عانت بورسعيد من التهجير بداية من حرب 1956 وحتى 1973، ورغم المحن التى واجهها أهالى المحافظة فإنهم أصروا على الوجود ومقاومة العدوان، وضربوا أروع الأمثلة فى الحرب بأيديهم وإمكاناتهم البسيطة، حتى جاء قرار الرئيس جمال عبدالناصر عام 1969 بتهجير أهالى محافظات القناة وبينهم بورسعيد جبرياً بعد احتلال الإسرائيلى لأراضى سيناء، ومحاولات الوصول إلى مدينة بورفؤاد، ورغم ذلك حرص البورسعيدية على استمرار المقاومة الشعبية وحشد المصريين من مختلف المحافظات التى هاجروا إليها.

يتذكر على الألفى، نقيب المعلمين وعضو مجلس النواب والشورى السابق، ذكرياته مع التهجير الجبرى بعد 1969، موضحاً أنه هاجر إلى المنصورة برفقة أسرته: «كنا نجتمع وأبناء بورسعيد خاصة الشباب لحث أهالى المنصورة والقرى والمراكز المجاورة للتبرع بالدم وإرسالها إلى المستشفيات لعلاج الجنود المصابين فى بورسعيد والمطرية، وحينها انضممت إلى الاتحاد الاشتراكى.

وصدرت الأوامر من اللواء السيد سرحان، أمين عام الاتحاد ببورسعيد، للشباب وطلاب المدارس والجامعات بالمشاركة فى تطهير مطار شاوة بالدقهلية بعد تعرضه لقصف من الاحتلال الإسرائيلى، وبالفعل توجهنا بالأوتوبيسات مع البدرى فرغلى إلى مطار شاوة، حيث كان يجيد توعية وحشد المواطنين لدعم الجيش والوطن.

وجرى تطهير الممرات الخاصة بالطائرات من الدشم وأطنان الطمى المتراكم بأيدينا، وبالفعل يوم 7 أكتوبر فى اليوم الأول تمت إزالة أطنان الطمى والدشم، وخرجت طائراتنا تقصف طائرات إسرائيل على الضفة الشرقية للقناة، وعادت منتصرة سالمة ثم كررنا العمل فى اليومين الثانى والثالث، وبالفعل تم الانتصار وتحطيم طائرات ومواقع الجيش الإسرائيلى».

وتابع: «كان جلد أيادينا يتساقط ورغم ذلك لم نشعر بألم بسبب إصرارنا على العمل لإصلاح الممرات لتخرج الطائرات لضرب جنود إسرائيل فى شعور ليس له مثيل»، وطالب الشباب بالتمسك بروح أكتوبر التى ما زالت تعيش فينا بعد مرور كل تلك السنوات لأنها حرب العبور المعجزة.

إبراهيم سعودي، أحد أبناء بورسعيد، شارك فى حرب 73 وحصل على نوط الشجاعة العسكرية من الرئيس السادات، قال إنه شهد ويلات الاحتلال منذ ولادته فى العام 1949 حيث كان يسكن حى العرب ثم انتقل وهو فى سن 6 سنوات إلى مدينة بورفؤاد برفقة أسرته، ولا ينسى إطلاق جنود الاحتلال الفرنسيين النار على عامل مخبز بالادعاء كذباً أنه تعدى ساعة الحظر 5:00 مساءً وسقط شهيداً، كما أنهم كانوا يعاملون المواطنين بوحشية وينتهكون المنازل ويسرقون محتوياتها ويضربون ويقتلون الأبرياء دون سبب: «دفع جنود الاحتلال والدى أرضاً ومن يومها تمنيت المشاركة مع أبطال المقاومة الشعبية لقتل وأسر جنود الاحتلال».

ولفت إلى أن المقاومة أجبرت الاحتلال على الانسحاب فى 56 ولكنهم استمروا فى استهداف المدينة الباسلة بقنابل من الطائرات والمدافع البرمائية: «أطلقوا القنابل على مدرسة العصفورى الابتدائية التى كنت أدرس فيها ولا أنسى صرخات مدير المدرسة للمدرسين: احموا التلاميذ، ورأيت المنازل المجاورة تنهار والصرخات تعلو أصوات الصواريخ وساعدنا أحد المدرسين بتوصيلنا أنا وأخى إلى منزلنا وسط استهداف الطائرات»، لافتاً إلى أن عظمة دور أبطال المقاومة الشعبية فى حمل السلاح وتوزيعه على المتطوعين ودعم الجيش، ومنهم «محمد مهران وزنجير وزينب الكفراوى وفتحية أم على وفوزى أبوالطاهر».

وأضاف: «حينما بلغت من العمر 18 عاماً انضممت للمقاومة الشعبية عام 1967 ومعى مجموعة كبيرة من الشباب تحت قيادة البطل عبدالمنعم الشاعر والبطل كمال الغرباوى، ورجال الصاعقة، واحتلت إسرائيل سيناء واقتربوا من بورفؤاد ثم انضممت إلى إحدى كتائب الصاعقة عام 1969 بمعسكر التل الكبير، وكان قائد المدرسة وقتها المقدم جلال هريدى، وحصلت على فرقة الصاعقة، بعدها حصلت على إجازة فوجدت بورسعيد بلا سكان، حيث تم تهجير الأهالى جبرياً تحسباً للحرب ولم أعرف إلى أين هاجر والداى ثم عدت إلى الجيش وكنت كل إجازة أبحث عنهما حتى وجدتهما بعد 4 أشهر بالصدفة فى منزل بجوار منزل صديقى».

وقال: «التحقت بإحدى كتائب الصاعقة بمنطقة التينة وكان أول أيام حروب الاستنزاف بالنسبة للكتيبة آخر عام 69 وواجهنا القوات الإسرائيلية فى الكيلو 28 جنوب بورسعيد وكانت البداية الحقيقية للثأر للشهداء، ثم شاركت فى فرقة استطلاع لكشف أماكن الأسلحة الثقيلة وجنود إسرائيل من الشرق والغرب عبوراً بقناة السويس، وقمنا بتدمير عدد من الدبابات والمدافع ليلاً واقتحام عدد من مواقعهم، واجتمع بنا قائد الجيش الثانى حينها اللواء عبدالمنعم خليل وهنأنا على نجاح العملية بصفر خسائر لنا وخسائرهم 100/100، ثم اشتركت مع البطل فاروق عبدالفتاح من نبروه مركز طلخا فى مهمة للقضاء على قناص إسرائيلى، وبعد الرصد لمدة 5 أيام، كشفت مكانه ليلاً وأطلقت عليه النار فى رأسه وقُتل فى الحال وكان فى الجبهة الشرقية لقناة السويس».

«فى 73 نجحت قواتنا المسلحة فى عبور قناة السويس وكان موعدنا مع المواجهة الشرسة فى الثغرة يوم 16 أكتوبر، بقيادة شارون وتقدمنا للمقاومة بأسلحة خفيفة وهو وجنوده يحملون أسلحة ثقيلة ومتطورة، ولكن بفضل عزيمتنا وتحملنا وإصرارنا ألا يدنس أى إسرائيلى أرضنا نجحنا»، قالها «سعودى».

وأضاف أن يوم 22 أكتوبر شهد تسلل 3 دبابات إسرائيلية فكانت الأوامر بالتعامل الفورى والقوى، وبالفعل دمرنا الدبابات وقتلنا طواقمها، لافتاً إلى تكليفه بمهمة استطلاع النقاط الإسرائيلية داخل «جناين أبوعطوة»، بالإسماعيلية، وكانوا يرتدون جلابيب فلاحى للتمويه: «شاهدنا مدرعات مجنزرة مختبئة داخل الجناين ودمرنا المعدات كاملة بعد اشتباكات دامت عدة ساعات ومنعناهم من التسلل إلى الإسماعيلية بأمر من الرئيس محمد أنور السادات، والحمد لله كانت آخر اشتباكات وبعدها أعلن السادات النصر»، موضحاً أن الرئيس السادات منحه نوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى بأمر القيادة العامة للقوات المسلحة رقم 14لسنة 1974.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف خط بارليف الجيش الذي لا يقهر

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: المواجهة بين المقاومة والاحتلال تحولت إلى حرب معلومات

قال الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي إن المواجهة بين المقاومة وجيش الاحتلال تحولت إلى حرب استخبارية بالدرجة الأولى، وذلك بسبب سعي إسرائيل لتقليل خسائرها.

وفي تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة، أوضح الفلاحي أن الجيش الإسرائيلي يحاول تقليل خسائره من خلال تنفيذ عمليات محدودة في مناطق معينة بناء على ما يتم جمعه من معلومات.

لكن محاولات إسرائيل تقليل خسائرها تصطدم بالعمليات النوعية التي تنفذها فصائل المقاومة والتي كان آخرها تدمير دبابة ميركافا في  مخيم النصيرات بوسط غزة، كما يقول الخبير العسكري.

ويعكس تدمير الدبابة -حسب الفلاحي- سعي المقاومة لمنع لواء الجنوب التابع لفرقة غزة من التوغل بالمنطقة لإجراء مزيد من عمليات التفتيش فيها.

وخلال الفترة الماضية، أجرى لواء الجنوب العديد من العمليات التي عالجت بعض الأهداف العسكرية بما فيها كشف نفقين بطول كليومترين اثنين، حسب ما أعلنه جيش الاحتلال.

التركيز على جمع المعلومات

وحاليا، يركز الاحتلال على محاولة جمع معلومات تساعده على تحقيق تقدم في ملف الأسرى الذي لم ينجح في إنهائه خلال 15 شهرا من الحرب، حسب تعبير الخبير العسكري.

ولتحقيق هذا الهدف، يعتمد جيش الاحتلال بشكل كبير على المسيّرات لجمع المعلومات بينما تحاول المقاومة إسقاط أو إنزال أكبر عدد منها، كما يقول الفلاحي.

إعلان

وقد أظهر المقطع الذي نشرته كتائب القسام اليوم الأربعاء أن المسيرات الإسرائيلية تحمل "رمانة يدوية" يقول الفلاحي إن بإمكانها إيقاع خسائر كبيرة في الأرواح.

وفي وقت سابق اليوم، بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشاهد من المعارك التي يخوضها مقاتلوها ضد جيش الاحتلال في مخيم النصيرات.

وأظهرت المشاهد استهداف دبابة "ميركافا" بقذيفة "الياسين 105"، في منطقة المخيم الجديد شمال النصيرات. كما أظهرت  استيلاء مقاتلي القسام على طائرة مسيّرة إسرائيلية من نوع "إيفو ماكس".

وخلال الأيام الماضية، نفذت فصائل المقاومة العديد من العمليات النوعية ضد قوات الاحتلال، مما أسفر عن مقتل عدد من الجنود والضباط.

وزادت المقاومة من تنفيذ الأكمنة المعدة مسبقا والتي كان آخرها كمين "صيد الثعابين" الذي نفذته في دوار التعليم شمالي القطاع وأدى لمقتل ضابط وجنديين وأصابة 3 آخرين.

مقالات مشابهة

  • محافظ بورسعيد يستقبل أعضاء الصالون البحري المصري للتهنئة بذكرى انتصار المقاومة الشعبية
  • كيف استطاعت المقاومة في غزة الصمود خلال 2024؟.. أسباب مهمة
  • 62 شهيدًا وجريحًا في 3 مجازر للاحتلال بغزة ..والمقاومة تسيطر على مسيرات صهيونية في خانيونس
  • إعلام العدو: ردع الجيش اليمني بات موضع شك
  • خبير عسكري: المواجهة بين المقاومة والاحتلال تحولت إلى حرب معلومات
  • بحضور المحافظ.. أوبريت استعراضي يروي قصة كفاح بورسعيد ضد العدوان الثلاثي
  • إسرائيل تصر على لعبة “إرهاب يعبر الأغوار”.. لماذا؟ الأردن في عمق “الابتزاز” ومخاطر التهجير
  • العدو يعترف بمصرع 38 من ضباط ومجندي الاحتلال بنيران المقاومة شمال غزة
  • محافظ بورسعيد يستقبل أسر وأبطال المقاومة الشعبية ويقدم التهنئة بعيد النصر
  • أحداث مسلسل وتر حساس الحلقة 42.. مفاجأة في قتل ليلى