موقع 24:
2025-04-17@07:19:29 GMT

سلوك النظام الإيراني: واقعية أم تغيير؟

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

سلوك النظام الإيراني: واقعية أم تغيير؟

التغيير ليس مستبعدا بشكل مطلق في الفكر الإيراني ولكنه يواجه عقبات صعبة للغاية

في ذكرى وفاة مهسا أميني، تابعت بعض التقارير الإعلامية الغربية التي تتحدث عن تحول نسبي في سياسات النظام الإيراني تجاه تطبيق قواعد ارتداء الحجاب، ونقلت هذه التقارير بعض المشاهد التي وصفتها بأنها نوع من التمرد المعلن على شرطة الأخلاق، التي باتت تتعرض لتحديات كثيرة في أداء مهامها من جانب كثير من النساء اللاتي يتجولن في شوارع طهران من دون حجاب ويرتدين الجينز الممزق بحسب ما نقلت التقارير.

هذا “التمرد الجريء” من جانب الإيرانيات يأتي بعد عام على وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها من جانب شرطة الأخلاق التي وجهت لها تهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل لائق.
انتهت الاحتجاجات الشعبية في إيران ولكن حالة الغضب لم تتراجع بشكل تام وبقيت تحت الرماد، وما ترصده التقارير الإعلامية من سلوكيات تتحدى القوانين هو حد أدنى يسمح به النظام للتنفيس عن حالة الغضب وترويضها والرهان على عنصر الوقت في تحقيق ذلك، ولكن من الصعب فعليا القول بأن وجود نسبة ما من النساء في شتى أنحاء إيران لا يلتزمن بارتداء الحجاب، يعكس تراجع قبضة النظام أو تخليه عن قناعاته الأيديولوجية بشأن قضية الحجاب أو غيره.

لا شك أن الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق التي شهدتها إيران عقب مقتل مهسا أميني قد وضعت النظام الإيراني في موقف حرج دوليا، وأضعفت قدرته على تحدي الضغوط الغربية، بل أفرزت مدخلا جديدا للضغط على النظام، ولكن هذا كله لم يدفع النظام إلى تغيير السياسات بل اقتصر الأمر على نوع من المهادنة تفاديا لإثارة احتجاجات جديدة، ولكن القوانين لا تزال قائمة، حيث تؤكد الشرطة الإيرانية أنها صادرت أكثر من 400 سيارة في محافظة واحدة هي أذربيجان الشرقية بسبب مخالفات تتعلق بعدم ارتداء الحجاب، كما يدرس مجلس الشورى الإيراني مشروع قانون يخص “الحجاب والعفة”، يفرض غرامات مالية كبيرة على النساء غير المحجبات، فضلا عن عقوبات تصل إلى السجن نحو عشر سنوات خصوصا على من يخالفن قوانين ارتداء الحجاب بشكل مستمر أو يحرضن أخريات على فعل ذلك.
معارضة ارتداء الحجاب لها رمزية تتعلق برفض القوانين التي وضعها النظام الإيراني منذ أكثر من أربعة عقود، ولكن الحاصل أن كل هذه الضغوط الشعبية لم تنتج تغيرا موازيا في قناعات النظام، لأنها بالأساس قناعات أيديولوجية، تمثل فلسفة النظام وجوهر فكره، وهي أمور لا يمكن أن تتغير بمرور الوقت لاسيما مع نفس الجيل الحاكم، وإن كان من الوارد أن تشهد إعادة نظر بتغير أو تطور الأجيال الحاكمة وهي مسألة لم يقم عليها أي دليل في الحالة الإيرانية، التي لا يزال يتنافس شخوصها على تبني “المزاج الثوري” والترويج له، واعتبار أي معارض أو منتقد له معاديا لمصلحة النظام بما يقود إلى تحييده أو إقصائه وتهميشه، في أفضل الأحوال، عن مركز السلطة، بينما يتم التعامل بطرق أخرى أكثر عدائية مع من يعتبرهم قادة النظام أكثر معارضة للقيم الثورية، مثلما حدث مع الكثير من القيادات والكوادر التي توصف بالإصلاحية.

المشهد الاحتجاجي في إيران بشكل عام ليس طارئا ولا عابرا في علاقة النظام بالشعب، وهي علاقة تتسم بالاحتقان والتأزم في معظم فتراتها، وهذا ما يفسر تكرار الاحتجاجات الشعبية التي يحيلها النظام عادة إلى “مخطط خارجي”، وجهات إقليمية وأطراف ممولة وغير ذلك، وهذه العلاقة تعكسها مؤشرات هجرة الإيرانيين التي ترتفع من عام إلى آخر حيث كانت 1.45 في المئة منذ ثلاثة عقود، أي في ذروة الصخب الثوري والتشدد في تطبيق الأحكام والعقوبات، وارتفعت إلى 2.229 في المئة في عام 2019، حتى أصبحت إيران واحدة من الدول الطاردة لسكانها، ولاسيما النخب في مختلف المجالات.
غالبية الشعب الإيراني في حالة احتجاجية مستمرة معلنة أو مستترة ضد سياسات النظام، وهناك أجيال جديدة غاضبة تبدو أشد حدة وعنفا في مواجهة قبضة السلطة، وتستطيع التحايل على إجراءات القمع والعزلة الافتراضية، ولكن النظام يدرك جيدا أنه من دون دعم خارجي لا تستطيع أي احتجاجات داخلية الإطاحة به، ولهذا يبدو الرهان على حدوث تغير في القناعات والأفكار مسألة مشكوكا في صحتها.
لا شك أيضا أن التغيير ليس مستبعدا بشكل مطلق في الفكر الإيراني، ولكنه يواجه عقبات صعبة للغاية، وهنا نتذكر التغيير الملموس في السياسات الإيرانية حيال دول الجوار، وهو تغيير سياسي براغماتي لعبت فيه السيناريوهات التي روجت لتحالفات إقليمية تستهدف إيران دورا ما، ولكنه يبقى تغييرا لا يمكن إنكاره حتى لو كان مدفوعا ببراغماتية التماهي مع مصالح النظام ورغبته في حصد العوائد الإستراتيجية المتوقعة للتعاون مع جواره الإقليمي.
والمؤكد أن مقتضيات الأمن الإقليمي تتطلب وجود علاقات طبيعية بين إيران وجوارها، ولا أعتقد أن هناك طرفا ما يعادي تقدم إيران وتطورها، بل العكس صحيح تماما، فإيران مستقرة متقدمة اقتصاديا وتنمويا هي إضافة نوعية مفيدة إقليميا، وذخيرة وعنصر استقرار جوهري لمنطقة الشرق الأوسط، شريطة وجود علاقات طبيعية أو حتى غير عدائية بينها وبين الجميع من دون استثناء.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة النظام الإیرانی ارتداء الحجاب

إقرأ أيضاً:

أيهما تختار إيران في ظل التهديد العسكري نظامها أم مذهبها؟

آخر تحديث: 16 أبريل 2025 - 11:21 ص بقلم:سعد الكناني
المذهب الشيعي هو عنصر جوهري في هوية الدولة الإيرانية منذ ثورتها عام (1979)، حيث تم دمج الدين في بنية الدولة بشكل رسمي. والنظام السياسي في إيران قائم على “ولاية الفقيه”، وهي فكرة دينية/سياسية تجعل المرجعية الدينية (المرشد الأعلى) أعلى سلطة في البلاد.
هناك سؤال يطرح عندما تخضع إيران للتهديد العسكري من قبل أمريكا أو إسرائيل: هل تقدم إيران الحفاظ على نظامها السياسي أم الولاء للمذهب الشيعي كأولوية؟، ورغم الخطاب العقائدي الثوري!، تظهر إيران مرونة سياسية واضحة عندما تقتضي الضرورة مثل تعاونها غير المباشر مع الولايات المتحدة وقبولها للتفاوض معها في تفكيك برنامجها النووي والصاروخي وإلغاء ميليشياتها في المنطقة.
إيران في الغالب ستختار النظام، إذا شعرت بتهديد عسكري مباشر وجودي، دون أن تتخلى عن المذهب كمرجعية أيديولوجية. لكنها قد تقدم تنازلات تكتيكية أو حتى استراتيجية دينية/عقائدية للحفاظ على بقاء النظام والدولة. لأن إيران تدرك جيداً أن بقاءها كدولة ذات نفوذ إقليمي يعتمد على عدة عناصر مترابطة:
1. المجال الحيوي الإقليمي (النفوذ خارج الحدود)
إيران بنت ما يُعرف بـ “محور المقاومة”، الذي يشمل “الحشد الشعبي في العراق، حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين”. هذا المحور يخدم النظام الإيراني كأداة ردع خارجية، لكنه ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لردع التهديدات خاصة من (إسرائيل وأمريكا والخليج العربي). وإذا تعرضت إيران لضربة عسكرية مباشرة فإنها ستُضحي بمصالح أو أذرع خارجية (تكتيكيًا) إذا كان ذلك يساعد على الحفاظ على النظام داخل إيران. أي أن لو كانت الضربة مشروطة بتقليص النفوذ في العراق أو في لبنان، قد تقبل بذلك مرحليًا. لكن لن تقبل بتغيير النظام أو تفكيك الحرس الثوري بسهولة، لأنه العمود الفقري لبقاء الدولة. 2. الزاوية الدينية/العقائدية
رغم الخطاب العقائدي القوي، السياسة الإيرانية تقوم على فقه “المصالح والمفاسد” في الفقه الشيعي، وهذا ما يتيح لها مرونة عالية، سواء في التقية السياسية التي تستخدمها كمبرر لاتخاذ قرارات سياسية براغماتية دون التخلي عن الأيديولوجيا. وكذلك التخلي عن الحلفاء الدينيين ممكن إذا اقتضت المصلحة، لأن إيران لا تدافع عن كل الشيعة بنفس المستوى (الشيعة في أذربيجان أو باكستان أو في الهند ً)، لأن ذلك لا يخدم استراتيجيتها دائمًا. حتى العلاقة مع الحوثيين ليست فقط مذهبية، بل سياسية واستراتيجية ضد السعودية.
3. ربطها بالوضع الإقليمي
إذا اضطر النظام الإيراني لتقليص نفوذه في المنطقة لكنه لن يغامر بخسارة العراق تمامًا، لأنه يشكل بوابة أمنه القومي. وممكن أن يُقدم الحوثيين كورقة تفاوض في أي صفقة إقليمية أكبر. اما إذا تم استهدافها عسكريا من قبل أمريكا وإسرائيل، ستسعى أولًا للحفاظ على البنية الداخلية المتمثلة في “الأمن، الحرس الثوري، القيادة”. وقد تُضحي ببعض أوراقها الخارجية (تهدئة في العراق، تقليص دعم الحوثيين) لتهدئة الخصوم. بحسابات دقيقة لتجنب حرب شاملة تُسقط نظام الملالي. ستُظهر أن الضربة العسكرية موجهة لـ “الشيعة والإسلام”، لكنها في الواقع ستُركّز على حماية نظامها السياسي.
بعد ان صدعت إيران ومحورها المقاوم الرؤوس بأن “أمريكا الشيطان الأكبر، وكلا كلا أمريكا وإسرائيل” ها هي خضعت للمفاوضات مع أمريكا بشأن ملفها النووي وسلاحها الصاروخي وأذرعها الميليشياوية في المنطقة، وقالت ” إن قبولها بالتفاوض جاء من باب ((إذا جنحوا للسلم فأجنح لها)) !!” وأضافت، ” سنمنح أمريكا (4) تريليونات دولار للاستثمار في إيران “، السؤال: ما دامت إيران هكذا ؟، لماذا رفضت على العراق ان يتعاون مع أمريكا وقبلت هي؟!. ولماذا استكثرت على العراق ان يستثمر علاقته مع اميركا لصالح استقراره؟.
إيران ستقاتل سياسيًا قبل عسكريًا وتحاول الإبقاء على نفوذها ولن تتجه مباشرة للمواجهة العسكرية، لذلك فهي ستختار النظام عند الخطر الوجودي، لكنها لا تتخلى كليًا عن المذهب، بل تعيد ترتيب أولوياتها العقائدية بما يخدم بقاء النظام. وهذا يجعلها دولة عقائدية في الشكل، لكن براغماتية بامتياز في المضمون. الأولوية القصوى، بقاء النظام السياسي وهيكل ولاية الفقيه، وإذا وصل النظام لقناعة أن السقوط قادم، فربما تبدأ بنقل رموز القوة (المال، العمائم، الكوادر) إلى المناطق الشيعية في العراق ولبنان. والمذهب الشيعي يتحول إلى ملجأ استراتيجي طويل الأمد، لأن أخطر ما تخشاه إيران تفكك داخلها العرقي (الأكراد، البلوش، العرب، الأذريين).

مقالات مشابهة

  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • «التايمز»: رضا بهلوى.. مُنقذ إيران المُحتمل أم رمزٌ للماضى؟.. ابن الشاه: نحن بحاجة إلى تغيير النظام.. وسأموت من أجل ذلك
  • الرئيس الإيراني: المفاوضات مع أمريكا تسير بشكل طبيعي ولا تعطل شؤون البلاد
  • إشارة سلبية.. إيران تحذر من تغيير مكان المحادثات مع واشنطن
  • اختيار الله خير لي.. حلا شيحة رجعت تاني للحجاب بشكل مفاجئ
  • حلا شيحة تعلن ارتداء الحجاب مجددًا: “دايماً الحمد لله”
  • أيهما تختار إيران في ظل التهديد العسكري نظامها أم مذهبها؟
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • إيران والولايات المتحدة: تحت ظلال الردع وإعادة تشكيل النظام الدولي
  • إيران تستطيع أن تكون دولة عظيمة ولكن دون الحصول على سلاح نووي