ريهام العادلي تكتب: خمسون عامًا نصرًا وشرفًا وكرامةً
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
تحتفل مصر فى 6 أكتوبر من كل عام بذكرى الإنتصار فى حرب أكتوبر المجيدة ، نتذكر التضحيات التى بذلها رجال هانت أرواحهم ، و لم تهن مكانة الوطن فى قلوبهم ،حيث أثبتت الحرب للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور يستند إلي شجاعة القرار ، و دقة الإعداد و التخطيط ، و بسالة الآداء و التنفيذ ، مما أكَّد للجميع أن الشعب المصرى ضرب أروع صور البطولة و وقف إلى جوار قواته المسلحة .
أكَّدت حرب أكتوبر إستحالة سياسة فرض الأمر الواقع ، و إستحالة إجبار شعوب المنطقة ، كما أثبتت أيضاً أن الأمن الحقيقي لا يضمنه التوسع الجغرافى على حساب الأخرين ، و لذلك تنبَّه العالم لضرورة إيجاد حل للصراع العربى الإسرائيلى ، و كان من أبرز نتائج تلك الحرب رفع شعار المفاوضات و ليس السلاح .
إن التضامن العربي الذى ظهر بوضوح فى حرب أكتوبر دليلاً قاطعاً على بداية شعور العرب و لأول مرة فى تاريخهم المعاصر بالخطر على أمنهم القومى و الإستراتيجي و لذلك تُوِّجَ هذا التضامن بنصر عسكرى كبير فَخِرَ به الجميع .
شعرت الأمة المصرية بالإنكسار و الإستسلام بعد الهزيمة التى تعرض لها الجيش المصرى خلال حرب 1967 ،
ثم أتت حرب الاستنزاف التى استمرت نحو ثلاث سنوات و نصف السنة أو حرب الألف يوم كما أطلق عليها الإسرائيليون ، بدأت عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة ( بورفؤاد ) بهدف إحتلالها بعد ثلاثة أسابيع تقريباً من النكسة ، فتصدَّت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عُرِفَت بمعركة ( رأس العش ) و هُزِمَت إسرائيل أول هزيمة ، و تصاعدت العمليات العسكرية خلال أطول حرب استنزاف فى العالم ، كما قامت القوات البحرية بإغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية ( إيلات ) أمام مدينة بورسعيد فى البحر الأبيض المتوسط حيث قامت بإغراقها بواسطة 4 صواريخ بحرية كانت هى الأولى من نوعها فى تاريخ الحروب البحرية و بداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية و إستراتيجيات القتال البحرى فى العالم ، كما قامت القوات البحرية بتدمير الغواصة الأسرائيلية ( داكار ) حيث كانت الغواصة تتجسس على أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية بالإسكندرية .
استطاعت مصر أن تُعِيد بناء القوات المسلحة و تكوين قيادات ميدانية جديدة ، و إعداد القيادات التعبوية الجديدة و إعادة تشكيل القيادات فى السلاح الجوى و إدخال نظم تدريب على كل ما هو أساسى للحرب ، و كذلك التدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب ، كما استعدت القوات المسلحة للحرب بكل ما هو حديث فى تكنولوجيا التسليح و قامت بتطوير أسلحة المشاة و إستبدلت الدبابات القديمة بالجديدة و تم الدفع بطائرات حديثة و إدخال طرازات حديثة من الصواريخ قصيرة و متوسطة المدى ، كما تحول الإقتصاد المصرى قبل حرب أكتوبر إلى إقتصاد الحرب و ذلك بمعنى تعبئة جميع المصانع و منتجاتها لإستيفاء إحتياجات القوات المسلحة ، كما قاموا ببناء حائط الصواريخ بهدف صد الهجمات الجوية الإسرائيلية ، و كان لهذا الحائط دور كبير فى تحييد القوات الجوية الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر 1973 ، مما سَهَّل عملية العبور و إجتياز خط بارليف .
إن الانتصار المصرى قد غَيَّرَ العديد من المفاهيم فى مجال الفكر العسكرى العالمى ، فهناك العديد من الوثائق التى تحمل فى طيَّاتها العديد و العديد من العِبَر و الدروس المستفادة التى من شأنها إضافة مبادىء جديدة إلى العلوم العسكرية .
و تظل هذه الحرب عملاً عسكرياً عظيماً حققته القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع شعب مصر العظيم و بمساندة من كل الشعوب و الجيوش العربية لترتفع هامات العرب جميعاً ، يُعَدُّ إنتصار أكتوبر 1973 أعظم إنتصارات العصر الحديث علي الإطلاق ومازال يُدَرَّس في المحافل العسكرية علي أنه مثال إستراتيجي عسكري يُحْتَذَي به .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القوات المسلحة حرب أکتوبر
إقرأ أيضاً:
مروي من الحب إلى الرعب
تضاربت الأفكار حول واقعة مسيرة الدعم السريع إلى مروي في يوم 12 إبريل 2023. فمن جنحوا للدعم لم يحملوها ما حمله لها الجيش. وصدق الجيش مع ذلك في اعتبار تلك المسيرة إعلانا بالحرب لأنها لم تكن المسيرة الأولى للدعم السريع لمروي. فقد سبقتها واحدة في 2021 غطى هرج اب كيعان، عبد الرحيم دقلو، حولها لو تذكرون المقاصد العسكرية من ورائها وهو أن يؤمن الدعم السريع لنفسه ارتكازاً عند مطار مروي في إطار الخطة الانقلابية أو المتمردة.
كنت ذكرت تلك الواقعة القديمة في مقال لي في أول الحرب عنوانه “مروي الجيش والدعم السريع: من الحب إلى الرعب” الذي سيصدر في كتاب عن دار الموسوعة الصغيرة قريباً بعنوان “من الثورة إلى الحرب: الطريق الوعر لبناء الدولة السودانية”. وجاء فيه:
كان يوم الأربعاء 12 أبريل 2023، يوماً للرعب من مدينة مروي في شمال السودان، بعد أن ظلت أغرودة عذبة لأكثر من نصف قرن على شفاه السودانيين؛ فلم يكن قول الموسيقار العذب عبد الكريم الكابلي عنها حين عمل موظفاً بمحكمتها: “فيك يا مروي شفت كل جديد”؛ لينصرف إلى ما شهدته في ذلك اليوم من نذر الحرب بين القوات المسلحة و”الدعم السريع”. الذي رآه الكابلي كان عيوناً لحسناء أرقت منامه وخدوداً لها شوت فؤاده. أما أربعاء مروي فأشفقت نذر الحرب بين القوات المسلحة و”الدعم السريع” اللائحة فيها، الناس على الوطن.
في يوم 12 أبريل – قبيل اندلاع الحرب بالخرطوم بثلاثة أيام – تحركت قوة من “الدعم السريع” من الخرطوم في طريقها إلى مروي، وانضمت لها قوة أخرى من بلدة الدبة قاصدين بلدة “فتنة”، غرب مطار مروي. وبحسب الرواية فإن لـ”الدعم السريع” امتلكت أرضاً في “فتنة” بمساحة 25 فداناً رغبت في جعلها معسكراً آخر من معسكراتها. وكان اشتراها لها إسماعيل سليمان عمدة الهواوير ومن أنسباء محمد حمدان دقلو. والأرجح أن العمدة اشتراها لصالح “الدعم السريع”، وبمالها. واعترضت القوات المسلحة رتل الدعم العسكري عند مدخل مروي التي بها قاعدة عسكرية بمطارها الذي يقال إنه وُجِدَتْ فيه قوة من الجيش المصري. وهذه المرة هي الثانية التي تحول القوات المسلحة دون “الدعم السريع” وبناء معسكر لها في مروي. فسبق، بحسب رواية وثيقة الصلة بالمنطقة، أن منعت القوات المسلحة بناء معسكرها هذا في مروي في مارس 2021. وذاع وقتها عن عبد الرحيم دقلو، شقيق “حميدتي” ونائب قائد “الدعم السريع”، قوله إنه سيدخل مروي عنوة. وثارت الثائرة في وجهه. وعاد ليعتذر بقوله “مروي الكرم والشجاعة ما في زول بدخلها زندية أو بضراعه (ذراعه)”. وبالنظر إلى ما وقع من “الدعم السريع” يوم الأربعاء في مروي، لا يبدو أن دقلو الأخ ممن يمتنعون من دخول البلاد “زندية”. ومع ذلك ربما بالغ من أذاع أن وجهة “الدعم السريع” احتلال مطار مروي لطرد القوة المصرية منها، وشاع أن مصر تكيد لـ “الدعم السريع”، وتريد إقصاءها من الميدان السياسي.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب