الثورة نت:
2024-08-11@01:57:20 GMT

ربيع الحُبِّ والانتِمّاء

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

ربيع الحُبِّ والانتِمّاء

بدأت أنغام الوفاء المحمدي تعزف الحان الحب وتشدو بنشيد الانتماء، فيتجدد العهد الصادق من يمن الإيمان بعمق الولاء لحبيب القلوب وبهجتها وأنيس الأرواح وهاديها؛ لتكتسِي الأرض مع السماء بحلة الاستقبال للربيع المحمدي، ومن هنا تتجسد كل معاني العشق وتظهر كل معاني الحب، ويسطر التاريخ عمق انتماء اليمانيين لنبيهم وقوة تمسكهم بنهجه والمضي على دربه ومساره، ابتهاجٌاً واحتفاء متفرداً معناه يدرك إلا من أحس بروحانية وعبق المناسبة وشُع بداخله عمق الحب الذي تجسد قولاً وفعلا ، فلا مثيل لمثل تلك المناسبة التي يحتفي اليمنيون بقدومها في كل نواحي الدنيا ! إنها ذكرى مولد النور الذي طمس الله به دياجير الجاهلية وأرسله هدى للعالمين، بعدما أصاب العالم من ظلم وضلال؛ ليهديهم إلى الصراط والمنهج القويم، فعّلم وأرشد وأبان الحجة وأظهر البرهان، وسقى البشرية من ينبوع الرحمة والعطف والحنان والإنسانية، بعدما أصابها من سفك الدماء واستحلال الحرمات وضياع الحقوق، ومن هنا أفلا يحق لنا أن نُزين الأرض بأكملها بهجة، ونرفع الأصوات بأناشيد الاستقبال مرحبين وملبين لدعوته فينا من جديد، فهو رجل عظيم، ونبي كريم، ورسول حق أضاء الله به الأرض وأقام به الحق وهدم به الباطل، وما تلك الفرحة إلا عن عمق انتماء إليه، وحث لاستمرار الخطى على مساره، واستصاغة لتذوق التحديات على دربه؛ لتنشئ الأجيال عالمة وفاهمة لمسارها وقدوتها …
لم تأتِ مظاهر الاحتفاءات بالمناسبات وطقوسها في تاريخ البشرية من عدم! أو لمجرد تصرفات شكلية وظاهرية! بل من عمق تقديس داخلي واعتقاد بأهمية تلك المناسبات وقدسيتها، وبينما الآخرون يحتفلون بأعياد تدعو للتفسخ والانحلال وتخالف الفطرة في التوجه والقيم، وما أن ينغمس الإنسان للاحتفال بها حتى تنهار نفسيته وتتفكك أواصر حياته ويتجه في مسار الانحراف و الضياع، فيكون ذلك مصدر عي وتعب وإرهاق وتيه؛ فلا تكاد تستقيم له حياة أو أن يحس برهة بالأمن الداخلي والاستقرار النفسي فيسعى جاهدا للبحث عن ما يمكن أن يزيل عنه ذلك الوهن، فيتجه أكثر نحو الانحراف؛ ليُشبع هوى نفسه ورغباته لكن دون جدوى مع انغماس في الضلال والظلم لنفسه أكثر، وفقدان لشخصه كإنسان مكرم وله قيمة في الحياة، ذلك لأن ما اتجه إليه خالف فطرته ومنهج ربه الذي خلقه وبالمقارنة هناك من يحتفي بمنهج الله ويستشعر عمق الرحمة الإلهية المتمثلة في إرسال رسول الله إليه، الرسول الذي استقامت برسالته ومنهجه الحياة، وعم الهدوء والاستقرار حيث أرشد إلى ما فيه خير للناس وحذر مما فيه شر لهم، وبين ما يعني إقامة منهج الله في كل منا كبشر مكرمين، نعم، بمثل هذه الرحمة حُق لنا أن نحتفل فهو نبينا وقدوتنا وهادينا ومُوجهنا ومُرشدنا وعلى دربه سنسير وسيسير أجيالنا جيلاً بعد جيل.


وستُعرف هذه المناسبة أجيالنا بل والعالم أجمع من هو نبينا، ولماذا نحتفي به، وما أهميته في حياتنا ومدى ضرورة إتباع البشرية أجمع له ! والاهتداء بهديه؛ ليخرج العالم بما فيه من الظلم والضلال والضياع إلى النور الذي أراده الله لها أن تعيشه، وهذا هو مغزى احتفائنا وابتهاجنا بذكرى مولد النور، فليتسأل العالم كله لماذا وسيجيبه منهج محمد عن السبب! ..
إننا إذا ما تحدثنا عن ماهية الانتماء لنبينا سندرك أن البشرية والعالم وقبله الدول العربية والإسلامية إذا ما أحبت أن تعيش في سلام وقوة وأمن وعدل فعليها بالعودة الصادقة إلى العلم الأول والقدوة الأولى، وتمثيل المنهج الصافي الذي دعا إليه، وعليها تجسيد صدق انتمائها بالعمل. ولا سبيل إلى محو الظلمات المعاصرة والانهيارات الأخلاقية المتتالية، والدمار الواسع الكبير في بينة الأنسان والحياة إلا بالعودة الجادة، ولنا أن نشاهد حجم الدمار الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي الذي كان يتجسد في الجاهلية قبل البعثة فأتى رسول الرحمة الإلهية ليمحو كل ذلك، ويبني حياة إيمانية بكل ما فيها من الأمن، وحياة إنسانية بكل ما فيها من الرحمة، وحياة حضارية بكل ما فيها من النماء والتطور والازدهار ! وكم نحن اليوم بحاجة لبناء مثل ذلك، فلتُجدد فينا ذكرى مولده – صلى الله عليه وآله وسلم- نسيم الحب الصادق للسلام والأمان الحقيقي الذي يجب أن نتمثله، مع العودة إلى أصل ذلك ومنبعه! ولتبني في كل منا إنسان يعي كنه وماهية وجوده والهدف منه في هذه الحياة؛ فيتجه نحو بناء نفسه ومجتمعه وأمته، فيعمر الأرض ويتعامل بالرحمة وينشر الطمأنينة التي أصبحت كل المخلوقات في الأرض ومنها الإنسان بحاجة إليها، وأخيرا ما أجمل تلك الروحانية التي تتجدد فينا كل عام بذكرى مولده، وذلك الشغف الذي يلوح في الوجوه للاحتفال والابتهاج بتلك الذكرى العظيمة في يمن الإيمان والحكمة، لتمثل تلك الطقوس وتلك الاحتفاءات مع مراعاة كل جوانب الإحسان بهذه المناسبة، وتذكر واجبات المسلمين تجاه بعضهم وخاصة تجاه الشريحة الفقيرة والمعدومة، وكل ذلك وصور الإحسان التي لا تقف مزامنة مع المناسبة فقط، كلها تجسد مدى صدق انتماء يمن الإيمان والحكمة لنبيهم- صلى الله عليه وآله وسلم- وصدق التمسك بمنهجهِ …

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

حديث فيه جوامع الكلمة وأساس كل خير.. تعلمه من رسول الله

حديث فيه جوامع الكلمة وأساس كل خير، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن سيدنا رسول الله ﷺ قد ترك لنا حديثًا هو من جوامع الكلم، اختاره الْمُحَدِّثون لأن يحدثوا به في مجالسهم أول حديث، وكأنهم عرفوا منه أنه مفتاح لكل الإسلام، ولحياة المسلم.
 

نوع من الهجرة يحتاجه كل مسلم.. يكشفه علي جمعة علي جمعة يُوضح صفات عباد الرحمن حديث فيه جوامع الكلمة وأساس كل خير


وتابع جمعة في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك أن هذا الحديث سماه العلماء بحديث الأولية؛ لأنه أول ما يذكره الْمُحَدِّث، وهو ينقل عن سيد الخلق ﷺ لِمَنْ بعده من الطلاب والناس، «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا مَنْ في الأرض يرحمْكم مَنْ في السماء». وفي رواية: «يرحمُكم مَنْ في السماء». بضم الميم.

 

وأشار جمعة أن المعنى عندما يكون بالسكون «يرحمْكم مَنْ في السماء»: أنك إذا ما امتثلت فرحمت مَنْ في الأرض، فإن الله سوف يرحمك، وإن لم تفعل، فليس لك عند الله عهد. فـ «مَنْ لا يَرْحم، لا يُرْحم».

وأضاف جمعة أن المعنى عندما يكون بالضم: «يرحمُكم مَنْ في السماء». وكأنه ﷺ وهو منا مثل الوالد للولد، يدعو لنا بالرحمة على كل حال، في حال الفعل، وفي حال التقصير؛ حتى تكون عندنا الهمة، لأن نستحي من الله سبحانه وتعالى، وأن نرحم أنفسنا، وأن نرحم مَنْ في الأرض.

إنما أنا رحمة مهداة

وأكد جمعة على أن قول رسول الله ﷺ: «ارحموا مَنْ في الأرض» فيه عموم يشمل : المسلم، وغير المسلم، الفاسق، والعاصي، والفاجر، والتقي، ويشمل كل شيء، وسيدنا النبي ﷺ يصف نفسه فيقول: «إنما أنا رحمة مهداة» فهدى الله هذه الرحمة للعالمين إلى يوم الدين؛ بل من لدن آدم إلى يوم الدين في الدنيا والآخرة.

واستطرد جمعة أن سيدنا محمد ﷺ قد علمنا أن هذا الكون يسبح، ويعبد ربه، ويسجد له، ويبكي ويفرح، وَيُحِب وَيُحَب ، علمنا أن هذه الكائنات، وهذه الجمادات، فيها تفاعل، ويجب عليك أن تتفاعل معها، وأن تكون العلاقة بينك وبينها هي الرحمة والعمران والتعمير لا التدمير.

واستشهدا جمعة بقول الله تعالى:{وَلِلهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، أي أن كل ما في الأرض؛ من جن وإنس، من حجر ومدر ؛ يسجدون، ويعبدون، ويسبحون، فارحم نفسك ولا تعارض الكون بما فيه؛ فقد سلم الكون أمره لله، فسلم أمرك لله، وكن في نفس الاتجاه وفي نفس التيار، وإلا كنت النغمة النشاذ.

وذكر جمعة قصة سيدنا رسول الله ﷺ عندما كان يخطب -فيما أخرجه البخاري- على جذع نخلة، فلما آتاه المنبر ترك الجذع ، فحَنَّ هذا الجذع، وَأَنَّ أنينًا، حتى إنه أشفق عليه، فنزل من منبره الشريف في وقت خطبة الجمعة، وضمه إلى صدره، فسكن. يعلمنا بذلك أن هذا الكون ينبغي علينا أن نرحمه، وإن كنا لا نفقه تسبيحهم.

وانتهى جمعة ناصحًا أنه على الناس أن يتراحموا وأن الرحمة هي التي بدأ الله بها جماله علينا، فقال: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فالرحمة أساس الحب، وأساس التعاون، وأساس العمران، وأساس الكرم، وأساس كل خير.

 

مقالات مشابهة

  • دعاء أهل غزة: نداء الرحمة والأمل في وجه المحن
  • إبادة بأبشع الصور
  • أدعية مستجابة تفتح أبواب الرحمة والرزق
  • حزب الله يقصف مبنى يستخدمه جنود الاحتلال في مستعمرة المنارة
  • حديث فيه جوامع الكلمة وأساس كل خير.. تعلمه من رسول الله
  • على جمعه: القلوب القاسية لا ينظر إليها رب العالمين
  • "كاسبر" تجربة نوعية لفرقة الأنفوشي تحكي قصة أصحاب الأرض في المهرجان القومي للمسرح
  • منصة شاهد تستعد لطرح فيلم «بعد الشر» و «مستر إكس»
  • علي جمعة يُوضح صفات عباد الرحمن
  • بركة ساكن: حرقوا البيوت، سرقوا ما تحويه، نهبوا السيارات ومحراث الأرض، نهبوا المحاصيل وشردوا الإنسان