روبوتات ميتا للمحادثة: شخصنة الذكاء الاصطناعي... الوهم الكبير
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
إعداد: سيباستيان سايبت | حسين عمارة تابِع إعلان اقرأ المزيد
بالنسبة إلى ميتا (فيس بوك سابقا)، فإن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي سيكون "ممتعا"، بينما بالنسبة للبعض الآخر فإنه يمكن أن يكون اللبنة الأولى في صناعة "أخطر أداة في تاريخ البشرية"، حسب صياغة الفيلسوف الأمريكي دانيال دينيت في مقالته الناقدة "تزييف الفردية الإنسانية".
فقد أعلن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي، الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول، عن إطلاق 28 روبوت محادثة ودردشة من المفترض أن تتسم بشخصياتها الخاصة ومصممة خصيصا للفئات العمرية الشابة. من بين هؤلاء الروبوتات، الروبوت "فيكتور" وهو يمثل شخصية رياضي ثلاثي الألعاب قادر على "تحفيزك حتى تقدم أفضل ما لديك"، إضافة إلى "الصديقة سالي" "ذات الروح المنطلقة القادرة على إعلامك بأفضل الأوقات لأخذ نفس عميق".
كما سيتمكن مستخدمو الإنترنت أيضا من الدردشة مع الروبوت "ماكس"، الطاهي المتمرس الذي سيقدم أفضل النصائح والوصفات، أو الروبوت "لويز" صاحبة الباع الطويل في المبارزات اللفظية الحرة والتي لا تتورع عن أن تكون "مستفزة" في طريقة تحدثها وقت الحاجة.
روبوت محادثة على صورة باريس هيلتونولتعزيز الانطباع بالتحدث إلى شخصية حقيقية بدلا من مزيج من الخوارزميات، قامت ميتا بتجهيز كل روبوت من روبوتاتها بوجه بشري. وبفضل الشراكات التي عقدتها مع بعض المشاهير، ستشبه هذه الروبوتات الثرية الأمريكية باريس هيلتون، أو نجم تيك توك تشارلي داميليو أو لاعبة التنس اليابانية الأمريكية ناعومي أوساكا.
لكن هذا ليس كل شيء فقد قامت ميتا بفتح حسابات على فيس بوك وإنستاغرام لكل روبوت من روبوتاتها من أجل منحها وجودا خارج واجهات المناقشة، كما تعمل على إضافة أصوات بشرية لها بحلول العام المقبل. أيضا بدأت الشركة الأم لإمبراطورية مارك زوكربيرغ في البحث عن "كُتَّاب سيناريو متخصصين في خلق الشخصيات الجديدة" من أجل تحسين "شخصيات" روبوتاتها.
وقدمت ميتا روبوتات المحادثة الـخاصة بها كأدوات بريئة مهمتها الأساسية هي تقديم المتعة لمستخدمي الإنترنت الشباب، لكن كل هذه الجهود تشير إلى مشروع طموح لبناء ذكاء اصطناعي "أقرب ما يمكن إلى البشر"، حسبما تؤكد مجلة رولينغ ستون.
هذا السباق من أجل "تزييف الفردية الإنسانية" يقلق العديد من مراقبي التطورات الأخيرة في البحوث على النماذج اللغوية الكبيرة مثل تشات جي بي تي أو لياما 2 نظيرة الأولى والموجودة بالفعل على فيس بوك. ودون التطرف بعيدا كما يفعل دانيال دينيت الذي يدعو إلى حبس الأفراد مثل مارك زوكربيرغ الذين يغامرون بمشاريع من هذا النوع، هناك بالفعل "بعض المفكرين الذين يدينون نهجا مضللا عمدا من قبل هذه الشركات الكبيرة"، كما يؤكد إيبو فان دي بويل، أستاذ الأخلاقيات والتكنولوجيا في جامعة دلفت (هولندا).
"الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تكون له شخصية"إن فكرة وكلاء المحادثة "المزودين بشخصيات بشرية مستحيلة حرفيا"، كما يؤكد هذا الخبير. ويقول إيبو فان دي بويل مفسرا إن هذه الخوارزميات غير قادرة على إثبات وجود "نية ما في أفعالها أو حتى إظهار "إرادة حرة"، وهما خاصيتان يمكن اعتبارهما مرتبطتين ارتباطا وثيقا بفكرة الشخصية البشرية".
إن أقصى ما بوسع ميتا والشركات الأخرى فعله هو تقليد بعض الخصائص المكونة للشخصية البشرية ليس إلا. ويوضح إيبو فان دي بويل بالقول: "من الناحية التقنية، فإن ذلك أمر ممكن تحقيقه. على سبيل المثال، تعليم روبوت المحادثة كيفية التعبير عن نفسه مستلهما النموذج المصمم لذلك". وبالتالي، فإن الذكاء الاصطناعي من ميتا والذي من المفترض أن يبدو مثل باريس هيلتون، قد يكون قادرا على محاكاة طريقة التحدث نفسها التي يتميز بها نظيره البشري.
أما الخطوة التالية فستكون تدريب هذه الأنظمة على التعبير عن الآراء نفسها التي تتبناها الشخصية البشرية الممثلة لها. وهو سلوك أكثر تعقيدا من ناحية البرمجة، لأنه ينطوي على خلق نوع من الصورة الذهنية لجميع آراء الشخصية البشرية. لكن الخطر الماثل في هذه الحالة، هو انحراف روبوتات الدردشة هذه ذات الشخصية البشرية عن المسار المنشأة من أجله. فأحد روبوتات المحادثة التي اختبرتها ميتا قد عبر بسرعة كبيرة عن آراء "كارهة للنساء"، كما علمت صحيفة وول ستريت جورنال التي تمكنت من الاطلاع على الوثائق الداخلية للشركة. فيما ارتكب آخر الخطيئة المميتة المتمثلة في انتقاد مارك زوكربيرغ ومدح تيك توك…
ولبناء هذه الشخصيات، أوضحت ميتا أنها تعهدت بمنحها "قصصا شخصية فريدة" لا توجد في الواقع. بعبارة أخرى، فقد كتب مبتكرو هذه الروبوتات سيرا ذاتية لها آملين أن تستنتج بنفسها منها هوية شخصية. بينما تؤكد آنا شتراسر، فيلسوفة ألمانية شاركت في مشروع لإنشاء نموذج لغوي كبير قادر على التفلسف: "إن هذا نهج مثير للاهتمام، ولكن كان من المفيد إضافة علماء نفس إلى هذه الفرق لتحديد سمات الشخصية بشكل أفضل".
إن سياسة شركة ميتا في إعطاء الذكاء الاصطناعي شخصية بشرية يمكن تفسيره بسهولة من خلال إغراء الربح. وتلخص هذه الفكرة آنا شتراسر بالقول: "سيكون الناس بالتأكيد على استعداد للدفع ليكون بوسعهم التحدث وإقامة علاقة مباشرة مع باريس هيلتون أو أي شخصية مشهورة أخرى".
بالإضافة إلى ذلك، كلما كان لدى المستخدم انطباع بالتواصل مع إنسان، "شعر براحة أكبر، وبقي في المحادثة لفترة أطول ومن المرجح أنه سيعود كثيرا للحديث معها"، يشرح إيبو فان دي بويل. وفي عالم الشبكات الاجتماعية، فإن الوقت الذي يقضيه المستخدم على فيس بوك وإعلاناته يعني المزيد من المال.
أداة أم إنسان؟ليس من المستغرب إذن أن تفتتح ميتا سعيها إلى الذكاء الاصطناعي "المشخصن" من خلال روبوتات المحادثة التي تستهدف المراهقين بشكل علني. تقول آنا شتراسر: "نحن نعلم أن الشباب هم الأكثر عرضة لتصديق الشخصنة".
لكن بالنسبة للخبراء الذين تمت مقابلتهم، تلعب ميتا بالنار من خلال إصرارها على التركيز على "الخصائص البشرية" لنظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها فقط. "كنت أفضل حقا أن تبذل هذه الشركة المزيد من الجهد في شرح حدود روبوتات المحادثة بشكل أفضل، بدلا من القيام بكل شيء لجعلها تبدو أكثر إنسانية"، يقول إيبو فان دي بويل، آسفا.
إن الظهور المفاجئ والقوي لنظم الذكاء الاصطناعي أدى لزعزعة "الفواصل الفارقة بين ما هو أداة وما ينتمي لعالم البشر. توضح آنا شتراسر بالقول إن "هذه الروبوتات من نوع تشات جي بي تي ما هي إلا الجيل الثالث فقط من روبوتات مصنفة في الوسط بين النقيضين". ولا يزال الإنسان في طور تعلم كيفية التصرف أمام هذه الأشياء الغريبة، ومن خلال الاعتقاد كما لو كان هذا الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون له شخصية. ولهذا تقترح ميتا التعامل معه مثل إنسان آخر بدلا من كونه أداة.
إن ذلك أمر خطير لأن "مستخدمي الإنترنت سوف يميلون إلى الثقة بما سيقوله الذكاء الاصطناعي"، كما يلاحظ إيبو فان دي بويل. وهذا ليس مجرد خطر نظري: ففي بلجيكا، انتهى الأمر برجل إلى الانتحار في مارس/آذار 2023 بعد أن تناقش لمدة ستة أسابيع مع الذكاء الاصطناعي حول عواقب الاحتباس الحراري.
وبخاصة إذا تم عمل كل شيء لطمس الخط الفاصل بين عالم الذكاء الاصطناعي وعالم البشر، "فإن من المحتمل أن يدمر ذلك الثقة في كل ما نجده على الإنترنت لأننا لن نعرف بعد الآن من كتب ماذا"، تقول آنا شتراسر معبرة عن خشيتها. أما بالنسبة للفيلسوف دانيال دينيت، فإن ذلك باب مفتوح أمام "تدمير حضارتنا، لأن النظام الديمقراطي يعتمد على الموافقة المستنيرة للمحكومين [والتي لا يمكن الحصول عليها إذا لم نعد نعرف في ماذا وبمن نثق]" كما يقول في مقالته الصحافية. وبالتالي، فهل ما يفصل بين الدردشة مع الذكاء الاصطناعي الذي يقلد باريس هيلتون وتدمير الحضارة الحديثة، ما هو إلا نقرة زر واحدة فقط؟
النص الفرنسي: سيباستيان سايبت | النص العربي: حسين عمارة
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: جوائز نوبل ناغورني قره باغ الحرب في أوكرانيا ريبورتاج تشات جي بي تي للمزيد الذكاء الاصطناعي ميتافيرس فيس بوك روبوت الذکاء الاصطناعی باریس هیلتون من خلال فیس بوک
إقرأ أيضاً:
سرير الذكاء الاصطناعي.. يتتبع شخيرك ويوقظك صباحاً
يلجأ العديد من الأشخاص إلى ساعات أو خواتم ذكية لمراقبة نومهم، ولكن يمكن لبعض الأسرّة مراقبة كل ذلك دون ارتداء أي أدوات على الإطلاق.
يتمتع سرير "تامبور برو إير سمارت كزل" بمواصفات متعدّدة لمنح شعور عميق. لكن سعره ليس في متناول الجميع، إذ تبلغ سعر قاعدته 7600 دولار، ومرتبته 2600 دولار، ما يعني إجمالي 11 ألف دولار للسرير الواحد.
استعرضت صحيفة "ذا صن" مواصفات هذا السرير من إنتاج شركة "دريمز" البريطانية، وهي:
مواصفات السرير يمكن التحكم بقاعدة السرير القابلة للتعديل وفق راحة النائم عليه، من خلال تنزيل تطبيقه على الهاتف الجوال، والتواصل مع المساعد الافتراضي "أليكسا"، القادر على إجراء وظائف التدليك. تتكيّف المرتبة مع الوضع الأنسب والمريح للشخص النائم بشكل تلقائي، ويمكن ضبطها يدوياً، حيث تتوفر 3 خيارات: ناعمة ومتوسطة وثابتة، وهي مصنوعة من اسفنج ذكي عدّلته وكالة ناسا الفضائية. تعدّل المرتبة حرارة الجسد المناسبة مع الأجواء، ففي حال كانت الأجواء باردة تمنح الدفء، كما يقوم الغطاء بعملية التبريد، باستخدام تقنية ذكية مصممة لامتصاص الحرارة الزائدة. هناك منافذ USB على كل جانب من السرير، وهي مفيدة لإبقاء الهاتف الجوال مشحوناً طوال الليل. تتوفر قاعدة السرير بأشكال متعدّدة. ويمكن أن تكون من قسمين في حال كان السرير لشخصين، بحيث تتيح لكل واحد منهم التحكم بجانبه من السرير، دون إزعاج الآخر. يمكن تعديل القاعدة إلى وضع الجلوس أو رفع الساقين، بحيث يحتوي كل جانب على جهاز تحكم عن بُعد لتبديل الأوضاع كما يراها مناسبة.
محاربة الشخير.. واهتزازات بدل المنبه
يساعد السرير على معالجة الشخير، حيث يتفاعل مع الطريقة المناسبة لتعديل نوم الشخص الذي يعاني من الشخير، لمنحه طريقة نوم أفضل.
يأتي ذلك من خلال قدرة السرير على استشعار الاهتزازات الدقيقة الناتجة عن الشخير، عند هذه النقطة، يقوم تلقائياً برفع رأس النائم بمقدار 12 درجة، ما يؤدي إلى تحرير الممرات الهوائية للنائم ومنع الشخير.
ويمكن برمجة السرير لإصدار اهتزاز لطيف يكون بمثابة منبه لإيقاظ النائم صباحاً، بشكل أفضل بكثير من الاستيقاظ على ضوضاء المنبهات الرهيبة.
كما يمكن محادثة "أليكسا" لإصدار نبرات صوت صباحية كشخص يناديه للاستيقاظ بلطف.