أعربت ألمانيا والولايات المتحدة ومؤسسات حقوقية محلية ودولية، عن قلقهم البالغ على مصير فتاة إيرانية دخلت في غيبوبة، بعد تقارير عن مشادّة وقعت بينها وبين قوات الأمن في مترو طهران يوم الأحد الماضي.

ووفقاً لمنظمة هنكاو غير الحكومية ومقرّها في النرويج، فإن الفتاة أرميتا كراوند (16 عاماً) أصيبت بجروح خطرة خلال مشاجرة اندلعت، الأحد، بينها وبين شرطيات في شرطة الأخلاق في مترو بالعاصمة الإيرانية طهران.

الإثنين، أوردت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" أن "تلميذة تبلغ 16 عاماً" أغمي عليها أثناء صعودها على متن القطار\ن بسبب "انخفاض في ضغط الدم".

ونفى الرئيس التنفيذي لمترو الأنفاق في طهران، مسعود دوروستي، وقوع أي "مشادة لفظية أو جسدية" بين الفتاة "وركاب المترو أو كوادره".

أظهرت مقاطع فيديو حصلت عليها "إيران إنترناشيونال" انتشار قوات الأمن الإيرانية بالقرب من مستشفى "فجر" في طهران، والذي ترقد فيه المراهقة أرميتا غراوند بعد تعرضها للاعتداء والضرب ودخولها في غيبوبة. pic.twitter.com/QIaLTZiJ4P

— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) October 5, 2023 من جهتها، كتبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، على منصة "إكس"، أنه "في إيران، شابة تقاتل من أجل حياتها مرة أخرى، لمجرد أنه أمكن رؤية شعرها في مترو الأنفاق.. هذا أمر غير مقبول". 

Schon wieder kämpft eine junge Frau in #Iran um ihr Leben. Allein, weil sie in der U-Bahn ihre Haare gezeigt hat. Es ist unerträglich. Die Eltern von #ArmitaGarawand gehören nicht vor Kameras gezogen, sondern haben das Recht, am Krankenbett ihrer Tochter zu sein.

— Außenministerin Annalena Baerbock (@ABaerbock) October 4, 2023

بدوره، قال المبعوث الأمريكي الخاص لإيران أبرام بالي على المنصة نفسها، إن واشنطن "مصدومة وقلقة بسبب التقارير التي تفيد بأن ما يسمى بالشرطة الأخلاقية الإيرانية اعتدت" على الفتاة.

وأضاف "نحن نراقب وضعها الصحي.. نحن نواصل دعم الشعب الإيراني الشجاع ونعمل مع العالم لمحاسبة النظام على انتهاكاته".

وأصبحت قضية أرميتا كراوند محور نقاشات عديدة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تم تداول مقطع فيديو يظهر، بحسب البعض، الشابة التي بدا أنها غير محجبة تُدفع من قبل شرطيات إلى داخل قطار المترو، ثم نقل شخص لا يتحرك إلى خارج القطار.

ضغط كبير

من جهتها، طالبت منظمة حقوق الإنسان في إيران، وهي منظمة غير حكومية مقرها النرويج، بـ"تحقيق دولي مستقل" في هذه الواقعة، متهمة طهران بأن لها "تاريخاً طويلاً من تشويه الحقائق وإخفاء الأدلة على جرائمها".

نظام طهران الارهابي يقتل الشابه ارميتا غراوند طالبه فى المدرسه عمرها ١٦ عام
صورة ارمينا من المستشفى مهساء امينى ثانيه تقتل على ايدى رجال الدين pic.twitter.com/qcHuzs5Eeq

— hamid mutasher (@HamedMusher) October 4, 2023

وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدم، إن "الجمهورية الإسلامية تواصل مضايقة النساء وقمعهن بحجة مكافحة انتهاكات الحجاب الإلزامي".

وبحسب منظمة "هنكاو"، تتحدر الفتاة من مدينة كرمانشاه، في غرب إيران ذي الأغلبية الكردية، وتعيش في طهران.. وتتلقى العلاج في مستشفى "الفجر" في العاصمة الإيرانية في وحدة تخضع لمراقبة أمنية مشددة وفق المنظمة.ونشرت المنظمة صورة للفتاة وهي ترقد في سرير مستشفى متصلة بأنبوب معدي، ورأسها ورقبتها مغطيين بضمادات.

ولفتت المنظمة إلى أن مراسلة صحيفة "شرق" الإيرانية مريم لطفي حاولت غداة الحادث التوجه إلى المستشفى واحتُجزت لفترة وجيزة.

وقالت المنظمة، إن والدَي أرميتا غراوند أجريا داخل المستشفى مقابلة مع وسائل إعلام حكومية إيرانية، مؤكدة أن المقابلة جرت "تحت ضغط كبير" و"بحضور ضباط أمن رفيعي المستوى"، واعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أنه لا يجب أن تكون أسرة الطفلة "أمام الكاميرات، ولكن من حقها أن تكون بجانب سرير ابنتها".

وتذكّر هذه الواقعة بوفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر (أيلول) 2022 بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية انتهاكها قواعد اللباس الصارمة في إيران.

وأثارت وفاة أميني موجة احتجاجات استمرت عدة أشهر قبل أن تفقد زخمها بسبب حملة قمع واسعة تسببت بمقتل أكثر من 550 متظاهراً، بحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران.. وتقول عائلة الشابة إنها توفيت من ضربة تلقتها على الرأس إلا ان السلطات تنفي ذلك.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أمريكا احتجاجات إيران إيران أرميتا غراوند فی إیران

إقرأ أيضاً:

إيران بين طبول الحرب ولغة الحوار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في زحمة التحولات الإقليمية ووهج التصعيد الأمريكي، تبدو إيران اليوم في وضع لا تحسد عليه. فالدولة التي بنت مشروعها الإقليمي على حلفاء عابرين للحدود، وأدوات تتراوح بين السلاح والأيديولوجيا، تجد نفسها محاصرة بين شبح الحرب التي قد تندلع في أي لحظة، وبين حوار تفرضه واشنطن بشروط أقرب للإملاءات منها إلى التفاوض المتكافئ، أمام هذا الواقع تُطرح أسئلة جوهرية هل انتهى زمن النفوذ الإيراني المتغلغل؟ وما انعكاسات تقهقر طهران على الخريطة العربية؟ وهل يملك العرب فرصة لإعادة التوازن في حال طُويت صفحة المشروع الإيراني؟

إيران تتحدث عن الحوار بلغة المرتاب

رغم التصريحات التي تصدر من طهران بين الحين والآخر حول الاستعداد للحوار بشأن برنامجها النووي، إلا أن تلك التصريحات تأتي محمّلة بكثير من التحفظ، وأحيانًا الغموض. ففي تصريح له نُشر عبر وكالة "إرنا" الإيرانية في فبراير الماضي، قال علي باقري كني، وزير الخارجية بالإنابة "إيران لا تمانع الحوار، شرط أن يتم على قاعدة الاحترام المتبادل ورفع العقوبات الجائرة". لكن هذه اللغة الدبلوماسية لم تقنع واشنطن، التي ترفض أي شروط مسبقة من طهران.

بالمقابل، جاء رد واشنطن أكثر صرامة ووضوحًا، وهو رد متكرر من زمن باراك أوباما وهو أن "الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي وإذا فشل الحوار، فكل الخيارات ستبقى مطروحة". هذا التباين في الخطاب يكشف عمق الفجوة، ويضع احتمالات التفاهم على المحك.

ومع تفكك الحلفاء نشهد الآن بوضوح الصمت من طهران، ومما يعزز فرضية التراجع الإيراني هو الانكماش التدريجي لأذرعها الإقليمية، وصمتها المريب أمام الهزائم المتلاحقة لحلفائها في اليمن، وقد تواردت أنباء عن انسحاب ملحوظ للمستشارين العسكريين الإيرانيين، وهو ما أكدته صحيفة وول ستريت جورنال، التي نقلت عن مصادر استخباراتية غربية أن "إيران بدأت بتقليص وجودها المباشر عقب ضربات أمريكية مكثفة استهدفت مواقع الحوثيين".

وفي لبنان، تتلقى ميليشيا حزب الله ضربات إسرائيلية مركزة، فيما يلوذ المسؤولون في طهران بالصمت. أما غزة، حيث كانت طهران تتباهى دومًا بدعمها لحماس، فقد باتت ساحة مفتوحة للخسائر، من دون غطاء سياسي أو إعلامي من الجمهورية الإسلامية.

هذا التراجع لا يبدو وليد اللحظة، بل جزءًا من مراجعة اضطرارية لمشروع إقليمي بات أكثر كلفة وأقل فعالية. لم تعد طهران قادرة على تمويل، أو حتى تغطية، جبهاتها المتعددة كما في السابق مما يوحي بنهاية مشروعها وبداية الانعزال، رغم أن بعض المحللين يعتبرون الحديث عن نهاية المشروع الإيراني سابقًا لأوانه، إلا أن المؤشرات على الأرض توحي بانكماش نفوذها السياسي والعسكري. ففي مقابلة له مع قناة DW، أكد الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، علي صدرزاده، أن "إيران تواجه أزمة استراتيجية مزدوجة، خارجية تتمثل في الضغط الأمريكي المتصاعد، وداخلية في شكل أزمات اقتصادية وغضب شعبي مكبوت".

إذًا، نحن أمام تحول في الدور الإيراني، لا بالضرورة انسحابًا كاملًا، بل ربما إعادة تموضع تبحث فيه طهران عن نموذج أقل تكلفة وأكثر تكيّفًا مع المتغيرات.

أما الاحتمال الكارثي وهو الحرب، سيظل معلقا لنرى بوادره في حال فشلت مساعي الحوار، لذلك فإن التصعيد العسكري سيبقى خيارًا مطروحًا، وإن كان مستبعدًا في المدى القريب. فالحرب ضد إيران لن تكون خاطفة أو محدودة، بل قد تتسبب في زعزعة استقرار الإقليم بأكمله. الجنرال فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، حذر في مقابلة صحفية من أن "مواجهة شاملة مع إيران ستفتح جبهات لا يمكن السيطرة عليها، وقد تطال مصالح حيوية في الخليج والبحر الأحمر وشرق المتوسط".

إيران من جهتها تراهن على أن كلفة الحرب ستكون باهظة للجميع، لذا فإنها تميل إلى خيار "الصمود الاستراتيجي" مع محاولة كسب الوقت، ومن هنا تأتي فضيلة الحوار الذي من الممكن اعتباره محتملًا، فإن نجاح حوار مشروط قد ينعكس إيجابيًا على الواقع العربي، إذا أجبرت إيران على خفض التصعيد وسُمح لها بالعودة إلى الاقتصاد العالمي مقابل كبح مشروعها النووي وتفكيك ميليشياتها، فقد يكون ذلك بداية لهدوء نسبي في أكثر من ساحة.

سوريا، اليمن، العراق، ولبنان كلها ساحات مرهقة بفعل تدخلات طهران، وقد يكون ضبط إيقاعها بداية استعادة تدريجية للدولة الوطنية، كما أن انخفاض مستوى التوتر قد يعزز فرص التسويات السياسية ويعيد التوازن إلى العلاقات العربية الإيرانية على أسس أكثر عقلانية،

لكن هذه النتيجة تبقى مرهونة بضمانات دولية حازمة، وآليات مراقبة تمنع طهران من استغلال الاتفاق كغطاء مؤقت قبل استئناف نفوذها.

وفي الميزان العربي نجد أنها فرصة تاريخية.. حيث التراجع الإيراني - إن اكتمل - قد يكون لحظة نادرة للعرب لإعادة ترتيب أوراقهم وبناء تحالفاتهم على أسس صلبة،  فللمرة الأولى منذ سنوات، يبدو أن نفوذ طهران يتراجع دون حرب، وهو ما يمنح الدول العربية فسحة للمبادرة بدلا عن ردّ الفعل.

لكن في حال غياب مشروع عربي جامع، فإن الفراغ الذي قد تتركه إيران، لن يبقى فارغًا طويلًا، فالتاريخ لا يعترف بالفراغ، بل بمن يملأه.

وعلى ذلك نجد ان إيران تقف اليوم عند مفترق طريق حرج فإما أن تنكفئ وتعيد تعريف دورها الإقليمي بمرونة، أو تمضي في تحدٍ قد يكلّفها الكثير، أما العرب فإنهم أمام فرصة لإعادة صياغة المعادلة برمتها... فهل يمكن ذلك؟

مقالات مشابهة

  • إيران بين طبول الحرب ولغة الحوار
  • في اليوم العالمي للصحة| ظروف صحية صعبة تواجه غزة والسودان واليمن.. وتوثيق 2000 هجوم على الرعاية الصحية بـ 7 دول في شرق المتوسط
  • صحيفة إيرانية مقربة من خامنئي تتلقى تحذيرا رسميا بعد تهديدها باغتيال ترامب
  • منظمة حقوقية:العدو يُقيم بؤرة استيطانية بين المغير وترمسعيا برام الله
  • رويترز: خامنئي يصدر أوامر بـحالة التأهب العسكري.. وتحذيرات إيرانية لجيرانها
  • منظمة دولية تتحدث عن أبرز تحدي يواجه محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين في اليمن
  • منظمة التعاون تطالب بتحقيق عاجل في جريمة إعدام الكوادر الطبية والإنسانية بغزة
  • ناشونال إنترست: حاملات الطائرات الأمريكية أصبحت في مرمى الصواريخ الإيرانية
  • انهيار سحيق للعملة في طهران.. دولار أمريكي يساوي مليون ريال إيراني
  • منظمة حقوقية تطالب بكشف مصير محمد قحطان ومحاسبة المتورطين في إخفائه