ورطة أقرب مما كان متوقّعاً!
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
ورطة "أقرب مما كان متوقّعاً"!
"ثغرة" في السيناريوهات المستقبلية تحتاج إلى تغيير منهجي لحل إشكالية عجزها عن التنبؤ الدقيق.
ظواهر التغيّر المناخي أدّت إلى النتائج التي كانت تعتبر في السيناريوهات المستقبلية السابقة "مخاطر".
تحذّر الدراسة من أن الضغوط المناخية والبيئية المتزايدة تشير إلى احتمال حدوث فيضانات في الإسكندرية ومدن ساحلية عربية أخرى.
إنذارات متلاحقة بشأن طيف واسع من مخاطر مستقبلية: سيناريو مالثوسي كئيب، تغيّر المناخ، حروب المياه، الذكاء الاصطناعي، شيخوخة السكان، وغيرها.
نجد نُذُراً مقلقة تعكسها سلسلة دراسات جديدة تتناول مخاطر تغير المناخ المتزايدة في المدن الساحلية في نطاقٍ يمتد من الإسكندرية إلى المنامة وطنجة وغيرها.
تكرّرت عبارة"أقرب مما كان متوقعاً" في سياقات عديدة، إزاء ما شهده العالم خلال السنوات القليلة الماضية من حرائق غابات وجفاف المياه وتسارع ذوبان الغطاء الجليدي.
ظواهر التغيّر المناخي أدّت لنتائج تعتبرها سيناريوهات مستقبلية سابقة "مخاطر"، ما يعني "ثغرة" في السيناريوهات تحتاج لتغيير منهجي لحل إشكالية عجزها عن التنبؤ الدقيق.
"نحن نخسر المعركة ضد التغيّرات المناخية التي تهدد الموارد المائية" والأهم أن: "المخاطر التي تواجهها المدن الساحلية بالمناطق الجافه تحدث في وقت أقرب بكثير مما كان متوقّعًا"!
* * *
بدأ العالم، في سبعينيات القرن الماضي، يشهد الموجة الأولى لإطلاق مؤسساتٍ استشراف المستقبل على نحو علمي. وخلال ما يزيد قليلًا عن ربع قرن مضى، تراكمت سحب إنذارات متلاحقة بشأن طيف واسع من المخاطر المنتظرة في المستقبل: سيناريو مالثوسي كئيب، والتغيّر المناخي، وحروب المياه، والذكاء الاصطناعي، وشيخوخة السكان، وغيرها.
وعلى النقيض مما عمَّ العالم، وبخاصة الغرب، خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، من تفاؤل جامح عزّزه سيل التصوّرات اليوتوبية (تصوّرات "المدينة الفاضلة") كان النصف الثاني من القرن العشرين زمن التشاؤم المهول!
والجديد المهم في ظاهرة استشراف المستقبل وبناء السيناريوهات التي يُرجَّح وقوعها تكرار عبارة: "أقرب مما كان متوقعاً". وأخيراً (3 سبتمبر/ أيلول 2023) نشر الباحث المصري عصام حجّي على صفحته على موقع فيسبوك تدوينة عن دراسة حديثة له، والدراسة بحد ذاتها مهمة جداً، لكنها، في الوقت نفسه، تضمّنت هذه العبارة التي تعني أنّ ثقة العلماء في "السيناريوهات الاستشرافية" تحتاج مراجعة.
موضوع الدراسة كيف تخسر المدن العربية الساحلية المعركة ضد التغيّر المناخي، وهي دراسة دولية مشتركة بين جامعتي كاليفورنيا الأميركية وميونخ الألمانية. وتحذّر الدراسة من أن الضغوط المناخية والبيئية المتزايدة تشير إلى احتمال حدوث فيضانات في الإسكندرية ومدن ساحلية عربية أخرى.
ويلخص عصام حجّي ما ترجّحه الدراسات الاستشرافية في عبارة متشائمة، يقول: "نحن نخسر المعركة ضد التغيّرات المناخية التي تهدد الموارد المائية". والأهم، في سياق تناول أزمة الدراسات المستقبلية قوله "المخاطر التي تواجهها المدن الساحلية في المناطق الجافه تحدث في وقت أقرب مما كان متوقّعًا بكثير"!
وظاهرة التفاوت بين الأرقام التي توقعتها السيناريوهات الاستشرافية والمتوالية الزمنية التي تحدُث بها الوقائع فعليًا تحمل دلالاتٍ عدّة، أولها ما يمكن أن يواجهه مخطّطو السياسات، وطنيًا وعالميًا، في التعامل مع المخاطر، بل حتى مع الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسكانية الكبيرة، حتى لو لم تصنّف قطعيًا ضمن المخاطر.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تكرّرت العبارة المقلقة "أقرب مما كان متوقعاً" في سياقات عديدة، ففي إطار ما شهده العالم خلال السنوات القليلة الماضية من حرائق غابات غير مسبوقة في حجمها وتتابعها ونطاق انتشارها، وكذلك المعدّل المتسارع لذوبان الغطاء الجليدي في مناطق عدة في العالم، أكّدت دوائر علمية عديدة أن ظواهر التغيّر المناخي أدّت إلى النتائج التي كانت تعتبر في السيناريوهات المستقبلية السابقة "مخاطر"، ما يعني وجود "ثغرة" في السيناريوهات المستقبلية تحتاج إلى تغيير منهجي لحل إشكالية عجزها عن التنبؤ الدقيق.
والفشل الجزئي في التنبؤ المستقبلي لم يقتصر على الظواهر الطبيعية ذات النطاق العالمي، فمن المرجّح أن تكون "المدخلات" التي استخدمت في بناء السيناريوهات غير كافية، أو أن تكون الظواهر نفسها محكومة بقوانين تطور أكثر تعقيدًا، ولا يُستبعد أن تكون سبب الثغرة دراسة الظواهر في أطر منفصلة، أو إهمال أبعاد "غير مادّية" يتعذّر رصدها رقمياً.
وتعد السيناريوهات الديمغرافية التي نشرت منذ صدور "تقرير نادي روما" الشهير (حدود النموّ 1972)، نموذجاً لهذه المشكلة المزمنة في سيناريوهات استشرافية كثيرة.
وعلى سبيل المثال، فشلت السيناريوهات الديمغرافية لمستقبل الصين فشلًا كبيرًا في التنبؤ بالنقطة التي سيصل عندها الاقتصاد الصيني إلى نقطة التأزّم بسبب شيخوخة السكان، وكان هناك تنبّؤ يشبه "الرقم السحري" الذي يتكرّر بقدر كبير من اليقينية.
وكانت نبوءته أن يصل عدد المسنين عام 2020 إلى 300 مليون مسنّ، وهو ما تحقق قبل التاريخ المتوقع بسنوات. والأمر نفسه حدث في معدّلات تحقق نبوءات التغيّر المناخي وتابعه المثير للقلق: "الاحترار"!
وبالعودة إلى الدراسة التي شارك فيها عصام حجّي، نجد نُذُراً مقلقة تعكسها سلسلة دراسات جديدة تتناول مخاطر التغييرات المناخية المتزايدة في مدن الساحلية في نطاقٍ يمتد من الإسكندرية إلى المنامة وطنجة وغيرها.
ولبعض هذه المدن أهمية اقتصادية كبيرة، وتدهورها السريع يمكن أن تكون له عواقب إقليمية وعالمية. وعلى وجه التحديد تواجه الإسكندرية مستقبلاً مليئاً بالمخاطر، أخطرها تآكل السواحل، كما أنها (حرفياً) "واحدة من أقلّ المدن قدرةً على مواجهة الفيضانات".
وما شهدته درنة الليبية، أخيراً، ينقل المخاطر من صفحات التقارير العلمية محدودة الانتشار إلى شاشات الإخباريات، قد جاء بالمستقبل "أقرب مما كان متوقّعاً"!
*ممدوح الشيخ كاتب وباحث مصري
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الموارد المائية شيخوخة السكان تغير المناخ الذكاء الاصطناعي التغی ر المناخی أن تکون
إقرأ أيضاً:
نجوم الكرة في ورطة.. أبرز مشاكل لاعبي الأهلي والزمالك خلال 2024
مر عدد من نجوم الكرة بالعديد من الازمات والمشاكل خلال عام 2024 واعتبرها البعض بالسنة الكبيسة على الساحة الرياضية بدء من ازمة اللاعيبة وصولا لحوادث اللاعيبة بسيارتهم .
ازمات نجوم الكرةتلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة إخطارا من قسم شرطة التجمع الأول تضمن ورود بلاغ من صلاح محسن لاعب النادي المصري الحالي والأهلي السابق اتهم فيه سائقا بالتسبب في تهشم سيارته بعد وقوع حادث مروري على الطريق في القاهرة الجديدة.
صلاح محسن مهاجم النادي المصري الحالي والأهلي السابق، ليس الأول الذي يتعرض لإلقاء قوات الأمن عليه.
وسبق صلاح محسن، عديد من النجوم فى صفوف النادي الأهلي والزمالك، وضمت القائمة رباعي القلعة البيضاء أحمد فتوح ومصطفي شلبي ونبيل عماد دونجا وعبدالواحد السيد مدير الكرة وحسين الشحات ومحمود عبدالمنعم كهربا وإمام عاشور ثلاثي المارد الأحمر.
ونستعرض المزيد من التفاصيل من خلال الفيديوجراف التالي.