كان اسم «الأمين» يمثل التكافؤ الخُلقى فى شخصه صلوات الله وسلامه عليه أصدق تمثيل. فلم تكن صفة أرجح فى ميزان العدالة على صفة فيه، وهو الذى بلغ تمام الصفات الفُضلى جميعاً فأتمّها واستوفاها على الكمال الذى لا مزيد عليه، فشجاعته كحكمته، وحكمته كعدالته، وعدالته كرباطة جأشه، ورباطة جأشه كقوته فى الحق، وقوته فى الحق كعطفه، وعطفه كسماحته، وسماحته كصدقه، وهكذا لا تجد صفة فيه ناقصة عن أخرى، ولا صفة عالية عن الأخرى، ولا صفة فيه أقلّ من الأخرى، بل تتكافأ جميع الصفات فى شخصه الشريف تكافؤ العدالة لكأنما توزن بميزان مُحرّر دقيق بغير زيادة ولا نقصان.
ولم يكن وصف القرآن له «وإنّك لعلى خُلق عظيم» ببعيدٍ عن هذا التكافؤ الخُلقى، فالخلق العظيم يسمو فيه فيُظهر التكافؤ ويبطل ما عاداه من اقتصار صفة دون صفة أو خُلق دون خلق. قد تكون فى الشخص العظيم فضيلة بارزة كفضيلة الكرم أو فضيلة الشجاعة أو فضيلة الصبر والاحتمال، فيكون مشتهراً بين الناس بواحدة منها، ضعيف العمل بغيرها، أو يكون جسوراً مقداماً غير أنه شحيح فى مواضع الإقدام، لا يستوفيها من جميع أطرافها، فتظل الصفة ناقصة غير كاملة رغم اشتهاره بين الناس بها واعترافهم بفضله فيها، ناهيك عن اتصافه بتلك الصفة نفسها دون سواها من فضائل الصفات، فيظل العظيم عظيماً متى استوفى صفة واحدة دون غيرها واقتصر عليها، لكنه مع ذلك لا يبلغ الكمال فى العظمة، ولا يُقال فى حقه إنه على خُلق عظيم.
أمّا أن تكون كل الفضائل الخُلقيّة مجتمعة فيه، بنسبٍ متكافئة، لا تندّ فضيلة فيه عن فضيلة، فهذه عناية الله وعدالة الله ورعاية الله واختصاص الله، وهو القائل، عليه السلام: «أدّبنى ربى فأحسن تأديبى».
إنّما الخلق العظيم له من كل صفة فاضلة ميزانٌ ومقياس.. فلا يقالُ لمن يتحصّل على فضيلة الشجاعة وكفى ذا خلق عظيم، لأنه قد يكون شجاعاً ولا يكون سمحاً وقد يكون سمحاً ولا يكون كريماً، وقد يكون كريماً ولا يكون صادقاً.. وإنما صاحب الخُلق العظيم هو من توافرت على العدالة جميع الفضائل فيه، فكان كريماً وشجاعاً وصادقاً ووفيّاً ورؤوفاً وعطوفاً ومُخلصاً وأميناً بنسب متكافئة لا تنبو فيه صفة عن صفة، ولا فضيلة عن فضيلة، فجميع فضائله مجبولة على الكمال. وهكذا كان، صلوات الله وسلامه عليه، على خُلق عظيم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الامين
إقرأ أيضاً:
البزري: نريد رئيسا يكون لديه قبول داخلي وخارجي
أكد النائب الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث تلفزيوني " أن إنعقاد جلسة التاسع من كانون الثاني أمر شبه محسوم ولكن التحدي هل ينتج المجلس النيابي رئيسا في هذه الجلسة؟.
واوضح " نريد رئيسا يأتي نتيجة تشاور بين مختلف المكونات الموجودة في المجلس النيابي، وأن يكون لديه قبولا داخليا وخارجيا لأننا بحاجة إلى الدعم الخارجي.
اضاف " نريد رئيسا يأتي بغالبية نيابية واسعة تشارك فيها شرائح من مختلف مكوّنات وتموضعات المجلس النيابي".