الصراع في السودان خلق أسرع أزمات النزوح تزايداً في العالم، بعد أن بات نصف السكان يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية- وفق مسؤولة أممية.

التغيير: وكالات

عبرت مسؤولة أممية، عن مخاوفها من احتمال انتشار النزاع المسلح في السودان إلى ولاية الجزيرة- جنوبي العاصمة الخرطوم و”التي تعد سلة غذاء السودان”.

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان،نائبة الممثل الخاص للأمين العام كلیمنتین نكویتا سلامي إن “هذا الأمر ستكون له عواقب وخيمة على الأمن الغذائي”.

وأضافت أن العنف قد أدى بالفعل إلى شل القطاع الصحي في السودان، إذ أصبحت 70% من جميع المستشفيات عاطلة عن العمل.

واندلعت الاشتباكات في السودان في 15 أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وتركز القتال في البداية في العاصمة الخرطوم وما حولها، إلى جانب دارفور.

أزمة نزوح

ومع استمرار القتال العنيف، قالت كلیمنتین نكویتا سلامي خلال مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في جنيف، الخميس، إن الصراع قد خلق أزمة النزوح الأسرع نموا في العالم بما يهدد بتجاوز أقصى الجهود التي تبذلها المنظمة لمساعدة المحتاجين للدعم.

وأضافت أن الأشهر الستة المنصرمة تسببت في معاناة لا توصف وأجبرت أكثر من 5.4 مليون شخص على مغادرة ديارهم.

وأشارت إلى أن ما يقرب من 30 ألف شخص يفرون يوميا بسبب القتال “بعضهم بدون أي شيء سوى الملابس التي يرتدونها”.

وقالت نكويتا سلامي إنها التقت أمهات في السودان أخبرنها بأنهن “لا يعرفن كيف سيجدن الوجبة التالية لأطفالهن”.

كما قابلت عائلات تقيم في “أماكن إيواء مؤقتة تكافح من أجل الحصول على الطعام والماء، غير قادرة على الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم لأطفالها وبدون فرص عمل لمعيلها”.

وقالت المسؤولة الأممية إن نصف سكان السودان- البالغ عددهم 24.7 مليون شخص- يحتاجون الآن إلى المساعدة الإنسانية والحماية.

وقد قامت الأمم المتحدة وشركاؤها الشهر الماضي، بتوصيل 3000 طن من إمدادات المساعدات المنقذة للحياة على متن 66 شاحنة إلى ست ولايات.

ولكن مسؤولة الشؤون الإنسانية في السودان شددت على الحاجة إلى تقديم مزيد من الدعم بشكل آمن ومتكرر وسريع. وأشارت إلى ضرورة الوصول إلى 18 مليون شخص وأكدت أن الأمم المتحدة لن تتخلى عن هذا الهدف.

تزايد العنف الجنسي

ويبدي العاملون في المجال الإنساني القلق إزاء التقارير التي تفيد بتزايد حالات العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وحقوق الطفل.

وبالإضافة إلى الخسارة في الأرواح والدمار بسبب الحرب، واجه الشعب السوداني مزيدا من الصدمات في الأسابيع الأخيرة حيث أثرت الأمطار الغزيرة والفيضانات على أكثر من 70 ألف شخص في 7 ولايات، مما أثار المخاوف بشأن ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه.

وقد تم الإعلان عن تفشي الكوليرا في ولاية القضارف بشرق البلاد، ويتحقق العاملون في المجال الإنساني فيما إذا كان المرض قد انتشر إلى الخرطوم وجنوب كردفان.

ودعت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان الأطراف المتحاربة إلى إعادة الالتزام بتعهداتها السابقة بوقف تصعيد القتال، وتقليل الأضرار التي لحقت بالمدنيين، والامتناع عن أي هجمات غير متناسبة.

وقالت إن تقديم المساعدات في مناطق الحروب أمر معقد للغاية وخطير ويستغرق وقتا طويلا، وغالبا ما يتضمن مفاوضات مع مجموعات مسلحة مختلفة للوصول إلى المجتمعات النائية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، قالت إن فرق الإغاثة تكثف جهودها للوصول إلى المجتمعات الأكثر ضعفا في السودان. وقالت إن الفريق الإنساني على الأرض ملتزم بمواصلة العمل.

الوسومالأمم المتحدة الأمن الغذائي الجزيرة الخرطوم السودان النزوح دارفور كليمنتاين نكويتا سلامي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة الأمن الغذائي الجزيرة الخرطوم السودان النزوح دارفور الأمم المتحدة فی السودان

إقرأ أيضاً:

مصر ومؤتمر الأزمة السودانية.. 5 تحديات ملحّة تدفع للتحرك الفوري

تستضيف القاهرة ابتداء من اليوم ولمدة يومين مؤتمرًا يحضره مشاركون من كافة القوى السياسية المدنية الفاعلة على الساحة السودانية؛ لمناقشة سبل حلّ الأزمة الراهنة وإيقاف الحرب المستعرة منذ 14 شهرًا بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وتشكل التعقيدات القبلية والإثنية واحدة من التحديات الكبرى أمام المؤتمر، حيث سعى البعض خلال جولات المعارك إلى إذكاء الانقسام على أسس قومية أو ثقافية لصالح هذا الفريق أو ذاك.

كما يزيد من التحديات وجود العديد من التعقيدات الإقليمية والدولية التي تحيط بالمشهد السوداني، فبعض الأطراف تأتي إلى المؤتمر متسلّحة بدعم دول أو منظمات أو غير ذلك، ما يقتضي حساسية في إدارة الحوار، سعيًا لإيقاف تلك الحرب التي كلفت السودان أكثر من 15 ألف قتيل، و11 مليون نازح، و1.8 مليون لاجئ فروا إلى دول الجوار، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إضافة إلى خسائر مادية تقدر بنحو 100 مليار دولار؛ بسبب دمار البنى الاقتصادية والاجتماعية ومؤسسات العمل والتشغيل والإنتاج.

مصر ستسعى بكل جهد لإنجاح المؤتمر، ليس فقط لكونها الداعية له، بل لأنها أيضًا أكثر البلدان تأثرًا بالأزمة السودانية، ومصالحها مع السودان متداخلة بشكل كبير، والنجاح يعني إغلاق أحد الجراح المفتوحة على حدودها.

فعلى سبيل المثال، يمثل الصراع في السودان فرصة لإثيوبيا التي يمثل مشروع السد فيها خطرًا على الأمن المائي في مصر والسودان، ولكن ها هي الحرب تشغل كلًا من مصر والسودان عن خطوات إثيوبيا لاستكمال بناء السد وملء خزاناته، وهو في الأصل قنبلة موقوتة لوقوعه فوق الأخدود الأفريقي العظيم، المعرض للتشقق والنشاط الزلزالي. كما تأثرت مصر بأزمة اللاجئين، فعدد اللاجئين فيها وصل إلى 9 ملايين، أكثر من نصفهم من السودانيين، بعضهم موجود قبل الأزمة الحالية. وهؤلاء جميعًا يشكلون عبئًا ضخمًا على كاهل الموازنة العامة المصرية، إذ يستفيدون من كافة الخدمات والدعم الذي تقدمه الحكومة دون أن يدفعوا الضرائب التي يدفعها المصريون. ثم هناك مشكلة "الإرهاب" التي تزداد استفحالًا مع تفاقم المشكلات الداخلية في الدول المجاورة، فقد واجهته عند حدودها الغربية بين عامي 2015-2020، ثم عند حدودها الجنوبية بعد سقوط نظام البشير في أبريل/نيسان 2019. وتخشى مصر مع تدهور الوضع بفعل الحرب من عودة تنظيم الدولة بكل قوة إلى هذا البلد المجاور، ما يؤثر على استقرارها الداخلي. وتكتمل المخاوف المصرية بإضافة البعد الإقليمي، فقد رأينا كيف حثت إيران جماعة أنصار الله "الحوثيين" في اليمن للانضمام إلى حرب غزة، مما أثر على قناة السويس. وقد طلب الجيش السوداني من إيران إمداده بالطائرات المسيرة لاستخدامها ضد قوات الدعم السريع، وستسعى إيران إلى الحصول على مقابل لذلك. وقد شهدنا مطلع العام محاولات إثيوبيا لخلق موطئ قدم لها على البحر الأحمر عبر أرض الصومال، وكل هذا يضرّ بأمن مصر، وهو ناتج بلا شك عن ضعف السودان.

تنظيم مصر للمؤتمر في ظل تلك الأوضاع، وفي ظل التركيبة المتشعبة للحضور من الداخل والخارج ليس أمرًا سهلًا، إذ إن إرضاء جميع الفرقاء ومَن وراءهم، وإقناعهم بالمشاركة يمثل ذلك تحديًا كبيرًا.

وزارة الخارجية السودانية، على سبيل المثال، رأت في الدعوة المصرية عملًا إيجابيًا بشرط الاعتراف بالحكومة الشرعية القائمة، والحفاظ على المؤسسات، وخاصة الجيش. كما ألمحت إلى أهمية حضور المقاومة الشعبية، وهي مجموعة شبه عسكرية تقاتل إلى جانب الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع، عقب سيطرة الأخيرة على ولاية الجزيرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

الخارجية السودانية كانت أيضًا قد أكدت أنها لن تقبل مشاركة أي من الدول التي ترعى وتسلح قوات الدعم السريع، بما في ذلك دول الجوار التي تسهل نقل الأسلحة عبر تشاد، ومن ثم إلى دارفور. كما تعارض مشاركة أي منظمات إقليمية أو دولية التزمت الصمت عن إدانة جرائم "الدعم السريع"، أو الدول التي أصبحت قواعد لنشاطات "الدعم السريع" السياسية والدعائية. كما اشترطت إعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وتصحيح موقف الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، الذي تعتبره انتهاكًا لسيادة السودان، وذلك قبل أن يسمح لأي من المنظمتين بالمشاركة في المؤتمر.

وفي كل الأحوال، الأرجح أن تتمكن القاهرة رغم كل الصعاب من تنظيم المؤتمر بشكل جيد، فقد سبق أن استضافت أكثر من فعالية للحوار بين الفرقاء منذ اندلاع الحرب، فقد جمعت دول جوار السودان في مؤتمر في يوليو/تموز من العام الماضي، واستضافت لقاءين لقوى الحرية والتغيير التي تصدرت المشهد السياسي قبل اندلاع الصراع المسلح، واستضافت وفد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) برئاسة عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق.

ولكن يبقى السؤال: هل لدى مصر أجندة لإدارة المؤتمر أو لوضع إطار للتباحث؟

والإجابة أن الأولويات المصرية، هي التالية:

1- البحث عن آلية لدفع الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، والبدء في مفاوضات جادة للوصول إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار.ِ

2- مطالبة الأطراف السودانية بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر ممرات آمنة إلى المناطق الأكثر احتياجًا داخل السودان، ووضع آليات لحماية قوافل المساعدات وموظفي الإغاثة.

3- عودة النازحين إلى مدنهم وقراهم واللاجئين إلى وطنهم.

4- تشكيل لجان عمل فرعية تمثل الأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلي المرأة والشباب للبدء في عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية.

5- السعي لتوحيد منصات الوساطات الإقليمية والدولية، لضمان أن يكون عملها مفيدًا وغير متضارب.

سنرى في الأيام القادمة ما تخبئ الأقدار للجهود المصرية ولمستقبل الأزمة السودانية، في هذه الفرصة التي قد تكون الأخيرة للخروج من ظلام النفق الطويل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • خلال 3 أشهر فقط.. أعداد النازحين من الفاشر السودانية وصلت إلى 328 ألف شخص
  • حمدوك:نضغط طرفي الصراع للجلوس والحوار
  • نيويورك تايمز: أوكرانيا تحاول البقاء على الحياد في الصراع السياسي الأمريكي الحالي
  • فلسطيني بين حربين.. ألم غزة ونزيف السودان
  • حزب "المصريين": الرئيس السيسي يبذل جهودا كبيرة لإنهاء الصراع فى السودان
  • ورقة ضد الأمريكيين.. مخاوف إسرائيلية من تدهور العلاقات مع الصين بعد حرب غزة
  • صعود أقصى اليمين يثير مخاوف الفرنسيين
  • مصر ومؤتمر الأزمة السودانية.. 5 تحديات ملحّة تدفع للتحرك الفوري
  • نوفا: الأمم المتحدة تطالب بتوفير مليار ونصف مليار دولار لمساعدة الدول التي تستقبل نازحي السودان
  • الأمم المتحدة تدعوا الجيش السوداني والدعم السريع لمفاوضات الأسبوع المقبل