بدأت أنغام الوفاء المحمدي تعزف الحان الحب وتشدو بنشيد الانتماء، فيتجدد العهد الصادق من يمن الإيمان بعمق الولاء لحبيب القلوب وبهجتها وأنيس الأرواح وهاديها؛ لتكتسِي الأرض مع السماء بحلة الاستقبال للربيع المحمدي، ومن هنا تتجسد كل معاني العشق وتظهر كل معاني الحب، ويسطر التاريخ عمق انتماء اليمانيين لنبيهم وقوة تمسكهم بنهجه والمضي على دربه ومساره، ابتهاجٌاً واحتفاء متفرداً معناه يدرك إلا من أحس بروحانية وعبق المناسبة وشُع بداخله عمق الحب الذي تجسد قولاً وفعلا ، فلا مثيل لمثل تلك المناسبة التي يحتفي اليمنيون بقدومها في كل نواحي الدنيا ! إنها ذكرى مولد النور الذي طمس الله به دياجير الجاهلية وأرسله هدى للعالمين، بعدما أصاب العالم من ظلم وضلال؛ ليهديهم إلى الصراط والمنهج القويم، فعّلم وأرشد وأبان الحجة وأظهر البرهان، وسقى البشرية من ينبوع الرحمة والعطف والحنان والإنسانية، بعدما أصابها من سفك الدماء واستحلال الحرمات وضياع الحقوق، ومن هنا أفلا يحق لنا أن نُزين الأرض بأكملها بهجة، ونرفع الأصوات بأناشيد الاستقبال مرحبين وملبين لدعوته فينا من جديد، فهو رجل عظيم، ونبي كريم، ورسول حق أضاء الله به الأرض وأقام به الحق وهدم به الباطل، وما تلك الفرحة إلا عن عمق انتماء إليه، وحث لاستمرار الخطى على مساره، واستصاغة لتذوق التحديات على دربه؛ لتنشئ الأجيال عالمة وفاهمة لمسارها وقدوتها …
لم تأتِ مظاهر الاحتفاءات بالمناسبات وطقوسها في تاريخ البشرية من عدم! أو لمجرد تصرفات شكلية وظاهرية! بل من عمق تقديس داخلي واعتقاد بأهمية تلك المناسبات وقدسيتها، وبينما الآخرون يحتفلون بأعياد تدعو للتفسخ والانحلال وتخالف الفطرة في التوجه والقيم، وما أن ينغمس الإنسان للاحتفال بها حتى تنهار نفسيته وتتفكك أواصر حياته ويتجه في مسار الانحراف و الضياع، فيكون ذلك مصدر عي وتعب وإرهاق وتيه؛ فلا تكاد تستقيم له حياة أو أن يحس برهة بالأمن الداخلي والاستقرار النفسي فيسعى جاهدا للبحث عن ما يمكن أن يزيل عنه ذلك الوهن، فيتجه أكثر نحو الانحراف؛ ليُشبع هوى نفسه ورغباته لكن دون جدوى مع انغماس في الضلال والظلم لنفسه أكثر، وفقدان لشخصه كإنسان مكرم وله قيمة في الحياة، ذلك لأن ما اتجه إليه خالف فطرته ومنهج ربه الذي خلقه وبالمقارنة هناك من يحتفي بمنهج الله ويستشعر عمق الرحمة الإلهية المتمثلة في إرسال رسول الله إليه، الرسول الذي استقامت برسالته ومنهجه الحياة، وعم الهدوء والاستقرار حيث أرشد إلى ما فيه خير للناس وحذر مما فيه شر لهم، وبين ما يعني إقامة منهج الله في كل منا كبشر مكرمين، نعم، بمثل هذه الرحمة حُق لنا أن نحتفل فهو نبينا وقدوتنا وهادينا ومُوجهنا ومُرشدنا وعلى دربه سنسير وسيسير أجيالنا جيلاً بعد جيل.
وستُعرف هذه المناسبة أجيالنا بل والعالم أجمع من هو نبينا، ولماذا نحتفي به، وما أهميته في حياتنا ومدى ضرورة إتباع البشرية أجمع له ! والاهتداء بهديه؛ ليخرج العالم بما فيه من الظلم والضلال والضياع إلى النور الذي أراده الله لها أن تعيشه، وهذا هو مغزى احتفائنا وابتهاجنا بذكرى مولد النور، فليتسأل العالم كله لماذا وسيجيبه منهج محمد عن السبب! ..
إننا إذا ما تحدثنا عن ماهية الانتماء لنبينا سندرك أن البشرية والعالم وقبله الدول العربية والإسلامية إذا ما أحبت أن تعيش في سلام وقوة وأمن وعدل فعليها بالعودة الصادقة إلى العلم الأول والقدوة الأولى، وتمثيل المنهج الصافي الذي دعا إليه، وعليها تجسيد صدق انتمائها بالعمل. ولا سبيل إلى محو الظلمات المعاصرة والانهيارات الأخلاقية المتتالية، والدمار الواسع الكبير في بينة الأنسان والحياة إلا بالعودة الجادة، ولنا أن نشاهد حجم الدمار الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي الذي كان يتجسد في الجاهلية قبل البعثة فأتى رسول الرحمة الإلهية ليمحو كل ذلك، ويبني حياة إيمانية بكل ما فيها من الأمن، وحياة إنسانية بكل ما فيها من الرحمة، وحياة حضارية بكل ما فيها من النماء والتطور والازدهار ! وكم نحن اليوم بحاجة لبناء مثل ذلك، فلتُجدد فينا ذكرى مولده – صلى الله عليه وآله وسلم- نسيم الحب الصادق للسلام والأمان الحقيقي الذي يجب أن نتمثله، مع العودة إلى أصل ذلك ومنبعه! ولتبني في كل منا إنسان يعي كنه وماهية وجوده والهدف منه في هذه الحياة؛ فيتجه نحو بناء نفسه ومجتمعه وأمته، فيعمر الأرض ويتعامل بالرحمة وينشر الطمأنينة التي أصبحت كل المخلوقات في الأرض ومنها الإنسان بحاجة إليها، وأخيرا ما أجمل تلك الروحانية التي تتجدد فينا كل عام بذكرى مولده، وذلك الشغف الذي يلوح في الوجوه للاحتفال والابتهاج بتلك الذكرى العظيمة في يمن الإيمان والحكمة، لتمثل تلك الطقوس وتلك الاحتفاءات مع مراعاة كل جوانب الإحسان بهذه المناسبة، وتذكر واجبات المسلمين تجاه بعضهم وخاصة تجاه الشريحة الفقيرة والمعدومة، وكل ذلك وصور الإحسان التي لا تقف مزامنة مع المناسبة فقط، كلها تجسد مدى صدق انتماء يمن الإيمان والحكمة لنبيهم- صلى الله عليه وآله وسلم- وصدق التمسك بمنهجهِ …
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء توضح أجر المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو أسرتها عند الله
قالت دار الإفتاء المصرية خلال منشور عبر صفحتها الرسمية، إن المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو صغارها وأسرتها، فقد نالت بابًا عظيمًا من أبواب الأجر والثواب، خصوصًا إذا كانت هي التي تعيل الأسرة ويعتمد عليها بشكل كلي لسد احتياجات الأسرة.
واستشهدت دار الإفتاء بآية من القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام، حيث عملت الفتاتان على رعي الغنم لأبيهما «قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير» (القصص: 23)، لتؤكد أن دور المرأة العاملة في الإنفاق على بيتها وأبنائها له أصل في الإسلام.
ولفتت دار الإفتاء أيضًا إلى أنه كان هناك نماذج من النساء في عهد الصحابة والتابعين كن يعملن في مهن متنوعة مثل الرعي والزراعة لمساندة أزواجهن أو للإنفاق على أسرهن، مما يعكس أن الإسلام يدعم المرأة التي تعمل بآداب الشرع الإسلامي وبدون تقصير في مسؤولياتها تجاه زوجها وأبنائها.
وشددت دار الإفتاء على أهمية دعم هؤلاء النساء، وتجنب الحكم عليهن بنظرات سلبية تزيد من متاعبهن، فدعم المرأة التي تسعى لكسب رزقها بالحلال يُعتبر واجبًا شرعيًا واجتماعيًا.
اقرأ أيضاًحكم سماع الموسيقى والأغاني.. دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي
دار الإفتاء: يجوز تكرار صلاة الاستخارة بما يزيد عن 7 مرات لهذا السبب
الأزهر يطلق قافلة دعوية بشمال سيناء بالتعاون مع الأوقاف ودار الإفتاء المصرية