هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية تُصدر اشتراطات وضوابط الرعي
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
أصدرت هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية اشتراطات وضوابط الرعي في نطاق محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية ومحمية الملك خالد الملكية.
وركزت الاشتراطات التي أصدرتها الهيئة على منع الرعي في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية ومحمية الملك خالد الملكية باستثناء المصرح لهم رسميًا من أهالي القرى والهجر الواقعة ضمن نطاق المحميتين وبالتنسيق مع مركز المحافظة التابع لها، وأن يقتصر الرعي فقط على مواقع الرعي المحددة وأن يكون مقدم طلب الرعي سعوديًا ومن أفراد المجتمع المحلي، ويتطلب الترخيص إرفاق شهادة صحية معتمدة للماشية، وتحديد أعدادها لتحديد الحمولة الرعوية وتقديم الطلب من خلال منصّة العرمة الرقمية والتي طورتها الهيئة لاستقبال طلبات تصاريح الرعي وإصدارها.
وأشارت الهيئة إلى أنها اعتمدت العديد من الضوابط للرعي منها: الالتزام بجميع الأنظمة والقرارات والاشتراطات ذات العلاقة المعمول بها في المملكة، وما تصدره الهيئة من لوائح وقرارات وضوابط واشتراطات، والإبلاغ الفوري للجهات المعنية والهيئة عند وقوع أي حادثة نتج عنها أضرار من أي نوع، بالإضافة إلى الالتزام بصحة البيانات والمعلومات المقدمة وإشعار الهيئة فورًا بأي تغيير يطرأ عليها.
واشتملت الضوابط على استخدام تصريح الرعي للغرض المخصص له فقط دون القيام بأي أنشطة أخرى، والالتزام بالعمالة المحددة للترخيص، والرعي في حدود النطاق المحدد وللهيئة الحق في تعديل النطاق تحقيقًا للصالح العام، والتأكيد على المصرح لهم بإبلاغ الهيئة قبل مغادرة الموقع بخمسة أيام على الأقل للتأكد من الالتزام بضوابط استخدام الموقع.
اقرأ أيضاًالمجتمعمستشفى الملك فهد بالمدينة ينقذ حياة حامل وجنينها نتيجة ورم دماغي
وشدّدت الهيئة في الضوابط على عدم استخدام المواد الكيميائية الضارة بالبيئة، والمحافظة على المرافق العامة واللوحات الحدودية أو الإرشادية أو السياجات التي تضعها الهيئة حول المحمية أو داخلها، بالإضافة إلى عدم الإضرار بالمكونات المحمية الحيّة وغير الحيّة، وعدم الصيد بكافة أنواعه.
ويأتي إصدار الهيئة للاشتراطات والضوابط حفاظًا على الغطاء النباتي والتنوّع الأحيائي وضمان الاستدامة البيئية، وتأكيد أهمية التعامل الأمثل مع البيئة ومواردها الطبيعية.
يذكر أن فرق الرقابة البيئية في الهيئة أوقعت أكثر من “800” مخالفة رعي في نطاق محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية ومحمية الملك خالد الملكية بدايةً من عام 2023م.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية محمیة الإمام عبدالعزیز بن محمد الملکیة
إقرأ أيضاً:
عميد الفكر النزواني
ولد عميد الفكر النزواني أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي، في بلدة العارض من كُدَم في بدايات القرن الرابع الهجري في حوالي سنة 305هـ . وحين أصبح في ريعان شبابه قرر السفر إلى نزوى لتقلي العلم من علمائها، حيث اشتهرت نزوى دائما بكثرة العلماء وطلبة العلم فيها وما زال هذا حالها إلى يومنا هذا، فجلس الكدمي في مجلس الشيخ محمد بن روح بن عربي الكندي، والشيخ رِمشقي بن راشد ومحمد بن الحسن، والشيخ عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر الخروصي لينال نصيبا من علمهم ويستمع لهم، ويحفر في ذاكرته حروف كلماتهم.
كان الكُدَمي مجدًا في طلب العلم وحريصا عليه. هذا الحرص جعل منه شخصية علمية غزيرة العلم والمعرفة . عاصر الكدمي ثلاثة من الأئمة: الإمام سعيد بن عبدالله الرُحيلي، والإمام راشد بن الوليد، والإمام حفص بن راشد، وفي فترة إمامة الإمام سعيد بن عبدالله نال محمد بن سعيد الكُدمي حظوة لدى الإمام لأمانته وإخلاصه في عمله، فعينه الإمام أمينًا على المحبوسين، وكتب الكدمي يصف الإمام سعيد على لسان معلمه أبي إبراهيم محمد بن أبي بكر الأزكوي قال: «الإمام سعيد بن عبدالله أفضل من الإمام الجلندى بن مسعود نظرا لكونه إماما عادلا صحيح الإمامة من أهل الاستقامة يفوق أهل زمانه أو كثيرا منهم في العلم ومع ذلك قتل شهيدا».
وكانت له منزلة كبيرة أيضا لدى الإمام راشد بن الوليد وكان مقربا منه، والكدمي يذكر الإمام راشد بقوله: «كان رحمه الله لرعيته هينا رفيقا بآرائهم، شفيقا غضيضا عن عورتاهم، مقيلا لعثراتهم بعيد الغضب عن مسيئهم، قريب الرضا عن محسنهم». وفي عهد الإمام حفص بن راشد كان الشيخ محمد بن سعيد هو المرجع الديني لعمان قاطبة، وتولى الجانب الديني والفقهي في حكومة الإمام.
كتب الشيخ محمد بن سعيد عددًا من المؤلفات التي لا تزال تعد مصدرا مهما في دراسة الفكر الديني في عمان ومن هذه المؤلفات كتاب الاستقامة، ولخص هذا الكتاب علي بن محمد المنذري في كتاب نهج الحقائق، وللكدمي كتاب «المعتبر» والذي يقع في تسعة أجزاء، وهو شرح لجامع ابن جعفر ولم يتبق من هذا الكتاب القيم سوى جزأين، وكتاب «زيادات الأشراف»، وعلق الشيخ الكدمي في هذا الكتاب على كتاب «الإشراف على مذاهب أهل العلم» لمؤلفه محمد بن إبراهيم بن المنذر بن الجارود النيسابوري. وذكر البرادي أن للكدمي كتابًا بعنوان «المقطعات»، وله عدد من الرسائل والمكاتبات وردت في بيان الشرع، وعدد من القصائد والمنظومات حول قضية عزل الإمام الصلت بن مالك، وله جوابات جمعها سرحان بن سعيد أمبوعلي الأزكوي في كتاب أسماه «الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد».
ويعد كتاب «الاستقامة» من أهم أعمال الشيخ أبي سعيد الكدمي، ويقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء، يتناول موضوع الولاية والبراءة كمحور رئيسي له، وتميز في طرحه بأنه تناول الجانب المعتدل والمتسامح وابتعد عن التطرف في إطلاق الأحكام، ومن أبرز الأسباب التي دفعت الكدمي إلى كتابة كتاب «الاستقامة» هو رغبته في شرح وجهة نظره حول موضوع الخلاف الشاغل بين العلماء في تلك الفترة وهي قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فحدث خلاف بينه وبين الشيخ ابن بركة، حيث كان ابن بركة وهو من أبرز علماء عصره وعميد للفكر الرستاقي الذي كان يرى ضرورة البراءة من راشد بن النظر وموسى بن موسى، وطلب ابن بركة من جميع طلابه أن ينهجوا نهجه، فضيق على الناس بطلبه هذا. فقرر الكدمي -والذي عرف بتوجهاته التي تميل دائما إلى الوسطية- أن يكتب كتابا يوضح فيه موقفه من قضية راشد بن النظر وموسى بن موسى، فكتب «الاستقامة» ووضح في كتابه هذا أن هذه الحادثة قديمة وأنهم في هذا الجيل لم يشهدوا الأحداث حتى يطلقوا الأحكام، لذا وجب الوقوف في مثل هذه الأمور، وعدم البراءة من أي شخص ممن عاصر قضية عزل الإمام الصلت. لاقى كتاب «الاستقامة» الذي تميز بعمق الطرح وينم عن غزارة العلم، استحسان الكثير من علماء عصره؛ وبذلك تأسس فكر مختلف عن الفكر الرستاقي عرف بالفكر النزواني الذي تولى ريادته الشيخ محمد الكدمي.
جاء الجزء الأول من الكتاب في أسس وقواعد الولاية والبراءة، والجزء الثاني في أحكام الولاية والبراءة، أما الجزء الثالث، فحول تطبيقات الولاية والبراءة.
استفاد من جاء بعده من العلماء من كتاب «الاستقامة»، فصاحب بيان الشرع نقل من الاستقامة كل ما يخص موضوع الولاية والبراءة، وكتب الشيخ ناصر بن خميس الحمراشدي يصف كتاب «الاستقامة»:
كتاب الاستقامة ليس يلقى له في الكتب شبه أو نظير
حوى علم الشريعة فاستقامت على قطب استقامته تدور
عليك به حياتك فاتخذه شعارك فهو برهان ونور
واشتهر عن أبي سعيد عدد من العبارات التي لا تزال تتداول إلى اليوم، ومن أشهر هذه العبارات (من تشجع بعلمه كمن تورع به)، وله أيضا عبارة (الأمر إذا ضاق اتسع، وإذا اتسع ضاق).
قرر الشيخ سعيد في آخر أيامه العودة إلى موطنه العارض، وهناك بنى فيها مسجدا ليعلم طلبة العلم فيه ويكون ذكرى باقيا عنه، وظل في العارض إلى أن انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعلم في طلبه وفي نقله للأجيال اللاحقة. وظل الشيخ الكدمي معلما لمن جاء بعده من خلال مؤلفاته التي كانت تحمل بعدا فكريا عميقا، ويقول عنه الشيخ أبو نبهان الخروصي : «وكفى بأبي سعيد -رحمه الله- حجة ودليلا لمن أراد أن يتخذ الحق لنفسه سبيلا؛ لأنه أعلم من نعلم من الأحبار وآثاره أصح الآثار».