أستاذ اجتماع عسكري: المصريون حققوا بطولات في معارك السويس «حوار»
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
قالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع العسكرى، إنّ انتصار أكتوبر 1973 جاء تتويجاً لحرب الاستنزاف التى قدمت خلالها المقاومة الشعبية ملحمة وطنية قبل وأثناء حرب أكتوبر، جعلت العدو يواجه موته فى السويس وغيرها من مدن القناة، وإلى نص الحوار:
ما أبرز الإنجازات التى قدمتها المقاومة الشعبية؟
- 1967 لم تكن هزيمة للجيش المصرى، بل كانت عبارة عن ضربة جوية قام بها جيش العدو، لم تكن متوقعة بسبب كثرة الدعوات العالمية التى كانت تؤكد أن الجيش الإسرائيلى لا ينتوى الحرب، ولكن تلك الضربة جاء رد الجيش والشعب المصرى عليها عنيفاً، حيث بدأنا حرب الاستنزاف، فضلاً عن دور الفدائيين من أهالى السويس وغيرها من محافظات القناة، وجاءت تلك المقاومة لتؤكد أن الدولة المصرية لا يمكن أن تُقهر، وكانت تلك الحركة ساندة وداعمة للجيش المصرى فى حربه.
وكيف ساهمت فى مساندة الجيش المصرى؟
- أدت الحركات الشعبية خلال معارك حرب الاستنزاف، وأيضاً خلال أكتوبر كما حدث فى السويس، إلى إجهاد جيش العدو بشكل كبير، وقدمت المقاومة ملحمة وطنية غير مسبوقة أفقدت العدو توازنه نتيجة الخسائر المتتالية التى خلفتها تلك الحركات، وذكرت موسوعة علم الاجتماع العسكرى الأمريكية أن جيش العدو غيّر ضوابط التجنيد لديه نتيجة حرب الاستنزاف، وأصبح التجنيد خلال تلك الفترة بداية من سن 18 عاماً، حتى 55 عاماً، وذلك للسيدات والرجال، ولا تُعفى إلا المرأة الحامل، كل هذا يؤكد أن الحركات الشعبية وحرب الاستنزاف تمكنت من أن تُؤتى ثمارها.
ماذا عن بطولات أبناء السويس؟
- كانت هناك بطولات يومية يتم تحقيقها، والعدو فوجئ بمقبرته فى السويس، وتلك الجرأة التى تمتّع بها المصريون على عبور قناة السويس إلى الضفة الأخرى والإيقاع بعدد من الجنود والعودة مرة أخرى تدل على أن مصر كانت تتعامل مع الجزء المحتل على أنه أرضها وليس أرضاً محتلة، فى حين أن جيش العدو لم يجرؤ على عبور القناة، بالإضافة إلى أن تلك الخطوات خير دليل على مدى وطنية أبناء مصر وانتمائهم لها.
مسؤولية وطنيةهذه الحركات كانت نابعة من إحساس عميق بالمسئولية تجاه الوطن، ولا يمكن إنكار وجود بعض العوامل التى تنمى هذا الشعور لدى الشعب، من أبرزها الأغانى الوطنية القوية جداً التى انتشرت بشكل كبير فى تلك الفترة، حيث كانت الأغانى تحمل معانى الفداء والتضحية من أجل الوطن.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف خط بارليف الجيش الذي لا يقهر حرب الاستنزاف جیش العدو
إقرأ أيضاً:
حوار جاد لتغيير آمن بديلا للقلق في مصر
ليس خافيا ما يعيشه أنصار السيسي وحتى بعض القوى المعارضة من حالة ترقب وقلق بعد عديد التطورات في المنطقة وأهمها طوفان الأقصى وتداعياته، وانتصار الثورة السورية وتداعياتها أيضا، حتى أن السيسي نفسه حاول لمرات عديدة التدخل بنفسه لتبديد أو تخفيف هذا القلق ببعض كلمات جوفاء دون جدوى.
وعلى رأي المثل "أراد أن يكحلها فأعماها"، فإن السيسي حرص أكثر من مرة على إطلاق رسائل الطمأنة للقلقين خلال زياراته ولقاءاته المتكررة والمتزايدة للأكاديمية العسكرية وغيرها من الكليات العسكرية بمناسبة وغير مناسبة، فتترس السيسي بالمؤسسة العسكرية وليس بالشعب هو عين القلق الذي يحاول تبديده لدى أنصاره. فالحاكم المطمئن غير القلق يتحرك بشكل طبيعي بين الناس، ويكون عنوان إقامته معروفا وليس مجهولا رغم مرور 12 عاما على انقلابه.
وحين يوجه نظام السيسي إعلامه ولجانه لتشويه الثورة السورية، والتركيز على صور القتل والسحل التي جرت مؤخرا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة على الحكم هناك، في محاولة لتذكير المصريين بفضله عليهم إذ جنبهم هذا المصير، فإنه في الحقيقة يزيد الخوف والقلق لديهم من حيث يدري أو لا يدري، فأنصار النظام في مصر الذين حرضوا على الانقلاب، ثم على قتل المعارضين لهذا الانقلاب في مجازر لن تمحى من الذاكرة الوطنية، يشعرون أنهم سيكونون هدفا لردود فعل غير منضبطة حال حدوث تغيير، ولذا فإن الرسالة المبطنة لهم هي التمسك بهذا النظام والعض عليه بالنواجذ حتى يتجنبوا ذلك المصير، لكن ذلك لا يبدد القلق لديهم بل يزيده.
حين يوجه نظام السيسي إعلامه ولجانه لتشويه الثورة السورية، والتركيز على صور القتل والسحل التي جرت مؤخرا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة على الحكم هناك، في محاولة لتذكير المصريين بفضله عليهم إذ جنبهم هذا المصير، فإنه في الحقيقة يزيد الخوف والقلق لديهم من حيث يدري أو لا يدريقوى سياسية مدنية لا تخفي قلقها أيضا من احتمالات تغيير يمكن أن يفتح الباب لتصفية حسابات، وإسالة دماء، وهي أيضا مذعورة مما حدث في سوريا، خاصة أن بعضها كانت داعمة لنظام بشار الأسد، أو أنها في خصومة أيديولوجية مع التيار الإسلامي عموما في المنطقة، وساهمت هذه القوى في نشر الذعر مما حدث في سوريا في معركة الساحل الأخيرة ضد فلول نظام الأسد، وإن وجب التنويه هنا لرفضي واستنكاري التام لجرائم القتل على الهوية التي تمت للعلويين، فانتماء الأسد أو معظم أركان حكمه لهذه الطائفة لا يبرر قتل المدنيين الأبرياء منها، وحسنا فعلت السلطة السورية بفتح تحقيقات لمحاسبة الجناة.
لا يمكن لعاقل تجاهل هذه المخاوف وهذا القلق، وبعضه مشروع، خصوصا لدى بعض الأقليات الدينية أو الثقافية، ولكن الاحتماء بحكم عسكري يستغل هذا الخوف لتعزيز قبضته لن يمحو هذه المخاوف وهذا القلق، لأنه يتغذى بالأساس عليه، كما أن احتماء النظام بقواه العسكرية والأمنية، وبنائه الأسوار حول عاصمته الإدارية أو قصور حكمه لحمايته، أو بناء المزيد من السجون لاعتقال معارضيه؛ ليس كافيا لتحقيق الأمن والاستقرار، أو الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية. وهنا نستحضر ما كتبه أحد الولاة إلى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) يطلب منه مالا كثيرا ليبني سورا حول عاصمة الولاية، فقال عمر: ماذا تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل ونقِّ طرقها من الظلم.
بدلا من تغذية المخاوف والقلق تعالوا بنا إلى حوار مجتمعي حقيقي، يطرح فيه كل طرف مخاوفه وهمومه، فليس صحيحا أن أطرافا بعينها فقط لديها مخاوف، بل إن كل الأطراف المنشغلة بالشأن العام لديها مخاوف من بعضها، إذن لنكن صرحاء ومباشرين في الحوار حول هذه المخاوف، ليس لمجرد الفضفضة أو البحث عن خلاص وأمان شخصي أو طائفي،كنت ولا زلت من دعاة الحوار الجاد المنتج، وليس حوار اللقطة والشكليات وتسديد الخانات، كنت ولا زلت مع حوار شامل لا يستثني أحدا وليس مع حوار مغلق على تيار أو مجموعات تشاركت في حدث واحد مثل 30 يونيو، كنت ولا زلت مع حوار تقوده أطراف موثوقة من الجميع، وليس مع حوار إذعان وتوجيهات عُلوية ولكن بحثا عن أمان للشعب كله، وللوطن كله، بحثا عن صيغة مقبولة للعيش المشترك، بحثا عن عقد اجتماعي جديد يحدد الحقوق والواجبات، والتحديات المشتركة، وسبل التنافس الشريف سياسيا واقتصاديا وثقافيا لصالح الوطن والمواطن.
كنت ولا زلت من دعاة الحوار الجاد المنتج، وليس حوار اللقطة والشكليات وتسديد الخانات، كنت ولا زلت مع حوار شامل لا يستثني أحدا وليس مع حوار مغلق على تيار أو مجموعات تشاركت في حدث واحد مثل 30 يونيو، كنت ولا زلت مع حوار تقوده أطراف موثوقة من الجميع، وليس مع حوار إذعان وتوجيهات عُلوية، ولذا فقد دعوت أكثر من مرة -وها أنا أكرر الدعوة- لحوار تقوده جهة موثوقة مثل الأزهر الشريف، أو بيت العائلة، أو لجنة مشتركة من النقابات المهنية، أو لجنة من شخصيات وطنية تحظى بقبول عام، وتقوم هذه الجهة الداعية للحوار بوضع أجندته، وتحديد مساراته، وتحدد توقيتاته، وتحدد قوائم المستهدفين بالحوار من كل التيارات، والفئات، من المصريين المقيمين داخل الوطن أو خارجه، لتكون النتيجة وثيقة تأسيسية جديدة، تضع الحلول والتوجهات العامة لإنقاذ الوطن، واستعادة اللحمة الوطنية، وتضع تقييما أمينا لما جرى خلال السنوات الماضية وكيف يمكن تجنبه مستقبلا، وترسم الحدود الدقيقة بين ما هو مدني وما هو عسكري، وما هو ديني وما هو دنيوي، وعلاقة هذا بذاك، كما تحدد الثوابت الوطنية التي يلتزم بها الجميع، ويمكن أن تكون الخطوة العملية العاجلة هي الإفراج عن السجناء السياسيين، والدعوة لانتخابات جديدة رئاسية وبرلمانية وفق ضمانات نزاهة كافية، وتنافسية حرة لا تستبعد أحدا.
إن حوارا وطنيا مجتمعيا حقيقيا هو الكفيل فعلا بطي صفحة العشرية السوداء، بكل مآسيها، والانتقال بمصر إلى الحكم المدني الرشيد، واستعادة مكانتها اللائقة في إقليمها وفي العالم، وبدخولها مرحلة جديدة من التنمية والحرية والاستقرار والرخاء.
x.com/kotbelaraby