لماذا رفضت أذربيجان المشاركة في لقاء غرناطة؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
باكو- في موقف من المتوقع أن يترك ظلاله لاحقا على التوصل لاتفاق سلام نهائي بين أذربيجان وأرمينيا؛ أعلنت باكو رسميا أن الرئيس إلهام علييف لن يحضر اللقاء الذي كان مقررا مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان اليوم الخميس، وذلك على هامش قمة المجموعة السياسية الأوروبية في مدينة غرناطة الإسبانية.
وكانت أذربيجان أعربت في وقت سابق على لسان الرئيس علييف عن أملها في أن يعطي هذا الاجتماع زخما لتطوير جدول أعمال السلام في المنطقة، وأنها لا تحتاج إلى الحرب ولا إلى زعزعة الاستقرار.
لكن مراقبين أذريين يرون أن الخطاب السلبي والمواقف التي تتبناها فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه باكو شكلا واحدا من أسباب الموقف الأذري، إضافة إلى رفض باريس وبرلين مشاركة تركيا في هذا اللقاء.
أجواء متوترة
وحسب تقارير إعلامية أذربيجانية، نقلا عن مصادر دبلوماسية؛ فقد اتخذت باكو هذا القرار أيضا على خلفية تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا قبيل أيام حول خطط لدى باريس ودول غربية أخرى، لتزويد أرمينيا بالأسلحة والعتاد، فضلا عن انتقادات وجهها لباكو رئيس المجلس الأوروبي بشأن العملية الأخيرة التي نفذتها أذربيجان في إقليم قره باغ.
ووصلت كولونا إلى أرمينيا في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأعربت عن نيتها تأكيد دعم فرنسا لسيادة أرمينيا وسلامتها الإقليمية.
وحسب الباحث في دراسات القوقاز راميل أسادوف، فإن من مصلحة باكو الإسراع في توقيع اتفاق سلام شامل ودائم مع يريفان، وكذلك إنجاز برنامج دمج السكان الأرمن في الإقليم ومنحهم كافة حقوق المواطنة ومن دون أي تمييز.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا -في مقابل ذلك- تتعمد زيادة توتر الأجواء تجاه أية عملية تسوية من شأنها تعزيز موقع أذربيجان في الإقليم، لأن هذه الدول لا تتحمل سيطرة قوى محلية في أية منطقة مهمة من العالم؛ حتى لا تكون لها "مشاكل" معها لاحقا.
سياسة المضايقاتويشير أسادوف إلى أن هذه الدول أيدت وحدة وسلامة أراضي أذربيجان منذ البداية، لكنها لم تتوقع أن تستعيد باكو هذه الوحدة عمليا بهذه السرعة، وبالتالي تنشأ الآن مرحلة جديدة تهدف إلى إحداث صعوبات لباكو في المنطقة.
في الوقت ذاته، ووفقا لواشنطن وبروكسل، فقد تم القيام بكل شيء لضمان مغادرة روسيا نفسها للمنطقة، حيث يبدو أنه ليس لديها ما تفعله هناك إطلاقا.
وبخصوص إعلان باريس دعمها لـ"سيادة أرمينيا وسلامة أراضيها"، يرى أسادوف أن ذلك موقف غامض للغاية، ولكنه بالضبط ما تحتاجه باريس.
فقد وصل الوضع في الإقليم إلى مرحلة جديدة، حيث أصبح من الضروري تحديد الحدود الأرمينية الأذربيجانية بدقة، وهنا يفسح المجال أمام تلاعب سياسي للقادة الغربيين، لا سيما مع الحديث عن مدّ ممر زنغزور الإستراتيجي، الذي من شأنه تغيير الخارطة الجيوسياسية في منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، ويجعلها من أهم المناطق الحيوية في العالم، وفق كلامه.
ويتابع الباحث أنه في هذه الظروف لا يمكن لأذربيجان إلا أن تمضي قدما بسرعة في جميع الاتفاقيات السابقة، بما في ذلك تلك التي تم اعتمادها بمشاركة روسيا، والتي تتعلق بقضايا الاتصالات والنقل.
تركيا على الخط
ويلفت في هذا السياق إلى أن تركيا قامت من جانبها بخطوة تحذيرية غير متوقعة، وإن كانت من مجال مختلف تماما، وذلك بالإعلان عن استحالة تشغيل محطة الطاقة النووية الأرمينية مجددا، مبينا أن المقصود من ذلك كان توجيه رسالة حاسمة وواضحة المعنى للغرب بأن العلاقة بين باكو وأنقرة جدية للغاية.
من جانبه، يدعو المحلل السياسي توفيق أرشادوف للانتباه إلى التحركات التي تقوم بها السلطات الأرمينية، والتي تصب -حسب قوله- في سياق توتير الأجواء وخلق المضايقات لأذربيجان في الإقليم، وتحريض المنظومة الغربية ضدها.
ويضيف أرشادوف في تعليق للجزيرة نت أن يريفان عززت خلال العام الحالي بشكل أساسي محاولاتها من أجل تعزيز علاقاتها مع الغرب بشكل جذري.
ويشير إلى الزيارة التي قام بها إلى أوروبا صيف العام الحالي، فاغي غريغوريان نائب رئيس المحكمة الدستورية لأرمينيا، تحت ستار إجازة عائلية، وقام خلالها بالتفاوض مع عدد من المسؤولين هناك، بما في ذلك وضع الأموال الأرمينية في البنوك الغربية، والتي من المفترض أن يذهب جزء من هذه الأموال نفسها نحو زعزعة الاستقرار الأرميني الأذربيجاني الجديد، وعلى أوسع نطاق.
بالإضافة إلى ذلك، يرى أن محاولات "المضاربة الجديدة" على ممرات النقل التي تمر عبر أرمينيا، والتي -حسب كلامه- لا تهدف إلى مساعدة يريفان بقدر ما هي لإثارة غضب أذربيجان، وفي الوقت ذاته إعاقة عملية تمدد تركيا وتوسع نفوذها في آسيا الوسطى، عبر التعاون الوثيق والتحالف مع أذربيجان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الإقلیم
إقرأ أيضاً:
من دبي إلى باكو.. «جناح الأديان» يحشد الأصوات لمواجهة تحدي المناخ
واصل «جناح الأديان» خلال مشاركته في مؤتمر الأطراف COP29، المنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، حشد الأصوات الأخلاقية والدينية في مواجهة تحدي المناخ والبناء على النجاحات التي تحققت في COP28 الذي استضافته دبي العام الماضي.
ويشارك جناح الأديان هذا العام في مؤتمر الأطراف بتحالف عالمي يضم 97 منظمة، تمثل 11 ديانة وطائفة متنوعة ليناقش موضوعات جوهرية تتزامن مع التحديات المناخية الراهنة، بما في ذلك المسؤولية الأخلاقية المشتركة للمجتمعات الدينية في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، وسبل تعزيز النظم الغذائية المستدامة، وحماية صغار المزارعين خاصة في الخطوط الأمامية للتغير المناخ، والتأثيرات غير الاقتصادية لتغير المناخ، لا سيما الآثار الثقافية والنفسية والروحية، والحاجة إلى تعزيز مفهوم الحوكمة العالمية لرعاية الأرض، ودعم الفئات المهمشة والضعيفة في المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.
وانطلقت فكرة تنظيم جناح الأديان في COP28، المبادرة الاستثنائية الأولى من نوعها في تاريخ مؤتمر الأطراف، التي توفر منصة عالمية تجمع بين قادة وممثلين من مختلف الديانات إلى جانب العلماء والأكاديميين وخبراء البيئة وممثلي الشعوب الأصلية والشباب والمرأة، من أجل إيجاد حلول ناجعة وحاسمة تعالج الأزمة المناخية.
وقال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبد السلام، إن مواجهة أزمة المناخ تتطلب تطبيق نهج شامل يجمع بين الجهود العلمية والقيم الأخلاقية والروحية من أجل تحقيق العدالة المناخية، خاصة للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وتعزيز الاستدامة البيئية.
وعلى مدار الأسبوع الأول شهد جناح الأديان في COP29 العديد من الفعاليات؛ حيث تناولت جلساته الحوارية التي استضافت أكثر من 150 متحدثاً من جنسيات وأديان متنوعة، استعرضت العديد من الجهود والتجارب والممارسات المناخية الرائدة التي يطبقها عدد من المؤسسات الدينية حول العالم، وإلقاء الضوء على أُطر عملية تدمج المعرفة البيئية التقليدية مع النهج العلمي الحديث لتعزيز المرونة، وتشجيع الممارسات المستدامة.
ووجه المشاركون دعوات بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة الخسائر الثقافية والنفسية الناجمة عن تغير المناخ، خاصة تلك التي تؤثر في المجتمعات الأصلية والمواقع التراثية، وتقديم برامج ومشروعات متخصصة تدعم المرأة في تعزيز قدرتها على التكيف مع تغير المناخ، لا سيما في القطاعات الريفية والزراعية.
(وام)