مدير صندوق النقد الدولي: نزيف الاحتياطي المصري لن يتوقف إلا بتخفيض قيمة الجنيه
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن مصر "سوف تنزف" احتياطاتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، بينما أشادت بالخطوات الأخرى التي اتخذتها مصر -التي تعد ثاني أكبر مقترض من الصندوق- لتصحيح اقتصادها المنكوب.
وخفّضت مصر قيمة الجنيه 3 مرات منذ أوائل عام 2022، حيث فقدت العملة ما يقرب من نصف قيمتها مقابل الدولار.
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي لموقع بلومبيرغ الأميركي أنه "كلما تمكنا من التوصل إلى اتفاق بشأن خارطة الطريق لهذا الأمر بشكل أسرع؛ كان ذلك أفضل". وقالت إن "المسألة هنا بسيطة للغاية. سوف تنزف مصر الاحتياطي المخصص لحماية الجنيه، لكن المشكلة أنه لا البلد ولا البيئة بشكل عام في وضع يسمح بذلك".
وكان صافي الاحتياطيات الدولية لمصر قد انخفض العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ عام 2017 قبل أن يستقر في الأشهر الأخيرة؛ حيث وصل إلى 35 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضي، وما يزال منخفضا بأكثر من الخُمس منذ أعلى مستوى له عام 2020.
كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي (الأناضول)ويرى صندوق النقد الدولي أن هناك احتمالات أكبر للهبوط الناعم وسط النمو العالمي غير المتكافئ، ورغم ذلك، فإن الحفاظ على استقرار الجنيه جاء بتكلفة، حيث أدى إلى استنزاف اقتصاد النقد الأجنبي من خلال سحب صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية، والتي تقلصت في أغسطس بأكثر من 5% إلى 13.1 مليار دولار، وفقا لحسابات شركة "إتش سي ريسيرتش" (HC Research) ومقرها القاهرة. ومع ذلك، قالت جورجيفا إن مراجعة صندوق النقد الدولي في إطار برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار في البلاد تحرز تقدما.
وقف سداد الديونمن ناحية أخرى، قالت جورجيفا إن الوضع في تونس -وهو اقتصاد مضطرب آخر في شمال أفريقيا وفق بلومبيرغ- أقل خطورة لكنه لا يزال بحاجة إلى إجراءات عاجلة لاستكمال الترتيبات المتعلقة بحزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار من البنك.
وأضافت أن إعادة هيكلة الديون ليست مطلوبة لأنها "ليست معلقة بعد على الهاوية". ومع ذلك، "كلما أسرعت الدولة في اتخاذ بعض التدابير لتعزيز وضعها المالي، وتعزيز أدائها الاقتصادي العام، كلما كان ذلك أفضل".
وتتمتع مصر وتونس ببعض من أعلى عوائد السندات في العالم، مما يؤكد مدى قلق المستثمرين من امتلاك ديونهم. ويبلغ متوسط عائد الأوراق النقدية المصرية بالدولار 18.5%، وفقا لمؤشرات بلومبيرغ، في حين يتم تداول السندات التونسية المستحقة في عام 2025 بأكثر من 40%.
وقالت جورجيفا، إذا انتقلنا إلى الجنوب من القارة، فإن كلا من زامبيا وغانا، الدولتين اللتين تخلفتا عن سداد ديونهما، بانتظار المزيد من الدعم. وأضافت أنه تم الاتفاق من حيث المبدأ على مذكرة تفاهم مع الدائنين الثنائيين لزامبيا وسيتم التوقيع عليها بعد الانتهاء من بعض التفاصيل.
وتخضع غانا، التي حصلت على دعم بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمراجعة أولى لهذا البرنامج وسيتم الانتهاء من هذه المراجعة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وفقا لجورجيفا.
واعتبرت أن "غانا في حالة جيدة بالفعل" وأن اقتصادها في وضع أفضل بكثير. وقالت "آمل بشدة أن نتمكن من الحصول على هذا المبلغ"، في إشارة إلى شريحة بقيمة 600 مليون دولار من أموال صندوق النقد الدولي من المقرر صرفها في نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي اعتراف بالصعوبة التي تواجهها العديد من أفقر دول العالم في سداد ديونها، قالت جورجيفا إنها تدعم فكرة تعليق سداد الديون عندما تتعرض البلدان لكوارث مناخية. وقالت "إذا حدثت كارثة طبيعية، فلن تضطر البلاد إلى الاختيار بين إنقاذ الأرواح والدفع للدائنين". "نحن جميعا بحاجة إلى التفكير في كيفية تعاملنا مع خدمة الديون في عالم يشهد كوارث مناخية أكثر تواترا وتدميرا".
بيع أصول الدولةوكان صندوق النقد الدولي قد أفاد بأن السلطات المصرية باتت أكثر جدية بشأن تنفيذ بيع أصول للدولة بعد عدد من الصفقات البارزة، مما يسهل تنفيذ برنامج إقراض بقيمة 3 مليارات دولار من الصندوق.
ووفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، فإن الصندوق يركز الآن على كيفية إدارة مصر عملتها، فضلا عن مزيد من الوضوح بشأن الإنفاق العام الذي يشمل المشاريع الكبرى لإزالة العقبات أمام إطلاق برنامج الإقراض.
والاتفاق الذي يشكل أهمية بالغة لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 470 مليار دولار، والذي لا يزال عالقا في أزمة العملة الأجنبية بعد عام تقريبا من توصل صندوق النقد ومصر إلى اتفاقهما، أصبح على المحك.
وأشار التقرير إلى أن وتيرة برنامج صندوق النقد تبدو بمثابة مؤشر على قدرة مصر على الخروج من أسوأ أزماتها منذ سنوات. ومن شأن المراجعة أن تطلق نحو 700 مليون دولار من شرائح القروض المؤجلة، وتسمح بالوصول إلى تمويل مرن بقيمة 1.3 مليار دولار، وربما تحفز استثمارات خليجية كبيرة.
ويحرص الصندوق ومصر -ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين- على مواصلة الحوار لإرسال إشارة إيجابية إلى السوق. وبينما قال مسؤولون مصريون لبلومبيرغ إنهم واثقون من إمكانية إحراز تقدم في مراجعة برنامج إقراض الصندوق لمصر هذا العام، فإنهم لم يحددوا ما إذا كان سيتم السماح بتعويم الجنيه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی ملیار دولار دولار من
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد الدولي: المسار الصيني نحو النمو المستدام والمتوازن يواجه رياحا معاكسة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الصيني يواجه رياحًا معاكسة من تباطؤ نمو الإنتاجية وتراجع القوى العاملة بعد عقود من النمو المرتفع، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى خفض النمو المحتمل بشكل كبير في الأمد البعيد.
وتوقع التقرير، الذي يتناول معدلات النمو المحتملة على المدى المتوسط إلى الطويل في الصين، أن النمو المحتمل قد يتباطأ إلى حوالي 3.8 بالمئة في المتوسط بين عامي 2025 و2030، ليصل إلى حوالي 2.8 بالمئة في المتوسط خلال الفترة 2031-2040 في غياب الإصلاحات الكبرى.
وقدم التقرير سيناريو إصلاحات هيكلية لرفع نمو الإنتاجية وإعادة التوازن لنمو الصين نحو المزيد من الاستهلاك، وهو ما من شأنه أن يساعد البلاد على الانتقال إلى نمو "عالي الجودة" متوازن وشامل وأخضر، موضحا أن النمو المحتمل قد يظل عند حوالي 4.3 بالمئة بين عامي 2025-2040 في ظل سيناريو الإصلاح.
وأشار إلى أنه في ظل شيخوخة السكان السريعة، من المتوقع أن يكون لدى الاقتصاد الصيني عدد أقل من الأشخاص الذين يدخلون قوة العمل، ما سيقلل من آفاق النمو التي حددها صندوق النقد الدولي من قبل، بجانب تباطأ نمو الإنتاجية بشكل كبير.
ومع اقتراب الصين في النهاية من وضع الاقتصاد المتقدم وحدود التكنولوجيا، توقع التقرير أن ينخفض نمو إنتاجيتها الكلي بشكل أكبر، مضيفا أن ما هو فريد في حالة الصين هو الضغط الإضافي الناجم عن تناقص العائدات من النمو الذي تقوده الاستثمارات، حيث تم توجيه الاستثمار المفرط، المدفوع بمدخرات محلية مرتفعة قياسية، نحو الشركات المملوكة للدولة الأقل إنتاجية نسبيًا، والأنشطة مثل العقارات، والتي تعزز النمو بشكل أقل على المدى الأطول، وزيادة مخزون رأس المال العام الصيني الكبير نسبيًا بالفعل.
وأوضح أن تكثيف السياسات الصناعية من شأنه أن يساهم أيضًا في سوء تخصيص رأس المال وإبطاء نمو الإنتاجية، فقد أدى ارتفاع الاستثمار في الصين إلى تسريع انحدار الإنتاجية الكلية، وبالتالي النمو المحتمل، ويثير مخاوف بشأن الاستدامة وسط مستويات مرتفعة من الديون في جميع قطاعات الاقتصاد.
وأشار إلى أنه بدون جهود الإصلاح، من المرجح أن تستمر الشيخوخة وانخفاض الإنتاجية في قمع النمو على المدى الطويل، بما يتجاوز أفق التوقعات. وقد تؤدي المخاطر السلبية الإضافية إلى إضعاف التوقعات في المدى المتوسط إلى الطويل. وتشير هذه العوامل الملحة إلى الحاجة إلى إعادة التوازن بعيدًا عن نموذج النمو القائم على الاستثمار والكربون المكثف نحو محركات نمو أكثر استدامة، وخاصة الاستهلاك، كما يمكن أن يكون مثل هذا التحول في جانب الطلب الأكثر استدامة خطوة مهمة على مسار الصين نحو اقتصاد متقدم.