تضرب الصداقة بين الصين والدول العربية بجذورها إلى أعماق التاريخ، وتمتد لآلاف السنين. تاريخيا، تواصلت الصين والدول العربية باستمرار حتى ترسخت الصداقة بينها. بعد آلاف السنين، تتقدم الصين والدول العربية يدا بيد في طريق "الحزام والطريق" نحو المنفعة المتبادلة والكسب المشترك. على مدى السنوات العشر الماضية، تعمل الصين والدول العربية على بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وحققت نتائج ملموسة ومثمرة.

أولا، تعميق التنسيق السياسي وتعزيز الثقة المتبادلة وبلورة التوافق

تنشأ المخلوقات من الجذور وتُكمل الأمور من الأخلاق. لقيت مبادرة التعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" الترحيب الحار والمشاركة الواسعة من قبل الدول العربية فور طرحها. في عام 2016، أصدرت الصين وثيقة السياسة تجاه الدول العربية، وأصبح "الحزام والطريق" جزءا مهما من العلاقات الصينية العربية. في عام 2018، تم إدراج مبادرة "الحزام والطريق" للمرة الأولى في قرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزير الخارجية. في العام نفسه، تبنى الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي "الإعلان التنفيذي للتعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق". تتطابق المبادرة تماما مع الاستراتيجيات طويلة الأمد للدول العربية، مثل "رؤية 2030" لمصر، و"رؤية 2030" للسعودية، و"المشاريع الخمسين" للإمارات، وتمت المواءمة بينها بشكل عميق. لغاية اليوم، قد وقعت الصين وثائق التعاون بشأن التعاون في بناء "الحزام والطريق" مع 21 دولة عربية.

في السنوات العشر الماضية، ساهمت مبادرة "الحزام والطريق" في تطوير العلاقات الصينية العربية على نحو شامل، ورفع مستوى العلاقات الصينية العربية باستمرار، حيث أقام الجانبان علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة والموجهة نحو المستقبل، وتمت إقامة 14 الشراكة الاستراتيجية على المستوى الثنائي، الأمر الذي يجعل العالم العربي منطقة تحتضن عددا أكبر من الشركاء الاستراتيجيين للصين. كما يزيد الجانبان الدعم والفهم للجانب الآخر في القضايا المتعلقة بالمصالح الكبرى والجوهرية. في القمة الصينية العربية الأولى المنعقدة في ديسمبر عام 2022، اتفق الجانبان على إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، وتوصلا مجددا إلى التوافق المهم بشأن تعميق التعاون في بناء "الحزام والطريق" ودفع التعاون في مختلف المجالات.

ثانيا، تعميق التعاون العملي الصيني العربي وإقامة نموذج للتعاون بين دول الجنوب

من الضرورة حساب مصلحة العالم كله. تشهد الصين والدول العربية تشابه مراحل التنمية وتطابق مفاهيم التنمية وتكامل الهياكل الاقتصادية، فيتعمق التعاون العملي باستمرار في كافة المجالات، وحقق نتائج مثمرة في بناء "الحزام والطريق"، الأمر الذي جعلهما نموذجا للتعاون بين دول الجنوب. في هذا السياق، تبقى الصين كأكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة. في عام 2022، تجاوز حجم التجارة بين الجانبين 431 مليار و442 مليون دولار، بزيادة أكثر من 30% على أساس سنوي. وتم تنفيذ أكثر من 200 مشروع في مجالات الطاقة والبنية التحتية في إطار "الحزام والطريق"، واستفاد منها ما يقارب ملياري شخص من الجانبين.

قد مهد الجانبان طريقا واسعا للتنمية المشتركة خلال السنوات العشر الماضية، وأنجزا العديد من "المشاريع الوطنية" و"المشاريع المعيشية" و"معالم التعاون". على سبيل المثال، وفرت منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر فرص العمل لأكثر من 50 ألف مصري بشكل مباشر أو غير مباشر، مما أصبح منصة مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الاستثمار والتكنولوجيا؛ تعد السكة الحديدية بمدينة العاشر من رمضان التي بنتها الشركة الصينية أول سكة حديد مكهربة في مصر؛ تتقدم المشاريع مثل المنطقة النموذجية للتعاون الصيني الإماراتي في مجال الطاقة الإنتاجية، والملعب الرئيسي لكأس العالم بقطر، ومشروع الفوسفات في شرق الجزائر، وحققت إنجازات مهمة. كما تتقدم المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج بخطوات مستمرة. ويشهد التعاون بين الصين والدول العربية تطورا سريعا في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل تقنيات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية.

ثالثا، تعميق التواصل الشعبي بين الصين والدول العربية، تعزيز الفهم والإعجاب المتبادلين

الصداقة لا تدوم إلا بالتواصل بين القلوب. على مدى السنوات العشر الماضية، أقامت الصين والدول العربية أنشطة الدبلوماسية العامة والتبادلات الثقافية بأشكال مختلفة وفي مجالات واسعة، الأمر الذي عزز التفاهم والإعجاب المتبادلين، ويرسي أساسا شعبيا متينا للتعاون في بناء "الحزام والطريق". في عام 2022، أظهرت نتائج الاستطلاع الرأي الصادرة عن موقع "استطلاع رأي الشباب العرب" أن الشباب العرب بشكل عام يعتبر الصين أهم "صديق"، و78% من مستطلع رأيهم يعتبرون الصين "حليفا".

تتنوع التبادلات الثقافية بين الجانبين. في هذا السياق، أقامت الصين ومصر وقطر وغيرهما من الدول العربية فعاليات التواصل الشعبي، مثل عام الثقافة ومهرجان الفنون ومهرجان الأفلام ومهرجان الموسيقى ومعرض الآثار ومعرض الكتب. كما حقق الجانبان نتائج مثمرة في مجال التربية والتعليم. منذ عام 2013، قامت الصين بتدريب 25 ألف موهب من مختلف التخصصات للدول العربية، وقدمت لها نحو 11 ألف منحة حكومية. وأعلنت 4 دول عربية إدراج اللغة الصينية في منهاجها التعليمي الوطني، وفتحت 15 دولة عربية كليات اللغة الصينية، وتم إنشاء 13 معهد كونفوشيوس وفصلا كونفوشيوس في 20 دولة عربية.

الصديق وقت الضيق. في مواجهة تحديات الجائحة، وقفت الصين والدول العربية مع بعضها البعض وشاركتا السراء والضراء. في هذا السياق، أرسلت الصين ما يقرب من 100 خبير طبي إلى الدول العربية، وأجرت مع الإمارات والبحرين أول تجربة سريرية دولية للمرحلة الثالثة للقاح المعطل، وتعاونت مع مصر في بناء أول خط الإنتاج للقاح كورونا في إفريقيا.

يقول المثل العربي إن خير القول ما صدقه الفعل. في المستقبل، ستواصل الصين العمل المشترك مع مصر وغيرها من الدول العربية، على التعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، بما يدفع التعاون في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك بخطوات ثابتة، ويخلق مستقبلا مشرقا للعلاقات الصينية العربية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الصين الدول العربية الحزام والطريق التعاون الصيني العربي الصینیة العربیة التعاون فی بناء الحزام والطریق الصینی العربی الدول العربیة فی مجالات فی عام

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية تضغط دبلوماسيا للاعتراف بفلسطين ودعم القضايا العربية

مع تصعيد الحرب الاسرائيلية وفي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه العالم العربي ، برزت جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية تسعى لتعزيز التعاون والتضامن بين الدول الأعضاء. في الاجتماع الأخير للأمم المتحدة، لعبت الجامعة دورًا محوريًا في تسليط الضوء على القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية، ومحاولة التأثير على المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف أكثر دعمًا للحقوق العربية.

تطوير ورفع كفاءة شارع المتيت ببسيون في الغربسة

خلال الاجتماع الأخير، قامت جامعة الدول العربية بممارسة ضغوط كبيرة على المجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة. وأكد الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لوقف الحرب في الأراضي الفلسطينية ومحاسبة القادة الإسرائيليين على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.

 

 دعم القضايا العربية

لم يقتصر دور الجامعة على القضية الفلسطينية فقط، بل شمل أيضًا دعم القضايا العربية الأخرى. فقد تم التركيز على الأزمات في لبنان والسودان واليمن وليبيا، حيث دعت الجامعة إلى حلول سلمية ومستدامة لهذه النزاعات. كما أكدت الجامعة على أهمية التعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن في المنطقة.

ومن جانبه أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أن التعاون مع جامعة الدول العربية يعد شرطًا لا غنى عنه لتعزيز تعددية الأطراف على الصعيد العالمي. وأكد على أن الجامعة تلعب دورًا حاسمًا في جميع مجالات عمل الأمم المتحدة، بما في ذلك حقوق الإنسان والتنمية المستدامة وبناء السلام

 

انتقادات وتساؤلات

رغم الانتقادات التي تواجهها جامعة الدول العربية بشأن فعاليتها، إلا أن دورها في الأمم المتحدة يعكس جهودًا مستمرة لتعزيز المواقف العربية. قد يتساءل البعض عن جدوى هذه الجهود، ولكن من الواضح أن الجامعة تسعى جاهدة لتحقيق أهدافها رغم التحديات. إن تحقيق الاعتراف الدولي بفلسطين ووقف النزاعات في المنطقة يتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا دبلوماسية مستمرة، وهو ما تعمل الجامعة على تحقيقه.

في ختام الاجتماع، تم التأكيد على أهمية استمرار التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لتحقيق الأهداف المشتركة. ودعت الجامعة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء النزاعات في المنطقة. كما تم الاتفاق على عقد اجتماعات دورية لتعزيز التعاون وتنسيق الجهود بين الجانبين.

بهذا، تواصل جامعة الدول العربية لعب دور محوري في دعم القضايا العربية على الساحة الدولية، رغم التحديات والانتقادات التي تواجهها.

تعتبر جامعة الدول العربية منصة حيوية لتنسيق المواقف العربية وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المشتركة. وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أهمية التعاون بين الأمم المتحدة والجامعة العربية لتعزيز تعددية الأطراف وحل النزاعات الإقليمية، مشيرًا إلى أن الجامعة تلعب دورًا حاسمًا في جميع مجالات العمل الدولي، بما في ذلك نزع السلاح، وبناء السلام، ودعم حقوق الإنسان.

في حديثه عن أهمية الجامعة، قال الدكتور حسين عبدالخالق حسونة، الباحث في الشؤون الدولية: "إن الجامعة العربية تمثل مرآة عاكسة لطبيعة العلاقات السياسية العربية البينية بأنماطها الصراعية والتعاونية. ورغم التحديات التي تواجهها، فإنها تظل أداة حيوية لتحقيق المصلحة العربية العليا"

من جانبه، أشار  أحمد أبو الغيط، الأمين العام  للجامعة العربية، إلى أن الجامعة تواجه محاولات مستمرة للتآمر عليها من قبل بعض الأطراف التي تسعى لإفشال أي تجمع عربي تحت مظلة واحدة. وأضاف: "إن هذه المحاولات لن تثنينا عن مواصلة جهودنا لتعزيز التضامن العربي وتحقيق الأهداف المشتركة"

التحديات والإنجازات

رغم الإنجازات التي حققتها الجامعة على مر السنين، فإنها تواجه تحديات كبيرة تعيق فعاليتها. من أبرز هذه التحديات ، وقلة الموارد المالية، وتأخر الأعضاء في سداد التزاماتهم المالية، فضلاً عن عدم تطبيق القرارات الصادرة عن الجامعة من قبل بعض الدول الأعضاء.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار الدور الهام الذي تلعبه الجامعة في تعزيز التعاون العربي. فقد نجحت في تأسيس العديد من المنظمات العربية المتخصصة، مثل منظمة العمل العربية، ومنظمة الصحة العربية، التي تسهم في تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجالات مختلف

قال دكتور محمد عبد السلام خبير العلاقات الدولية في دراسته انه برغم الانتقادات التي تواجهها الجامعة العربية، فإنها تظل منصة حيوية لتنسيق المواقف العربية وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المشتركة، الجامعة تلعب دورًا هامًا في تعزيز التعاون العربي وحل النزاعات بطرق سلمية.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • متعب المطيري: الكويت تسعى إلى إنشاء هيئة تحكيم دولية للنظر في النزاعات بين المستثمرين
  • «قادربوه» يبحث في بكين عودة الشركات الصينية للعمل في ليبيا
  • وزارة تجارة الدبيبة: ندرس تعويض الشركات الصينية في ليبيا
  • الجامعة العربية تضغط دبلوماسيا للاعتراف بفلسطين ودعم القضايا العربية
  • “قادربوه” يبحث مع الشركات الصينية معوقات عودتها لاستئناف أعمالها في ليبيا
  • محافظ الإسكندرية يستقبل قنصل الصين لتعزيز أوجه التعاون
  • التخطيط تبحث تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ودعم مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية
  • غلق كلي للطريق الدائري في الاتجاه القادم من المنيب اتجاه وصلة المريوطية والطريق السياحي
  • رئيس مجلس القضاء الأعلى يبحث تعزيز آليات التعاون مع وفد من نيابة الصين
  • البديوي: الشراكة الإستراتيجية والتعاون الوثيق بين دول المجلس ودول البنلوكس يعزز من الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة