أنقرة تستهدف مواقع قوات كردية في شمال سوريا وسقوط قتلى
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
حسب مسؤول كردي استهدف أحد الهجومين معملاً في شمال الحسكة (أ{شيف)
أعلنت وسائل إعلام تركية اليوم الخميس (الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، أن تركيا شنت هجوما جويا على منشآت تابعة للميليشيا الكردية في شمال سوريا. وقالت قناة "تي ار تي" التركية نقلا عن مصادر أمنية، إن هجوما ضد "أهداف إرهابية" بدأ في الساعات الأولى من اليوم الخميس، عقب الهجوم الانتحاري الذي وقع مطلع الأسبوع في العاصمة أنقرة.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن "هدفنا الوحيد هو القضاء على المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدا لتركيا. شن عملية برية من بين الخيارات للقضاء على هذا التهديد لكنها ليست الخيار الوحيد بالنسبة لنا".وأضاف أن شن عملية برية في سوريا من بين الخيارات التي قد تبحثها تركيا بعد أن خلصت أنقرة إلى أن مهاجمين فجرا قنبلة قرب أبنية حكومية مطلع الأسبوع دخلا البلاد من سوريا.
وعلى الصعيد نفسه قدمت الرئاسة التركية مذكرة إلى البرلمان، تطلب فيها تمديد عمل وبقاء الجيش التركي، في كل من سوريا والعراق، لمدة عامين إضافيين. وقال مراسل قناة"آر تي عربية" اليوم الخميس إن المذكرة ستُناقش ويتم التصويت عليها خلال الأيام القادمة، وعلى الأرجح يوم الثلاثاء المقبل، مشيرا إلى أنه في العادة يتم التمديد لمدة عام.
وأعلن حزب العمال الكردستاني المحظور مسؤوليته عن الهجوم. وتعتبر تركيا حزب العمال الكردستاني والميليشيا الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة، جماعات إرهابية وتهديدا قوميا. وقالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في بيان صحفي، في وقت سابق، إن تركيا شنت منذ صباح اليوم "سلسلة اعتداءات على مناطقنا بأكثر من 15 مسيّرة اخترقت أجواء شمال شرقي سوريا، واستهدفت مجدداً العديد من النقاط والبنى التحتية والمنشآت الخدمية ومحطات الوقود والنفط ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، كما طال عدوانها المناطق الآهلة بالمدنيين ".
وأعلن البيان مقتل ستة من عناصر الأمن الداخلي التابع لـ" قسد" وشخصين استهدفتهم مسيرة، إضافة إلى إصابة ثلاثة أشخاص آخرين. ومن ناحية أخرى، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن عشرة أشخاص على الأقل قتلوا في الهجمات بالمسيرات التركية بينهم "مقاتلون ومدنيون". وأضاف أن خمسة آخرين أصيبوا.
وكانت تركيا تعهدت بالرد على هجوم استهدف مقر وزارة الداخلية في أنقرة الأحد، وافتبناه حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا ودول ودول عجة "إرهابياً" وتتهم أكراد سوريا بالتنسيق معه.
واستهدفت إحدى الضربات سيارة ما أسفر عن مقتل شخصين، بحسب المرصد، فيما أكد المتحدث باسم قوات "سوريا الديموقراطية" (قسد) استهداف سيارة.
وقال فرهاد شامي، الناطق باسم قوات سوريا الديموقراطية التي يشكّل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، إن مسيرات استهدفت في هجوم آخر، معملاً في شمال الحسكة، ما أسفر عن "ثلاث إصابات بين العمال حالة أحدهم حرجة". وتحدّث عن تحليق مكثّف لطائرات تركية فوق المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا سبق القصف الذي يأتي "في إطار التهديدات التركية".
وشنّت تركيا ضربات على مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق منذ الأحد عندما أصيب شرطيان بجروح إثر الهجوم الانتحاري في أنقرة. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعده أن منفذي الهجوم تدرّبا في سوريا، متعهداً بالرد.
ورفض القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي الاتهامات التركية، قائلاً: "تركيا تبحث عن ذرائع لشرعنة هجماتها المستمرة على مناطقنا وشن عدوان عسكري جديد".
واعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الذي قاد جناحه المسلح الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال سوريا بدعم من واشنطن، في بيان الأربعاء بأن "تصريحات وزير الخارجية التركي اليوم كانت اعلان حرب"، مضيفاً "تريد تركيا أن تضرب استقرار المنطقة لتخفي ما ترتكبه من جرائم بحق شعوبنا". كما دعا التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى "التصريح عن موقفه تجاه هذه التهديدات".
وشكّلت قوات سوريا الديموقراطية، وفي صفوفها مقاتلون عرب، رأس حربة في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي أعلنت القضاء على "خلافته" في 2019. ولا تزال تشن بدعم أمريكي عمليات أمنية ومداهمات ضد جهاديين متوارين في المنطقة.
وتنفذ أنقرة بانتظام هجمات بطائرات مسيّرة في سوريا في المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية. ونفذت تركيا بين عامي 2016 و2019 ثلاث عمليات كبرى في شمال سوريا ضد القوات والتنظيمات الكردية.
خ.س/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ، رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: قوات سوريا الديمقراطية قسد مسد الأكراد الكرد سوريا تركيا حزب العمال الكردستاني تنظيم الدولة الإسلامية العراق الإدارة الذاتية الإرهاب قوات سوريا الديمقراطية قسد مسد الأكراد الكرد سوريا تركيا حزب العمال الكردستاني تنظيم الدولة الإسلامية العراق الإدارة الذاتية الإرهاب حزب العمال الکردستانی سوریا الدیموقراطیة فی شمال سوریا قوات سوریا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سوريا.. بين الأطماع التركية والطموحات الكردية
لم يكن تصدُّر تركيا لواجهة الأحداث في سوريا جديدًا على المراقبين والجماهير، فقد كانت من أوائل الدول التي تحمّست لإسقاط النظام السوري، وظلت على مدى أكثر من 12 عامًا تحارب سوريا، سواء على المستوى السياسي والدعائي، أو على مستوى التوغل العسكري ورعاية الجماعات المسلحة التي نجحت مؤخرًا في السيطرة على سوريا بعدما ضربت «اتفاق آستانا» بعرض الحائط.
ونظرًا لتعدد المتآمرين الدوليين على سوريا وهو ما أشار إليه الإمام السيد علي الخامنئي حينما تحدث عن توفر معلومات حول وجود غرفة عمليات أمريكية و»إسرائيلية» بمشاركة دولة جارة لسوريا، خططت لما حدث، من المهم إلقاء الضوء على تقاطع مصالح هذه الدول وأجنداتها في سوريا، مع التركيز على الأطماع التركية التي تكفلت بقيادة الأحداث.
ثمة تحليلات مختلفة للمصالح والأطماع التركية في سوريا، يحصرها بعض المراقبين في الجانب الاقتصادي المتعلق بخطوط الغاز والطاقة، وبعضهم الآخر في الجانب التوسعي لاستعادة النفوذ التاريخي وإحياء الإمبراطورية العثمانية، وآخرون يرون شمول هذه الأطماع لكل هذه الجوانب، مع وجود تقاطعات لمصالح تركيا والكيان «الإسرائيلي» وأميركا، بشأن هدف إستراتيجي يخدم الجميع وهو الإطاحة بالنظام السوري، لا سيما أن تركيا تشكل الجناح الجنوبي الشرقي لحلف «الناتو» الذي تتقاطع مصالحه العامة في سوريا مع المصالح التركية الخاصة.
الأطماع التركية في سوريا:
1 -الغاز:
يعد ملف الغاز من أكبر الملفات التي أدت إلى اتخاذ تركيا بمشاركة قطر موقفًا معاديًا من نظام الرئيس بشار الأسد، بسبب تعارض خطوط الغاز، وخاصة التعارض بين خط الغاز القطري الذي يمر في سوريا وصولاً لتركيا كمنفذ للتصدير إلى أوروبا، والخط الآخر القادم من الشرق مرورًا بالعراق وانتهاء بسوريا كمنفذ للتصدير، بالإضافة إلى التنافس مع روسيا الحليفة لسوريا وتأثيرات صادرات الخط القطري التركي على صادرات روسيا لأوروبا وهي ورقة ضغط مهمة في يد الروس.
هذا الملف كشف عنه الرئيس بشار في تصريحات لصحيفة «إيل جورنال» الإيطالية نهاية عام 2016، حينما قال:»كان هناك خطان سيعبران سوريا، أحداهما من الشمال إلى الجنوب يتعلق بقطر، والثاني من الشرق إلى الغرب إلى البحر المتوسط يعبر العراق من إيران، وكنا نعتزم مد ذلك الخط من الشرق إلى الغرب..وهناك العديد من الدول التي كانت تعارض سياسة سوريا، ولم ترغب بأن تصبح مركزًا للطاقة..».
ويعتبر مشروع خط أنابيب قطر وتركيا الذي تحدث عنه الرئيس السابق بشار الأسد خط أنابيب غاز طبيعي يمتد من حقل غاز الشمال، شمال قطر إلى تركيا، حيث يمكن بعد ذلك ربطه مع خط أنابيب «نابوكو» لتزويد تركيا والزبائن الأوروبيين بالغاز، لكن سوريا رفضت اقتراح قطر، ما دفع الأخيرة لدعم المسلحين في سوريا منذ العام 2012، وفق ما أكدت حينذاك الوكالة القومية المشتركة للأنباء الإيطالية العالمية «أنسا».
وتجسّدت أهمية الخط القطري التركي في كونه الأقرب إلى أوروبا، فضلاً عن كونه مفضّلاً للاتحاد الأوروبي، إذ يسمح لأوروبا باستيراد الغاز من قطر بسعر أرخص بنحو 3 مرات من ذاك الذي تصدّرُه روسيا. ولو قدر لهذا الخط النجاح، لكان كفيلاً بتحرّر القارة العجوز من الاعتماد على الغاز الروسي، ولأثّر سلباً على اقتصاد موسكو.
وما يؤكد تصدر هذا الملف للصراع، هو إشارة وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقتار له، بعد أيام قليلة من سقوط النظام السوري، قائلا: “ولمَ لا يتحقق شيء كهذا (خط الغاز القطري إلى أوروبا عبر الأراضي التركية والسوريا) في سوريا موحدة ومستقرة؟ قد تكون فرصة استثنائية، لكن إن تحقق الأمر فلا بد من تأمين هذا الخط، نأمل هذا، وإن تحقق بالفعل فسيتم إنتاج العديد من المشاريع”.
2 – القضاء على الطموحات الكردية:
يشكل ملف الأكراد هاجسًا كبيرًا للأمن القومي التركي، فالهدف النهائي لتركيا هو الإطاحة بالإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا وشرقها، حيث يسيطر عليها «حزب الاتحاد الديمقراطي» (PYD)، وهو فرع من «حزب العمال الكردستاني» المحظور (PKK) لدى أنقرة.
تاريخيًا، وتحت عنوان معلن هو «مكافحة الإرهاب»، تكررت التدخّلات والعمليّات العسكريّة التركيّة في شمال سوريا، من «درع الفرات» (2016م)، إلى «غصن الزيتون» (2018م)، إلى «نبع السلام» (2019م)، إلا أن مضمونها وغايتها كان فرض «درع تركي» بدلاً من مشروع «الكوريدور الكرديّ» الذي برز في أعقاب سيطرة الأكراد على مساحات ممتدة على طول المنطقة من شمال سوريا، خلال الفترة ما بين عام 2011م، و2016م، ما رأت فيه تركيا تهديداً مستقبليًّا وجوديّاً لها.. وسرعان ما كانت تتبع هذه التوغّلات العسكريّة التركيّة عمليات تغيير ديموغرافي، من خلال إحلال جماعات تركمانيّة وعربية موالية لتركيا بدلاً من الأكراد والسريان.
صحيح أن أردوغان لا يخفي نواياه وعزمه سحق القوات الكردية، بوصفها «إرهابية» وفقًا للتصنيف التركي. إلا أن سعي أنقرة إلى إضعاف تلك القوات المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، يضعها في خلاف مع واشنطن المتمسكة بالتحالف معهم، والتي أرسلت مؤخرًا على عجل وزير خارجيتها إلى تركيا وكانت القضية الكردية في صدارة ملفات زيارته، لا سيما بعد إعلان الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا سيطرتها على مدينة دير الزور في الشرق وعلى منبج في الشمال بعد معارك عنيفة مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وكذلك سيطرتها على مدينة «تل رفعت» وطرد القوات الكردية منها. تلك القوات التي وصف بلينكن دورها، بأنه حيوي لمنع عودة تنظيم «داعش» إلى الظهور في سوريا بعد الإطاحة بالأسد. لكن الموقف الامريكي عبر عنه بدقة المحلل المتخصص في المسألة الكردية «موتلو تشفير أوغلو»، حينما قال، إن بلينكن سيحاول إقناع تركيا بحصر تحركاتها، وأن زيارة رئيس القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) مؤخراً لـ«قوات سوريا الديمقراطية» هي رسالة مهمة إلى تركيا.
من الواضح أن أردوغان يسعى لتثبيت واقع جديد على الأرض للتفاوض مع ترامب بعد استلامه الرئاسة، وذلك ما أوضحه خبير المسألة الكردية فايق بولوت، إذ تود أنقرة استبدال «قسد» بحزب كردي قريبها وهو «المجلس الوطني الكردي»، القريب من «الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي» الذي يقيم علاقات جيدة مع تركيا، وهكذا يمكن لإردوغان طرح نفسه في موقع حامي الأكراد، بما يتفق أيضاً مع تطلعاته العثمانية الجديدة.
ولا شك في أن هذا الملف شائك وقد يعيد سوريا لحالة من الاقتتال بين الفصائل الموالية لتركيا وتلك الموالية لأمريكا، وقد يصبح التقاتل أيضاً بين الفصائل الكردية وفقاً لولاءاتها، خاصة أن أمريكا لن تتخلى بسهولة عن «قسد» لأنها توفر مبرراً لموطئ القدم الأمريكي في سوريا باسم «التحالف الدولي» لمحاربة داعش، والتي تستخدم كفزاعة لاستدعاء الحضور الأمريكي، وكل ذلك ينذر بالفوضى والخطورة.
3 – عودة اللاجئين وحل المشكلة الداخلية مع المعارضة:
شكل ملف اللاجئين السوريين أزمة كبرى وعبئًا على الداخل التركي، وكان نقطة قوة لصالح خصوم أردوغان، في ظل الأزمة الاقتصادية في تركيا، وهو ما عجل بخطواتها تجاه دعم الجماعات الساعية لإسقاط النظام السوري.
وفي العام 2023، وفي إطار خطته التي أعلنها أردوغان والرامية لترحيل ملايين اللاجئين السوريين من تركيا وتوطينهم بالشمال السوري المحتل، طرح أردوغان ما أسماه “خارطة طريق”، تتضمن تشكيل “آلية ثلاثية” للإشراف على عمليات الترحيل، تتكون من وزارة الداخلية و«حزب العدالة والتنمية» الحاكم وكتلته النيابية في البرلمان، وكشفت صحيفة “صباح” المقرّبة من الحكومة التركية، أن أردوغان أمر بتشكيل “الآلية الثلاثية” لتحفيز عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، والتي تتضمن ضم مدينة حلب المعروفة بأنها العاصمة الاقتصادية لسوريا إلى “خارطة الطريق” التي يطرحها الرئيس التركي، من أجل إعادة ملايين اللاجئين السوريين إليها.
4 – الميثاق الملي واستعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية:
كشفت الكثير من التصريحات التركية العلنية، عن توجهات أنقرة لإحياء الماضي الإمبراطوري العثماني، حيث يطمح أردوغان للعودة إلى «الميثاق الملي» لعام 1920، والذي رسم حدود تركيا بعد الحرب العالمية الأولى ووضع ضمنها شمال سوريا والعراق وبعض جزر بحر إيجه والبحر المتوسط، هذا المخطط القديم الجديد كشف عنه المسؤول عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، والذي كان موفد ما يسمى بـ«التحالف الدولي» ضد «داعش» «بريت ماكغورك»، وذلك عندما صرّح بأنه سمع أردوغان يقول: «إن 400 ميل مربع بين حلب والموصل هي منطقة أمنية تركية». كما تردد ذكره على لسان أردوغان في تشرين الأول (أكتوبر) 2016م، بعد رفض الحكومة العراقيّة مشاركة تركيا في عملية تحرير مدينة الموصل شمال العراق من تنظيم «داعش»، إذ قال آنذاك، ردًا على العراق: «عليهم قراءة الميثاق الملّي ليفهموا معنى الموصل بالنسبة لنا»، وأضاف: «الموصل كانت لنا».
وفي الحادي عشر من كانون الثاني (يناير) 2018م، وبالتزامن مع التحضير لانطلاق عملية «غصن الزيتون» العسكريّة التركيّة ضد الأكراد في شمال سوريا، صرّح أردوغان، خلال اجتماع في المجمع الرئاسيّ بأنقرة، بأنّ «شمال سوريا كانت ضمن حدود الميثاق الملّي، ولن نسمح بقيامة كيان إرهابيّ هناك». وفي تصريح آخر له، في الرابع والعشرين من الشهر ذاته قال:»لا تنسَوا حساسيتنا تجاه حدود الميثاق الملّي. حدود الميثاق هي حيث يوجد الآن الإرهاب في شمال سوريا وشمال العراق».
باختصار، فإن هذا «الميثاق الملي» جاء في بنوده أن «المناطق التي تسكنها غالبية تركية مسلمة تعتبر وطناً للأمة التركيّة». وبذلك هو يعترف بخسارة تركيا للولايات العربيّة في الهلال الخصيب، ولكنه يستثني المناطق الشمالية منها، ذات الغالبيّة غير العربيّة، من الأكراد والسريان والتركمان، والذين يعتبرون من الأتراك، وفق التأويل القومي التركيّ!. بمعنى آخر فإنه يستثني مناطق شمال سوريا وشمال العراق، إضافة إلى طموحاته بضم مناطق تراقيا الغربيّة، وجزر بحر إيجه، وجزيرة قبرص، إلى الدولة التركية الجديدة، باعتبار أن أغلبية سكانها من الناطقين بالتركيّة.
5 – مصالح «الناتو» بحكم العضوية التركية في الحلف:
لا شك أن تركيا العضو بـ»الناتو» تمثل مصالح هذا الحلف المعادي للروس ومصالحهم في المتوسط، وتتماهى مع المصالح الأمريكية الراعية للكيان «الإسرائيلي» والتي تريد قطع تواصل محور المقاومة، وهنا يأتي التقاطع بين المصالح العامة لـ«الناتو» والمصالح التركية الخاصة.
والخلاصة، أن تركيا الطامحة للمشروع العثماني والتي تشكل الجناح الجنوبي الشرقي لحلف «الناتو» لها أطماعها في سوريا والعراق، وهو ما يتعارض مع حفظ وحدة سوريا بشكل عملي، من هنا فإن سوريا باتت بعد سقوط النظام السابق في خطر حقيقي لمسخ هويتها المقاومة، وعرضة للتقسيم على أساس النفوذ والهيمنة وفق «سايكس بيكو» جديد، حتى لو حافظت على شكل وحدة أراضيها أو شكل «فيدرالي» دون مضمون وجوهر حقيقي للسيادة، وهو وضع خطير ينذر بتجدد الصراعات عندما تتصادم مصالح الدول الراعية للجماعات المسلحة والأكراد و»الدواعش» على الأراضي السوريا.