موقع 24:
2024-07-01@23:23:02 GMT

سلوك النظام الإيراني: واقعية أم تغيير؟

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

سلوك النظام الإيراني: واقعية أم تغيير؟

التغيير ليس مستبعدا بشكل مطلق في الفكر الإيراني ولكنه يواجه عقبات صعبة للغاية

في ذكرى وفاة مهسا أميني، تابعت بعض التقارير الإعلامية الغربية التي تتحدث عن تحول نسبي في سياسات النظام الإيراني تجاه تطبيق قواعد ارتداء الحجاب، ونقلت هذه التقارير بعض المشاهد التي وصفتها بأنها نوع من التمرد المعلن على شرطة الأخلاق، التي باتت تتعرض لتحديات كثيرة في أداء مهامها من جانب كثير من النساء اللاتي يتجولن في شوارع طهران من دون حجاب ويرتدين الجينز الممزق بحسب ما نقلت التقارير.

هذا “التمرد الجريء” من جانب الإيرانيات يأتي بعد عام على وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها من جانب شرطة الأخلاق التي وجهت لها تهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل لائق.
انتهت الاحتجاجات الشعبية في إيران ولكن حالة الغضب لم تتراجع بشكل تام وبقيت تحت الرماد، وما ترصده التقارير الإعلامية من سلوكيات تتحدى القوانين هو حد أدنى يسمح به النظام للتنفيس عن حالة الغضب وترويضها والرهان على عنصر الوقت في تحقيق ذلك، ولكن من الصعب فعليا القول بأن وجود نسبة ما من النساء في شتى أنحاء إيران لا يلتزمن بارتداء الحجاب، يعكس تراجع قبضة النظام أو تخليه عن قناعاته الأيديولوجية بشأن قضية الحجاب أو غيره.

لا شك أن الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق التي شهدتها إيران عقب مقتل مهسا أميني قد وضعت النظام الإيراني في موقف حرج دوليا، وأضعفت قدرته على تحدي الضغوط الغربية، بل أفرزت مدخلا جديدا للضغط على النظام، ولكن هذا كله لم يدفع النظام إلى تغيير السياسات بل اقتصر الأمر على نوع من المهادنة تفاديا لإثارة احتجاجات جديدة، ولكن القوانين لا تزال قائمة، حيث تؤكد الشرطة الإيرانية أنها صادرت أكثر من 400 سيارة في محافظة واحدة هي أذربيجان الشرقية بسبب مخالفات تتعلق بعدم ارتداء الحجاب، كما يدرس مجلس الشورى الإيراني مشروع قانون يخص “الحجاب والعفة”، يفرض غرامات مالية كبيرة على النساء غير المحجبات، فضلا عن عقوبات تصل إلى السجن نحو عشر سنوات خصوصا على من يخالفن قوانين ارتداء الحجاب بشكل مستمر أو يحرضن أخريات على فعل ذلك.
معارضة ارتداء الحجاب لها رمزية تتعلق برفض القوانين التي وضعها النظام الإيراني منذ أكثر من أربعة عقود، ولكن الحاصل أن كل هذه الضغوط الشعبية لم تنتج تغيرا موازيا في قناعات النظام، لأنها بالأساس قناعات أيديولوجية، تمثل فلسفة النظام وجوهر فكره، وهي أمور لا يمكن أن تتغير بمرور الوقت لاسيما مع نفس الجيل الحاكم، وإن كان من الوارد أن تشهد إعادة نظر بتغير أو تطور الأجيال الحاكمة وهي مسألة لم يقم عليها أي دليل في الحالة الإيرانية، التي لا يزال يتنافس شخوصها على تبني “المزاج الثوري” والترويج له، واعتبار أي معارض أو منتقد له معاديا لمصلحة النظام بما يقود إلى تحييده أو إقصائه وتهميشه، في أفضل الأحوال، عن مركز السلطة، بينما يتم التعامل بطرق أخرى أكثر عدائية مع من يعتبرهم قادة النظام أكثر معارضة للقيم الثورية، مثلما حدث مع الكثير من القيادات والكوادر التي توصف بالإصلاحية.

المشهد الاحتجاجي في إيران بشكل عام ليس طارئا ولا عابرا في علاقة النظام بالشعب، وهي علاقة تتسم بالاحتقان والتأزم في معظم فتراتها، وهذا ما يفسر تكرار الاحتجاجات الشعبية التي يحيلها النظام عادة إلى “مخطط خارجي”، وجهات إقليمية وأطراف ممولة وغير ذلك، وهذه العلاقة تعكسها مؤشرات هجرة الإيرانيين التي ترتفع من عام إلى آخر حيث كانت 1.45 في المئة منذ ثلاثة عقود، أي في ذروة الصخب الثوري والتشدد في تطبيق الأحكام والعقوبات، وارتفعت إلى 2.229 في المئة في عام 2019، حتى أصبحت إيران واحدة من الدول الطاردة لسكانها، ولاسيما النخب في مختلف المجالات.
غالبية الشعب الإيراني في حالة احتجاجية مستمرة معلنة أو مستترة ضد سياسات النظام، وهناك أجيال جديدة غاضبة تبدو أشد حدة وعنفا في مواجهة قبضة السلطة، وتستطيع التحايل على إجراءات القمع والعزلة الافتراضية، ولكن النظام يدرك جيدا أنه من دون دعم خارجي لا تستطيع أي احتجاجات داخلية الإطاحة به، ولهذا يبدو الرهان على حدوث تغير في القناعات والأفكار مسألة مشكوكا في صحتها.
لا شك أيضا أن التغيير ليس مستبعدا بشكل مطلق في الفكر الإيراني، ولكنه يواجه عقبات صعبة للغاية، وهنا نتذكر التغيير الملموس في السياسات الإيرانية حيال دول الجوار، وهو تغيير سياسي براغماتي لعبت فيه السيناريوهات التي روجت لتحالفات إقليمية تستهدف إيران دورا ما، ولكنه يبقى تغييرا لا يمكن إنكاره حتى لو كان مدفوعا ببراغماتية التماهي مع مصالح النظام ورغبته في حصد العوائد الإستراتيجية المتوقعة للتعاون مع جواره الإقليمي.
والمؤكد أن مقتضيات الأمن الإقليمي تتطلب وجود علاقات طبيعية بين إيران وجوارها، ولا أعتقد أن هناك طرفا ما يعادي تقدم إيران وتطورها، بل العكس صحيح تماما، فإيران مستقرة متقدمة اقتصاديا وتنمويا هي إضافة نوعية مفيدة إقليميا، وذخيرة وعنصر استقرار جوهري لمنطقة الشرق الأوسط، شريطة وجود علاقات طبيعية أو حتى غير عدائية بينها وبين الجميع من دون استثناء.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة النظام الإیرانی ارتداء الحجاب

إقرأ أيضاً:

بعد الانتخابات.. هذه توقعات أميركا لتوجهات إيران "الجديدة"

أعلنت الولايات المتحدة، الإثنين، أنها لا تتوقع "تغييرا جوهريا" من جانب إيران أيا كان الفائز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أنها لا تعتبر الدورة الأولى لا حرة ولا نزيهة.

وتحسم الانتخابات الرئاسية الإيرانية في الخامس من يوليو، بين المرشحين الإصلاحي مسعود بيزشكيان والمتشدد سعيد جليلي، بعدما تصدرا الدورة الأولى التي اتسمت بنسبة مشاركة هي الأضعف منذ عام 1979.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل لصحفيين: "نعتبر أن هذه الانتخابات في إيران ليست نزيهة ولا حرة".

وأضاف: "لا نتوقع أن تؤدي هذه الانتخابات، مهما كانت نتائجها، إلى تغيير جوهري في توجه إيران أو أن تقود النظام الإيراني إلى إبداء مزيد من الاحترام لحقوق الإنسان ومزيد من الكرامة لمواطنيه".

وشكك المتحدث في الأرقام التي نشرتها الحكومة الإيرانية.

وقال: "حتى الأرقام الرسمية للحكومة الإيرانية حول الإقبال، على غرار غالبية الأمور الأخرى المتصلة بالنظام الإيراني، لا يمكن الاعتماد عليها".

ووفق طهران، تخطت نسبة المشاركة بقليل 40 بالمئة من أصل 61 مليون ناخب مسجلين، وهي الأدنى على الإطلاق منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

ودعي الإيرانيون لانتخابات رئاسية مبكرة كان يفترض أن تجرى عام 2025، بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث طائرة مروحية في 19 مايو.

مقالات مشابهة

  • بعد الانتخابات.. هذه توقعات أميركا لتوجهات إيران "الجديدة"
  • نائب رئيس «إرادة جيل» يعرض رؤية الحزب للحكومة المرتقبة
  • 5 نصائح يجب مراعاتها أثناء ارتداء المعينة السمعية
  • ما وراء تغيير مسار الحُجَّاج؟!
  • المعارضة الإيرانية تستعرض قوتها في برلين وباريس.. ورجوي تعلن: حان وقت الثورة
  • الشوبكي .. التعرفة الكهربائية الجديدة سيتحمل آثارها المواطنون / فيديو
  • انتخابات إيران "المتأرجحة" تقصر السباق بين بيزشكيان وجليلي
  • انتخابات إيران "المتأرجحة" تقصر السباق بين بيزشكيان وجليلي
  • محرمات جديدة في كوريا الشمالية.. بينها الفساتين البيضاء والنظارات الشمسية
  • إيران.. بزشكيان في الصدارة بعد فرز 5.8 مليون صوت في انتخابات الرئاسة يليه جليلي