"الثأر من النكسة".. كتاب جديد عن معارك مصر الثقافية
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، كتاب "الثأر من النكسة" للكتاب الصحفي طارق الطاهر.
يكشف الكتاب عن الأحداث الثقافية المهمة التي حدثت في مصر في السنوات الست ما بين انكسار النكسة إلى انتصار أكتوبر المجيد، تلك السنوات التي حملت الكثير لهذا الوطن، وحولته من وطن مهزوم إلى منتصر.
يصدر هذا الكتاب في الذكرى الخمسين لانتصارات أكتوبر، وهو الانتصار الذي كان المثقفون وقوده طوال سنوات المحنة، أولئك المثقفون الذين لم تيأس روحهم المثقفة وسعت إلى استخدام أدواتها الفنية كالغناء والموسيقى والرقص والكتابة الروائية والخيال الأدبي الذي سعى من خلاله المثقفون المصريون إلى تغيير الواقع معنويًا وروحيًا وواقعيًا في الآن نفسه.
يرصد الكتاب مشروعات وفعاليات ثقافية أنجزتها الدولة المصرية بعد أيام قليلة من النكسة، ويتوقف عند محاولات بناء وتأسيس فعاليات ثقافية ذات أهمية كبرى مستمرة حتى الآن، منها: تأسيس معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير 1969، واتحاد الناشرين العرب، وكذلك إصرار الدولة المصرية على أن تكون القاهرة قبلة للمفكرين والمثقفين والفرق الفنية من مختلف أنحاء العالم طوال عام 1969 لإحياء ألفية القاهرة. كما يتشابك الكتاب مع ما حدث من اختلاف للرؤى بين صحفيين كبار ومسئولين بارزين مثل انتقاد أحمد بهجت لاحتفالية القاهرة، ودفاع ثروت عكاشة ونجيب محفوظ عن سياسة الوزارة وغيرها من المعارك التي نشبت في تلك الفترة ويرصدها الكتاب مثل المعركة بين فنانين ومنتجين انتقلت إلى ساحات القضاء وصدر بها حكم قضائي لا يزال تأثيره نافذا حتى الآن، وهي القضية التي كسبتها جمعية المؤلفين والملحنين التي حصلت على حكم نهائي يضمن لهم حقوقهم في نسبة بيع الأسطوانات.
ويتعرض الكتاب للأدوار المهمة التي لعبها الفنانون من أجل تدعيم المجهود الحربي، وتوقف الكتاب عند دور أم كلثوم وفي هذا الصدد لم يغفل الكاتب مشروع أم كلثوم المجهض الذي لم ير النور، وهو تأسيس دار أم كلثوم للأعمال الخيرية، الذي وضعت حجر أساسه وشكلت مجلس إدارته ورصدت له من مالها الخاص ما يكفي لانطلاقه، لكنه -للأسف- ظل حبرًا على ورق حتى قبل رحيلها. كما لم يغفل الكتاب رصد الأحداث الأكثر أهمية على المستويين الثقافي والعلمي، وتعرض لانتخابات مجمع اللغة العربية التي رفعت في إحدى دوراتها التي تمت في تلك الفترة لافتة "لم ينجح أحد"، وذلك على الرقم من قيمة الأسماء التي كانت مرشحة آنذاك، مثل نجيب محفوظ وسهير القلماوي وعائشة عبد الرحمن وغيرهم، وغيرها من الأحداث الثقافية المصرية المهمة على المستويين العام والخاص فيما يتعلق بوقائع ثقافية داخل القطر المصري، أو على المستوى العربي ومتعلقة بمصر أيض
الكتاب يعد رحلة عبر الزمن، لأكثر من نصف قرن، يتسلح كاتبه بأرشيف ضخم من المراجع المتمثلة في الصحف والمجلات والوثائق التاريخية التي رصدت رغبة الأمة المصرية في تجاوز محنتها، تلك التي تبرهن على قدرة هذا الشعب على تجاوز عسراته وانكساراته وتحويلها إلى انتصارات علمت العالم كله أن الجينات المصرية لا تعرف الاستسلام ولا ينبغي لها أن تعرفه، فأصبحت معاركه في شتى المجالات نماذج تُدرس في المعاهد والجامعات المتخصصة في العلوم العسكرية وغير العسكرية.
جدير بالذكر أن هذا الكتاب سيوزع مجانًا مع عدد نوفمبر 2023 من مجلة الثقافة الجديدة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الهيئة العامة لقصور الثقافة الثأر من النكسة انتصارات اكتوبر طارق الطاهر
إقرأ أيضاً:
ما هكذا تُورد الإبل يا عشائر العراق
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في مشهدٍ يعيدنا إلى عصور الظلام، قُتل شاب مراهق بعد خروجه من مدرسته، لا لذنب اقترفه، ولا لجريمة ارتكبها، بل فقط لأنه ينتمي إلى عائلة تورّط أحد أفرادها في نزاع عشائري. هكذا، ببساطة، يُنتزع المستقبل من جسد شاب بريء بذريعة (الثأر). والسؤال الذي يطرق باب كل عراقي الآن إلى متى تبقى الأعراف العشائرية فوق القانون؟ وإلى متى يُترك الدم العراقي مستباحاً بهذه الخفة؟
ما هكذا تورد الإبل يا عشائر العراق، فالثأر الذي يُسفك بسببه دم شاب ، ليس نخوة، ولا شرفاً، بل سقوط أخلاقي ومجتمعي يضرب روح العشيرة التي كانت على مرّ التاريخ رمزاً للحكمة والإصلاح وحل النزاعات بعيداً عن الظلم والانتقام. ما حدث ليس فصل عشائري بل قتل متعمد، وجريمة مكتملة الأركان، لا يمكن أن تُغلف بغلاف العرف أو العادة.
إن السكوت على هذه الجريمة، أو التبرير لها، هو شراكة في الدم، وتواطؤ مع الفوضى. فحين يُقتل طالب علم، في طريقه من المدرسة، فإن المجتمع كله يُذبح معه. وحين تبقى العشيرة أقوى من الدولة، فإن هيبة الدولة تهتز، ويتزعزع الإيمان بالعدالة، ويستمر تساقط الضحايا واحداً تلو الآخر، بلا نهاية.
نحن هنا لا نعمم، ولا نحمّل كل عشائر العراق وزر قلة ضالة، لكن الصمت الجماعي أخطر من الجريمة نفسها. المطلوب اليوم هو موقف واضح وصريح من شيوخ العشائر ووجهائها ومثقفيها، موقف يرفض هذه الأساليب، ويعيد تعريف الشرف العشائري على أساس الحكمة والعدل، لا القتل وسفك الدم.
أما الدولة، فهي تتحمل مسؤولية لا يمكن التهرب منها. فلا يجوز أن تظل السلطة القضائية عاجزة أمام النفوذ العشائري، ولا أن تُترك القرى والمدن تحت رحمة “فصل هنا أو ديه هناك. آن الأوان لقانون صارم يُجرّم الثأر، ويحاسب القاتل كقاتل، مهما كانت الذريعة، ويوفّر الحماية الفعلية لأُسر الضحايا، بدل أن يُتركوا عرضة لدوامة لا تنتهي من الدماء.
لقد آن أوان إصلاح جذري يبدأ من التعليم والإعلام، ويمر عبر التشريعات والقوانين، وينتهي بمصالحة مجتمعية تضع حداً لهذا السلوك الدموي. كرامة العشيرة لا تكون في الانتقام، بل في ضبط النفس، وإعلاء صوت العقل، وترك الأمور لميزان العدالة.
ختاما فلنقلها بوضوح، وبلا مواربة لا عشيرة فوق القانون، ولا عرف يعلو على حياة الإنسان، خصوصاً إذا كان هذا الإنسان شاب مراهق يحلم بغدٍ أفضل. فكرامة العراق تُقاس اليوم بمدى قدرتنا على حماية أبنائه من القتل المجاني، وبمدى استعدادنا لوأد الثأر، قبل أن يوأد الوطن كله.