أهل الفن.. تبرعوا بإيرادات أعمالهم لـ«المجهود الحربي»
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
لعب عدد من الفنانين والمطربين دوراً كبيراً فى دعم الجيش المصرى خلال فترة حرب أكتوبر 1973، وكان لهم عدد من الإسهامات من خلال صوتهم الذى قدموه من أجل دعم الجيش مالياً، من خلال إقامة حفلات غنائية فى شتى بقاع العالم، أو من خلال السفر إلى مدن ودول من أجل الترويج لصورة الجندى المصرى.
وكان على رأس هؤلاء الفنانين، كوكب الشرق أم كلثوم، التى كانت أول من رفع شعار «الفن من أجل المجهود الحربى»، لتخصص إيراد عدد كبير من حفلاتها الفنية لتسليح الجيش، وأخذت على عاتقها السفر والترحال من أجله، وذلك بعد 1967 وتحول صوتها على مسرح أولمبيا فى فرنسا إلى بركان من الحماس لجنودنا على الجبهة، بأغانيها الوطنية التى دعمت عزيمة النصر، كما قامت بعمل حفل آخر.
وكانت حصيلة هذه الحفلات 212 ألف جنيه إسترلينى، وأقامت حفلاً آخر فى سينما الأندلس بالكويت كانت حصيلته 100 ألف دينار كويتى، ذهبت جميعها للمجهود الحربى، وكذلك دورها فى حرب أكتوبر لم يكن الأول لها، حيث إنها تبرعت بمبلغ 10 آلاف جنيه عام 1956 لإعادة تعمير مدينة بورسعيد الباسلة بعد العدوان الثلاثى على مصر.
«عبدالحليم» غنى فى «ألبرت هول»وربما لم يكن هناك فنان قادر على منافسة أم كلثوم فى مجهوداتها الحربية، لكن الفنان عبدالحليم حافظ كان له دور أيضاً بصوته فى حفلاته الغنائية التى كان يحاول من خلالها دعم الجنود نفسياً على جبهة الحرب، كما عمل كل ما فى وسعه من أجل إحياء الحفلات الغنائية وتقديم إيراداتها للجيش للتسليح، وكانت أشهرها تلك الحفلة التى أقامها فى ألبرت هول فى لندن، وكذلك أفلامه، التى حول إيراداتها لخزينة الجيش المصرى، وأشهرها فيلم «أبى فوق الشجرة»، الذى لاقى نجاحاً كبيراً.
نادية لطفى وتحية كاريوكا وفاتن حمامة تطوعن ضمن أطقم التمريضأما الفنانة نادية لطفى فكانت من الفنانات اللاتى تطوعن بشكل كامل خلال فترة الحرب لمساعدة الجيش المصرى، بل خاطرت بحياتها وذهبت إلى الجبهة للانضمام لطاقم التمريض فى مستشفى المعادى العسكرى هناك.
وكان للفنانة الكبيرة تحية كاريوكا دور كبير خلال حرب أكتوبر فى جمع التبرعات ومع جمعية الهلال الأحمر وفى مستشفى قصر العينى، حيث أقامت لشهور فى عنبر 21 لخدمة الجرحى والمصابين، أما سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، فكان لها أيضاً دور قوى أثناء فترة الحرب، حيث قامت بالتعاون مع أعضاء جمعية الهلال الأحمر بالعمل كممرضة وزيارة أبطال الحرب فى أكثر من مستشفى.
ولم تتخلف الفنانة شادية عن دعم المجهود الحربى قبل حرب أكتوبر، وهى تتبرع برصيد أفلامها لدعم تسليح الجيش المصرى، كما قامت بدعم رجال القوات المسلحة المصابين، والشد على أيديهم للرفع من معنوياتهم، وهو نفس الدور الذى كانت تؤمن بعمله الفنانة شادية بعد ثورة يوليو، عندما شاركت فى العمل الفنى الخاص بـ«قطار الرحمة»، وهو عمل فنى ظهر عقب اندلاع ثورة 1952، وذلك كمبادرة من الفنانين لدعم الجيش المصرى، عن طريق جمع المال من كل أرجاء مصر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف خط بارليف الجيش الذي لا يقهر حرب أکتوبر من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
الدور الوطني لـ«كوكب الشرق».. استعادت ثقة الشعب بعد حرب 1967 بصوتها القوي
على مدار سنوات حياتها المديدة، لعبت أم كلثوم أدواراً عديدة فى تاريخ مصر الحديث، اختلفت وتنوعت صور حضورها بما يناسب كل مرحلة ورجالها، ولكن بعد حرب 1967، وبعد أن تشربت أم كلثوم دموع النكسة، تلبستها روح فتية متخمة بالأمل، وقادرة على قهر المحنة، إذ تقدمت المشهد الفنى، وجندت سلاحها، وهو صوتها، ليبرز وجودها فى ساحة المعركة كرمز للإرادة المصرية الجسورة، التى أبت أن تحطمها الهزيمة، فهبت واقفة وراء المجهود الحربى، كصورة جديدة للأسطورة المصرية «إيزيس»، التى بعثت من تحت ركام المعركة، لتجوب الأرض من مشرقها إلى مغربها، فى محاولة للبعث وإعادة الروح إلى «أوزوريس»، الذى تجسد فى صورة الشعب، الذى رفع أم كلثوم إلى مصاف أبطال السير الشعبية.
وقال الكاتب سعيد الشحات، صاحب كتاب «أم كلثوم وحكام مصر»، لـ«الوطن»، إن أم كلثوم لها دور استثنائى خلال حرب الاستنزاف، بدأت حملة لجمع التبرعات لصالح المجهود الحربى، بعد حرب 1967، بعد أن اعتكفت لأيام فى منزلها، حزناً على ما حدث، وبعدها فكرت فى مخرج، واهتدت إلى فكرة التبرع للمجهود الحربى، وأوضح أن دعم «الست» للمجهود الحربى تمثل فى مسارين، الأول من خلال تكوين جمعية أهلية، وهى «التجمع الوطنى للمرأة»، وضمت الجمعية عدة سيدات، وكانت هى رئيسة الجمعية، وأعدت برنامجاً لجمع التبرعات، تضمن فتح باب التبرعات بالأموال أو بالمصوغات الذهبية، وهذا التوجه لاقى استجابة كبيرة من السيدات المصريات من فئات مختلفة، أما الشكل الآخر فجاء فى تنظيم مجموعة من الحفلات الغنائية، داخل وخارج مصر، تم تخصيص دخلها لصالح المجهود الحربى، وقدمت العديد من الحفلات فى مصر، والدول العربية والأجنبية، منها فرنسا وتونس وليبيا والمغرب ولبنان، وكانت آخر حفلة لها فى أبوظبى، بدولة الإمارات العربية المتحدة، فى عام 1971، وخصصت دخل هذه الحفلات للمجهود الحربى.
وقال «الشحات» إن هذه التحركات كان لها أثر رهيب على المجتمع المصرى وعلى الفنانين، بل وعلى الجانب السياسى والعسكرى، فهى أكبر فنانة عربية وفى هذه السن المتقدمة، لم يكن دعمها لبلدها مجرد تصريحات كلامية، بل كان تحركات فعلية ومساندة مادية، وهو ما شجع عدداً من الفنانين الآخرين على الاقتداء بها، فقدم بعدها عبدالحليم حافظ حفلة فى لندن، وفى مدن أخرى، بالإضافة إلى تنظيم قوافل فنية، كانت تذهب إلى الجنود على الجبهة، تقدم حفلات فيها جانب ترفيهى وجانب دعم معنوى للجنود خلال حرب الاستنزاف، وفسر «الشحات» تحركات أم كلثوم، قائلاً: «كانت تقدم للبلد وللقيادة السياسية، التى كانت مؤمنة بها، ما تمكنت من تقديمه آنذاك»، مشيراً إلى أن ذلك جاء امتداداً لما قدمته من مساندة للقيادة المصرية فى الخمسينات والستينات، ولم يكن فيه أى نوع من الإملاءات، من أى جهة من الجهات.
ووثق الباحث كريم جمال، فى كتابه «أم كلثوم والمجهود الحربى»، وهو الكتاب الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى 2023 من وزارة الثقافة، الدور الوطنى الذى لعبته أم كلثوم، ووصل إجمالى عدد حفلات أم كلثوم فى المحافظات إلى 4 حفلات فى أربع محافظات، هى البحيرة والإسكندرية والمنصورة والغربية. ووفقاً لما رصده كريم جمال، بلغت حصيلة الرحلات الداخلية من أجل المجهود الحربى فى البحيرة 76 ألف جنيه، وفى الإسكندرية 100 ألف جنيه، وفى الدقهلية 100 ألف جنيه، وفى الغربية 227 ألف جنيه.