هل تقبل إيران مقترح أردوغان بشأن ممر زنغزور؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
طهران – أثار الموقف التركي حول إمكانية تفعيل ممر زنغزور عبر الأراضي الإيرانية ردودا متباينة بين الأوساط الإيرانية، فلطالما عارضت طهران فتح الممر انطلاقا من موقفها المبدئي بعدم السماح بأي تغييرات جيوسياسية على حدودها.
فقد جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء زيارته الأخيرة إقليم نخجوان عزم البلدين "تفعيل الممر الإستراتيجي في أقرب وقت ممكن"، عقب اجتماعه بنظيره الأذري إلهام علييف أواخر الشهر الماضي.
وأضاف أنه "إذا لم تمهد أرمينيا الطريق لذلك، فإنه سوف يمر عبر الأراضي الإيرانية.. تنظر إيران حاليا إلى هذا الأمر بشكل إيجابي، وبالتالي فسيكون من الممكن المرور من أراضيها إلى أذربيجان".
موقف رسمي رافض
اللافت في التصريح التركي أنه جاء بعد نحو 3 أشهر من تصريحات مماثلة، اعتبرت أن طهران تمثل "مشكلة وعائقا" أمام تحقيق مشروع ممر زنغزور أكثر من يريفان ذاتها، وذلك بعد رفض إيراني قاطع للمشروع، الذي من شأنه العزف على وتر القومية التركية قرب حدودها المحاذية لكل من تركيا وأذربيجان.
وأثار موضوع تلقي أنقرة "إشارات إيجابية من إيران" بشأن إمكانية فتح ممر زنغزور عبر أراضيها تساؤلات عدة حول موقف طهران الرسمي من الممر، وتداعياته على أمنها القومي ونفوذها الإستراتيجي ومصالحها الاقتصادية في جنوب القوقاز عبر البوابة الأرمينية.
ولم يمض أسبوع على تأكيد أردوغان وعلييف ضرورة تفعيل ممر زنغزور، حتى جاء الموقف الإيراني على لسان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وأمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان رافضًا "أي تغيير في الجغرافيا السياسية لمنطقة القوقاز"، وذلك عند استقبالهما رئيس مجلس الأمن القومي الأرميني أرمين غريغوريان الأسبوع الجاري في طهران.
في حين أكّد رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري للضيف الأرميني استعداد بلاده لإرسال مراقبين إلى الحدود بين أذربيجان وأرمينيا.
وجاء الموقف الإيراني الرسمي موافقا لرؤية المرشد الأعلى علي خامنئي، إذ قال عقب انتهاء حرب قره باغ الثانية عام 2020 "إننا فرحون بعودة قره باغ إلى أذربيجان، لكن إذا كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فإن الجمهورية الإسلامية ستعارض تلك السياسة، لأن تلك الحدود كانت طريقا للتواصل منذ آلاف السنوات".
أنصاري يرى أن أردوغان يحاول التأثير على إيران وأرمينيا لدفع مشروع زنغزور إلى الأمام (الصحافة الإيرانية) تفسير الموقف التركيوعلى الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين لم يتطرقوا إلى المقترح التركي حول إمكانية عبور الممر عبر الأراضي الإيرانية، فإن المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري لفت إلى أن الرئيس التركي محترف في توظيف التكتيكات لخدمة الأهداف الإستراتيجية.
ورأى الدبلوماسي الإيراني السابق، في تغريدة على منصة إكس، أن أردوغان يحاول التأثير على الجهات القائمة على اتخاذ القرار في إيران وأرمينيا لدفع مشروعه إلى الأمام، على حد تعبيره.
كما اعتبر رئيس مؤسسة "راهبرد بجوهان جهان معاصر" للدراسات الإستراتيجية شعيب بهمن المقترح التركي "فخًا دعائيا لحضّ يريفان على قبول مطالب باكو وأنقرة"، مضيفا -في تغريدة على منصة إكس- أن أردوغان يريد الإيحاء بأن أرمينيا ستُحرم من مزايا الترانزيت الدولي في حال عدم استغلالها الفرصة المتاحة.
بهمن يرى في المقترح التركي فخا دعائيا لحض أرمينيا على تلبية المطالب التركية والأذربيجانية (مواقع التواصل) مخاوف طهرانفي غضون ذلك، علمت الجزيرة نت من مصدر مقرب من مراكز اتخاذ القرار في إيران -رفض الكشف عن هويته- أن طهران شكلت لجنة عليا للبت في إمكانية فتح ممر زنغزور عبر الأراضي الإيرانية، وقد اجتمع أعضاؤها 3 مرات حتى الآن، وتناولوا الموضوع على مدى أكثر من 10 ساعات، لكنه رفض الكشف عمّا توصلت إليه اللجنة حتى الآن.
من ناحيتها، تعزو أعظم مولائي أستاذة العلاقات الدولية في جامعة أزاد أصفهان، السبب في عدم تعليق بلادها بشكل صريح حول إمكانية مرور ممر زنغزور عبر أراضيها، إلى ملاحظات الجمهورية الإسلامية بشأن تداعيات الممر على أمنها القومي والتمهيد لحضور القوات الأجنبية بمنطقة القوقاز.
ولدى إشارتها إلى فكرة تأسيس "عالم تركي" من خلال مرور ممر زنغزور عبر جميع الدول والمناطق الناطقة بالتركية، توضح مولائي للجزيرة نت أن طهران تتوجس من تداعيات المشروع على أمنها القومي، مؤكدة أن الأقلية التركية والأذرية تقطن في مناطق واسعة في شمالي إيران.
ونقلت صحيفة "دنياي اقتصاد" الناطقة بالفارسية عن رئيس المجلس الإستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران كمال خرازي قوله إن "باكو كانت تطالب بفتح ممر زنغزور لربط إقليم نخجوان بالأراضي الأذرية، بمقابل فتح ممر لاتشين الذي كان يصل إقليم قره باغ بأرمينيا، وبالتالي فإنه لا مبرر لشق ممر زنغزور بعد دمج ناغورني قره باغ بجمهورية أذربيجان، وخروج ممر لاتشين عن الاستخدام".
عقدة طرق المواصلاتوعن إمكانية استخدام الأراضي الإيرانية لربط البر الرئيسي لأذربيجان بإقليم نخجوان، كشف المسؤول الإيراني أن طهران وباكو سبق أن اتفقتا على مد سكة حديدية بمسافة 55 كيلومترا داخل الأراضي الإيرانية قرب الحدود المشتركة مع أرمينيا، وأن المشروع قيد المتابعة.
وأكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أبو الفضل عموئي أن إيران لا تعارض استخدام أراضيها لفتح طريق يربط إقليم نخجوان بالأراضي الأذربيجانية، لافتا إلى أن باكو سبق أن استخدمت أراضي بلاده للتواصل مع الإقليم الأذري خلال العقود الثلاثة الماضية.
عموئي يقول إن بلاده لا تعارض استخدام أراضيها لفتح طريق يربط إقليم نخجوان بالأراضي الأذربيجانية (الصحافة الإيرانية)وفي حديث للجزيرة نت، أوضح عموئي أن الجمهورية الإسلامية ترحب بتنمية سبل المواصلات في المنطقة، لكن ما يهمها هو عدم تغيير الجغرافيا السياسية فيها، مؤكدا أن طهران تعتبر الحوار والتعاون سبيلا لاستقرار المنطقة.
وبالعودة إلى تداعيات مد ممر زنغزور عبر الأراضي الإيرانية على الاقتصاد الإيراني، ترى مولائي أن المشروع يعزز مكانة إيران في الترانزيت الدولي، مستدركة أنه قد يقوض أهمية ممر شرق-غرب الإيراني، الذي من المفترض أن يربط بين آسيا الوسطى والقارة الأوروبية عبر العراق وتركيا.
وبالتالي، فإن المراقبين في طهران يرون أن الدعوة التركية لعبور ممر زنغزور عبر الأراضي الإيرانية يعقّد موقف الجمهورية الإسلامية المعقّد أصلاً من الممر؛ إذ إن الموافقة على المقترح ستقوّض أهمية ممر شرق-غرب، كما أن رفضه يفتح الباب على مصراعيه أمام أنقرة لترفض هي الأخرى التعاون مع طهران في ممراتها الدولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجمهوریة الإسلامیة أن طهران فتح ممر قره باغ
إقرأ أيضاً:
بعد تحذير طهران.. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصدر قرارا ضد إيران
قال دبلوماسيون إن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يضم 35 دولة، وافق على قرار يأمر طهران مجددا بتحسين التعاون مع المنظمة التابعة للأمم المتحدة، ويطلب من الوكالة إصدار تقرير “شامل” عن إيران بحلول ربيع العام المقبل، وفقا لوكالة رويترز.
وتهدف الدول الغربية التي اقترحت النص، إلى الضغط على طهران من أجل الدخول في مفاوضات حول قيود جديدة على أنشطتها النووية، لكن هناك شكوكا حيال ما إذا كان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيدعم المحادثات بعد توليه الرئاسة في كانون الثاني/ يناير المقبل.
وفي وقت سابق، حذر وزير الخارجية الإيراني، الأربعاء، من أن إيران "سترد وفق ما يقتضيه الوضع" على قرار قدمته دول أوروبية والولايات المتحدة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويدين عدم تعاون إيران في الملف النووي.
وأكد عباس عراقجي خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي أن هذه الدول "إذا تجاهلت حسن نية إيران... ووضعت إجراءات غير بناءة على جدول أعمال اجتماع مجلس المحافظين من خلال قرار، فإن إيران سترد وفق ما يقتضيه الوضع وعلى نحو مناسب"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، الأربعاء، إن عراقجي أبلغ نظيره الفرنسي جان نويل بارو بأن الضغط من جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا لتقديم قرار ضد طهران من شأنه أن "يعقد الأمور" ويتناقض مع "الأجواء الإيجابية التي نشأت بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وقدمت الدول الأوروبية والولايات المتحدة نص قرار يدين عدم تعاون إيران في الملف النووي إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفق ما ذكرت مصادر دبلوماسية، الأربعاء.
من جهتها قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودبلوماسيون، الثلاثاء، إن إيران حاولت دون جدوى درء مساع غربية لاستصدار قرار ضدها في اجتماع مجلس محافظي الوكالة من خلال عرض وضع حد أقصى لمخزونها من اليورانيوم يقل قليلا عن الدرجة اللازمة لصنع أسلحة.
وذكر أحد تقريرين سريين قدمتهما الوكالة للدول الأعضاء، بحسب وكالة رويترز، أن إيران عرضت عدم زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهي درجة قريبة من نسبة 90 بالمئة المطلوبة لصنع أسلحة، واتخذت الاستعدادات اللازمة لذلك.
وقال دبلوماسيون إن العرض كان مشروطا بتخلي القوى الغربية عن مساعيها لإصدار قرار ضد إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة هذا الأسبوع بسبب عدم تعاونها مع الوكالة.