يصيب الاكتئاب ما يقرب من 280 مليون شخص حول العالم، كما يؤثر على 5% من البالغين سنويا، حسب منظمة الصحة العالمية.

وعند الحديث عن الاكتئاب، فإن كل ما يتبادر إلى الذهن هو مشاعر الحزن والإحباط والعزلة واضطرابات النوم والشهية، غير أن هناك أعراضا أخرى للاكتئاب لا تقل أهمية؛ مثل ضعف المهارات المعرفية والمشاكل الإدراكية، وتندرج تحتها صعوبة إتمام المهام، وعدم القدرة على تذكر المعلومات والأحداث المهمة والنسيان أكثر من المعتاد.

ضعف المهارات المعرفية والإدراكية

كشفت دراسة صادرة عن جامعة كامبريدج عام 2013، ونشرتها دورية "سي إن إس سبكترام"، عن أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب أبلغوا عن شكاوى في الذاكرة ومجموعة من الإخفاقات والإعاقات المعرفية؛ مثل صعوبة تذكر الكلمات والمعلومات، وصعوبة اتخاذ القرارات وتحديد الأولويات، فضلا عن صعوبة التركيز والتفكير، كما أبلغوا عن بطء الاستجابة واكتساب المعلومات الجديدة.

ووجدت دراسة علمية -شملت 1123 طالبا جامعيا، ونشرها موقع "ساينس دايركت" عام 2020- أن الاكتئاب لا يعيق روتين الحياة اليومية بسبب المزاج السيئ فحسب، بل يتداخل بقوة مع ضعف التركيز وصعوبة معالجة المعلومات والعجز في الوظائف التنفيذية.

وأشارت دراسة -نشرتها دورية "بي إم سي" الطبية عام 2015- إلى دور الاكتئاب ونقص هرمون السيروتونين في اضطراب الوظائف المعرفية ومشاكل الانتباه.

ووجدت الدراسة أن ما بين 85 و94% من المصابين بالاكتئاب يعانون من الخلل المعرفي وضعف التركيز خلال نوبات الاكتئاب، في حين يعاني 39 إلى 44% من الأعراض نفسها في فترات الهدوء.

الاكتئاب يؤثر على الوظائف المعرفية مثل سرعة استيعاب المعلومات وكفاءتها وتذكرها (شترستوك) اختلافات هيكلية في الدماغ

ينقل موقع "إيفري داي هيلث"، عن المعالجة السلوكية والمتخصصة في علم النفس الدكتورة ناتاشا سانتوس؛ قولها إن الاكتئاب يتجاوز المشاعر السلبية وتقلبات المزاج، إذ يُحدث اختلافات هيكلية في الدماغ.

وتضيف سانتوس أن "الاكتئاب يؤثر على الوظائف المعرفية؛ مثل سرعة وكفاءة استيعاب المعلومات وتذكرها، ويضعف القدرة على التركيز والتفكير في المشكلات أو الوصول إلى حلول منطقية وغير ذلك من مهارات التفكير. وبمرور الوقت تزداد المشكلات المعرفية لدى الشخص المصاب بالاكتئاب".

وتوضح أستاذة علم الأعصاب بجامعة شرق لندن سينثيا فو -في مقال لها على موقع "ذا كونفرسيشن"- أن 3 من كل 5 أشخاص مصابون بالاكتئاب عانوا من مشاكل تتعلق بالذاكرة، وتوضح أن مشاكل الذاكرة تبدأ مع الاكتئاب وتزداد حدتها مع نوباته المتكررة، ويمكن أن تستمر الإعاقات الإدراكية حتى عندما تتحسن الأعراض الأخرى.

وحسب فو، فإن الاكتئاب يرتبط بتغيرات في بنية الدماغ ووظائفه؛ إذ يقلل المادة الرمادية في الدماغ، ويعمل على انكماش حجم قشرة الفص الجبهي والفص الصدغي الخلفي ومنطقة الحصين واللوزة الدماغية، مما يؤثر على العديد من الوظائف المعرفية والعمليات الإدراكية والوظائف التنفيذية مثل التخطيط والاستدلال واتخاذ القرارات، لا سيما مع انخفاض النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والغلوتامات.

تأثير على الذاكرة قصيرة المدى

لفت موقع "هيلث لاين" إلى أن الاكتئاب يرتبط بفقدان الذاكرة قصيرة المدى، ولكنه لا يؤثر على الأنواع الأخرى للذاكرة مثل ذاكرة المدى الطويل أو الذاكرة الإجرائية، وهذا ما أكدته دراسة أميركية أجراها قسم علم النفس بجامعة بريغهام عام 2013.

وتوصل الباحثون إلى أن الذاكرة يمكن أن تتضاءل نتيجة الاكتئاب، وذلك بعد أن فشل المشاركون في تحديد الأشياء المتطابقة والمشابهة لأشياء رأوها حالا.

الاكتئاب يرتبط بفقدان الذاكرة قصيرة المدى، لكنه لا يؤثر على ذاكرة المدى الطويل أو الذاكرة الإجرائية (بيكسابي) كيف تستعيد التركيز رغم الاكتئاب؟

يفترض الباحثون أن أدوية الاكتئاب لا تعالج الضعف الإدراكي والمعرفي الناتج عنه، وفي دراسة نشرت نتائجها في دورية "لانسيت" عام 2016، حاول فريق بحث دولي دراسة تأثير 3 من أدوية الاكتئاب الشائعة على الضعف الإدراكي المرتبط بالاكتئاب، وشارك أكثر من 1000 شخص مصاب بالاكتئاب في مجموعة من الاختبارات المعرفية على مدار 8 أسابيع.

 وتوصلت الدراسة إلى أن 95% من المشاركين لم يُظهروا أي تحسن في المشكلات الإدراكية والمعرفية المرتبطة بالاكتئاب حتى مع الانتظام في الأدوية، لأنها تعمل فقط على تحسين الحالة المزاجية ومعالجة الجوانب العاطفية من دون الجوانب المعرفية التي تتحكم فيها أجزاء معينة من الدماغ.

وشدد الباحثون على ضرورة التركيز على العلاج السلوكي المعرفي والعلاج النفسي إلى جانب الأدوية العلاجية لتجاوز صعوبات التركيز والتذكر.

الاكتئاب يضعف القدرة على التركيز والتفكير في المشكلات أو الوصول إلى حلول منطقية (شترستوك)

وينصح الخبراء ببعض الإستراتيجيات التي يمكن من خلالها تقليل تأثير الاكتئاب على عمل الدماغ، ومنها:

التعاطف مع الذات: ينبغي أن يفهم الشخص المكتئب أن الاكتئاب يُحدث اختلافات هيكلية في الدماغ، وأن فشل التركيز ليس عيبا أو خطأ منه، وبدل لوم نفسه والشعور بالذنب، عليه الفخر بكل ما ينجزه. تفويض المسؤوليات: يمكن تفويض المهام التي يمكن لآخرين من أفراد العائلة أو الزملاء القيام بها. تقسيم المهام: يفضل إعداد قائمة بالمهام اليومية المراد إنجازها، وتقسيم كل مهمة إلى مجموعة من المهام الصغيرة؛ من أجل إدارة المهام بشكل إيجابي. التركيز على النجاحات الصغيرة: يمنحك إنجاز مهمة صغيرة في بداية اليوم شعورا بالرضا ويحفزك على المزيد. القسط الكافي من النوم: يؤثر الاكتئاب على ساعات النوم اليومية، ولذا ينبغي تحسين عادات النوم حتى تمنح عقلك الراحة التي يحتاجها من أجل التركيز في اليوم التالي. فترات منتظمة من الراحة: يضطر معظم الأشخاص المصابين بالاكتئاب إلى التعامل مع واجبات الحياة اليومية، مثل الذهاب للعمل ورعاية الأسرة؛ لذا يجب الحصول على فترات راحة منتظمة للمضي قدما، مثل التنزه سيرا، وممارسة تمارين التمدد واليقظة الذهنية، أو القيام بنشاط يساعد على الاسترخاء. الملصقات التذكيرية، يمكن لصقها في أماكن واضحة، مع الحرص على إضافة التذكيرات المهمة عندما تتبادر إلى ذهنك. تخصيص مكان محدد في العمل والمنزل للاحتفاظ بالأشياء المهمة مثل مفاتيح السيارة والهاتف. تدوين الملاحظات أثناء الاجتماعات أو استخدام جهاز التسجيل عندما يكون ذلك مناسبا حتى تتمكن من مراجعة المعلومات في وقت لاحق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الدماغ یؤثر على

إقرأ أيضاً:

3 حبات قبل المدرسة.. ثمرة مفيدة للمخ وتساعد طفلك على التركيز

يفضل الأطفال عادة الأطباق الغنية بالنكهات والألوان المرتفعة، رغم أنها ليست صحية في كثير من الأحيان، وبدلًا من ذلك ترغب الأمهات في توفير أطعمة وفواكه غنية بالعناصر المفيدة للجسم، لضمها لنظام طفلها الغذائي؛ لتضمن نموه وتطوره بشكل آمن وصحيح والحد من إصابته بأي أمراض، ومن أجل اتباع الطفل نظامًا غذائيًا صحيًا يجب معرفة الأطعمة التي يجب تناولها يوميًا، خاصةً قبل الذهاب للمدرسة لتحافظ على تركيزه.

ثمرة موجوده في كل منزل مفيدة للمخ والتركيز

وتستعرض «الوطن» خلال التقرير التالي فوائد ثمرة موجودة في كل منزل مفيدة للمخ والتركيز إذا تناولها طفلك كل صباح قبل المدرسة، وفقًا للدكتور محمد حلمي استشاري التغذية العلاجية، وهي التمر.

التمر يحتوي على عناصر غذائية وفيتامينات أساسية للصحة، ويمكن اعتماده كعنصر للتحلية، لأنه يساعد على مد الجسم بالطاقة اللازمة، لكن بكميات محددة، لأنه غذاء مثالي لبدء اليوم، وتناوله المنتظم يكون مفيدًا لتقليل خطر الإصابة بحالات تنكس الدماغ، مثل الزهايمر.

بديل صحي للحلويات الصناعية

تساعد 3 تمرات في الصباح في علاج الصداع وإمداد طاقة فورية في أقل من 15 دقيقة، إذ أنها سريعة الامتصاص وتذهب إلى الدم، ولا تحتاج لعمليات هضم معقدة، كما أنه ينشط الفكر ويعالج حالة الخمول التي يشعر بها الطفل كل صباح، وغني بمركبات «الفيتو» الكيميائية الطبيعية التي تعزز المناعة.

ويمكنك استخدام التمر بديلًا صحيًا للحلويات الصناعية التي تضر بأسنان طفلك، ما يساعدهم على تقوية وتحسين حالتهم الصحية، كما أنه يحتوي على الألياف التي تساعد في سهولة عملية الهضم، بالإضافة إلى أنه يسهم في فتح شهية الأطفال الذين يعانون من النحافة ويساعدهم على دعم مرحلة النمو .

مقالات مشابهة

  • علماء يكتشفون شبكة دماغية أكبر بمرتين لدى مرضى الاكتئاب
  • إسرائيل: التركيز تحول إلى الجبهة الشمالية
  • تكريم محمد الشوبي في مهرجان الناظور لسينما الذاكرة
  • بهاء سلطان.. مشاهدات أغنية "المزاج عناب" في أسبوعها الثالث
  • 21 سبتمبر..التركيز على القادم
  • حوار الذاكرة القصيرة في حياة الشعوب.
  • 3 حبات قبل المدرسة.. ثمرة مفيدة للمخ وتساعد طفلك على التركيز
  • طبيبة: مضادات الاكتئاب يمكن أن تخفف الألم المزمن
  • استشاري نفسي: إدمان الأطفال للهواتف المحمولة يعرضهم للابتزاز ويصيبهم بالاكتئاب
  • استشاري نفسي: إدمان الأطفال للموبايل يعرضهم للابتزاز ويصيبهم بالاكتئاب