5 أكتوبر 1988.. ذكرى انتفاضة غيرت الجزائر
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
قبل 35 عاما، اندلعت بالجزائر انتفاضة عنيفة أدت إلى انهيار نظام الحزب الواحد الذي كان يحكم البلاد منذ استقلالها في 1962.
أدى قمع تلك الانتفاضة التي أسمتها وسائل الإعلام الحكومية وقتذاك بـ"أعمال الشغب" إلى مقتل العشرات وعدد كبير من الإصابات.
وحددت الإحصاءات الرسمية عدد الضحايا بنحو 160 قتيلا بينما تتحدث وسائل الإعلام عن قرابة 400 ضحية.
وبغض النظر عن دقة هذه الأرقام، يجدر القول إن هذه الحصيلة، كانت المحرك الأول لتكريس التعددية الحزبية والإعلامية وتحرير الاقتصاد في هذه البلاد الفتية (1962 تاريخ الاستقلال).
فيما يلي تسلسل الأحداث التي أدت إلى الانفجار..
بالنسبة للعديد من الجزائريين، تشكل أحداث أكتوبر 1988 منعرجا حاسما في تاريخ البلاد، حيث شكل هذا الاحتجاج العنيف نقطة تحول في الحياة السياسية والاجتماعية، وأدى إلى اعتماد دستور جديد، وولادة نظام التعددية الحزبية، وظهور الصحافة المستقلة.
اكتوبر 1988 أحداث و مواقف حتى لا ننسي... بعد المجزرة التي وقعت أمام ثانوية الأمير عبد القادر و راح ضحيتها عشرات من ...
Posted by بن خدة سليم on Wednesday, October 4, 2023ولكن إذا كانت هذه الثورة الشعبية قد أدت إلى انهيار الحزب الواحد، فإنها، على نحو متناقض، سمحت أيضا للإسلاميين بدخول المشهد من بابه الواسع في شكل الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حُلّت فيما بعد إثر الأحداث الدامية التي عرفتها البلاد خلال ما يعرف بالعشرية السوداء (1990-2000).
الأزمة الاقتصادية 1986يعتمد الاقتصاد الجزائري على البترول والغاز، بشكل يرهن أي تقدم للبلاد أو رفاهية بأسعاره على السوق الدولية.
في عام 1986 تراجعت أسعار النفط إلى أقل من تسعة دولارات للبرميل، وكانت تلك هزة اقتصادية عنيفة ضربت الاقتصاد الجزائري، حيث أعلنت السلطة وقتها دخول البلاد في أزمة اقتصادية تطلبت تغيرا جذريا في طريقة تسيير المؤسسات وتقشفا غير مسبوق مس شرائح كبيرة من الجزائريين.
انعكست هذه الوضعية على كل مجالات الحياة وكانت البطالة وأزمة السكن أكبر مشكلتين يعاني منها الجزائريون الذي ازدادوا عددا بعد نحو 25 سنة من الاستقلال.
هذا الوضع جعل السلطات تعلن الأزمة الاقتصادية، وأدخل البلاد في دوامة غير منتهية من الإصلاحات التي فرضها اللجوء للمؤسسات المالية الدولية من أجل الاقتراض أو إعادة جدولة الديون السابقة.
الأشهر التي تلت 1986 شهدت تراجعا محسوسا في القدرة الشرائية للجزائريين مع ندرة مزمنة للمواد الأساسية.
وكانت صور الطوابير أمام ما كان يعرف وقتها بـ"أسواق الفلاح" سمة يومية للمدن الجزائرية
شرارة الأحداث الأولىمساء يوم 4 أكتوبر 1988، اشتعلت النيران في الأحياء الشعبية مثل باب الوادي والحراش بالجزائر العاصمة، حيث كانت السيارات تحترق والمتاجر تتعرض للتخريب في كل ركن من العاصمة تقريبا.
حتى ليل الرابع من أكتوبر كانت لا تزال تلك الأحداث تعتبر أعمال شغب، إذ لم تنطو في البداية على أية مطالب سياسية، لكنها تحولت في صباح يوم الخامس من أكتوبر إلى انتفاضة شعبية رفع خلالها الشباب شعارات مناوئة للسلطة ممثلة وقتها في الرئيس الشاذلي بن جديد (1979- 1991) وأبرز وجوه حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان يحكم البلاد بقبضة من حديد دون أي مشاركة مع أي تشكيل سياسي آخر، حيث أن الدستور الجزائري كان لم ينفتح بعد على التعددية الحزبية، والإعلامية.
ففي ظل التركيبة السكانية المتسارعة للبلاد( 75% من الجزائريين تحت سن الثلاثين) برز فشل الطبقة الحاكمة في دمج الشباب في المجتمع، وأفلست الاشتراكية التي اعتمدتها الدولة، خصوصا مع بدأ إرهاصات سقوط الاتحاد السوفيتي، حليف الجزائر التقليدي منذ استقلالها عن فرنسا.
تختلف الحصيلة الرسمية لعدد الضحايا مع تلك التي تتحدث عنها وسائل الإعلام بشكل كبير (أرشيف) Image contributed by STF المصدر: AFP Picture taken on October 7, 1988 at Algiers showing wrecked buses in Bab El Oued district after three days of rioting. (Photo by AFP) Image contributed by - المصدر: AFP Picture taken on October 6, 1988 at Algiers' Bab El Oued district showing women chatting next to destroyed cars, a day after riots provoked by Algerian youth. (Photo by HO VAN TRUC / AFP) Image contributed by HO VAN TRUC المصدر: AFP Picture taken on October 5, 1988 at Algiers' Bab El Oued district showing burnt and destroyed cars, a day after riots provoked by Algerian youth. (Photo by AFP) Image contributed by - المصدر: AFP Picture taken on October 5, 1988 at Algiers' Bab El Oued district showing burnt and destroyed cars, a day after riots provoked by Algerian youth. (Photo by HO VAN TRUC / AFP) Image contributed by HO VAN TRUC المصدر: AFPفي 5 أكتوبر، استمرت التعبئة واشتد عود المظاهرات، وخرج الشباب الغاضب إلى الشوارع وأغلق المتظاهرون الجامعات والمدارس الثانوية في العاصمة، وانضم الطلاب إلى الانتفاضة.
تعرضت المباني العامة ومقار جبهة التحرير الوطني للنهب، وشيئا فشيئا، تجاوزت أعمال الشغب العاصمة وامتدت إلى المراكز الحضرية الرئيسية في شمال البلاد.
ولم تشهد البلاد مثل هذه "الفوضى" منذ استقلالها عام 1962.
تدخل الجيش.. وسقوط أولى الضحاياراح الشباب الجزائري الذي كان يعاني من التهميش والبطالة يتظاهر في الشوارع رافعا يافطات ضد رموز الدولة متهما الشاذلي بن جديد شخصيا والمقربين منه بالفساد، وكانت تلك سابقة في تاريخ الجزائر المستقلة.
لم تقو الشرطة على مواجهة هذه الموجة الغاضبة، وهو ما استدعى تدخل الجيش الذي أسفر عن الحصيلة الثقيلة المذكورة سابقا، والتي لم تحدد بدقة حتى الآن.
في السادس من أكتوبر أعن الشاذلي بن جديد حظر التجوال واستدعى الجيش بقيادة اللواء خالد نزار لمواجهة من ظلوا يوصفون حتى تلك الأثناء بمثيري الشغب.
انتشرت دبابات الجيش في الشوراع الرئيسية للبلاد وكان جيل الاستقلال يتابع هذه الأحداث غير المسبوقة بنوع من الاستغراب، حيث بدأت أخبار مقتل جزائرين على يد جيشهم تنتشر بسرعة البرق.
نتائج الانتفاضةرغم دعوات الاستقالة التي واجهها به الشعب، رفض الشاذلي ترك منصبه، ووعد في خطاب تاريخي له بإصلاحات عميقة.
كان أبرز تغيير في البلاد، اعتماد دستور جديد إثر استفتاء فبراير 1989 ما فسح المجال لنظام التعددية الحزبية والإعلامية.
خلال الفترة التي أعقبت هذه الأحداث تكاثرت الجمعيات وظهرت الصحف المستقلة مثل الوطن أو الخبر أو ليبرتي.
5 أكتوبر 1988
عناوين كبرى . كثير من الحبر الأسود .كثير من الدمّ . . وقليلٌ من الحياء .
هنالك جرائد تبيعك صورة الشخص نفسه على الصفحة الأولى ، ببدلة جديدة كلّ مرّة .
هناك جرائد تبيعك نفس الأكاذيب بطريقة أقلّ ذكاءً كلّ مرًة . و هنالك أخرى تبيعك تذكرة للهروب من الوطن . . لا غير ❗️… pic.twitter.com/2XQnMzGYYS
ومن بين الأحزاب الجديدة، برزت الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي أسسها عباسي مدني ونائبه الثاني علي بلحاج رفقة عدد من الإسلاميين الذين لم يكونوا معروفين للشعب وقتها.
في تلك الفترة أيضا عاد المعارض حسين آيت أحمد، مؤسس جبهة القوى الاشتراكية عام 1963، إلى الحياة السياسية، والذي كان يعيش في منفاه في سويسرا.
كما عاد الرئيس السابق أحمد بن بلة إلى البلاد وأسس حزبا ليقارع خلال الانتخابات اللاحقة.
التعددية الحزبية وحرية الإعلاميتفق المؤرخون أن مظاهرات 1988 كانت سببا رئيسيا في تدشين عملية الانتقال الديمقراطي في الجزائر ونهاية عهد الحزب الواحد، ممثلا في جبهة التحرير الوطني، الذي حكم دون مشارك لمدة 26 عاما.
لم يكن الجزائريون يقرأون جريدة إلا الجرائد التي كانت تعتبر لسان حال جبهة التحرير، لكن الأيام والأشهر التي تلت أحداث أكتوبر، فتحت الباب على مصراعيه لظهور الصحافة المستقلة (المكتوبة دون المرئية أو المسموعة)، ما أفسح المجال لظهور تيارات فكرية وإيديولجية، أو طفوها على السطح حيث كانت في معظمها تنتشر بين الشباب لكن في سرية، أبرزها التيارات الفكرية الإسلامية والشيويعة والتي ترجمت فيما بعد لأحزاب سياسية.
لم تصمد أغلب تلك التشكيلات السياسية أمام ما عرفته البلاد من تطورات بعد 1990، وخصوصا، خلال العشرية السوداء وما تلاها من أحداث حتى بداية الألفية الجديدة واعتلاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كرسي الرئاسة في عام 1999 وهو الذي لم يتنح عن السلطة إلا عن طريق حراك شعبي آخر عرفته البلاد في 2019
بعد مرور 35 عاماً على أحداث 5 أكتوبر 1988، لا تزال الحريات الأساسية تنتهك.
واليوم، يجد ما لا يقل عن 200 شخص أنفسهم خلف القضبان لمجرد ممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. pic.twitter.com/wGfCf7A1P5
وفي ضوء الذكرى الـ35 لتلك الأحداث، تنتظر الجزائر إجراء انتخابات رئاسية العام المقبل، بعد ولاية أولى للرئيس عبد المجيد تبون الذي أتت به أحداث حراك فبراير 2019 إلى الواجهة إثر انتخابات ديمسبر من تلك السنة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التعددیة الحزبیة جبهة التحریر الذی کان
إقرأ أيضاً:
قرار عاجل من النيابة لضبط بلطجية تعدوا على شخص في 6 أكتوبر
قررت جهات التحقيق سرعة إجراء تحريات المباحث حول واقعة تعدي مجموعة من الأشخاص على أخر في مدينة 6 أكتوبر.
حاول مجهولون قتل سائق توك توك بعدما اعتدوا عليه بأسلحة بيضاء بمدينة ٦ أكتوبر.
تلقى مأمور قسم أول أكتوبر إخطارا من إدارة شرطة النجدة بنشوب مشاجرة ووجود مصاب بالحي الأول.
انتقلت أقرب دورية أمنية إلى محل البلاغ وتبين بالفحص إصابة سائق توك توك 22 عاما بجروح متفرقة بالجسم إثر تعرضه لاعتداء من آخرين.
تم نقله إلى المستشفى للعلاج ويكثف رجال الشرطة جهودهم لضبط الطرف الثاني وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق.