديمقراطية الأمريكية اقتحام الكونغرس الحرب الأهلية صناديق الاقتراع الحزب الجمهوری الرئیس بایدن
إقرأ أيضاً:
أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
يمانيون../
رغم الاستعراض العسكري الواسع خلال ولاية ترامب الثانية، أقرّت الولايات المتحدة بفشل حملتها على اليمن، في ظل استمرار وتعاظم الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد كيان الاحتلال الصهيوني ومصالح واشنطن في البحر الأحمر، وتعثّرها في تأمين ممرات التجارة الدولية رغم الكلفة العسكرية الهائلة.
وأكدت مجلتا “فورين بوليسي” و”معهد واشنطن للدراسات” في تقريرين منفصلين أن اليمن بات يشكل تهديداً نوعياً على الهيمنة البحرية الأمريكية، ويقوّض فعالية الإنفاق الدفاعي الهائل الذي بذلته وزارة الدفاع دون تحقيق أهداف ملموسة.
مجلة فورين بوليسي وصفت العمليات الأمريكية في اليمن بأنها “نزيف عسكري بلا إنجاز”، مشيرة إلى أن الأهداف التي أعلنتها واشنطن، وعلى رأسها تأمين الملاحة البحرية وردع الهجمات، لم تتحقق، بل تصاعدت عمليات صنعاء التي استهدفت السفن الأمريكية و”الإسرائيلية” في البحر الأحمر، ما أدى إلى شلل شبه تام لحركة السفن عبر هذا الممر الحيوي.
كما انتقدت المجلة غياب الشفافية العسكرية الأمريكية، حيث تفتقر العمليات إلى بيانات رسمية واضحة، وتُختزل التغطية الإعلامية بفيديوهات دعائية. وأشارت إلى أن الهجمات اليمنية استخدمت ذخائر موجهة تستهلك قدرات بحرية “محدودة أصلاً”، بحسب وصف خبراء عسكريين.
من جهته، حذّر تقرير أعده المقدم في القوات الجوية الأمريكية “جيمس إي. شيبارد” لصالح معهد واشنطن، من أن الحصار البحري الذي تفرضه صنعاء بات يهدد ليس فقط التجارة العالمية بل كذلك قدرة واشنطن على التحرك السريع عسكرياً في مناطق النزاع، مؤكداً أن مضيق باب المندب يُعد أحد أهم الشرايين الحيوية للوجستيات العالمية والعسكرية، حيث تمر عبره سلع تتجاوز قيمتها التريليون دولار سنويًا.
ووفقاً للتقرير، أجبرت هجمات القوات اليمنية شركات الشحن العالمية على تجنب البحر الأحمر وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول بـ15 يومًا وأكثر كلفة بمليون دولار إضافي لكل رحلة، ما يمثل ضغطاً هائلًا على سلسلة الإمدادات الدولية.
ورغم محاولات واشنطن لفرض الحماية على سفنها، فإن بعض السفن تعرضت لهجمات رغم وجود مرافقة عسكرية، ما كشف ضعف الردع الأمريكي في المنطقة. واعتبر التقرير أن هذه التطورات تتطلب “إعادة صياغة العقيدة البحرية الأمريكية”، إذ إن تعطيل النقل البحري يهدد فعليًا القدرات الأمريكية على الاستجابة الطارئة وإعادة التموضع الاستراتيجي.
واعتبر التقرير أن صنعاء، ورغم غياب حاملات الطائرات أو الأساطيل العملاقة، قد نجحت في فرض معادلة ردع دقيقة وفعالة، أربكت المخططين العسكريين الأمريكيين وأجبرتهم على مراجعة الخيارات التكتيكية واللوجستية.
وتوقع التقرير استمرار الهجمات اليمنية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، ليس فقط في البحر الأحمر، بل لتمتد إلى بحر العرب وشمال المحيط الهندي، مع احتمال توسع الأهداف لتشمل الممرات البديلة التي تحاول واشنطن الاعتماد عليها.
وفي محاولة للحد من تأثير الهجمات اليمنية، اقترحت شبكة النقل عبر الجزيرة العربية (TAN) التابعة للبنتاغون إنشاء 300 منشأة لوجستية – تشمل مطارات وموانئ ومراكز برية – لتسهيل نقل البضائع خارج باب المندب، مشيرة إلى إمكانية نقل الحمولات عبر ميناء جدة أو ممر بري يربط ميناء حيفا في الكيان الصهيوني بالخليج العربي مروراً بالأردن والسعودية والبحرين.
ورغم ما يبدو من بدائل، إلا أن التقارير الأمريكية نفسها تحذر من أن هذه الخيارات مكلفة ومعقدة، وتقع هي الأخرى في نطاق نيران القوات اليمنية، ما يعقّد قدرة واشنطن على تنفيذ استراتيجيتها البحرية في المنطقة، ويجعلها عرضة لردود فعل غير تقليدية من صنعاء، التي تُدير المعركة بإيقاع منضبط يدمج بين السياسة والتكتيك العسكري بفعالية غير مسبوقة.