كيف تبدو بصمات إسرائيل في معركة ناغورني قره باغ وما علاقتها بإيران؟
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
تقرير من إعداد ماكس سالتمان، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- سمع ماروت فانيان في 19 سبتمبر أي اليوم الذي بدأت فيه أذربيجان هجومها على منطقة ناغورني قره باغ ذات الأغلبية الأرمنية، ضجيجًا مشؤومًا في السماء فوق مسقط رأسه.
يتذكر الصحفي فانيان ذلك قائلًا: "أنا لست خبيرًا عسكريًا، لكنني سمعت بوضوح شديد .
تعرف فانيان، الذي أقام طيلة فترة حياته في ستيباناكيرت، التي كانت ذات يوم أكبر مدينة في ناغورني قره باغ، على الصوت منذ عام 2020، عندما شنت أذربيجان حربًا استمرت 44 يومًا للسيطرة على الأراضي والمناطق المحيطة بها بمساعدة الأسلحة التركية والإسرائيلية.
التقط فانيان مقطع فيديو للسماء فوق ستيباناكيرت، وهي رمادية وغائمة، وأزيز المروحة واضحًا في الخلفية، ونشره على منصة "إكس" (تويتر سابقا).
وفقًا لليونيد نرسيسيان، وهو محلل للشؤون الدفاعية وباحث في معهد أبحاث السياسات التطبيقية (APRI) في أرمينيا، وهو مركز أبحاث مستقل، فقد كان صوت "هاروب" من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، المعروفة بالضوضاء الخارقة التي تنتجها.
استخدمت القوات الأذربيجانية طائرة "هاروب" -التي يشار إليها غالبًا باسم "طائرة انتحارية بدون طيار"- وغيرها من الطائرات الإسرائيلية بدون طيار طوال حرب عام 2020. وقد طلبت CNN التعليق من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية للتعليق، لكن دون رد بعد.
وعلى الرغم من أن العلاقة بينهما سرية نسبيًا، تشكل المعدات الإسرائيلية معظم واردات الأسلحة الأذربيجانية، وفقًا لباحثين في مجال الأسلحة. ووصف المسؤولون الأذربيجانيون أسلحة إسرائيل بأنها جزء لا يتجزأ من نجاح بلادهم في ناغورني قره باغ خلال حرب عام 2020.
"بصمات" إسرائيللقد أصبحت العلاقات الإسرائيلية-الأذربيجانية تحت المجهر الآن، مع فرار أكثر من 100 ألف من الأرمن من ناغورني قره باغ في الصراع الأخير هناك، حيث ذكرت أبرز صحيفة يسارية في إسرائيل، "هآرتس"، في افتتاحيتها أن "بصمات إسرائيل موجودة في جميع عمليات التطهير العرقية" في ناغورني قره باغ.
بحسب ما قال مقدم سابق في جيش الدفاع في آرتساخ -القوة العسكرية للجمهورية الأرمنية الانفصالية في قره باغ - لشبكة CNN بشرط عدم الكشف عن هويته، فقد "تم استخدام الطائرات بدون طيار باستمرار" في حرب 2020، وكذلك في هذا الصراع الأخير. (آرتساخ هو الاسم الأرمني لناغورني قره باغ والجمهورية التي نصبت نفسها هناك).
وقال الضابط السابق إن أذربيجان “استخدمت طائرات هاروب كاميكاز الهجومية بدون طيار.. Hermes-450 و Orbiter-1K, Orbiter-2, Orbiter-3 وجميعها من إنتاج شركات الأسلحة الإسرائيلية".
فازت أذربيجان في حرب 2020 فيما يزيد قليلًا عن الشهر، واستعادت جزءًا كبيرًا من الأراضي المعترف بها دوليًا كجزء من أذربيجان ولكن حتى الآن ما زال يسكنها ويحكمها بشكل حصري تقريبًا ذوو العرق الأرمني، بعد طرد العرقية الأذربيجانية في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.
ولم تستغرق معركة سبتمبر سوى 24 ساعة بالكاد، تاركة منطقة قره باغ بأكملها تحت سيطرة أذربيجان بعد أشهر من الحصار. جميع الأرمن الذين يعيشون في الإقليم، والذين يبلغ عددهم نحو 120 ألف شخص، إما قد فروا بالفعل إلى أرمينيا أو من المتوقع أن يفروا، خوفًا من التطهير العرقي الكامل أو الفظائع الجماعية، على الرغم من إصرار أذربيجان على أنها ستحترم حقوقهم هناك.
أذربيجان وإسرائيل شريكان عسكريان وثيقان. وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن أكثر من 60% من واردات الأسلحة الأذربيجانية جاءت من إسرائيل بين عامي 2017 و2020، لتشكل 13% من الصادرات الإسرائيلية خلال الفترة نفسها. يكشف بحث SIPRI أن أذربيجان اشترت مجموعة واسعة من الطائرات بدون طيار والصواريخ وقذائف الهاون من إسرائيل بين عامي 2010 و2020.
ومع ذلك، وفقًا لبيتر ويزمان، كبير الباحثين في معهد SIPRI، فإن بعض التفاصيل غير معروفة حول مدى تجارة الأسلحة الأذربيجانية-الإسرائيلية المستمرة.
وقال ويزمان: "كانت لدينا بعض المعلومات قبل عام 2020 ثم توقف الأمر. وهذا ليس منطقيًا حقًا لأنه في عام 2020 استخدمت أذربيجان كمية كبيرة من معداتها… على الأرجح أنهم واصلوا علاقتهم مع إسرائيل، لكن هذا على حد علمنا".
ويعتقد أن التجارة قد نشطت بشكل خاص في الفترات التي سبقت دخول أذربيجان إلى الحرب. وخلص تقرير استقصائي نشرته صحيفة "هآرتس" في مارس 2023 إلى أن الرحلات الجوية التي قامت بها شركة طيران أذربيجانية بين باكو وقاعدة عوفدا الجوية، وهو المطار الوحيد في إسرائيل الذي يمكن نقل المتفجرات عبره قد ارتفعت في الأشهر التي سبقت هجوم أذربيجان على مواقع الانفصاليين في قره باغ في سبتمبر 2020.
وبالمثل، ذكرت صحيفة "هآرتس" في منتصف سبتمبر أن الشركة نفسها طارت بين باكو وعوفدا قبل أقل من أسبوع من بدء أذربيجان هجومها الأخير في ناغورني قره باغ. وتواصلت CNN مع وزارة الدفاع الأذربيجانية وشركة الطيران المعنية، لكنها لم تتلق أي رد. ولم يكن لدى وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي تشرف على مطار عوفدا أي تعليق.
وقال ويزمان: "لا نعرف ما الذي كان على متن الطائرة، ولكن من المحتمل جدًا أن يكون الأمر متعلقًا بالمعدات العسكرية التي زودتها إسرائيل بالفعل لأذربيجان من قبل".
ما وراء الأسلحة والذخائرتعكس تجارة الأسلحة بين إسرائيل وأذربيجان العلاقة الدبلوماسية بينهما، والتي وُصفت ذات مرة في برقية دبلوماسية أمريكية مسربة بأنها "مثل جبل جليدي، تسعة أعشاره ... تحت السطح". وعلى الرغم من عقود من التعاون الثنائي، لم تفتح أذربيجان سفارة لها في إسرائيل إلا العام الجاري.
لكن علاقاتهما تتجاوز الأسلحة والذخيرة: تظهر أرقام "مرصد التعقيد الاقتصادي" أن إسرائيل اشترت 65% من نفطها الخام من أذربيجان في عام 2021. ويُعتقد أيضًا أن الدولتين تتبادلان المعلومات الاستخبارية حول إيران، العدو اللدود لإسرائيل، والتي تشترك معها أذربيجان في الحدود، والتي تضم عددًا كبيرًا من السكان من العرق الأذربيجاني الذين يشكلون أكبر أقلية في البلاد. وبحسب تقارير إخبارية، سمحت أذربيجان لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" باستخدامها كمركز للتجسس على إيران. (وزارة الدفاع الإسرائيلية رفضت التعليق على الأمر).
لقد اصبحت العلاقات بين البلدين أقوى منذ عام 2020 بحسب إفرايم إنبار، الخبير في العلاقات الإسرائيلية-الأذربيجانية ورئيس معهد "القدس للاستراتيجية والأمن".
قال إنبار في رسالة بالبريد الإلكتروني لشبكة CNN إن "مبيعات النفط والأسلحة مستمرة. تشعر أذربيجان بضغوط أكبر من إيران التي يتحسن وضعها الدولي. لا يوجد تعاطف كبير (في إسرائيل) مع أرمينيا التي يُنظر إليها على أنها حليف لإيران".
وفي مقابلة حديثة مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، قال سفير أرمينيا لدى إسرائيل إن الأسلحة الإسرائيلية تُطلق على "مدنيين مسالمين" على الرغم من أن المجتمع المدني الإسرائيلي "مؤيد للغاية لأرمينيا في حالة ناغورني قره باغ واعترافه بالإبادة الجماعية للأرمن". (لا تعترف الحكومة الإسرائيلية بالقتل الجماعي للأرمن على يد القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى باعتباره إبادة جماعية، خوفا من الإضرار بعلاقاتها مع تركيا، الدولة التي خلفت الإمبراطورية العثمانية).
مبيعات الأسلحة "مفيدة لإسرائيل"لكن قال إنبار إن هناك معارضة سياسية قليلة في البلاد لبيع الأسلحة إلى أذربيجان.
وأضاف أن "مبيعات الأسلحة لا تحظى بالكثير من الدعاية". لكن مساهمة الطائرات بدون طيار الإسرائيلية في حرب أذربيجان معروفة جيدًا. الإسرائيليون فخورون بأسلحتهم. تعتبر مبيعات الأسلحة مفيدة لإسرائيل.
ومع ذلك، على الرغم من ظهورها بشكل كبير في قره باغ، فإن دور الطائرات بدون طيار لا ينبغي أن يطغى على دور الأسلحة الإسرائيلية الأخرى، وفقًا لنرسيسيان، محلل الشؤون الدفاعية في معهد بحوث السياسات التطبيقية في أرمينيا.
وقال: "يعتبرها الناس نوعًا من الأسلحة الفائقة. بالطبع هي مهمة جدًا، لكن هناك أدوارًا لأنواع أخرى من الأسلحة".
ومن بينها صواريخ LORA الإسرائيلية، والتي اشترتها أذربيجان لأول مرة من إسرائيل في عام 2017 وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI.
كانت أذربيجان قد قصفت في أكتوبر من عام 2020 المنطقة القريبة من محطة كهرباء فرعية في ستيباناكيرت بشكل متكرر باستخدام أسلحة إسرائيلية الصنع. وقال المقدم السابق في جيش الدفاع في آرتساخ لشبكة CNN إنه شهد إحدى تلك الهجمات شخصيًا. وأضاف أن قطر وعمق الحفرة يظهر أن الجيش الأذربيجاني قد استخدم صاروخ "لورا"، مضيفًا أنه أصاب مبنًى سكنيًا.
ويبقى السؤال هو إلى أي مدى ترغب إسرائيل الذهاب بدعم أذربيجان في صراعها مع أرمينيا. وقد أدت الأزمة الحدودية المستمرة بين البلدين إلى توغلات أذربيجانية في الأراضي الأرمينية، وتحتل القوات الأذربيجانية حاليا أرضًا داخل حدود أرمينيا في مقاطعة سيونيك الجنوبية. يشعر الكثيرون في أرمينيا بالقلق من أن أذربيجان ستحاول غزو بلادهم، وهو ما تنفيه أذربيجان. وتتركز بعض المخاوف حول ناختشيفان، وهي منطقة غير ساحلية تابعة لأذربيجان وتقع على الحدود مع تركيا وأرمينيا، ورغبة باكو في إنشاء ممر نقل يربطها ببقية البلاد.
وقال حكمت حاجييف، مستشار السياسة الخارجية لإلهام علييف، لرويترز في الأول من أكتوبر، إنه "ليس لأذربيجان أي أهداف عسكرية على الأراضي ذات السيادة لجمهورية أرمينيا".
"السياسة الواقعية" الإسرائيليةيدعو البعض في المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ضد أذربيجان في أعقاب نزوح الأرمن من قره باغ. وفي الولايات المتحدة، حيث يوجد عدد كبير من الأرمن المهاجرين، دعا ما يقرب من 100 عضو في الكونغرس إلى فرض عقوبات على باكو، كما دعا المشرعون في الاتحاد الأوروبي الكتلة أيضًا إلى النظر في اتخاذ إجراءات عقابية.
وقال ويزمان، الباحث في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن إسرائيل قد تتعرض لضغوط من حلفائها الغربيين لإعادة النظر في مبيعات الأسلحة إلى أذربيجان. وأضاف: "سيضر ذلك بعلاقاتها مع أذربيجان، لكن في الوقت نفسه، سيتعين على إسرائيل أن تفكر في علاقاتها مع الدول الأوروبية، التي تعتبر شركاء أكثر أهمية".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية إنه ليس لديه تعليق عندما تواصلت معه شبكة CNN.
وقال إفرايم إنبار إن إسرائيل تريد الحفاظ على سمعتها كمورد موثوق لأذربيجان.
وأضاف: "على أي حال، أذربيجان أهم بكثير بالنسبة لإسرائيل من أرمينيا. إن السياسة الواقعية هي التي تحرك السياسة الخارجية الإسرائيلية".
نشر الخميس، 05 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الطائرات بدون طیار فی ناغورنی قره باغ مبیعات الأسلحة وزارة الدفاع على الرغم من أذربیجان فی فی إسرائیل فی معهد عام 2020
إقرأ أيضاً:
كيف تبدو سيناريوهات المواجهة بين أميركا والحوثيين؟
صنعاءـ سيناريوهات عدة تفرضها غارات عنيفة تشنها الولايات المتحدة الأميركية على العاصمة صنعاء، مستهدفة ما قالت، إنها مواقع لجماعة أنصاء الله الحوثيين، لتتوسع هذه الغارات مستهدفة عدة محافظات يمنية أخرى، هي صعدة وذمار وحجة ومأرب والبيضاء والجوف.
وتعد هذه الغارات أول عدوان تشنه القوات الأميركية على اليمن منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي.
وتعليقا على ذلك، قال ترامب، إن "واشنطن أطلقت عملا عسكريا حاسما وقويا ضد الحوثيين"، متوعدا باستخدام "القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا".
ما الخلفية التاريخية لهذه الغارات ومَن أطراف الصراع؟
جاءت الغارات الأميركية بعد إعلان زعيم جماعة أنصار الله الحوثيين عبد الملك الحوثي مساء الأربعاء الماضي، استئناف الهجمات التي تشنها جماعته لحظر ملاحة السفن الإسرائيلية والمتعاملة مع إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن.
وجاء هذا الموقف عقب منح الحوثي إسرائيل مهلة 4 أيام لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مهددا باستئناف الهجمات عليها حال عدم تنفيذ ذلك خلال الفترة المحددة.
وانخرطت جماعة الحوثي في الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حيث أعلنت بدء شن هجمات تضامنا مع قطاع غزة.
إعلانوبدأت الهجمات على سفن إسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى استهداف مواقع في إسرائيل بصواريخ ومسيّرات بعضها طالت تل أبيب.
وفي المقابل، شكّلت الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 تحالفا يضم أكثر من 20 دولة أُطلق عليه اسم "حارس الازدهار"، بدعوى الرد على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.
وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير/كانون الثاني 2024 شن غاراتها على مواقع للحوثيين في اليمن ردا على هجمات الجماعة في البحر الأحمر.
وعقب ذلك، توعّدت جماعة الحوثي بأن "كل المصالح الأميركية والبريطانية أهداف مشروعة لقواتها ردا على عدوانهم المباشر والمعلن على اليمن".
وبدأت الجماعة باستهداف السفن الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر، بعد أن كانت تستهدف فقط السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل، مما أدى إلى توسيع رقعة الصراع.
واستمرت الهجمات المتبادلة بين الجانبين حتى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير /كانون الثاني 2025، قبل أن يتجدد الصراع بين الطرفين هذه المرة في عهد ولاية ترامب.
وكان آخر تطور في سياق هذه المواجهات، إعلان جماعة الحوثي، مساء أمس الأحد، استهداف حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس هاري ترومان" والقطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر بـ 18 صاروخا بالستيا ومجنحا وطائرةً مسيرة.
كيف تبدو المواقف الرسمية لواشنطن والحوثيين بشأن هذه الغارات؟
بعد هذه الغارات، قلل عبد الملك الحوثي من آثار الهجمات الأميركية الجديدة متوعدا بالتصعيد، مضيفا في كلمة مصورة أن "العدوان الأميركي الجديد سيسهم في تطوير قدراتنا العسكرية أكثر فأكثر وسنواجه التصعيد بالتصعيد، ولن يحقق هذا العدوان أهدافه في تقويض القدرات العسكرية لبلدنا".
وحذر الحوثي من أن "حاملة الطائرات والقطع الحربية الأميركية ستكون هدفا لنا، وقرار حظر الملاحة سيشمل واشنطن طالما استمرت في عدوانها".
إعلانوفي المقابل، أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، في تصريح صحفي، أن هجمات بلاده على الحوثيين في اليمن ستتواصل بلا هوادة.
ما أسباب تجدد هذه الغارات الأميركية على اليمن؟عن أسباب تجدد الغارات الأميركية حاليا، يرى المحلل السياسي اليمني عبد الواسع الفاتكي في حديث للجزيرة نت، أنها جاءت نتيجة للعمليات البحرية التي قام بها الحوثيون ضد الولايات المتحدة وحلفائها منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
كما تأتي -وفق الفاتكي- بعد سلسلة من الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها الولايات المتحدة المتمثلة في تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وإدراج بعض قادة الجماعة على قوائم الإرهاب، وفرض حظر استيراد المشتقات النفطية من ميناء الحديدة غربي اليمن.
ما الجديد في الضربات الأميركية الأخيرة؟
وفق حديثه للجزيرة نت، تحدث الخبير العسكري علي الذهب: "الجديد في هذه الضربات الأميركية أنها تأتي في ظل 3 عوامل مهمة هي:
أتت في ولاية ترامب الذي لا يقبل أي تهديد لمصالح الولايات المتحدة، خاصة أن سقوف الرد لديه عالية. تأتي في ظروف التفاوض بين إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة. معاودة الحوثيين هجماتهم يضع حماس في موقف قوي نسبيا جراء التغيرات والظروف الحالية، خاصة مع خروج حزب الله خروجا شبه كلي من المقاومة عن طريق الاتفاق والهدنة الحاصلة.بينما يعتقد المحلل الفاتكي، أن غارات واشنطن الجديدة تختلف عن الضربات الأميركية والغربية السابقة، لأنها شملت أكثر من 6 محافظات وعددا كبيرا من الأهداف التي لم تُستهدف سابقا، إضافة إلى كثافة هذه العمليات العسكرية التي اشتركت فيها البحرية الأميركية والطيران الأميركي.
ويرى الفاتكي، أن الحوثيين قد يردون على الضربات الأميركية بالتصعيد عن طريق الهجمات البحرية على السفن أو على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
هل الغارات الجديدة تشير إلى تحول في مسار المواجهة بين واشنطن والحوثيين؟الغارات الأميركية المكثفة على اليمن قد تشير إلى تحول في مسار المواجهة مع الحوثيين في عهد إدارة ترامب، بعكس الرئيس السابق جو بايدن، وفق مراقبين.
إعلانفللمرة الأولى يُستهدف مقر المكتب السياسي للحوثيين في حي الجراف بالعاصمة صنعاء، وسط أنباء عن مقتل قادة في الجماعة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة قتلت العديد من قادة الحوثيين الرئيسيين في ضرباتها.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز "إن الوضع الذي ورثته إدارة الرئيس دونالد ترامب من الإدارة السابقة في اليمن كان مريعا"، مضيفا "أن كل الخيارات على الطاولة دائما في التعامل مع إيران، وأنها يجب أن توقف دعمها الحوثيين، فقد طفح الكيل".
وعن هذه التطورات، يعلق رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، ماجد المذحجي، "إن الفارق بين هذه الضربات الحالية والضربات السابقة، أن الجديدة تستهدف جسم الجماعة الحوثية مباشرة، وتلحق ضرراً بالبنية التي ظلت محمية".
وأضاف المذحجي، في حديث للجزيرة نت، "الآن يُستهدف القادة الحوثيون ومقر القيادة، وأماكن غير عسكرية، ولكنها ذات أهمية مركزية بالنسبة للحركة"، مشيرا إلى أن هذا تحول في طبيعة المعالجة العسكرية للجماعة، حيث سيكون له تكلفة، وسيكون مثيراً للقلق بالنسبة للحوثيين، "خصوصا أنهم الساحة التعويضية الأخيرة بالنسبة للمحور الإيراني".
هل عزمت واشنطن على تقويض قدرات الحوثيين؟
يجيب الخبير العسكري علي الذهب "إن الرئيس الأميركي اتخذ قرارا بتقويض قدرات الحوثيين عموما، وليس قدرتهم التهديدية فقط".
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر الذهب، أن الغارات الأميركية الجديدة مجرد رقم في مصفوفة جديدة للقضاء على الحوثيين، وقد يكبر خصوصا مع تصنيف إدارة ترامب الجماعة منظمة إرهابية، وفرض عقوبات على 7 قادة كبار من قادتها.
وأشار الخبير إلى أن الضربات الأميركية تأتي في إطار توسيع العمليات تجاه الحوثيين بالقدر الذي يتجاوز قدرتهم التهديدية حركة الشحن وإسقاطهم من محور المقاومة والقضاء عليهم.
إعلان ما سيناريوهات مستقبل المواجهات بين التحالف الأميركي وجماعة الحوثي؟يتوقع المحلل الفاتكي ثلاثة سيناريوهات لمستقبل المواجهات بين التحالف الأميركي وجماعة الحوثي:
السيناريو الأول: في حال كانت الضربات الأميركية أكثر تأثيرا على الحوثيين وقدراتهم العسكرية، قد تجبر الجماعة على اتخاذ مسار الهدوء النسبي والتوقف عن استهداف خطوط الملاحة الدولية. السيناريو الثاني: استمرار الحوثيين في التصعيد باستهدافهم السفن في البحر الأحمر وخليج عدن مع هجمات مضادة أميركية، وقد يتوسع ذلك بالتدخل العسكري الذي تشارك فيه دول عدة ضد الجماعة. السيناريو الثالث: مرتبط بانفراجة بين حركة حماس والاحتلال، فإذا سمح الأخير بدخول المساعدات الإغاثية للمواطنين في غزة سوف يدفع الحوثيين إلى الكف عن استهداف خطوط الملاحة.